آليات نشاط شبكات التهريب في ليبيا وعلاقاتها العابرة للحدود (2\1)

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 01 مارس 2021
آليات نشاط شبكات التهريب في ليبيا وعلاقاتها العابرة للحدود (2\1)

وراء أحداث "رحلة الموت" التي يخوضها المهاجرون في ليبيا، تكمن الكثير من التفاصيل التي تشكل أسبابا رئيسية لتراكم معاناتهم في البلد الذي تمزقه الحروب، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي. تلك التفاصيل لا يمكن تلخيصها في مقال أو عدد من المقالات المتابعة للأحداث هناك، لكن الإضاءة على الأجزاء الرئيسية منها واجب ليكون بين أيدي الساعين للهجرة مستقبلا صورة عما يمكن أن يتعرضوا له هناك.

ولعل شبكات التهريب وأدوارها لا يمكن تصنيفها كتفصيل محدد بسبب علاقتها العضوية بعملية جلب المهاجرين إلى ليبيا مقابل وعدهم بالفردوس الأوروبي، وما لذلك من مسؤولية أساسية في معاناتهم والأهوال التي سيمرون بها.

المصدر الذي زود مهاجر نيوز بتفاصيل رحلة الموت تلك، زودنا بالمزيد من الوثائق والمعلومات حول آلية عمل تلك الشبكات، بدءا من "اصطياد" المهاجرين المحتملين، إلى جلبهم إلى ليبيا ومن هناك "تكديسهم" على متن القوارب المتجهة إلى أوروبا. المعلومات مرتبطة بآلية عمل تلك الشبكات في مدينة زوارة، لكننا سنتطرق خلال هذا الجزء من المقال لأدوارها في مدن أخرى، التي تختلف، وفقا للمصدر، بطرق التعاطي مع المهاجرين ونسبة المصداقية معهم.

"الاصطياد"

تتسم عمليات الشبكات تلك بكم هائل من التنظيم والهيكلية المركبة، والتي اكتسبتها على مدى وقت طويل من العمل في مجال التهريب، سواء كان تهريب البشر أم أي من الممنوعات.

على رأس كل شبكة في زوارة هناك "الحاج"، وهو زعيم الشبكة. وغالبا ما يكون من الأشخاص المعروفين أو ممن يحتلون مركزا اجتماعيا معينا. الجدير بذكره هنا هو أن عمل شبكات التهريب في زوارة ليس وليد الحرب الحالية، بل يعود إلى عشرات السنوات، إلى أيام النظام السابق.

لكل "حاج" هناك موظف يلقب بـ"الكبران"، مهمته الأساسية الاعتناء بالمهاجرين المتواجدين في المستودعات، وهو من يتولى مهمة التواصل مع "الحاج" في أمور الرحلات واحتياجات المهاجرين وغيرها.

الكبران يتولى مسؤولية مواقع التواصل، وهي الوسيلة الإعلامية الرئيسية لتلك الشبكات، حيث تنشر من خلال تلك الصفحات أخبارها وتقدم تفاصيل عن خدماتها. طبعا تعمل تلك الصفحات تحت أسماء وهمية، ولا تأتي على ذكر نوع أو طبيعة أنشطتها إلا عبر رسائل خاصة بينها وبين المهاجرين المحتملين.

من الأشياء التي يتم عرضها على تلك الصفحات فيديوهات لمهاجرين خلال الرحلة في البحر أو لحظة وصولهم الشواطئ الأوروبية. يتحدث المهاجرون خلال تلك القاطع المصورة عن مدى جودة المهرب الذي أوصلهم إلى هناك وكيف أن خدماته مضمونة. المسؤول عن التواصل مع المهاجرين وجمع تلك الفيديوهات ونشرها هو الكبران.

طبعا يتم استغلال المهاجرين من أجل تصوير تلك المقاطع، فهم يعتقدون أنه فقط يريد الاطمئنان عليهم والتأكد من وصولهم للبر، دون أن يعرفوا وجهة استخدام تلك الفيديوهات أو الصور.

علاقات عابرة للحدود

تلك الطريقة أثبتت نجاحها في اصطياد المهاجرين الراغبين بالوصول إلى أوروبا، خاصة أولئك القادمين من المغرب أو الجزائر أو مصر.

أما بالنسبة لأرقام الهواتف التي يمكن للمهاجرين التواصل مع تلك الشبكات من خلالها، فهي غالبا ما تكون لمهاجرين انطلقوا برحلاتهم إلى أوروبا، وتمت مصادرتها من قبل المهربين قبل صعودهم على متن القوارب. وتكون تلك الأرقام موصولة على هواتف من الجيل الأول، أي غير موصولة بشبكة الإنترنت.

وبالحديث عن جنسيات المهاجرين، يجب الإشارة إلى أن لكل شبكة في زوارة تخصص بجنسيات معينة، وتشتهر الشبكات الكبيرة ذات "الصيت اللامع" بعملها مع الجنسيات التي ذكرت سابقا، كون المهاجرين القادمين من هناك يدفعون بالدولار أو باليورو، وبالتالي يعتبرون من الفئات المهاجرة الأكثر حظا.

"المهاجرون صنفوا الشبكات وفقا لسمعة كل منها"

ولا تتمتع كافة الشبكات بنفس السمعة بين أوساط المهاجرين. فبعد كل هذا الوقت، بات لكل منها اسم تعمل من خلاله وسجل بنسبة عمليات التهريب الناجحة التي نفذتها.

أحد المهاجرين التشاديين قال لمهاجر نيوز إن الكثير من تلك الشبكات في الزاوية مثلا "تنصب" على المهاجرين، تتقاضى منهم أموالا ومن ثم إما لا تسيّر قوارب أو تسلمهم لخفر السواحل، أو أسوأ تبيعهم لشبكات أخرى.

أحد المهربين وعد عددا من المهاجرين بتهريبهم إلى أوروبا. تقاضى منهم مبالغ بآلاف الدولارات، ثم عند موعد انطلاق رحلتهم أبلغ خفر السواحل فتم القبض عليهم وإيداعهم في أحد مراكز الاحتجاز.

وأضاف أن سمعة شبكات التهريب في زوارة مثلا تتمتع بسمعة جيدة نسبيا، كونها تعمل "بضمير" ولا تتقاضى الأموال من المهاجرين قبل ضمان رحلتهم بكافة تفاصيلها.

ولا يقتصر دور تلك الشبكات على الأراضي الليبية فقط، فالكبرى منها بات لها علاقات متينة مع شبكات أخرى عبر الحدود، كالمغرب والجزائر وتونس والسودان، وتصل إلى بنغلادش وإندونيسيا كما إلى مالطا وإيطاليا وفرنسا. والحديث حول هذه النقطة يطول لكن وجب التنويه إلى أن تلك العلاقات أمنت للشبكات الليبية مصدرا هائلا للمهاجرين وللمعلومات حول طرق تهريبهم واستغلالهم وسرقتهم. وسنفرد لهذه العلاقات مقطعا كاملا في المقال القادم.

المصدر: مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة