• معلومات شخصية

    • الاسم الكامل

      حمورابي

    • اسم الشهرة

      حمورابي.. مؤسس أول منظومة قانونية في التاريخ

السيرة الذاتية

يعد الملك البابلي حمورابي واحد من أشهر ملوك بابل القديمة، وأحد أعظم الملوك التاريخيين، فهو أسس أول مجموعة قانونية مكتوبة في التاريخ، والتي عرفت باسم "تاريخ حمورابي"، وعرف بحكمته وقدرته على توحيد بابل وتطوير نظمها الإدارية والقضائية، وأصبح نموذجًا للملوك العادلين في العالم القديم.

من هو حمورابي؟

حمورابي هو أحد أعظم ملوك بابل، وسادس ملوك السلالة البابلية الأولى، وأول ملوك الإمبراطورية البابلية، وقد دام حكمه قرابة 42 عامًا، من عام 1792 حتى عام 1750 قبل الميلاد.

بدأ حمورابي حكمه بعدما تنازل والده، الملك سين موباليك، عن الحكم بسبب تدهور حالته الصحية، وقد ورث مملكة صغير ومقسمة، إلا أنه نجح في تحويلها إلى إمبراطورية كبيرة مترامية الأطراف.

بدأ حمورابي حكمه في فترة كانت بلاد الرافدين تعاني من انقسامات وصراعات داخلية وانتشرت دويلات صغيرة ومتناثرة، وعمل حمورابي على توحيد تلك الدويلات من خلال حملة عسكرية مهمة غزا فيها مدن مختلفة، وأطاح بملوك أقوياء منهم الملك الآشوري شمشي داغان الأول. تمكن حمورابي من بسط سيطرته على مناطق واسعة شملت العراق وبلاد الشام وسواحل البحر المتوسط.

اشتهر حمورابي أكثر بفضل شريعته الشهيرة المنحوتة على مسلة من حجر الديوريت، والموجودة حاليًا في متحف اللوفر، والتي تعد واحدة من أقدم المنظومات القانونية في التاريخ، وعلى الرغم من أن شريعته كانت صارمة ، إلا أنها تناولت شتى القضايا بداية من الجرائم إلى المعاملات التجارية والتجارية.

وقد اعتمد حمورابي في حكمة على سياسية مركزية اعتمدت على سلطته المطلقة، في حين عين حكامًا موثوقين لإدارة المدن والأقاليم، وكانت إمبراطوريته تدار وفقًا لنظام إداري متكامل يعزز من استقرار المملكة، وأرسى أسسًا صلبة لحكم مركزي قوي.

ما هي ديانة حمورابي؟

ديانة الملك حمورابي هي الديانة البابلية، وكانت ديانة معروفة في مدينة بابل، وتأثرت كثيرًا بالسومريين.

حمورابي وتولي السلطة وسط صراع القوى

بدأ الملك حمورابي حكمه عام 1792 قبل الميلاد، وقد تولى الحكم بعدما تنازل والده عن العرش بسبب وضعه الصحي، ليصبح حمورابي سادس ملوك السلالة البابلية الأولى.

عندما حكم حمورابي، كان الوضع في بلاد ما بين النهرين فوضويًا، فقد كانت المنطقة تعج بالدويلات المتصارعة، وتتنافس على الأراضي الزراعية الخصبة، وتتنازع من أجل السلطة والنفوذ.

وكانت بابل في ذلك الوقت مدينة صغيرة، أسسها الملوك الأموريون عام 1894 قبل الميلاد، وسيطرت على أرض محدود خارج حدودها، لكنها كانت محاطة بممالك أقوى وأكثر قدمًا، منها لارسا، وإيسي، وآشور، وإضنونا، وكانت كلها ممالك تتنافس على فرض الهيمنة، وهو ما شكل تهديدًا كبيرًا للدولة البابلية الناشئة.

ورث حمورابي مملكة صغيرة من والده، لكن والده، سين موباليط، كان قد بدأ عملية التوسع قبل وفاته، واستولى على مدن مهمة، منها كيس وسيبار، وبورسيبا، إلا أن بابل ظلت مهددة من القوى الأقوى حولها، وخاصة مملكة إشنونا في أعالي نهر دجلة، ولارسا في الجنوب.

ومن الشرق، كانت مملكة عيلام تشكل تهديدًا دائمًا لبابل، وخاصة أنها سعت للسيطرة على طرق التجارة الرئيسية عبر جبال زاغروس، أما في الشمال، فكان الآشوريين يوسعون نفوذهم بسرعة، واستولوا على أراض واسعة في بلاد الشام  ووسط بلاد ما بين النهرين، إلا أن وفاة الملك شمشي آداد المبكرة أدت إلى تفكك مملكته جزئيًا، وهو ما رآه حمورابي فرصة ذهبية لإعادة رسم خريطة القوى في المنطقة.

الحروب العسكرية بعد فترة من الهدوء

على الرغم من التحديات المحيطة وصراع القوى حوله، قرر حمورابي أن تصبح سنواته الأولى في الحكم هادئة نسبيًا، حيث استغل هذه الفترة لتعزيز البنية التحتية، من خلال ترميم أسوار المدينة لزيادة القوة الدفاعية، وتوسيع المعابد، لتصبح بابل مركزًا دينيًا وتجاريًا مذهلًا.

لكن الهدوء لم يدم طويلًا، فقد غزت مملكة عيلام سهل بلاد ما بين النهرين بدم من الحلفاء المحليين، وشنت حملة مدمرة على مملكة إشنونا، ودمرت العديد من المدن، وفرضت سيطرتها على المنطقة.

رأى حمورابي حينها أن التحالف هو الحل لمواجهة هذا التحديد، فتحالف مع ملك لارسا، وتوحدا معًا ضد العدو المشترك، وبفضل هذا التحالف، تم سحق القوات العيلامية.

بعد التخلص من التهديد الأكبر، شعر حمورابي بالخذلان من ملك لارسا، الذي لم يقدم دعمًا عسكريًا كبيرًا، لذا قرر الانتقام منه، وشن حملة عسكرية عليها مملكة لارسا، وسيطر على كامل سهل بلاد ما بين النهرين.

حظي حمورابي خلال حملته العسكرية على دعم من الشمال، وحصل على مساعدة من مملكتي يمحاض وماري، وتمكن من فرض السيطرة على إشنونا، وتقدم نحو الشمال، واستولى على مملكة ماري، ويقال أنه استولى عليها دون معارك.

الحرب مع آشور: معركة فاصلة قبل التوحيد

تمكن حمورابي بعد سلسلة من الحملات العسكرية من بسط سيطرته على الجنوب والشمال، ليواجه الخصم الأقوى، وهو آشور، حيث دخل الطرفان في صراع طويل الأمد، عقدت آشور خلالها تحالفت مع دول صغيرة لتأمين موقفها، لكن حمورابي تمكن من الانتصار في النهاية، وأطاح بالملك إشمي داغان، وأجبر ابنه موت أشكور على دفع الجزية، ليرسخ سلطته على شمال بلاد ما بين النهرين.

أنهى حمورابي حروبه، وأصبح الحاكم المطلق على بلاد ما بين النهرين، بعد أن وحد جنوب العراق والوسط والشمال تحت راية بابل، ورغم أن المملكة الآشورية نجت من الدمار، إلا أنها خضعت لسلطة حمورابي، ودفعت الجزية كعلامة على التبعية.

وعلى الرغم من أن حلب وقطنا حافظا على استقلالهما غربًا، إلا أن النفوذ البابلي امتد حتى ديار بكر شمال سوريا، وقد وجدت شاهدة حجرية تمجد حمورابي بلقب "ملك الأموريين".

شريعة حمورابي

اشتهر الملك حمورابي بفضل قانون حمورابي، والذي يعد من أقدم القوانين المكتوبة في التاريخ، لكنها لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبقتها قوانين أخرى، منها قانون إشنونا، وقانون أورنمو وغيرها.

ولكن ما يميز شريعة حمورابي هو اختلافها الجوهري عن القوانين السابقة، وتأثيرها البالغ الذي امتد لقرون وأثر في تشكيل نظم العدالة لاحقًا. نقش حمورابي شريعته على مسلة ضخمة من حجر الديوريت الأسود، ووضعت في مكان عام ليتمكن الجميع من الاطلاع عليها.

وعلى الرغم من أن نسبة قليلة من السكان وقتها كانوا قادرين على القراءة والكتابة، إلا وجودها علنًا خطوة رمزية تهدف إلى نشر فكرة العدل والمساواة أمام القانون.

بعد سقوط  مملكة بابل، نهب الهيلاميون هذه المسلة، ونقلوها إلى عاصمتهم، وتم العثور عليها عام 101 في إيران من قبل فريق أثري فرنسي، والمسلة موجودة حاليًا في متحف لوفر في باريس.

ملخص قانون حمورابي

تتكون شريعة حمورابي من 282 مادة قانونية، كتبت على 12 لوحًا مسماريًا باللغة الأكادية، وهي اللغة اليومية لسكان بابل، مما أتاح للمتعلمين قراءتها بسهولة، على عكس القوانين السومرية السابقة التي كتبت باللغة السومرية، وهي لغة أقل تداولًا بين العامة.

ومن أهم قوانين حمورابي القوانين التي حولت التركيز على تعويض الضحايا إلى معاقبة الجناة بشكل صارم، فقد وضع حمورابي قوانين واضحة وقاسية، وتضمنت غالبًا الإعدام أو التشويه أو تطبيق مبدأ "العين بالعين والسن بالسن".

ومع ذلك، كانت شريعة حمورابي مبتكرة كونها من أوائل القوانين التي نصت على مبدأ افتراض البراءة حتى تثبت الإدانة، كما أتاحت الفرصة للمتهم لتقديم أدلة دفاعًا عن نفسه، وهي من قوانين حمورابي في حقوق الإنسان، رغم أن القانون لم يتضمن أحكامًا مخففة لتقليل العقوبات بناء على الظروف.

وقد صنفت قوانين حمورابي إلى 12 قسم، ومنها أقسام حول السرقة والنهب، ومواد أخرى تنص على أحكام الجيش، وأقسام أخرى تضع قوانين تنص على الشؤون.

أهمية قانون حمورابي

وتمكن أهمية قانون حمورابي بأنها أثرت بشكل مباشر على القوانين العبرية لاحقًا، وذلك وفقًا للعديد من المؤرخين، الذين استندوا إلى أن "سفر الخروج" في قانون العهد اليهودي يستند إلى شريعة حمورابي بشكل واضح، من حيث النصوص أو الفلسفة العقابية.

في عام 2010، عثر فريق من علماء الآثار من الجامعة العبرية على لوح مسماري في موقع حاصور بفلسطين المحتلة يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر أو السابع عشر قبل الميلاد. احتوى اللوح على مجموعة من القوانين المشتقة بوضوح من شريعة حمورابي، مما يسلط الضوء على تأثيرها العميق في منطقة الشرق الأدنى القديم.

وبعد مرور قرون، لا تزال شريعة حمورابي تعد واحدة من أعظم المدونات القانونية في التاريخ القديم، ليس لأنها وضعت أسسًا للعدالة، بل أنها أسست لمبدأ ثابت، وهي أن "الجميع، سواء كان غنيًا أم فقيرًا قويًا أم ضعيفًا، يجب أن يخضع للقانون".

وبسبب شهرته كمشرع قانوني، أصبح حمورابي رمزًا قانونيًا في العديد من الدول، ففي الولايات المتحدة، وضعت صورته في عدد من المباني الحكومية، واختير ليكون واحدًا من بين 23 مشروعًا تم تصويرهم في نقوش رخامية بارزة داخل قاعة مجلس النواب الأمريكي.

ظهر حمورابي أيضًا ضمن إفريز "المشرعين العظماء عبر التاريخ" للنحات أدولف وينمان، والمنحوتة موجودة على الجدار الجنوبي للمحكمة العليا الأمريكية.

وفي العراق، وخلال حكم صدام حسين، تم إطلاق اسم حمورابي على الفرقة الأولى المدرسة في الجيش العراقي، كما تم  تسمية كويكب صغير باسمه.

تأليه حمورابي وتمجيده

خلال فترة حكمه، وحتى بعض وفاته، تم اعتبار حمورابي إلهًا، وقد أصبح اسمه الشخصي "حمورابي إلي" والتي تعنى "حمورابي إلهي"، وكانت ذلك الاسم شائعًا خلال فترة حكمه.

وخلال فترة حكمه، اعتبرت فتوحات حمورابي جزءًا من مهمة مقدسة لنشر الحضارة في جميع الأمم، والآثار شاهدة على تمجيده كحاكم يحارب الشر ويجبر الشعوب على عبادة "مردوخ" وهو كبير آلهة قدماء البابليين، حيث تم اعتبار حمورابي قوة خارقة للطبيعة من أجل الإله.

عثر لاحقًا على ترنيمة على لسان حمورابي يمجد فيها نفسه بأنه يعمل من أجل الإله، ومن ، من أشهر مقولات حمورابي في هذه الترنيمة:

"أنا الملك الدعامة التي تمسك الظالمين وتجمع الناس. أن التنين العظيم بين الملوك، أنا الملهم بالخوف، أن حمورابي ملك العدل".

إرث حمورابي الإداري

كشفت الحفريات الأثرية عن كنز من الألواح الطينية التي تعود لفترة حكم حمورابي. تحتوي هذه الألواح على 55 رسالة شخصية من حمورابي نفسه، تُظهر الجانب الإداري والدبلوماسي من حكمه.

تكشف هذه الرسائل عن التحديات التي واجهها في إدارة إمبراطورية واسعة، من التعامل مع الفيضانات وإعادة تنظيم التقويم، إلى الإشراف على قطعان الماشية وإدارة الأراضي الزراعية.

لم يكن حمورابي مجرد ملك محارب، بل كان أيضًا رجل دولة حاذقًا، استخدم مهاراته التنظيمية في إدارة إمبراطورية ضخمة، ووضع أسس الإدارة المركزية التي صارت نموذجًا يُحتذى به في الممالك اللاحقة.

انهيار مملكة بابل

توفي حمورابي عام 1750، وبعد وفاته، تسلم مقاليد الحكم والإمبراطورية ابنه سامسو إيلونا، وخلال فترة حكمه، بدأت الإمبراطورية البابلية في الانهيار بسرعة، حيث ارتبط ازدهار المملكة بفترة حمورابي وحكمه.

بعد تولي سامسو الحكم، خرجت ثورات عديدة في مدن مختلفة، وبتعاقب الملوك، واجهت المدينة هجومًا شرسًا من الحيثيون، واحتلوا مملكة في النهاية ودمروا عاصمتها عام 1594، أي بعد 150 عامًا من وفاة حمورابي تقريبًا، لتنتهي بذلك مملكة بابل، وأصبحت مدينة بابل بعد حمورابي مجرد عاصمة ثانوية، بينما ازدهرت ممالك أخرى في العراق.

أهم الأعمال

  • مؤسس مملكة بابل في العراق والتي حكمها 45 عامًا

معلومات أخرى

  • وضع أول منظومة قانونية متكاملة

  • أول من وضع قانون "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"