أحمد بن عبد العزيز المبارك.. أهم رجال القضاء في الإمارات

يعد الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك أحد أهم القامات الوطنية ومن جيل الرواد الذي كان شاهدًا على قصة اتحاد الإمارات السبع، ويعد من أهم رجال القضاء في الدولة، فقد شغل منصب رئيس دائرة القضاء الشرعي في أبوظبي قبل قيام الاتحاد وكان من أبرز المشاركين في تأسيس القضاء الشرعي في الإمارة، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وأهم إنجازاته في هذا المقال.

من هو الشيخ أحمد بن عبدالعزيز المبارك؟

هو رئيس دائرة القضاء الشرعي في أبوظبي قبل قيام الاتحاد ولد في عام 1910، ويعد من أهم الشخصيات البارزة في مجال القضاء في أبوظبي، وله العديد من الإسهامات في هذا المجال طوال مسيرته المهنية.

عُرف المبارك باهتمامه بالعدالة والقضاء في بلاده، وقد حاز على ثقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وباعتباره أحد أهم رجال القضاء المعروفين في هذا الأمر كلفه بمهمة تأسيس القضاء الشرعي في الإمارة، وسعى لغرس اللبنة الأولى للإدارة القضائية

ترك الشيخ المبارك رحمه الله إرثًا علميًا زاخرًا، فقد ألف العديد من المؤلفات الدينية والشرعية، ويعتبر المغفور له مرجعًا في المجال الحقوقي والعدلي، وحظي خلال حياته بحب واحترام الجميع في المجتمع.

أين تلقي الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك العلم؟

ولد فضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك في منطقة الأحساء، وقد نشا في بيت علم ومعرفة، وتلقى علومه الأولى على يد والده الشيخ عبد العزيز المبارك، والذي كان على علاقة وثيقة بالشيخ زايد بن خليفة آل نهيان.

كان والده أحدرجال القضاء المعروفين في المنطقة وكان عالمًا بالعلوم الشرعية، لذا لم يكن غريبًا على المبارك أن ترتبط نشأته بالقضاء وعلومه، فتلقى العلم صغيرًا تحت إشراف والده، فحفظ القرآن الكريم وتعلم تفسير الأحاديث الشريفة، وكان يقضى جل وقته تقريبًا بين جدران المساجد أو في مجالس الكبار يتعلم منهم ويأخذ عنهم العلم.

بدأ المبارك حياته العلمية عبر الكتاتيب، والتي كانت الطريقة التقليدية للتعلم قديمًا، فدرس القرآن الكريم والعلوم الشرعية، كما درس لفترة من حياته في دبي برفقة والده الذي كان يكثر الزيارة إليها بهدف نشر العلم فيها والتعريف بالأحكام الشرعية.

درس المبارك كذلك في المدرسة الأحمدية وتعلم فيها العلوم العربية والدراسات الإسلامية، وقد كان طالبًا حاد الذكاء وفطنًا ويتمتع بصفات إنسانية نبيلة ساعدته على البذل والسعي من أجل العلم وخاصة علوم القضاء الشرعي.

ابن الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك

رزق الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك بالعديد من الأبناء، وأشهرهم الشهيد خليفة أحمد عبد العزيز المبارك، الذي كان سفيرًا لدولة الإمارات في باريس، والذي اغتيل من أمام منزله في باريس خلال توجهه لمقر عمله في السفارة.

وقد استشهد ابنه عام 1984، أي قبل 4 سنوات من وفاة فضيلة الشيخ أحمد المبارك، وقد استقبل فضيلته خبر استشهاده بإيمان مطلق، وأعرف عن فخره بابنه الشهيد الذي خدم بلاده في المحافل الدولية.

ما أهمُّ إنجازاتِ الشيخِ أحمدَ بنِ المباركِ رحمه الله؟

عمل الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك في القضاء لسنوات، وقد كان مثالًا للقضاء العادل والنزيه، وكان مؤمنًا بأهمية القضاء في مؤسسات الدولة، ومؤكدًا على أهمية أن يكون القاضي قدوة لغيره، ولا يقتصر دوره على إصدار الأحكام فقط.

اهتم المبارك بتدريب وتطوير القضاة في أبوظبي، وقد انشغل بتعريف شرائح المجتمع بأهمية العدالة والتقيد بالقوانين واتباع التوجيهات الدينية، وبفضل دوره المهم في الإمارة حصل على ثقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله فعينه عام 1969 رئيسًا لدائرة القضاء الشرعي في أبوظبي.

ومن أهم إنجازات الشيخ أحمد المبارك رحمه الله أنه ساهم في تأسيس القضاء الشرعي في الإمارة، وساهم في بناء مجمع المحاكما لشرعية، واهتم بتقديم خلاصة تجاربه وخبراته في مجال القضاء ووضع اللبنة الأولى للإدارة القضائية وحدد لها المفاهم العامة في تحقيق العدالة من أجل بناء مجتمع مترابط واع بحقوقه وواجباته.

وبعد قيام دولة الاتحاد تم تعيينه مستشارًا شرعيًا في البلاد، وقد كانت من أهم إنجازاته أنه حرص على نقل العلم الذي لديه لجيل القضاء من بعده، فتتلمد على يده عشرات القضاة وسارو على نهجه وسلكوا مسلكه.

ساهم رحمه الله أيضًا في استقطاب الكفاءات من الوطن العربي وتدريبهم، كما اعتبره مرجعًا في المجال الحقوقي والقضاء في الإمارات كلها.

كانت من مهام الشيخ المبارك رحمه الله أنه مثّل إمارة أبوظبي في المؤتمرات العالمية الدينية والعلمية، وهدف من خلال مشاركته في هذه المؤتمرات تعزيز الجوانب العلمية والتأكيد على رسالة الإسلام السمحة.

شارك الشيخ أحمد المبارك أيضًا في مؤتمرات الحوار بين الأديان من أجل توصيل رسالة الإسلام، كما كان- رحمه الله- عضوًا في عدد من المؤسسات والجمعيات البحثية العالمية.

كان فضيلته كذلك مقربًا من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقد زار الوالد المؤسس منزل الشيخ المبارك في أبوظبي عام 1981 تقديرًا لدوره البارز في قيام الاتحاد.

ما المنصب الذي تولاه الشيخ أحمد بن عبدالعزيز آل مبارك؟

تولى الشيخ أحمد بن عبدالعزيز المبارك العديد من المناصب خلال مسيرته المهنية، ومن أهم هذه المناصب تعيينه رئيسًا لدائرة القضاء الشرعي في أمارة أبوظبي عام 1969، ثم تم تعيينه مستشارًا شرعيًا في البلاد بعد تأسيس دولة الإمارات.

عمل رحمه الله أيضًا إمامًا لمسجد الإمام مالك بن أنس في أبوظبي، كما كان يخطب الجمعة في جامع زايد الأول في أبوظبي وكانت خطبته تنقل عبر الإذاعة والتلفزيون. كان رحمه الله يؤم المصلين في العيدين كذلك.

ما المميزات في شخصية الشيخ أحمد آل مبارك رحمه الله في مجال العلم؟

كان الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك صاحب شخصية مميزة، فقد كان عالمًا متواضعًا محبًا لنشر العلم، وكان قريبًا من الناس ويهتم بتفاصيلهم ويقدم لهم العلم دون مقابل، وكان يهتم بشرح المسائل الشرعية للجميع دون سأم أو ملل بهدف زيادة الوعي المجتمعي.

كان منزل فضيلته مفتوحًا لاستقبال جميع الزوار من مختلف القبائل، وكان يهدف بعمله إلى إصلاح الخلافات بين الناس إيمانًا منه بأهمية الوحدة المجتمعية وبفضل قناعته بأهمية الدور المجتمعي لرجال القضاء والدين.

ساهم فضيلته كذلك في ترسيخ مفهوم التسامح بين الجميع، كما أن صلته بالعلماء كانت جيدة، ولم يكن يتوانى عن استشارتهم وتبادل الآراء معهم في القضايا الفقهية المختلفة. من مميزاته الشخصية أيضًا سعة الصدر والعطف على لفقراء وتقديم النصح والإرشاد للمجتمع والتواصل مع العلماء.

مؤلفات الشيخ أحمد بن العزيز المبارك

أثرى الشيخ أحمد المبارك رحمه الله المكتبة الدينية والإسلامية بالعديد من المؤلفات في العلوم الدينية وعلوم القضاء، ومن هذه المؤلفات "رسالة المسجد"، و"نظام القضاء في الإسلام"، و"الأساس الإسلامي لمناهج التربية والتعليم"، و"الفتاوى الفقهية" وغيرها من المؤلفات المهمة التي لا تزال مرجعًا للباحثين والقضاة حتى وقتنا هذا.