كأس العرب.. الوطن والمنتخب مقابل جواز السفر

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 6 ساعات زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
جواز السفر الإماراتي الأقوى عربياً: ترتيب أقوى جوازات السفر العربية
ما هي جوازات السفر الأكثر قبولاً حول العالم؟
أقوى جوازات السفر لعام 2024

منذ فترة زمنية ليست بعيدة أصبحنا نشاهد منتخبات عربية تضم لاعبا لا يشبه باقي لاعبي الفريق العرب، أو لاعبا يحمل اسما ليس عربيا، ولكن ما بات شائعا هو استقطاب لاعبين من أصول عربية مختلفة. رافق هذه الظاهرة أحيانا جدل كبير وانتقادات رغم خضوعها لمعايير وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم. فهل هي فقط قصة تغيير قميص، ام أن الموضوع أبعد من ذلك؟

أصول متحركة..

تزامنا مع انطلاق كأس العرب 2025 التي في قطر، عاد الحديث عن هذه الظاهرة التي غزت المنتخبات العربية، إذ نجد لاعبا تونسيا يمثل قطر، وآخر مصري يرتدي قميص الإمارات، وثالث يمني أو عماني يدافع عن ألوان دولة أخرى.. و لكن تختلف الوضعيات بين لاعب و آخر، فمنهم من يُعتبر ثمرة هجرة، وهنا الانتقال للعب مع منتخب دولة أخرى لا يقتصر على مجرد تغيير قميص، بل يتعلق بدرجة كبيرة بالهوية.

نأخذ مثالا اللاعب محمد المناعي (23 عاما) التونسي الأصل و الذي ولد في تونس و انتقل منذ طفولته للعيش في قطر نتيجة هجرة والديه بحثاً عن فرص أفضل لكسب الرزق وتحسين ظروف حياتهم. نشأ محمد و ترعرع في قطر، حيث بنى عالمه و طور مهاراته الكروية. ولكنه لم ينقطع عن موطنه الأصلي تونس. اليوم و بعد ان وضعت القرعة منتخبا قطر و تونس في المجموعة ذاتها يجد محمد نفسه وجها لوجه مع موطن والديه في صراع بين الهوية والانتماء.

و في الجيل الحالي يضم المنتخب الإماراتي، اللاعب يحي نادر (27 عاما) من أصول مصرية، ولد و ترعرع في دولة الإمارات و الذي سيواجه بدوره موطنه الأصلي مصر بقميص وطنه الجديد الإمارات.

وفي فترة ليست بعيدة تألق مع الأبيض الامارتي الموهوب محمد عبد الرحمن الشهير بعموري رغم ان أصوله يمنية و وُلد في السعودية.

قميص جديد.. فرص أكبر

ونجد أمثلة عديدة في ظروف مختلفة، وهي التي يختار فيها اللاعب اللعب لدولة أخرى. فالاختيار يحمل وراءه دوافع تكون رياضية ومهنية في الآن ذاته.

بوعلام خوخي (35عاما) قائد المنتخب القطري لكرة القدم، جزائري المولد والنشأة والتحق بصفوف منتخب قطر عام 2013. تألق بوعلام بالقميص الجديد الذي فتح أمامه فرصة الظهور في كبرى البطولات العالمية بعد أن تم تجاهله من قبل منتخب بلده الأم، ما جعل مسيرته الاحترافية تتطور. من جهة أخرى يتيح اللعب للمنتخبات الخليجية، الحصول على عقود أفضل ورواتب أعلى، ويضمن استقراراً مالياً أكبر مما قد يحصل عليه في بلده الأصلي. وهنا يتحول القميص الجديد إلى صراف آلي للفرص بعد أن كان مجرد قطعة قماش.

الجانب العاطفي لدى اللاعبين

قد تتحول المباراة إلى اختبار داخلي للاعب، إذ كيف يمكنه التعبير عن نفسه في الملعب دون أن يُثقل كاهله شعور بالذنب أو الغربة؟ و بما أن العديد من الدراسات قد أثبتت أن لاعبي كرة القدم انفعاليون، فمواجهة بلدهم الأصلي أو بلد الميلاد قد تمثل تحدياً فريدا من نوعه يتجاوز الجانب الرياضي. حين يكون اللاعب وعائلته في علاقة متينة بجذورهم فهذا قد يشكل ضغطا نفسيا عليه وإحساسا بالحنين والفضول تجاه جذوره. وفي حالة غياب التواصل أو الترابط المباشر مع موطنه الأصلي، قد يشعر اللاعب بمزيج من الانتماء المهني والمسؤولية تجاه الفريق الذي يمثّله.

مصائب قوم عند قوم فوائد..

الندم أحيانا والإحساس بالعجز أحياناً اخرى، هو الشعور الذي ينتاب القائمين على منتخبات بعض البلدان العربية وهم يشاهدون أبناءهم يتألقون بقميص دول اخرى. وفي الجهة المقابلة يحقق البلد الجديد مكاسب عدة بفضل هذه المواهب: رياضياً، يُساهم اللاعبون في رفع مستوى كرة القدم داخل المنتخب، أما استراتيجياً، فيجعل هذا النهج من هذا البلد وجهة جذابة للمواهب الأخرى. كما أن الجانب المالي والإعلامي لا يقل أهمية، حيث يزداد الإقبال الجماهيري والمردود التجاري من بيع تذاكر المباريات، والرعاية، وحقوق البث، وهو ما يدعم الاقتصاد الرياضي بشكل مباشر.

ماذا عن "جواز المهمات"؟

شهد تجنيس لاعبي كرة القدم في دول الخليج اتساعاً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة، وتعتبر السعودية وقطر والإمارات من أوائل الدول الخليجية التي انتهجت هذا النهج. و كشفت وسائل إعلام سعودية في وقت سابق، عن موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على تجنيس مجموعة من اللاعبين من فئات عمرية مختلفة، وذلك في إطار استقطاب المملكة للمواهب. ورغم أن تجنيس الرياضيين يعتبر أمراً عادياً في دول العالم ولا تعارضه اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية الدولية، فإن الجدل يكمن في أن بعض دول الخليج تجلب لاعبين أجانب لم يولدوا أو يقيموا فيها فترة طويلة، لتمنحهم جواز سفر مؤقتاً أو ما يعرف بـ "جواز المهمات" و الذي يمكّنهم من اللعب تحت رايات تلك البلدان، وبانقضاء فترة أو عقد اللاعب مع المنتخب، يُسحب منه جواز السفر.

تحرير: عارف جابو