مصممات وعارضات أزياء عراقيات: تحدي التقاليد رغم المخاطر

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الخميس، 08 مارس 2018
مصممات وعارضات أزياء عراقيات.. تحدي التقاليد رغم المخاطر

نتلمس عالم الموضة في العراق تاريخيا، حيث كانت الحضارات القديمة مشهورة بزيها الغريب والمثير للاهتمام، وتطورت الأزياء متأثرة بالحداثة الغربية خصوصا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي مصطدمة، بذات الوقت، بتقاليد المجتمع العراقي المحافظ وبواقع الحروب والإرهاب ومعظم التيارات الدينية المتشددة التي طرأت على البلاد. بين التحدي وحكم التقاليد في عالم الأزياء بالعراق DWعربية حاورت هذا الموضوع مع مصممات وعارضات أزياء عراقيات وكيف تبدو حياتهن بظل المجتمع المحافظ.

جيل جديد.. شروق الخزعلي

إنها ترسم على الورق تصميما جديدا استعدادا لعروض مرتقبة، شروق الخزعلي، 43 سنة، مصممة أزياء بدار العراقية للأزياء التابعة لوزارة الثقافة العراقية. وبذات الدار تستعد عارضة الأزياء، سحر الربيعي، 36 سنة، لعروض جديدة ترتدي فيها مختلف الأزياء لعدة مصممين، فيما تستعد عارضة الأزياء، شمس عدنان، التي لا يتجاوز عمرها 16 ربيعا، المهووسة بعالم الأزياء والموضة لاغتنام أي فرصة تنقلها إلى دور عروض الأزياء العالمية.

الأحزاب تتحكم بعروض الأزياء

تميزت شروق الخزعلي بتصاميمها بالخط التراثي وتقول لـDW عربية إن "تصاميمي تحاكي الموجود في تلك الحقبة ولا يمكن تغيير تلك اللمسة التاريخية إذا كان يتطلب أبراز اليدين والكتف أو الساقين، لكننا نتقيد بعدم إظهارها لأن الحزب الفلاني موجود في العرض".

توضح شروق ذلك بالقول: إن "معظم الأحزاب خصوصا الدينية التي ترعى المهرجانات تتحكم بتصاميم الأزياء وهذا غير ممكن، لأن المصمم حر الفكر ويقدم تصاميمه لجميع الطبقات والطوائف والمذاهب".

وتضيف شروق "المصمم في العراق يعاني من قلة عارضات الأزياء لأن معظم العائلات لا تسمح لبناتها خوض هذا المجال بحكم التقاليد"، مضيفة "بعض عارضات الأزياء يرفضن ارتداء الزي المكشوف تخوفا من كلام المجتمع القاسي".

في نفس الوقت تدعو شروق "الحكومة العراقية بإبعاد المحاصصة والأحزاب من التحكم بالفن بجميع أشكاله"، مضيفة أنها "تلقت الدعم من دار العراقية للأزياء التي تعمل فيها رافضة تلقي الدعم من جهات أخرى، حتى لا يتم استغلال أسمها لرغبة سياسية أو حزبية".

منذ نعومة أظافرها كانت شروق تحب الرسم ودرست هذا المجال مع القيام بالإعمال اليدوية والإكسسوارات وتقول عن ذلك: "بوقت الحصار ظروف العراق كانت صعبة والغلاء فاحش، فكنت أعيل العائلة بخياطة الملابس لأخواتي أضيف عليها أفكار جديدة وبدء الجيران ومحلات الألبسة تطلب تصاميمي وطورت نفسي والتحقت بدار العراقية للأزياء".

وتتابع شروق حديثها: "فترة الطائفية والقتل بالشوارع سنة 2006-2007، كانت الدار متخوفة من الأوضاع فبدأنا بتصميم العباءة الإسلامية وبعد تهدئة الأوضاع عدنا للانفتاح وتحدينا الوضع".

تطمح شروق الآن بإقامة دار أزياء خاصة بها تصل للعالمية بعيدة عن التقيد. وبالإضافة إلى تصاميمها دربت العديد من الشباب الراغبين بتصميم الأزياء وتشجيعهم على ذلك، مشيرة إلى أن "المجتمع العراقي لديه ضعف اهتمام بمجال تصميم الأزياء لعدم وجود دراسة أكاديمية بالعراق تدرس هذا المجال".

تقول شروق إن "المجتمع العراقي ينتقص من مهنة مصمم الأزياء خصوصا أذا كانت امرأة ومن الانتقادات التي تعرضت لها بعد مشاركتي في لجنة اختيار ملكة جمال العراق أنه كيف تكون محجبة باللجنة"، مضيفة "جرحني الانتقاد لأن الحجاب شيء شخصي ليس له علاقة بالفكر والإبداع فشعرت أن هنالك أناس ما زالت أفكارهم جاهلة".

أثبتت شروق نفسها وحققت شهرة محلية وشاركت بعروض ببعض الدول العربية مشيرة إلى أنه "رغم معارضة بعض أفراد العائلة بحكم التقاليد لكني أقنعتهم بثقتي وطموحي"، وهي الآن مستمرة بهذا الطموح بدعم من زوجها.

أتنكر بالحجاب والعباءة

طلبت عارضة الأزياء، سحر الربيعي، من DWعربية عدم ذكر اسم منطقتها التي تعيش فيها حاليا مع زوجها وابنتها الصغيرة وأخيها من ذوي الاحتياجات الخاصة المسؤولة عن رعايته.

وتقول إن "عارضة الأزياء في العراق وضعها مهدد بصورة عامة لان مجتمعنا ما زال ينظر إلى هذه المهنة على أنها مخلة بالشرف!، فكيف إذا سكنت بمنطقة متحفظة جدا ذات تقاليد وأعراف عشائرية".

تمارس سحر مهنة عرض الأزياء لقرابة 11 عاما محققة شهرة محلية لتنهال عليها العروض مكتسبة ثقة المصممين بالإضافة إلى ممارستها للفن المسرحي التعبيري والباليه.

وتضيف سحر "طموحي وإصراري جعلني أتحدى وأواجه التقاليد وبحكم منطقتي أتنكر وأتخفى بالحجاب والعباءة حتى لا أحد يعرف أنني تلك عارضة الأزياء التي تظهر بالصور والعروض والمهرجانات".

تقول سحر إن "منطقتي واحدة من المصاعب التي أعاني منها كما أن أجور المهنة قليلة جدا لكن رغم المخاطرة والأجور القليلة مستمرة لعشقي لمهنتي ولأساعد زوجي في إعالة العائلة وأخي من ذوي الاحتياجات الخاصة ومصاريف بيتنا الإيجار".

حلم سحر حتى قبل زواجها الخوض بمجال عرض الأزياء والفن المسرحي طورت نفسها وشجعها ودعمها الأقارب والعائلة والأصدقاء، تضيف "اخترت العمل بدار العراقية للأزياء لأنها شاملة ودربتني ودعمتني ولم أتلق أي دعم شخصي من جهات حكومية أخرى أو منظمات".

وتشير سحر في نفس الوقت إلى أنها "لا تستطع ارتداء جميع الملابس التي تكون مكشوفة بشكل زائد بحكم التقاليد"، مضيفة "أرتدي الملابس المكشوف جزء منها لكني أرفض ارتداء الملابس الفاضحة بحكم التقاليد والمبادئ التي تربيت عليها حتى وأن شاركت بعروض خارج العراق".

تقول سحر إن "هدفي ورسالتي من هذه المهنة إظهار الوجه الجمالي والمشرق للعراق وأن الحياة مستمرة رغم الحروب والإرهاب"، مضيفة "زوجي بداخله لا يريد أن استمر بالمهنة لكن حبي لعملي وثقته بي وللظروف المعيشية يقتنع بالأمر الواقع".

تختم بالقول إن "عارضة الأزياء تتعرض إلى انتقادات كثيرة منها السب والشتم على مواقع التواصل الاجتماعي كأننا مرتكبين جرائم"، داعية "الحكومة العراقية والجهات المعنية توفير الأمان لهذه المهنة وان تكون ذات أجور مادية جيدة".

عائلتي اكتشفت موهبتي

اقتحمت عالم الأزياء والموضة رغم صغر سنها لتكن لها بداية شهرة على صفحات التواصل الاجتماعي وتنتشر صورها خصوصا بين المراهقين وبعض المتابعين لها يلتقطون معها الصور على أرض الواقع وفتيات يردن الاقتداء بها.

من منطقة المنصور، غربي بغداد، تقول عارضة الأزياء الجميلة ذات الشعر الطويل الغامق المنسدل على الكتفين، شمس عدنان، لـDWعربية إن "عائلتي اكتشفت موهبتي ووجدتني أحمل صفات عارضة الأزياء المعروفة وشجعتني بخوض هذا المجال".

بدأت شمس عمل جلسات تصويرية بسيطة على صفحاتها في الانستغرام وسناب جات ليتعرف عليها مصممو الأزياء، فهي تمارس عرض الأزياء لقرابة سنة، وتشير بالقول "عائلتي معي دائما بكل عرض وجلسة تصوير، كما اختار العروض المناسبة التي تحضرها العائلات حتى لا أتعرض إلى مضايقات لأن المجتمع العراقي لم يتعود بعد على مهنة عارضة الأزياء".

تقول شمس: "رغم معارضة وانتقاد أقارب الوالدين لكن عائلتي مثقفة ومتحررة فكريا ولا تسمح بتدخل الأقارب أو أي شخص بشؤون عائلتنا"، تضيف "ملابسي طبيعية ترتديها أي بنت وامرأة في بغداد كما لدي مبادئي ولا اختار ارتداء الأزياء الفاضحة حتى وأن شاركت بعروض خارج العراق".

طورت ودربت شمس نفسها بمجال عرض الأزياء عن طريق مشاهدتها لعروض الأزياء العالمية على التلفاز واليوتيوب، قائلة: "دربت نفسي بالبيت ووالدتي تشجعني وتعلمني ولم أتلق أي دعم من جهات حكومية أو معنية بهذا الموضوع".

وتشير إلى أن "عروض الأزياء في العراق ما زالت بحاجة إلى تطور ومواكبة عروض الأزياء العالمية متمنية من الجهات المعنية الاهتمام بها"، مضيفة "أشجع الشباب الذين لديهم طموح عرض الأزياء الدخول بهذا المجال متحدين نظرة المجتمع".

تتعرض شمس إلى انتقادات لصغر سنها، قائلة: "الكثير ينتقدني بأني أحاول تكبير نفسي ويجب الاهتمام بدراستي وهم لا يعلمون أني متفوقة بالدراسة ولا أعمل شيئا من دون علم عائلتي إنما برضاهم"، تضيف بكل ثقة "أحلم بالمستقبل فتح دار للأزياء خاص بي يحتوي على جميع الماركات العالمية وأدعو المجتمع بتشجيع المواهب أكثر من انتقادها".

فرح عدنان - بغداد