دول تهدد بالمقاطعة.. إشكالية مشاركة إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية 2026
هددت دول عديدة بمقاطعة مسابقة الأغنية الأوروبية 2026 إذا شاركت إسرائيل كما هو مخطط، وذلك احتجاجا على استمرار الحرب في غزة. وسيتم اتخاذ قرار بشأن مشاركة إسرائيل في المسابقة في شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم. أما المسابقة فستقام في العاصمة النمساوية فيينا العام المقبل في الفترة ما بين 12 و16 مايو/ أيار 2026.
مشاركة إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية
شاركت إسرائيل لأول مرة في مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" عام 1973. ومنذ ذلك الحين أصبح البلد عضوا في الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون وهو اتحاد يضم حاليا 73 عضوا نشطا من 56 دولة بالإضافة إلى 35 عضوا منتسبا من 21 دولة في أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط. إسرائيل ليست الدولة الوحيدة غير الأوروبية التي تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية، إذ تشارك فيها أرمينيا وأذربيجان أيضا. منذ عام 2015 أصبحت أستراليا الدولة "الأكثر غرابة" المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية، لأنها تتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة وتم قبولها كعضو منتسب في الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
هذا الاتحاد بين العديد من محطات البث والبلدان خارج حدود أوروبا هو أيضا السبب في أن المسابقة تسمى "مسابقة الأغنية الأوروبية". وإسرائيل هي من بين أكثر المشاركين نجاحا في المسابقة، حيث حصلت على أربعة مراكز أولى. لكن الصراع في الشرق الأوسط انعكس عدة مرات في المسابقة خلال العقود الخمسة الماضية.
في عام 1973 كانت المغنية إيلانيت أول فنانة تمثل إسرائيل. وكان ذلك في ظل إجراءات أمنية مشددة حيث كان إرهابيون فلسطينيون قد قتلوا قبل بضعة أشهر أحد عشر رياضيا إسرائيليا في القرية الأولمبية في ميونيخ. ويقال إن إيلانيت كانت ترتدي سترة واقية من الرصاص، وكان على الجمهور البقاء جالسا أثناء أدائها، كما كان على المصورين تصوير سقف القاعة لإثبات أن كاميراتهم ليست أسلحة نارية مخبأة.
كان لا بد من حماية المرشحة الإسرائيلية
كان لا بد من توفير حماية خاصة للمرشحة الإسرائيلية إيدن غولان في عام 2024. ففي بداية العام طلبت عدة دول مشاركة من الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون استبعاد إسرائيل من المسابقة. وكاد هذا أن يحدث بالفعل. ولكن ليس بسبب حرب غزة نفسها، بل بسبب العنوان الأصلي للأغنية الإسرائيلية ”مطر أكتوبر/ October Rain“ الذي كان يذكر مسؤولي الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون بشكل قوي بالسبب الذي أطلق شرارة حرب غزة، وهو الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 240 آخرين كرهائن إلى غزة. فتم تغيير كلمات الأغنية وبالتالي قبول مشاركة غولان في المسابقة.
غرامة مالية بسبب العلم الفلسطيني
كما أن المطالب والشعارات الواضحة من قبل الجمهور أو الفنانين تتكرر باستمرار وتُعاقب. وقد اتضح ذلك بشكل خاص في تل أبيب عام 2019:
في مساء نهائي مسابقة الأغنية الأوروبية رفعت فرقة Hatari الأيسلندية لافتة كتب عليها "فلسطين" أمام الكاميرا مما أثار غضبا كبيرا. واضطرت محطة RÚV الأيسلندية إلى دفع غرامة قدرها 5000 يورو إلى الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون. وفي نفس المساء طلبت النجمة العالمية مادونا من راقص يحمل العلم الإسرائيلي وراقصة تحمل العلم الفلسطيني أن يصعدا الدرج متشابكي الذراعين خلال أدائها. وقالت المغنية الأمريكية لاحقا إن ذلك كان "رسالة سلام ووحدة". لكن الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون لم يكن متحمسا على الإطلاق.
خلال المسابقات التي أقيمت في مالمو بالسويد عام 2024 وبازل في سويسرا عام 2025 كانت هناك مظاهرات مناهضة لإسرائيل في الشوارع كما سمع صافرات واستهجان في القاعة ضد فرق إسرائيلية.
الرسائل السياسية مقابل الفعاليات الثقافية
يتكرر النقاش حول ما إذا كان من المقبول أن يكون مهرجان الأغنية الأوروبية سياسيا أم لا؟ ولن ينتهي ذلك في ظل الأزمات العالمية المتزايدة. صحيح أن النظام الأساسي للاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون ينص على أن مسابقة الأغنية الأوروبية يجب أن تكون غير سياسية تماما، لكن مع ذلك فإن عدد الأغاني التي تتخذ مواقف واضحة ضد الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، ومن أجل تمكين المرأة والتنوع آخذ في الازدياد. وذلك على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون يعتبر مسابقة الأغنية الأوروبية حدثا ثقافيا بحتا لا مكان للسياسة فيه.
بصفتها مضيفة لمسابقة الأغنية الأوروبية 2026 أعلنت محطة ORF النمساوية بوضوح عن تأييدها لمشاركة إسرائيل. وبذلك تتماشى مع موقف الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون الذي يؤكد أن الفنانين ليسوا مسؤولين عن الخلافات السياسية. فالأمر يتعلق في المقام الأول بالموسيقى والثقافة والرسالة العالمية للوحدة من خلال لغة الموسيقى.
أعده للعربية: م.أ.م