آن فرانك.. الكاتبة الصغيرة أشهر ضحايا الهولوكوست

على الرغم من صغر سنها، ووفاتها في سن مبكرة، إلا أن الكاتبة الألمانية الصغيرة آن فرانك تعد من أشهر الكاتبات في القرن العشرين، وذلك بسبب غزارة إنتاجها الأدبي، على الرغم من الظروف الاستثنائية التي عاشتها، حيث كتبت أعمالها في قلب الحرب العالمية الثانية، وخلال اختبائها من النازيين، لتسجل أعمالها أفكارها ومشاعرها وسط هذه الحياة المضطربة، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الأدبية وقصة حياتها.

من هي آن فرانك؟

أنيليز ماري فرانك هي كاتبة وأديبة ألمانية يهودية، ولدت في 21 يونيو عام 1929 في بيرغن بلسن في ألمانيا، وتعد واحدة من أشهر الأديبات في ألمانيا في القرن العشرين وأشهر ضحايا الهولوكست خلال ألمانيا النازية.

بعد صعود النازية إلى الحكم في ألمانيا، هاجرت عائلتها إلى هولندا، لتبدأ رحلة العائلة بالاختباء بعدما امتدت سيطرة النازيين إلى هولندا، وخلال فترة الاختباء، بدأت آن في كتابة مذكراتها، حيث دونت تفاصيل حياتها اليومية ومشاعرها وتأملاتها في الحياة والحرب.

بعد عامين من الاختباء، تم اكتشاف مكان اختباء العائلة، وتم ترحيل العائلة إلى معسكرات الاعتقال، لتتوفى آن فرانك في عام 1945 عن عمر 15 عامًا قبل أسابيع فقط من تحرير المعسكر.

بعد وفاتها، تم نشر مذكراتها، والتي كانت من أهم الوثائق الأدبية في القرن العشرين، حيث سجلت فيها رؤيتها الذاتية حول الحرب والملاحقة والاختباء، وأصبحت آن رمزًا عالميًا لضحايا لهلكوت خلال الحرب، وأدرجت مذكراتها في قائمة تراث اليونسكو العالمي للذاكرة البشرية.

ما هي قصة آن فرانك؟

ولدت آن فرانك في مدينة فرانكفورت الألمانية لأسرة يهودية ليبرالية لا تمارس العادات والتقاليد اليهودية، وعاشوا وسط مجتمع مندمج مع طوائف وأديان مختلفة. نشأت آن في أسرة محبة للثقافة، وتلقت تشجيعًا واهتمامًا كبيرًا من والديها على القراءة.

في عام 1933، وبعد فوز الحزب النازي لأدولف هتلر بالانتخابات، تنقلت الأسرة بين مدينتي آخن وأمستردام، حيث استقر العديد من اللاجئين اليهود الألمان هربًا من الحزب النازي، لتستقر الأسرة أخيرًا في أمستردام، حيث درست آن وشقيقتها مارجوت في مدرسة مونتيسوري الحكومية، والتي أعيد تسميتها "آن فرانك" في عام 1957.

في عام 1940، وبعدا غزت ألمانيا النازية هولندا، أصبح من غير الممكن لآن وشقيقتها الدراسة في مدرستها، حيث أجبر اليهود على لالتحاق بمدارس مخصصة لليهوديين فقط، وبدأت الحكومة في تنفيذ قوانين تقييدية وتمييزية ضد اليهود.

خلال تلك الأثناء، حاول والد آن الهجرة إلى الولايات المتحدة، إلا أن القنصلية الأمريكية في روتردام تدمرت في القصف الألماني، مما أدى إلى فقدان جميع الأوراق.

قصة آن فرانك من خلال مذكراتها

في عام 1942، وفي عيد ميلاد آن فرانك الثالث عشر، حصلت على دفتر توقيعات كهدية عيد ميلادها، فقررت أن تجعلها دفترًا لكتابة مذكراتها، وبدأت في الكتابة منذ تاريخ 20 يونيو عام 1942.

في بداية مذكراتها، سردت آن القيود المفروضة على اليهود في هولندا، وفي منتصف عام 1942، بدأت رحلة اختباء العائلة من الحكومة النازية، ففي الأسابيع الأولى، اختبأت آن وعائلتها في شقة بها 4 أسر من اليهود الهولنديين، وعاشوا في هذه الشقة لمدة سنتين.

الشقة كانت شقة سرية تقع خلف مكتب تجاري مملوك من أسرة آن، وقد أشارت آن إلى هذه الشقة باسم "المرفق السري"، وبالطبع خلال تلك الفترة، لم تتمكن آن من إكمال دراستها، وظلت تعيش في المخبأ لمدة سنتين.

خلال الاختباء، دوّنت آن عن حياتها اليومية وعلاقتها بعائلتها ومخاوفها وآمالها، واستمرت بالكتابة بانتظام، وكانت آخر تدوينة لها في الأول من أغسطس عام 1944، أي قبل 3 أيام فقط من القبض على العائلة، وكشف مكان الاختباء.

الكشف عن المخبأ والاعتقال

في 4 أغسطس عام 1944، وبعد نحو من الاختباء، اكتشفت الشرطة السرية الألمانية مخبأ عائلة آن فرانك في هولندا بوشاية من شخص هولندي مجهول، وقيل أن من سرّب مكان اختبار العائلة هي عمتهم "نيللي"التي كانت على علاقة مع جندي نازي

 وفي اليوم نفسه، تم اعتقال الأسرة وتم ترحيلهم إلى مجمع "أوشفيتز" وهو مجمع اعتقال ألماني في بولندا المحتلة. بعد اعتقالهم، تم تفريق الأسرة، حيث قتل والدها بالخنق بالغاز، بينما أجبرت ن على العمل في نقل الصخور والزراعة.

عاشت آن في معسكر مكتظ يضم مئات المعتقلين، وكانت كل يوم ترى عشرات اليهود الذين يتم اقتيادهم إلى غرف الغاز. كان آن شخصية قوية وجريئة، وبسبب ذلك تمكنت من الحصول على طعام إضافي لأمها وأختاه ونفسها.

وبسبب ظروف الحياة الصعبة، أصيبت آن فرانك بالتهاب شديد بسبب الجرب. في 28 أكتوبر، نقلت آن إلى معسكر في بيرغن بيلسن مع 8 آلاف امرأة أخرى، منها بينها آن وشقيقتها مارغوت، بينما بقيت والدتهم وتوفيت في السجن بسبب الجوع والمرض.

كيف توفيت آن فرانك؟

توفيت آن فرانك في فبراير أو مارس عام 1945 عن عمر 15 عامًا تقريبًا. لا توجد مصادر دقيقة عن سبب وفاتها، إلا أن هناك أدلة  تشير إلى أن وفاتها بسبب وباء التيفوس الذي انتشر في المعسكر، وأسفر عن مقتل 17 ألف سجين.

ذكرت المصادر بأن آن توفيت بعد يوم واحد فقط من وفاة شقيقتها مارغوت بسبب المرض والإرهاق، ولكن لم يتم تسجيل تاريخ وفاة الشقيقتين، ويعتقد أنهما ماتا قبل أسابيع قليلة من تحرير القوات البريطانية للمعسكر في 15 أبريل عام 1945.

كان الناجي الوحيد من عائلة فرانك هو والدهم أوتو فرانك، الذي عاد إلى أمستردام بعد انتهاء الحرب في يونيو 1945، وعلم بوفاة زوجته، ولكنه لم يتلق أي أخبار حول بناته، حتى علم بمقتلهن فيما بعد.

كيف تم اكتشاف مذكرات آن فرانك؟

بعد انتهاء الحرب، وعودة أوتو فرانك، والد آن فرانك، إلى أمستردام، اكتشف أن سكرتيرته ميب جيس قد أنقذت مذكرات آن التي تركتها في المخبأ السري قبل مداهمة الشرطة الألمانية للشقة والقبض على الأسرة.

تسلم أوتو المذكرات، وقرر نشر مذكرات ابنته، حيث قام بتحرير المذكرات، وحذف بعض المقاطع التي تخص خصوصيات العائلة أو مشاعر المراهقة الحساسة، ونشرت المذكرات لأول مرة في عام 1948 بعنوان "مذكرات فتاة صغيرة".

لاقت المذكرات ترحيبًا كبيرًا في هولندا، وترجمت إلى عدة لغات خلال الخمسينات، حيث نشرت النسخة الإنجليزية منه عام 1952. في عام 1955، تحولت المذكرات إلى مسرحية، ومن ثم إلى فيلم سينمائي.

ترجمت المذكرات إلى أكثر من 70 لغة، وطبع منها أكثر من 30 مليون نسخة، وأصبحت جزءًا من المناهج الدراسية في عدد كبير من دول العالم.

بعد نشر مذكراتها، أصبحت آن فرانك رمزًا للهولوكست، كما م اختيارها ضمن قائمة 100 أهم شخصيات القرن وفقًا لمجلة تايم.