روبرت مردوخ.. إمبراطور الإعلام صاحب التأثير الإعلامي الضخم

قطب الإعلام الأمريكي، وإمبراطور الإعلام كلها ألقاب حصل عليها رجل الأعمال الأمريكي الأسترالي روبرت مردوخ مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "نيوز كورب" التي تعد واحدة من أكبر شركات الإعلام في العالم، وهو ما جعله أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في عالم الإعلام والذي تمكن من تغيير وجه صناعة الإعلام في العالم من خلال استخدام التقنيات الحديثة وحقق ثروة هائلة بفضل إمبراطوريته الإعلامية، وبجانب دهائه ونجاحه المهني، فقد عرف بتعدد زيجاته، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وحياته في هذا المقال.

من هو روبرت مردوخ؟

هو رجل أعمال ومستثمر أمريكي أسترالي ولد في 11 مارس عام 1931 في ملبورن في أستراليا، ويعد اسماً لامعاً في عالم الإعلام ومن أساطير الإعلام في أمريكا والعالم، فهو مؤسس شركة "نيوز كورب" التي تعد واحدة من أهم شركات الإعلام في العالم.

بدأ مردوخ مسيرته المهنية بالعمل في صحيفة والده، ليقرر فيما بعد أن يبدأ إمبراطوريته الإعلامية من خلال الاستحواذ على صحف ومجلات عالمية منها نيويورك بوست وذا تايمز وول ستريت جورنال وغيرهم.

لم يقتصر طموحه الإعلامي من خلال الصحافة المقروءة فحسب، بل دخل مجال التلفزيون وأسس شركة 20th Century Fox التي أنتجت عشرات الأفلام الناجحة في هوليوود منها "أفاتار"، و"تيتانك" وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك فهو مالك شركة "نيوز كورب" وهي من أكبر شركات الإعلام التي تمتلك قنوات تلفزيونية توظيف آلاف الموظفين حول العالم، لذا فهو يعد شخصية ملهمة لرواد الأعمال حول العالم.

ورغم نجاحه وإرثه المهني الكبير فإن حياته لم تخلُ من الانتقادات وإثارة الجدل، وخاصة بسبب ممارساته الإعلامية المتحيزة والاتهامات بالتدخل في الشؤون السياسية، وقد واجه العديد من القضايا التي طرحت تساؤلات حول أخلاقيات الإعلام مثل التصنت والفضائح الصحفية وغيرها.

نشأته وتعليمه

ولد كيف روبرت مردوخ في ملبورن في أستراليا، والده هو رجل الأعمال والصحفي الأسترالي آرثر مردوخ وهو مؤسسة، أما والدته إليزابيث جرين.

كان والده مراسلًا حربيًا ثم أصبح فيما بعد أحد أقطاب الصحف الإقليمية، وكان يمتلك صحيفتين في أستراليا فضلًا عن محطة إذاعية، كما كان والده رئيسًا لشركة النشر هيرالد ويكلي تايمز.

عائلة مردوخ من أصول إنجليزية وإيرلندية واسكتلندية. لدى مردوخ 3 شقيقات وهن هيلين وآن وجانيت. في طفولته التحق مردوخ بمدرسة جيلونج النحوية، ثم التحق بعدها بكلية ورسستر أكسفورد ودرس فيها الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وخلال دراسته الجامعية كان عضوًا في حزب العمال، كما تولى منصب سكرتير نادي العمل.

خلال سنوات دراسته عمل بدوام جزئي في صحيفة والده، وبعد وفاة والده عام 1952 بسبب السرطان تولى مردوخ  أعمال العائلة وعمل كمحرر فرعي في صحيفة ديلي إكسبريس لمدة عامين.

ديانة روبرت مردوخ

نشأ روبرت مردوخ في عائلة مسيحية، وقد كانت كل زيجاته في الكنيسة، ورغم ذلك فإنه لم يصرح عن ديانته علنًا، إلا أنه تحدث عن أهمية الإيمان في حياته وشارك في بعض الطقوس الدينية كذلك.

كم عمر مردوخ؟

ولد في عام 1931 ويبلغ من العمر حاليًا 93 عامًا.

عائلة مردوخ

ارتبط اسم روبرت مردوخ بتعدد زيجاته، فقد تزوج خلال حياته 5 مرات. المرة الأولى من باتريشيا بوكر عام 1956 وهي مساعدة متجر وكانت مضيفة طيران من ملبورن ولديه منها ابنة وحيدة اسمها برودينس، وقد انفصل عن زوجته عام 1967.

في العام نفسه تزوج مردوخ للمرة الثانية من آنا تورف، وه صحفية وروائية أسترالية اسكتلندية، وكانت وقتها تعمل في صحيفة دايلي ميرور، التي يملكها ورزق منها ب3 أطفال وهم إليزابيث، ولوكلان، وجيمس، وقد انفصل عنها عام 1998.

كانت زوجته من الروم الكاثوليك، ولكنه لم يتحول إلى الكاثوليكية أبدًا، وقد نشرت شركته للنشر روايتين لزوجته وهما "شركة عائلية"، و"التوصل إلى شروط".

تم الزواج رسميًا مع زوجته الثانية تورف عام 1999، وقد حصلت على تسوية طلاق بيمة 1.2 مليار دولار أمريكي من الأصول.

25 يونيو عام 1999، وبعد 17 يومًا فقط على طلاقه من زوجته الثانية تزوج للمرة الثالثة من وينيد دينغ، وهي سيدة أعمال ومنتجة أفلام أمريكية من أصل صيني، وكان وقتها يبلغ من العمر 68 عامًا، بينما كانت هي تبلغ من العمر 30 عامًا فقط.

كانت زوجته تخرجت مؤخرًا من كلية ييل للإدارة، وأصبحت نائبة لرئيس القناة التي يملكها، وقد رزق من زوجته بابنتين، وهما جريس وكلوي.

أصبحت علاقتهما متوترة بسبب إشاعات متعلقة بأن له صلة بالمخابرات الصينية، وفي يونيو عام 2013 تقدم مردوخ بطلب للطلاق، وذلك بعد أن اشتبه في وجود علاقة غرامية بين زوجته وبين صديقه المقرب توني بلير.

في عام 2016 تزوج مردوخ للمرة الرابعة من عارضة الأزياء جيري هول، وكانت تبلغ من العمر 59 عامًا، بينما هو يبلغ من العمر 85 عاما وقد انفصلا في أغسطس عام 2022.

زواج روبرت مردوخ الخامس

في شهر مايو 2024، وفي عامه الـ93، فاجأ رجل الأعمال روبرت مردوخ العالم بزواجه للمرة الخامسة من عالمة الأحياء البحرية المتقاعدة إيلينا جوكوفا في نيويورك، والبالغة من العمر 67 عامًا، وذلك بعد علاقة بدأت منذ عام 2023، وتم حفل الزفاف في مزرعة يملكها مردوخ.

وقد تعرف مردوخ على زوجته الخامسة جوكوفا في تجمع عائلي كبير استضافته زوجته الثالثة ويندي دينج، الذي انفصل عنها عام 2013، وقد أعلنا عن خطبتها في عام 2023.

أبناء روبرت مردوخ

لدى روبرت مردوخ 6 أطفال من 3 سيدات. ابنته الكبرى بوردينس هي رئيسة مجلس إدارة شركة Times Newspapers Ltd.

ابنه الثاني لوكلان هو الابن الأكبر له وهو الذي يتولى إدارة شركة والده بعد استقالته، وقد شغل سابقًا منصب نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة نيوز كوربوريشن. لوكلان متزوج من عارضة الأزياء الأسترالية سارة أوهير منذ عام 1998 ولديه 3 أطفال.

ابنته الثالثة اسمها إليزابيث، وهي تملك محطتين تلفزيونيتين في التسعينات، ثم أصبحت منتجة تلفزيونية وسينمائية في لندن، وقد تزوجت 3 مرات ولديها 4 أطفال.

وابنه الرابع جيمس، وقد عمل مع والده لمدة 20 عامًا وأصبح نائب المدير التنفيذي للعمليات في شركة نيوز كورب، كما أنه يدير مع زوجته مؤسسة كوادريفيوم، ولديه 3 أطفال.

كما أن لديه من زوجته الثالثة دينج طفلتين وهما جريس، ولديها علاقة قوية مع والدها، وقد تخرجت من جامعة نيويورك عام 2020. ابنته السادسة كلوي وهي أصغر بناته وولدت عام 2003 وتدرس في جامعة ستانفورد.

مسيرته المهنية

تولى روبرت مردوخ أعمال والده عندما كان عمره 21 عامًا، حيث تولى مسؤولية شركة نيوز المحدودة، التي أسسها والده عام 1923، وبعدها أسس مجلة "الإيكونوميست" عام 1960 وهي جريدة مسائية.

طوّر مردوخ حينها نمط صحفي جديد يعمل على التغطية الرياضية والفضائح ويعتمد على العناوين اللافتة والمثيرة للجدل، وبعد نجاحه في أستراليا قرر أن ينقل أعماله إلى الخارج، وكانت المحطة الأولى له في نيوزيلندا، حيث أسس صحيفة يومية اسمها "دومينيون"، ثم نجح في الاستحواذ على صحيفة هناك.

انتقل روبرت مردوخ إلى بريطانيا في نهاية الستينات، وهناك عمل في صحيفة "ديلي إكسبريس"، وبعدها تمكن من شراء صحيفتي ذي صن ونيوز أوف ذا وورلد، اللتين ركزتا على إثارة الجدل من خلال العناوين اللافتة والموضوعات المتنوعة، وقد حقق أرباحًا كبيرًا بفضل ذلك.

بسبب أرباحه تمكن من شراء صحف "ذا تايمز" البريطانية العريقة بعد موافقة رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر على أن يقتني أكثر من صحيفة في بريطانيا، وهو ما يتعارض مع القانون البريطاني آنذاك.

في عام 1973 انتقل مردوخ إلى محطته التالية وهي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اشترى صحيفة "سان أنطونيو إكسبرس"، كما أسس صحيفة أمريكية اسمها "ستار وسوبير ماركيت تابلويد" وبحلول عام 1976 سيطر على صحيفة "نيويورك بوست".

حصل مردوخ بعدها على الجنسية الأمريكية عام 1985 ودخل مجال التلفزيون، حيث اتجه إلى الاستثمار في المحطات التلفزيونية وأسس شركة "نيوز كوربوريشن" القابضة والتي تتبعها العديد من القنوات المشهورة منها قناة "فوكس نيوز" الإخبارية، كما أنه اشترى صحيفة "وول ستريت جورنال" عام 2007.

ماذا يمتلك روبرت مردوخ؟

يمتلك روبرت مردوخ العديد من الصحف والقنوات في العالم، فهو رئيس مجلس إدارة شركة "نيوز كورب" التي تمتلك العديد من المجلات والصحف الشهيرة حول العالم منها "نيويورك بوست"، و"ذا تايمز"، و"وول ستريت جورنال".

يمتلك أيضًا العديد من قنوات التلفزيون منها "فوكس نيوز"، و"سكاي نيوز" وتقدر إمبراطوريته بمليارات الدولارات. بالإضافة إلى ذلك فهو يمتلك العديد من العقارات حول العالم بما فيها أستراليا ولندن ونيويورك، ولديه مجموعة فنية ضخمة وقيمة.

في عام 2003 اشترى مردوخ منزلًا في نيويورك مكون من 11  غرفة نوم على مساحة 5 فدادين، ومن بين عقاراته أيضًا عقار ومزرعة عنب ومصنع نبيذ في لوس أنجلوس كاليفورنيا اشتراه عام 2013. في عام 2016 اشترى منزلًا وعقارا يعودان إلى القرن الثامن عشر في قرية إنجليزية.

روبرت مردوخ وفضيحة اختراق الهواتف الدولية

واجهت عدة صحف يمتلكها روبرت مردوخ لفضيحة عالمية عام 2011، حيث كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن فضيحة اختراق هواتف طالت مشاهير وسياسيين ورياضيين على يد صحيفة "نيوز أوف ذا ورلد" التابعة لشركة نيوز كورب التي يملكها مردوخ.

وقد اتهمت الصحيفة بالتنصت على هواتف شخصيات مشهورة بشكل غير قانوني بهدف الحصول على معلومات سرية لنشرها على الصحيفة، وقد أثارت هذه  الفضيحة ضجة واسعة حول العالم أدت إلى استقالة رئيس تحرير الجريدة وإغلاق الصحيفة فيما بعد.

واجه مردوخ أيضًا انتقادات حادة بسبب تقاعسه في اتخاذ إجراءات لمنع حدوث هذه الممارسات في الصحف التي يمتلكها، وفي عام 2012 اضطر للاعتذار علنًا عن هذه الفضيحة ودفع تعويضات بقيمة 136 مليون جنية إسترليني.

اتجاهاته وأفكاره السياسية

اشتهر رجل الأعمال روبرت مردوخ باتجاهاته السياسية اليمينية، كما اشتهر بدعمه للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ودعمه لحزب المحافظين في المملكة المتحدة، وقد انعكست اتجاهاته تلك على صحفه ومحطاته التلفزيونية.

أيضًا دعم العديد من السياسيين اليمينيين بشكل علني منهم مارجريت تاتشر، ورونالد ريجان، كما تشير الصحف العالمية بأنه أنفق ملايين الدولارات على التبرعات السياسية لدعم المرشحين اليمينيين.

ويتعرض مردوخ لانتقادات حادة بسبب تأثيره السياسية الكبير، واتهم كثيرًا باستخدام نفوذه الإعلامي من أجل التأثير على الرأي العام ودعم أجندته السياسية، كما يقال إنه مارس ضغوطًا على صحفيين لكتابة مقالات تؤيد آراءه السياسية، واتهم بالتدخل في الانتخابات لدعم مرشحين معينين.

ولكن مردوخ دافع عن نفسه أمام تلك الاتهامات، وقال إنه صحفي وليس سياسياً، كما أكد أنه يمارس حقه في التعبير عن آرائه السياسية مثل أي شخص، وأنكر تمامًا الاتهامات بالتدخل في الانتخابات أو ممارسة ضغوط على صحفييه.

ثروة روبرت مردوخ

صنفت مجلة فوربس عام 2016 عائلة روبرت مردوخ في المرتبة 35 من بين أقوى الأشخاص والعائلات في العام، وفي عام 2017 صنفته في المرتبة 34 من بين أغنى الشخصيات في الولايات المتحدة والمرتبة 96 ضمن أغنى الشخصيات في العالم.

عام 2017 قدرت ثروته بحوالي 13.1 مليار دولار أمريكي، وفي عام 2019 احتلت عائلة مردوخ المرتبة 52 في قائمة فوربس السنوية لمليارديرات العالم، وفي عام 2023 قدرت ثروته بحوالي 17.1 مليار دولار.

استقالة روبرت مردوخ

في شهر سبتمبر عام 2023 أعلن قطب الإعلام روبرت مردوخ عن تنحيه عن منصب رئيس مجلس إدارة مجموعتي فوكس نيوز ونيوز كورب بعد مسيرة مهنية تجاوزت 70 عامًا أسس خلالها إمبراطورية إعلامية في أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتولى من بعده ابنه لوكلان إدارة المجموعة.

وتقاعد مردوخ بعد 5 أشهر من اضطرار شبكة "فوكس نيوز" من دفع مبلغ تعويض ضخم قدر ب787.5 مليون دولار لشركة تصنيع آلات تصويت إلكترونية وذلك لكي لتتجني دعوى تشهير محرجة بعد الانتخابات الرئاسية عام 2020.