تشارلز ساتشي.. العراقي عبقري الإعلانات في بريطانيا

يعد رجل الأعمال تشارلز ساتشي من الأسماء البارزة في عالم الإعلانات في بريطانيا، حيث يعد رائد ثقافي أحدث ثورة في طريقة تسويق الإعلانات، واشتهر بكونه المؤسس لوكالة "ساتشي آند ساتشي" الإعلانية، التي تعد من أهم وأنجح شركات الإعلان في العالم، في السطور التالية تعرف على مسيرته وقصة حياته.

من هو تشارلز ساتشي؟

تشارلز ناثان ساتشي هو رجل أعمال بريطاني من أصول عراقي، ولد في بغداد في 9 يونيو عام 1943، ونشأ في بريطانيا، وهو المؤسس لوكالة الإعلانات ساتشي آند ساتشي برقة شقيقه موريس.

هاجرت عائلة ساتشي إلى لندن في الأربعينات بعد تصاعد التوترات السياسية في المنطقة، وهناك أبدى اهتمامه بالفن والإعلام. في عام 1970، أسس تشارلز ساتشي وشقيقه موريس شركة الإعلانات الشهيرة "ساتشي آند ساتشي" التي تعد الآن واحدة من أنجح شركات الإعلان في العالم.

وبجانب اهتمامه بالإعلانات، عرف ساتشي بحبه للفنون، فهو جامع فنون، ويملك مجموعة فنية ضخمة وافتتح معرضًا فنيًا في الثمانينات في لندن، وعرض فيها أعمال فنية لكبار الرسامين.

ولم تكن مسيرة ساتشي خالية من الجدل، فقد اتهم بتغليب قيم السوق على الإبداع، كما تعرضت لانتقادات بسبب أعماله التي تحتوي على إيحاءات جنسية، فيما اكتسب سمعة سيئة بسبب تصرفاته المسيئة لزوجته، التي جعلته ينسحب تدريجيًا من الحياة العامة ويبتعد عن الأضواء.

نشأته وتعليمه

ولد تشارلز ساتشي في بغداد بالعراق لعائلة عراقية يهودية ثرية، والده هو رجل الأعمال العراقي ناثان ساتشي، أما والدته اسمها دايزي إيزار.

اسم ساتشي، مشتق من كلمة "ساعاتشي" والتي تعني صانع الساعات باللغة الفارسية، ولهذا الاسم تاريخ طويل في إيران، وحاملوا هذا اللقب في إيران أغلبهم من اليهود. تشارلز هو الابن الثاني بين 4 أطفال،وهم موريس، وديفيد، وفيليب.

خلال عام 1947، وخلال موجة هجرة اليهود العرب إلى إسرائيل، وقع والده ناثان، تاجر المنسوجات الشهير، بأن هجرات عشرات الآلاف من العراقيين اليهود إلى إسرائيل ستجعل من الصعب عليهم تجنب الاضطهاد.

ولهذا السبب، انتقلت العائلة إلى منطقة فينشلي في شمال لندن، حيث اشترى ناثان مصنعين للنسيج في شمال لندن، وأعاد بناء مشروعه للمنسوجات، الذي ازدهر بمرور الوقت، واستقرت العائلة في النهاية في منزل كبير مكون من 8 غرف في هايغيت.

درس ساتشي في كلية المسيح، وهي مدرسة ثانوية في شمال لندن، وأصبح في تلك الفترة مولعًا بموسيقى البوب الأمريكية، ثم التحق بكلية لندن للاتصالات التابعة لجامعة الفنون في لندن، وتخرج فيها.

علاقاته العاطفية وزوجاته

تزوج رجل الأعمال تشارلز ساتشي أكثر من مرة. المرة الاولى من دوريس لوكهارت ديبلي، والذي التقى بها عام 1965، وتزوجا فيما بعد. اشتهرت زوجته بأنها صحفية فنية وراقية تتحدث عدة لغات، ودرست في السوربون وكلية سميث.

عاش تشارلز مع زوجته لمدة 6 سنوات حتى زواجهما عام 1973، لكنهما انفصلا عام 1990، ولم ينجب منها أي أطفال.

كانت زوجة تشارلز الثاني هي كاي هارتنشتاين، وتزوجا عام 1990، وانفصلا عام 2001. زوجته الثانية كانت مديرة إعلانات أمريكية، ورزق منها بابنته الوحيدة فيبي.

اتهامات بالعنف والاعتداء

في عام 2003، تزوج ساتشي للمرة الثالثة من الصحفية والطاهية البريطانية نيجيلا لوسون، وعاشا معًا في فيلا في لندن مع طفليها كوزيه وبرونو، بالإضافة إلى ابنته فيبي، إلا أن هذا الزواج كان سببًا في اتهامه بالعنف والاعتداء ضد زوجته.

بدأت الأزمة عام 2013، حينما صورت الصحافة تشارلز ساتشي مع زوجته نيجيلا في أحد المطاعم ويداه حول عنق زوجته كأنه يرغب في خنقها. بعد نشر هذه الصور، صرح ساتشي بأنها مضللة، ولا تصور سوى شجارًا مرحًا مع زوجته.

ورغم ذلك، وجهت إلى ساتشي تحذيرات رسمية من الشرطة بتهمة الاعتداء، وقد قبل ساتشي التحذير طواعية بعد التحقيق معه من قبل الشرطة. في أوائل شهر يوليو من نفس العام، أعلن الزوجين عن انفصالهما، وتحدثت نيجيلا عن "سلوك غير معقول ومستمر من زوجها" كسبب الطاق.

تم الطلاق رسميًاف ي العام نفسه بعد التوصل إلى تسوية مالية، وبدأ ساتشي بعدها علاقة مع رائدة الأعمال الإنجليزية تريني وودال، ولكنه انفصل عنها فيما بعد.

بداية مسيرته المهنية

بدأ رجل الأعمال تشارلز ساتشي مسيرته المهنية في منتصف الستينات في مجال الإعلانات ككاتب، حيث عمل في مكتب لندن لشركة بينتون آند بورز انتقل بعدها للعمل في شركة كوليت ديكنسون بيرس للإعلانات، وغادر الشركة عام 1967، لافتتاح شركة الخاصة.

افتتح ساتشي شركة "كرامر ساتشي" مع زميله روس كرامر، وكانت شركة استشارات إبداعية، والتي قدمت استشارات لوكالات الإعلانات، كما قدمت إعلانات لبعض العملاء بشكل مباشر.

تأسيس شركة ساتشي آند ساتشي

في عام 1970، بدأ تشارلز ساتشي وكالة الإعلانات "ساتشي آند ساتشي" وشقيقه موريس، وبحلول منتصف الثمانينات، أصبحت واحدة من أكبر شركات الإعلانات في العالم بأكثر من 600 مكتب.

قدمت الشركة إعلانات للعديد من العلامات التجارية الناجحة، وفي منتصف الثمانينات، أسس تشارلز مع شقيقه موريس وكالة جديد للإبداع. ارتبط اسم شركته بحزب المحافظين، حيث ساهمت شركته في صياغة الحملات الانتخابية للحزب لعدة سنوات.

شغوف بالفنون

بدأ رجل الأعمال تشارلز ساتشي رحلته مع جمع اللوحات بداية من عام 1969، حيث اشترى أول عمل فني في مجموعته الضخمة للفنان سول ليويت، وبعدها بدأ في رعاية المعارض الفنية في لندن، كما تخصص في الأعمال الفنية الأمريكية البسيطة.

في أوائل الثمانينات، اشترت شركته مستودعًا بمساحة ألفي متر تقريبًا، وحولها إلى معرض يحمل اسمه، وافتتح لاحقًا في عام 1985، وضم المعرض اللوحات الفنية التي جمعها اتشي على مدار السنوات.

احتوى المعرض 11 عملًا لدونالد جود، و21 عملًا لسول ليويت، و23 عملًا لأنسيلم كيفر، و17 عملًا لأندي وارهول، و27 عملا لجوليان شنابل، ومعظمهم فنانين أمريكيين معاصرين.

لم يقتصر دعم ساتشي للفنون بشراء اللوحات الفنية فحسب، بل دعم الفنانين كذلك، ففي عام 2009، قدم برنامجًا تلفزيونًا لدعم الفنانين الشباب الطموحين، كما أنه تبرع للمعرض الخاص به بأكثر من 200 عمل فني للجمهور.