أراتا إيسوزاكي.. معماري إبداعي في عصر ما بعد الحداثة

يعد المهندس المعماري الياباني أراتا إيسوزاكي واحد من أهم المعماريين في العالم ويعد أهم رواد حركة ما بد الحداثة، حيث اشتهر بأسلوبه المعماري الفريد الذي مزج فيه بين العناصر الشرقية والغربية وصمم العديد من المباني المميزة والمختلفة حول العالم وحصل على جوائز مرموقة بسبب تصميماته، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وإنجازاته.

من هو أراتا إيسوزاكي؟

هو مهندس معماري ياباني ولد في 23 يوليو عام 1931 في مدينة أويتا في اليابان، ويعد من أهم وأشهر المهندسين المعماريين في العالم واحد عمالقة حركة ما بعد الحداثة.

جمع إيسوزاكي في تصميماته بين الثقافة الآسيوية والغربية في زمن كان الأنماط الأوروبية والأمريكية تهيمن على العمارة حول العالم، وقد حظيت تصميماته بإعجاب وإشادة كبيرة حول العالم.

كان إيسوزاكي ملمًا بالتاريخ المعماري والنظريات الهندسية، ويُنظر إليه بشكل كبير بأنه سبق عصره في تصميماته وتحدى الأنماط التقليدية في التصميم. كان إيسوزاكي من أوائل المهندسين المعماريين اليابانيين الذين صمموا مبانِ خارج بلادهم وكان له تأثير كبير على عالم العمارة.

نشأته وتعليمه

ولد المهندس المعماري أراتا إيسوزاكي في مدينة أويتا الواقعة في جزيرة كيوشو، وقد نشأ في عصر اليابان ما بعد الحرب. ولد أيسوزاكي في عائلة مكونة من 4 أطفال وكان الطفل الأكبر بينهم، وكان والده من رجال الأعمال البارزين في الجزيرة.

في عام 1945 كان إيسوزاكي من الشاهدين على تدمير مدينة هيروشيما على الشاطئ المقابل لمسطق رأسه، وكانت هذه الحادثة المؤسفة سببًا في تفكيره في البناء والمعمار حيث بدأ يفكر كيف يمكنه إعادة بناء المنازل والمدينة التي تدمرت.

درس إيسوزاكي في مدرسة محلية في مدينة أويتا، وفي عام 1945 تخرج في جامعة طوكيو بتخصص الهندسة العمارية، وفي عام 1961 حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة العمارية من الجامعة نفسها.

مسيرته المهنية

بعد التخرج من الجامعة بدأ أراتا إيسوزاكي بالتدريب تحت إشراف المهندس كينزو تانج، وهو مهندس شهير حائز على جائزة بريتزكر عام 1987. وبعد فترة من التدريب أسسس شركته الخاصة التي حملت اسم  Arata Isozaki & Associates عام 1963 وذلك بعد احتلال الحلفاء واستعادة اليابان سيادتها.

كان الهدف من شركته إعادة البناء في بلاده بعد الحرب العالمية الثانية وما نجم عنها من عدم يقين سياسي واقتصادي وثقافي كذلك، وكان يرغ في البحث عن طريقة مناسبة لحل المشكلات في البلاد.

بسبب هذا الهدف قرر إيسوزاكي أن يصبح غير تقليديًا في البحث عن حلول للمشكلات، وأصبح كثير التغير حتى تمكن من بناء أسلوب خاص به في التصميم وصمم العديد من المباني المحلية في مسقط رأسه وسرعان ما توسعت أعماله إلى مدن أخرى منها غونما وأوساكا وطوكيو.

عمل إيسوزاكي كمحاضر وأستاذ زائر في عدة جامعات أمريكية منها كولومبيا وهارفارد وييل، كما أن له مكاتب في عدة مدنة في اليابان ودول مختلفة منها الصين وإيطاليا وإسبانيا.

أهم أعمال أراتا إيسوزاكي

بدأ أراتا إيسوزاكي تقديم تصاميم فريدة من نوعها في بلده، ومن الأعمال المهمة التي قدمها في اليابان تصميم مكتبة محافظة أويتا في عام 1966، وإكسبو 70 فيستفال بلازا في مدينة أوساكا اليابانية عام 1970.

قدم أيضا تصميم متحف الفن الحديث ف يمدينة غونما عام 1974، ومتحف بلدية كيتاكيوشو للفنون في مدينة فوكوكا في اليابان. حازت  هذه التصميمات على إشادة وإعجاب واسع محليًا ودوليًا وهو ما جعله من أبرز المهندسيين المعماريين في الثماننيات.

أظهر إيسوزاكي رؤية معمارية عالمية سابقة لعصره تمكن فيها المزج بين الشرق والغرب وتقديم تصميمات فريدة ابتعد فيها عن النمط المعماري السائد وصنع لنفسه أسلوبًا وبصمة خاصة به ليس لها مثيل.

أول أعمال إيسوزاكي خارج اليابان كانت تصميم متحف الفن المعاصر في مدينة لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية في الثمانينات، وقد بلغ عدد  أعماله الدولية أكثر من 100 مشروع حول العالم.

ومن مشروعاته الدولية البارزة تصميم صالة باولا سانت جوردي المغطاة في مدينة برشلونة في إسبانيا والتي تم تصميمها لدورة الألعاب الأولومبية الصيفية لعام 1992. أيضًا مشروع مبنى فريق ديزني في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية.

صمم كذلك مركز شنتشن الثقافي في الصين، وملعب "بالا ألبيتور" وهي صالة مغطاه تم استخدامها في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2006 في مدينة تورينو في إيطاليا.

صمم كذلك الأكاديمية المركزية للفنون الجميلة ومتحف الفنون في مدينة بكين في الصين، وبرج أليانز في ميلانو إيطاليا، كما صمم مركز قطر الوطني للمؤتمرات في العاصمة الدوحة، وقاعة شنغهاي السيمفونية ف يالصين، ومتحف مقاطعة هونان في الصين وأعمال أخرى.

بجانب تصميماته ومشروعاته الفريدة حول العالم نظّم إيسوزاكي العديد من المعارض الفردية التي تضم أعماله، ومن ضمن هذه المعارض معرض في متحف الفن المعاصر، ومعرض جاليريا دي آرتي موديرنا في إيطاليا والمعهد الوطني البريطاني ومعارض في متاحف حول العالم.

مشروع "مدينة في السماء"

كانت من ضمن مشروعات أراتا إيسوزاكي الثورية وغير التقليدية مشروع "مدينة في السماء" والتي تقوم فكرتها على بناء كبسولات معلقة في السماء فوق مبان إسطوانية عملاقة والتي تتيح توسيع الفضاء الحضري في المدينة.

تقدم هذه الهياكل فرصة لتوسيع وإعادة تشكيل البيئة الحضرية من خلال دمج أو إزالة وحدات الكبسولات لتلبية احتياجات السكان. بالإضافة إلى ذلك، تذكر أسس الأبراج المحفورة الهائلة التي تشبه الأنقاض التي تركتها القنابل، مما يشير إلى تأثير الدمار الناتج عن الحروب السابقة.

من وجهة نظر إيسوزاكي فإن مصير المدن هو الخراب، وتمثل الأنقاض مستقبل المدينة، بينما يكون المستقبل هو الخراب نفسه، بحيث تكون مدن المستقبل أنقاضًا في خد ذاتها.

عندما طرح إيسوزاكي هذا المشروع حددت مدينة طوكيو الارتفاع الأقصى للأبنية فيها ب31 مترًا فقط، وقد غضب إيسوزاكي من هذا الأمر، وقال: "طوكيو مدينة بائسة، أترك كل م ادون الثلاثين مترًا للآخرين، وأفكر في العمارة والمدنية فوق الثلاثين مترًا، كل ما أحتاجة هو 10 أمتار مربعة فقط على الأرض وسأقيم عمودًا سيكون منارة للبناء وممرًا للتنقل العمودي".

وفاة أراتا إيسوزاكي

توفي أراتا إيسوزاكي في 28 ديسمبر عام 2022 عن عمر 91 عامًا.