باسم خندقجي.. الأسير الفلسطيني الفائز بجائزة البوكر

لم تمنع أسوار السجن وقبضة السجان الأسير الفلسطيني باسم خندقجي، من الإبداع والتحليق بعيدًا عن واقع السجن لكتابة مجموعة من الروايات والأعمال الأدبية النابضة بالحياة، والتي فازت آخرها بجائزة البوكر العربية لعام 2024، فمن هو خندقجي؟ وما هي أهم أعماله الأدبية؟ اعرف أكثر  عنه في هذا المقال.

من هو باسم خندقجي؟

باسم محمد صالح أديب خندقجي هو أديب وكاتب وأسير فلسطيني ولد في 22 ديسمبر عام 1983 في مدينة نابلس بالضفة الغربية في فلسطين، وهو معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي من شهر نوفمبر عام 2004.

يقبع خندقي في سجون الاحتلال بحكم بالسجن مدى الحياة، إلا أن السجن وظل السجّان لم يمنعه من تدوين وكتابة أعمال أدبية من شعر ونثر وروايات من داخل السجون، حتى إن بعض أعماله ترجمت إلى لغات أجنبية، وفازت روايته "قناع بلون السماء" بجائزة البوكر عام 2024.

أكمل خندقجي دراسته الجامعية من داخل السجن، حيث انتسب إلى جامعة القدس وكانت رسالته عن الدراسات الإسرائيلية في العلوم السياسية، كما كتب العديد من المقالات الأدبية والسياسية من داخل السجن عن فلسطين والمرأة الفلسطينية، وحركة الأسرى داخل السجون.

نشأته وتعليمه

ولد الأسير باسم خندقجي في مدينة نابلس في الضفة الغربية، وقد درس في مدارسها حتى المرحلة الثانوية ثم التحق بجامعة النجاح الوطنية ودرس في قسم الصحافة والإعلام.

كان باسم من الشباب الفلسطيني الذين عاصروا أحداث الانتفاضة الأولى، وكانت لها كبير الأثر في توجهاته السياسية والقومية، فقرر الالتحاق بحزب الشعب الفلسطيني الشيوعي، وكان عمره 15 عامًا فقط.

ظل خندقجي نشطًا سياسيًا لمقاومة الاحتلال مع مجموعة من رفاقه وأصدقائه داخل المدرسة وفي الحرم الجامعي أيضًا، ولكنه اعتقل في نهاية عام 2004 خلال سنته الجامعية الأخيرة.

قصة اعتقاله وحياته داخل السجن

كان باسم خندقي من بين الشباب الذين تم اعتقالهم من الاحتلال بعد عملية سوق الكرمل في نابلس، والتي أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين وجرح أكثر من 50 إسرائيليًا آخرين، وذلك في نوفمبر عام 2004.

كان اعتقاله تعسفياً، حيث لم يشارك الخندقجي بأي نشاط عسكري خلال العملية، ورغم ذلك حكم عليه في عام 2005 بثلاث مؤدبات، أي بالسجن مدى الحياة. بالإضافة إلى ذلك حكم عليه بتعويض عائلات القتلى بمبلغ 11.6 مليون دولار.

الأسير يقبع في سجن هيداريم منذ 20 عامًا ويبلغ حاليًا من العمر 41 عامًا منع فيها من ممارسة حياته الطبيعية وسلبت منه حريته بدون وجه حق. قرر خندقجي إكمال دراسته الجامعية في السجن وانتسب لجامعة القدس وتخرج فيها وكانت رسالته عن الدراسات الإسرائيلية في العلوم السياسية.

يحرص باسم على متابعة أخبار فلسطين والعالم عن طريق زيارات الأهل ومتابعة بعض الفضائيات التي تسمح بها إدارة السجن، وهو يعلّم الشباب داخل السجن عن تاريخ فلسطين ويقدم لهم محاضرات فكرية، وقد أطلقت عليه عائلته لقب "أبو جيفارا".

نجح خندقجي في تحويل سجنه إلى مركز ثقافي يدير منه جميع مشاريعه الفكرية والأدبية. يقوم بنشر كتبه وتنظيم حفلات توقيع لها، كما يشرف على "صندوق الأسير باسم خندقجي لدعم أدب الأسرى"، الذي أسسه لدعم الأسرى داخل السجون وحفظ إبداعاتهم.

شعر باسم خندقجي

ومن داخل السجن قرر خندقجي أن يبني لنفسه عالما يعيش فيه حريته وهو عالم الأدب، وقد بدأ مسيرته في عالم الكتابة من خلال كتابة المقالات الاجتماعية والسياسية، وأولها "مسودات عاشق وطن" وهي عبارة عن مجموعة من المقالات التي تحكي الفلم الفلسطيني وتجربته في الأسر وهمومه اليومية.

كتب كذلك ديوان شعر بعنوان "طرق على جدران المكان"، وديوان آخر بعنوان "شبق الورد إكليل العدم"، كما صدرت له مجموعة شعرية بعنوان "طقوس المرة الأولى، ثم أصدر مجموعته الشعرية الثانية بعنوان "أنفاس قصيدة ليلية" التي قدمها الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي.

ومن شعر باسم خندقجي قصيدة بعنوان "سطوة" ويقول فيها:

بعد كل هذه المنعطفات والصعود والهبوط

وصدأ المرايا..

أصل الكرمل..

لا أنظرُ ورائي أو أمامي.. لا أهتزُّ

أنا هنا.. سرمدُ اللحظة.. جليُّها

لا أخشى أعمدة ُ الملح أو أنْ أصيرها..

من نَصّي أَوقدُ ناري وأصلّي

وأنبعثُ..

وأتقدم..

من قصائده أيضًا قصيدة "أيلول الأزرق" التي انتقد فيها الحال السياسي في فلسطين، وقال فيها:

يعمّر فيكِ الآن صرحٌ مني

ومن رخام كاذب وهزيمة

في ميادين أنيقة بددت الأنين ودرب المعاني والعودة

إليك عودتي، إليّ..

وقد كانت له دراسة عن المرأة الفلسطينية، كما صدر له كتاب بعنوان "أنا الإنسان نداء من الغربة الحديدية".

روايات باسم خندقي

بجانب المقالات والنثر والأعمال الشعرية برع باسم خندقجي في كتابة الروايات، وقد ألف عدة روايات حققت نجاحًا كبيرًا. من رواياته "مسك الكفاية: سير سيد الظلال الحرة"، ورواية "نرجس العزلة" التي صدرت عام 2017 في ملتقى فلسطين الأول للرواية في رام الله برعاية وزير الثقافة آنذاك إيهاب بسيسو وقد حضرت عائلته في حفل التوقيع بدلًا منه.

في عام 2018 صدرت له رواية بعنوان "خسوف بدر الدين" وهي رواية تاريخية تتحدث عن تاريخ البطل الصوفي بدر الدين الذي أصبح قطبًا من أقطاب الصوفية بعد ذلك ويروي رحلته في تحدي الفساد والسلاطين، وفي عام 2020 صدرت له رواية "أنفاس امرأة مخذولة".

رواية قناع بلون السماء

صدرت رواية "قناع بلون السماء" عن دار الآداب في بيروت، وتتناول الرواية مرحلة من حياة نور الصموت، وهو ابن مخيم لاجئين بالقرب من رام الله. يقرر نور الصموت أن ينتحل شخصية شاب يهودي اسمه "أور شابيرا" وجد بطاقة هويته في جيب معطف مستعمل اشترافه من سوق العتق في مدينة يافا المحتلة.

تحكي الرواية عن 3 مسارات مختلفة، أولها الشاب الفلسطيني نور وقصة تنكره إلى أور، والثانية قصة تاريخ مريم المجدلية، والمسار الثالث مسر تفكري يطرح فيها أفكاره عبر رسائل إلى صديقه مراد المعتقل في سجون الاحتلال.

وقد فازت روايته "قناع بلون السماء" بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لعام 2024، وقد تم تنظيم الفعالية في أبوظبي، وتسلمت الجائزة الناشرة رنا إدريس صاحبة دار الآداب في بيروت بالنيابة عن باسم خندقجي.