يعد الشاعر السوداني عمر البنا واحد من أبرز شعراء السودان، فقد برز اسمه في فترة تطور فيها كتابة الشعر الغنائي هناك وزخرت مكتبة الغناء السوداني حينها بالعديد من أغانيه التي لا يزال يتغنى بها أهل السودان حتى وقتنا هذا، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وقصة حياته.
نبذة عن الشاعر عمر البنا
عمر محمد عمر البنا هو شاعر سوداني ولد في مدينة أمدرمان عام 1900 وهو أحد أبناء آل البنا التي تعد واحدة من أعرق الأسر في أمدرمان وقد توفي البنا عام 1989.
يعد البنا واحد من أشهر وأبرز شعراء الحقيبة في السودان، وشعر الحقيبة وهو مصطلح شهير في السودان ويرجع أصله إلى أن العازفين والمغنيين كانوا يحملون معداتهم في حقائب خلال توجهم للحفلات وأصبح الناس يسمّون هذه الحقيبة بحقيبة الفن واشتهر هذا المصطلح منذ عام 1918 حتى منتصف الأربعينات من القرن الماضي.
أيضًا قيل أن هذا المصطلح ظهر بسبب الإعلامي السوداني أحمد محمد صالح الذي كان يحمل حقيبة بداخلها مجموعة من الأغاني لتقديمها إلى الإذاعية السودانية، وكانت هذه الوسيلة الوحيدة للفنانين لتوصيل أغانيهم لشعب السوداني ومنها خرج مصطلح "حقيبة الفن".
يعد الشاعر البنا من أبرز شعراء الحقيبة حيث تغنى بأشعاره الكثير من المغنيين ولا تزال بعض أغنياته وقصائده الغنائية يتغنى بها أهل السودان حتى الآن رغم مرور عشرات السنين على وفاته.
درس البنا القرآن الكريم في خلوة والده الشيخ محمد عمر البنا، وبعدها التحق بمدرسة أم درمان ثم درس في كلية غردون التذكارية، والتي أصبحت فيما بعد بجامعة الخرطوم.
آل البنا في السودان
لم يكن مستغربًا من البنا أن يكون شاعرًا فقد اشتهر آل البنا بنظم الشعر وكتابة القصائد، فوالده مثلًا كان شاعرًا مشهورًا ولقب بشاعر المهدية وكانت له قصيدة مشهورة يقول في مطلعها:
الحرب صبر واللقاء ثبات
والموت في شأن الإله حياة
أيضًا كان شقيقه الأكبر الشاعر الكبير عبد الله محمد عمر البنا وهو واحد من أشهر الشعراء في السودان أيضًا، كما أنه من كبار معلمي العربية والأدب الإسلامي وله قصيدة بعنوان "ديوان البنا" طبعت مرتين.
ومن نماذج شعره قصيدته المشهورة بعنوان "تحية العام الهجري" والتي يقول في مطلعها:
يا ذا الهلالُ عـن الـدنـيـا أو الـديــنِ
حدِّثْ فإنَّ حديثـاً مـنك يشفـيـني
طلعتَ كالنـون لا تـنفكُّ في صغرٍ
طفلاً وإنك قـد شـاهدتَ ذا النون
سـايرتَ نـوحاً ولم تـركب سفـينتَ
وأنـت أنـت فتًى فـي عصر زبـلـيـن
حدِّثْ عـن الأعصر الأولى لـتضحكـني
فإن أخبار هـذا العصر تُبكـيـني
مسيرته الأدبية
بدأ الشاعر عمر البنا بكتابة شعر "الدوبيت" أو الرباعي وهي قالب شعري عربي دخل من الفارسي حيث ينظم أربعة أبيات وقد اشتهر بهذا النوع من الشعر في بدايته ولكنه لم يقف عندها فقط بل بدأ في محاولة كتابة الشعر الغنائي.
نجح البنا في كتابة أول قصيدة له بعنوان "زيدني في هجراني" ولحنها عبد الكريم كرومة والتي يقول في مطلعها:
زدني في هجراني
في هواك يا جميل
العذاب سراني
على عفافك دوم
سيبني في نيراني
كانت هذه القصيدة بداية منافسة شعرية بينه وبين الشاعر الغنائي عبد الرحمن الريح الذي قام بمجاراته على قصيدته السابقة وكتب قصيدة أخرى بعنوان "غبت عن إنساني" ورغم أن عبد الرحمن الريح جار البنا في أكثر من 10 قصائد إلا أن البنا لم يجاره في أي من قصائده الشعرية.
حصل شاعر الحقيبة عمر البنا على عدة ألقاب بفضل أشعاره ومخاطب النسيم وبريد النسيم لأنه كان يتغنى بالنسيم كثيرًا في أشعاره والكثير من عناوين قصائده تضم كلمة النسيم.
ومن ضمن أغانيه "نسيم الروض زورني في الماسية"، و"ونسيم سحرك لو يسري"، و"النسيم الفايح طيبة من رؤياك"، و"نسائم الليل" وغيرها من الأغنيات.
رغم شهرته وشهرة كلماته ورغبة الكثير من المغنيين في غناء كلماته إلا أنه كان انتقائيًا فيما يتعلق بالمغنيين الذين يكتب لهم أغانِ ولكنه منح الكثير من قصائده إلى المغني عوض شمبات.
خلال مسيرته الأدبية والشعرية أعجب الشاعر عمر البنا بشاعر غنائي واحد وقام بمجاراته في أكثر من قصيدة وهو الشاعر صالح عبد السيد والمعروف باسم "أبو صلاح" ومن القصائد التي قام بمجاراته فيها قصيدة "نعيم الدنيا".
كما غنى البنا بنفسه أغنيتين من كلمات الشاعر أبو صلاح وهي قصيدة "وصف الخنتيلا"، وقصيدة "يا ربيع في روض الزهر"، كما غنى أغنيات أخرى منها "جيت يا قمر"، و"من قليبو الجافي".
أجمل اشعار عمر البنا
تعاون البنا مع صديق عمره الملحن والمغني عبد الكريم كرومة في الكثير من الأغاني فقد كان البنا يؤلف وكرومة يلحن ويغني وخلال رحلتهما إلى القاهرة لتسجيل بعض أغانيهم في أسطوانات طلب كرومة من صديقه البنا أن يكتب قصيدة عن المحبوبة في كلمات حب وهيام.
وفي أقل من ساعة كان البنا قد كتب أغنيته الشهيرة "زهرة الروض الظليل" التي تم تلحينها وتسجيلها في القاهرة، ويقول في مطلع هذه القصيدة:
يا زهرة الروض الظليل
جاني طيبك
مع النسيم العليل
زاد وجدي
نوم عيني أصبح قليل
كتب البنا لصديق عبد الكريم العديد من أغنياته الأخرى ولعل أشهرها "في الطيف أو في الصحيان"، و"أنا صادق في حبك"، و"إمتى أرجع لأم در وأعودا" والتي كتبها عندما كان في القاهرة مع صديقة كرومة لتسجيل بعض الأغاني تعبيرًا عن شوقه لبلاده.
ديوان الشاعر عمر البنا
أصدر الشاعر السوداني عمر البنا العديد من القصائد الغنائية ومنها "زيدني في هجراني"، و"انهضوا يا شباب"، و"جنود الوطن"، و"جاني طيفك"، و"زهرة الروض الظليل"، و"أنا صادق في حبك"، و"إمتى أرجع لأم در وأعودا"، و"الهلا هلا" والتي كتبها ترحيبًا للفنانة أم كلثوم عندما زارت السودان وغيرها من الأغاني.
وقد تعاون البنا مع عدد قليل من المغنيين أهمهم عبد الكريم كرومة ونجوم آخرون مثل محمد أحمد سرور والأمين برهان وفيصل الخير.
ومن كلمات الشاعر عمر البنا ما قاله في قصيدته الشهيرة "أنا صادق في حبك" والتي يقول في مطلعها:
أنا صادق في حبك لو قلبي يتصل بي قلبك هذا مقصودي
أنا أقصد ودك وأنت تحرمني النظر لخدك
لاذاي أراك ديمة بازل جهك
مع علمك بهواك منذ أيام مهدك أنت مريودي
أمتى تنجز وعدك وعني يذهب نحسي ولي يطلع سعدك
يا حبيبي أغثني ما بطيق نار بعدك
