وليد سيف.. قلم المقاومة والإبداع الأدبي الفلسطيني

يعد الكاتب والأديب الفلسطيني وليد سيف من أعلام الأدب الفلسطيني، وواحد من أشهر كتاب الدراما التاريخية ودراما المقاومة، فقد رصد بقلمه التاريخ الفلسطيني والعربي بأسلوب درامي وفريد، وشهدت مسيرته إسهامات أدبية ودرامية متنوعة، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.

من هو وليد سيف؟

وليد إبراهيم أحمد إبراهيم السيف، هو أديب وكاتب ومؤلف فلسطيني ولد في 19 يناير عام 1948 في طولكرم بفلسطين، وهو واحد من أشهر كتاب الدراما في الوطن العربي.

عاش سيف ظروف النكبة الفلسطينية، وكانت هذه الظروف القاسية سببًا في تشكيل وعيه الأدبي والسياسي، وانعكست مأساة النكبة على كتاباته الأدبية والدرامية، والتي تحدث فيها معاناة الشعب الفلسطيني.

اهتم سيف منذ نعومة أظافره باللغة العربية والشعر، وقد درس الأدب العربي، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن، وهو ما أكسبه تعمقًا أكبر وخيفة ثقافية قوية انعكست على إنتاجه الأدبي.

كتب سيف أعظم الأعمال الدرامية التي عرضت في التلفزيون العربي، وتعاون بشكل خاص مع المخرج السوري الراحل حاتم علي، وتميزت أعماله الدرامية بالعمق الإنساني والبحث الدقيق في التاريخ، مع لمسة أدبية شعرية.

وبجانب الدراما، يعد وليد السيف شاعرًا مبدعًا، وكتب قصائد عميقة تحمل هموم الوطن والإنسان، واستطاع أن يكون صوتًا أدبيًا مميزًا يعبر عن الفلسطينين في الداخل وفي الشتات. وخلال مسيرته الأدبية، حصل سيف على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإبداعاته الأدبية والدرامية.

نشأته وتعليمه

ولد الأديب والكاتب الفلسطيني وليد سيف في طولكرم خلال النكبة، وقد نشأ فيها، وتعلم في مدارسها حتى المرحلة الثانوية، وبعدها سافر إلى الأردن، والتحق بالجامعة الأردنية، وحصل عام 1966 على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والأدب العربي.

حصل سيف بعدها على درجة الدكتوراه في اللغويات من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن عام 1975، ليعود إلى الأردن، ويبدأ مسيرته المهنية كمحاضر في الجامعة، ثم يترك مجال التدريس للتفرغ للكتابة التلفزيونية.

تزوج الكاتب وليد سيف من الدكتورة إيمان محمود إبراهيم سيف، ولديه منها 3 أبناء، وهم السياسي والاقتصادي الأردني الفلسطيني خالد وليد سيف، والذي شغل منصب وزير النقل الأردني في حكومة عمر الرزاز، وليانا، وليلى.

مسيرته المهنية

بدأ الكاتب وليد سيف مسيرته المهنية بالعمل في التدريس، حيث عاد من لندن، وعمل كمحاضر في الجامعة الأردنية في قسم اللغة العربية لمدة 3 سنوات، وبعدها ترك التدريس، وتفرغ للكتابة الدرامية.

عُرف عن سيف بأنه كاتب وشاعر وروائي وناقد وأكاديمي، وقد بدأ في البداية كتابة الشعر والقصة القصيرة، إلا أن ميله لكتابة الدراما والتاريخ دفعه للتركيز على الكتابة الدرامية أكثر.

حصل سيف على فرصة للعمل في مجال الكتابة الدرامية عام 1977، حينما عرض عليه أن يكتب أحد الأعمال الدرامية السورية، ووافق سيف، ليبدأ مسيرته في عالم الدراما، ويحقق نجاحات واسعة.

شعر وليد سيف

ألف وليد سيف العديد من القصائد الشعرية، وقد صدرت له حتى الآن 3 دواوين، أولها "قصائد في زمن الفتح"، وصدرت عام 1969، وديوان "وشم على ذراع خضرة" عام 1971، وديوان "تغريبة بني فلسطين" عام 1979.

وقد ألف سيف قصيدة أخرى بعنوان "البحث عن عبدالله البري"، وقصيدة "الحب ثانية"، والتي يقول فيها:

قَمَرٌ عَلى كَتِفي..

وَشَيْءٌ مثل رائحة اشتعال الزنبق البري..

يسري في فضاء الروح..

أسمع من تُخوم العمر إيقاعَ الجيادِ العادياتِ..

المـُقبلات، المـُدبرات، الموغِلات وراء حُلم الفاتحينَ..

كأن زَوبعةً تقوم الآن في جَسَدي..

كأن يداً من النَّعناعِ توقِدُ شُعلةَ الذِّكرى..

وتبعث في المدى الطِّفلَ الذي كانت تُرَبّيهِ الغزالَةُ..

ثُمَّ تُؤويه النجومُ

مسلسلات وليد سيف وحاتم علي

ألف الكاتب والأديب الفلسطيني وليد سيف العديد من الأعمال الدرامية المميزة، إلا أن أبرز وأنجح تلك الأعمال تعاون فيها مع المخرج السوري المبدع الراحل حاتم علي.

ومن مسلسلات وليد سيف وحاتم علي مسلسل "صلاح الدين" والذي عرض عام 2001، وتم دبلجته لعدة لغات، منها التركية، والصومالية، والعمل من بطولة جمال سليمان، وسوزان نجم الدين، وباسم ياخور.

يتناول المسلسل الأحداث التاريخية في القرن السادس الهجري في منطقة بلاد الشام ومصر، ويحكي سيرة البطل صلاح الدين الأيوبي، ورحلته في توحيد صفوف المسلمين لمواجهة الصليبيين.

التعاون الثاني بينهما كان في عام 2002 في المسلسل التاريخي "صقر قريش" وهو أول عمل ضمن ثلاثية الأندلس، ويتناول تاريخ المسلمين بداية من الخلافة الأموية، ويحكي سيرة عبد الرحمن الداخل حفيد عاشر الخلفاء الأمويين ومؤسسة الدولة الأموية في الأندلس.

الجزء الثاني من ثلاثية الأندلس هو مسلسل "ربيع قرطبة"، والذي يحكي تاريخ العرب في الأندلس، بداية من نشأة الدولية الأموية، وصولًا إلى سقوط غرناطة، والعمل من بطولة تيم حسن ونسرين طافش، ومي سكاف.

ألف بعدها مسلسل "ملوك الطوائف" آخر مسلسلات ثلاثية الأندلس، ويحكي عن تاريخ العرب في الأندلس، ويتناول فيها بداية سقوط الدولة الأموية، وظهور دويلات صغيرة متناحرة في الأندلس.

ألف كذلك مسلسل "التغريبة الفلسطينية" عام 2004، وسلط العمل الضوء على القضية الفلسطينية من خلال قصة أسرة ريفية في الثلاثينيات حتى نكسة عام 1967.

أما آخر تعاون بينهما كان عام 2012 في مسلسل "عمر" والذي يروي سيرة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد حظي المسلسل بمتابعة ملايين المسلمين حول العالم، وهو واحد من أهم أعمال وليد سيف.

أعمال وليد سيف الدرامية الأخرى

وبجانب تعاونه مع المخرج العبقري حاتم علي، ألف وليد سيف عشرات المسلسلات بداية من السبعينات، ومن الملاحظ في مسيرته الأدبية أنه ركز على الأعمال التاريخية دونًا عن غيرها من الأنواع الدرامية، فألف مسلسلات الخنساء، وعروة بن الورد، وشجرة الدر، وطرفة بن العبد، والمعتمد بن عباد.

من أعماله جبل الصوان، وبيوت في مكة، ألف حكاية وحكاية، والصعود إلى القمة، وملحمة الحب والرحيل، والدرب الطويل.

كتب وليد سيف

وبجانب أعماله الدرامية، ألف وليد سيف عدد من الكتب روائية، ومنها كتاب "الشهاد المشهود: سيرة ومراجعات فكرية" وهو كتاب سيرة ذاتية عن حياته. ألف كذلك رواية ملتقى البحرين، ورواية مواعيد قرطبة.

جوائز وتكريمات

حصل الأديب الفلسطيني وليد سيف على العديد من الجوائز والتكريمات التي تبرز مكانته في المشهد الثقافي العربي، حيث نال جائزة مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون لعدة أعوام منها 2002 و2003 و2004 و2011، بالإضافة إلى جائزة تايكي لأفضل سيناريو وأفضل مسلسل تاريخي عن مسلسل "عمر بن الخطاب" عام 2012.

بالإضافة إلى ذلك، تم اختياره شخصية مهرجان ملتقى المثقفين المقدسي ومهرجان زهرة المدائن لعام 2021 في دورته الرابعة عشرة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، كما تقلّد وسام الملك عبد الله الثاني للتميز من الدرجة الأولى العليا في قصر الحسينية الملكي بالأردن عام 2022 تقديراً لدوره الكبير في الدراما التاريخية.

اختير وليد سيف الشخصية الثقافية لمعرض عمّان الدولي للكتاب في دورته الحادية والعشرين التي انعقدت في سبتمبر 2022 بالعاصمة الأردنية، كما حاز على جائزة دولة فلسطين التقديرية لعام 2022 التي قدمها له الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2022، كما مُنح لقب "ضيف العام 2022" من مؤسسة عبد الحميد شومان خلال احتفال تكريمي أقيم في العاصمة الأردنية عمّان عام 2023