يعد دييغو فيلاسكيز واحد من أعظم الرسامين في تاريخ الفن الأوروبي، والذي ترك بصمة خالدة في عالم الفن، فقد كان رسامًا للبلاط الملكي لأكثر من 30 عامًا، وهو ما أتاح له فرصة رسم لوحات تمزج بين الواقعية والتعبيرية، وترك إرثًا فنيًا لا يزال محل دراسة وتحليل حتى وقتنا هذا، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو دييغو فيلاسكيز؟
دييغو رودريجيز دي سيلفا إي فيلاسكيز هو رسام إسباني، ولد في 6 يونيو عام 1599 في إشبيلية، وهو رسام بلاك الملك فيليب الرابع ملك إسبانيا والبرتغال، ويعد أعظم الفنانين في تاريخ الفن الغربي على الإطلاق.
بدأ دييغو تعلم الرسم في سن مبكرة على يد الفنان فرانسيسكو باتشيكو، وأظهر موهبة مبكرة في تصوير التفاصيل والوجوه. انتقل فيلاسكيز إلى مدريد، وحصل على فرصة العمل كرسام في البلاك الملكي للملك فيليب الرابع، وظل يعمل في البلاط الملكي لأكثر من 30 عامًا.
خلال تلك الفترة، رسم دييغو فيلاسكيز العديد من الشخصيات الملكية والنبلاء، وهو ما ساعد على تعزيز مكانته كواحد من أهم رسامي البلاط. اشتهر دييغو أكثر بلوحته الشهيرة "لا مينيناس" أو "الوصيفات" التي اعتبرت تحفة فنية أصبحت محل دراسة وتحليل لسنوات، وكانت هذه اللوحة إثباتًا لعبقريته الفنية. في الوقت الحالي، تتواجد معظم لوحات دييغو فيلاسكيز في متحف برادو الوطني في مدريد.
هل كان لدييجو فيلاسكيز عائلة؟
نعم، تزوج الرسام دييغو فيلاسكيز من خوانا باتشكيو، ابنة معلمه، ورزق منها بابنتين، وهما فرانشيسكا، والتي تزوجت من الرسام خوان باوتيستا مارتينيز ديل مازو. أما ابنته الثانية إغناسيا، فقد توفيت عام 1921 في طفولتها.
عاشت عائلة دييغو في القصر الملكي في مدريد، حيث انتقل إلى هناك بعدما أصبح رسامًا للملك فيليب الرابع.
![دييغو فيلاسكيز.. أحد أعظم الفنانين في تاريخ الفن الغربي]()
نشأته وبداية مسيرته الفنية
ولد دييغو فيلاسكيز في إشبيلية، والده كان كاتب عدل، من أصول برتغالية، ويقال أن دييغو كان له نسب موريسكي. عاش دييغو في ظروف متواضعة، وقد أظهر موهبة في الرسم في سن مبكرة، فتدرب على يد المدرب فرانسيسكو باتشيكو لمدة 6 سنوات درس فيها الكلاسيكيات، وتدرب على أساليب فنية متنوعة.
تأثر فيلاسكيز بمعلمه باتشكيو بشكل كبير، فعلى الرغم من أنه لم يكن فنانًا معروفًا، ولوحاته لم تكن مميزة، إلا أنه أظهر واقعية مباشرة في لوحاته، كما أنه كان واسع الاطلاع، وشجع طلابه على القراءة والتطوير الفكري.
بدأ دييغو برسم لوحات واقعية حقيقية أظهرت براعته غير العادية في التصوير الواقعي، وكانت أولى وأقدم لوحاته "مشاهد المطبخ" وهي لوحة تظهر فيها سيدة تقلي البيض بجانب ابنها.
واصل دييغو رسم المزيد من اللوحات الواقعية والدينية التي رسم فيها شخصيات دينية مثل القديس يوحنا الإنجليزي، ولوحة بائع الماء في إشبيلية، وكلها لوحات أبرز فيها موهبتها في تصوير الأحجام والقوام.
تعيينه رسامًا للبلاط الملكي
خلال أوائل عشرينيات القرن السابع عشر، تمكن دييغو فيلاسكيز من تحقيق شهرة كبيرة وسمعة جيدة في إشبيلية، لذا قرر السفر إلى مدريد بهدف أن يصبح رسامًا للبلاط الملكي، وهو الأمر الذي نجح فيه عام 1622 بعد وفاة الرسام المفضل للملك فيليب الرابع.
أولى لوحات فيلاسكيز في البلاط الملكي كانت لوحة للملك التي أعجب بها كثيرًا، وأمر فيليب بالمكوث في القصر، وحصل على القبول في الخدمة الملكية، وحصل على راتب قدره 20 دوقية شهريًا، بجانب السكن وثمن الصور التي سيرسمها.
استقبلت لوحات دييغو في البلاك الملكي بحماس شديد، حيث برع في رسم الشخصيات الملكية، ومن لوحاته المميزة في تلك الفترة لوحة "انتصار باخوس" وهي أولى لوحاته الأسطورية والتي يصور فيها محاكاة ساخرة للفلاحين الذين يطلبون من إله النبيذ الراحة من أحزانهم.
رسم فيلاسكيز 43 لوحة للملك فيليب، بجانب العديد من اللوحات الأسطورة والواقعية، كما أنه رسم أعضاء آخرين من العائلة الملكية، منها زوجة فيليب الأولى إليزابيث بوربون وأطفالها.
رسم دييغو فيلاسكيز كذلك الأقزام والمهرجين في البلاط الملكي، كما تم تكليفه برسم أعمال دينية. عين فيلاسكيز فيما بعد في منصب رئيس البلدية، وهو وظيفة مسؤولة ليست شرفية، والتي تقاطعت مع عمله كرسام، لكنها لم تؤثر أبدًا على موهبته، ففي تلك الفترة، قدم أروع لوحاته على الإطلاق.
![دييغو فيلاسكيز.. أحد أعظم الفنانين في تاريخ الفن الغربي]()
لوحة دييغو فيلاسكيز الوصيفات
في عام 1956، رسم دييغو فيلاسكيز واحدة من أعظم لوحاته على الإطلاق، وهي لوحة الوصيفات، وما جعل هذه اللوحة محل دراسة حتى وقتنا هذا هو عناصر اللوحة الغريبة وغير المفهومة.
عندما رسم فيلاسكيز هذه اللوحة، كانت في فترة ينظر فيها إلى الرسام على أنه حرفي ومقلد لا يملك عمق فكري أو فلسفي، لذا قرر أن يرسم لوحة دفاعًا عن فن الرسم، وكان نتاج هذا الهدف هو لوحة "الوصيفات" التي اعتبرها الكثيرون "الأساس اللاهوتي لفن الرسم" لأكثر من 3 قرون.
في منتصف الصورة نرى الأميرة الصغيرة مارغريت تريسا، ولكن عند التدقيق سنرى أن الرسام رسم نفسه داخل اللوحة، فهو في الخلف ينظر باتجاه المشاهد خارج اللوحة ويمسك فرشاته، وخلفه نجد مرآة تعكس صورة للملك فيليب وزوجته. نرى في اللوحة أيضًا على اليمين فتاة صغيرة وقزم وكلب، وفي الخلف تقف راهبة بجوار رجل آخر، وورائهم باب مفتوح يقف عنده زائر.
وبسبب غموض اللوحة وكثرة عناصرها، أصبحت من أكثر اللوحات دراسة على الإطلاق، وأثارت جدلًا فلسفيًا مع ثمانينات القرن التاسع عشر.
![دييغو فيلاسكيز.. أحد أعظم الفنانين في تاريخ الفن الغربي]()
سنواته الأخيرة ووفاته
في سنواته الأخيرة، رسم دييغو فيلاسكيز لوحات لأعضاء القصر الملكي، كما أنه تم تكليفه بتزيين الجناح الإسباني بعد إبرام معاهدة سلام بين فرنسا وإسبانيا عام 1660.
بعد الانتهاء من مهامه، عاد إلى مدريد، وأصيب بعدها بالحمى، وتوفي في 6 أغسطس عام 1660، وتوفيت زوجته بعده ب8 أيام، ودفنت بجواره.
أين دفن فيلاسكيز؟
دفن فيلاسكيز في قبو فوينساليدا في كنيسة سان خوان باوتيستا، وقد دمرت تلك الكنيسة على يد الفرنسيين عام 1809، وأصبح مكان دفنه غير معروف.
إرثه الفني
لم يكن الرسام دييغو فيلاسكيز غزير الإنتاج، فخلال حياته أنتج ما بين 100 إلى 120 لوحة قماشية معروفة، ولا ينسب إليه سوى عدد قليل من الرسومات، ورغم ذلك، يعد أحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في تاريخ فن البورتريه الإسباني، على الرغم من قلة أتباعه المباشرين.
لم تعرف أعمال فيلاسكيز خارج إسبانيا حتى القرن التاسع عشر، كما نجت العديد من لوحاته من السرقة على يد الفرنسيين خلال حرب شبه الجزيرة. خلال القرن العشرين، بدأت لوحات فيلاسكيز تصبح أكثر شهرة، وحظيت باحترام كبير من الفنانين في ذلك الوقت.
ومن الرسامين الذين أشادوا بلوحات فيلاسكيز الفنان بابلو بيكاسو، الذي أعاد رسم لوحة الوصيفات في 44 نسخة مختلفة بأسلوبه الشخصي. أما الفنان سلفادور دالي، فقد ابتكر عملًا فنيًا لفيلاسكيز للذكرى المئوية الثالثة لوفاته.