بعد استعادة آلاف القطع الأثرية.. هل التأمت جراح المتحف العراقي؟

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الجمعة، 06 أغسطس 2021
بعد استعادة آلاف القطع الأثرية.. هل التأمت جراح المتحف العراقي؟

تمكن العراق من استعادت أكثر من 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة، كانت قد سرقت وتم تهريبها بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003. وتشكل هذه القطع النفيسة جزءا هاما من حضارة وتاريخ بلاد النهرين القديمة فيما يتوقع المسؤولون العراقيون الشهر المقبل استرداد لوح أثري مصنوع من الطين مكتوب عليه باللغة المسمارية جزء من "ملحمة جلجامش" السومرية التي تُعتبر أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية.

ولاقت عودة تلك القطع النفيسة قبولا وترحيبا من العراقيين ومن بينهم المؤرخ العراقي عبد الله خورشيد قادر الذي يعمل في مجال الآثار منذ عام 2000 عندما بدأ التحضير لنيل درجة الماجستير في جامعة صلاح الدين في أربيل شمال العراق ليصبح فيما بعد أستاذا في قسم الآثار بالجامعة.

ولكونه عالم آثار عراقي ومديرا لمعهد العراق للحفاظ على الآثار والتراث، فقد كان مبتهجا بأن بلاده استعادت كنوزها القديمة من الولايات المتحدة. وفي مقابلة مع DW، قال خورشيد "شعور عظيم وكنت متفائلا بسبب ردود الفعل الإيجابية من الولايات المتحدة".

ترحيب بعودة القطع الأثرية

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت قبل أسبوع أنها ستعيد 17 ألف قطعة أثرية للعراق. وعادت القطع الأثرية التي يبلغ عمر بعضها أكثر من 4 ألاف عام وتعود للحضارة السومرية، الخميس الماضي على متن طائرة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي اختتم زيارة للولايات المتحدة أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.

من جانبه، اعتبر وزير الثقافة العراقي حسن ناظم، عملية الاسترداد "غير المسبوقة" لكونها "أكبر عملية استرداد لآثار العراق"، مضيفا أنها كانت "نتاج جهود بذلتها السلطات العراقية على مدى أشهر بالتنسيق مع السفارة العراقية في واشنطن".

يشار إلى أن بريطانيا أيضا أعادت إلى العراق القطع الأثرية التي سرقت عقب الاحتلال الأمريكي وتم تهريبها إلى المملكة المتحدة. وفي مقابلة مع DW، قالت إليزابيث ستون، أستاذة الأنثروبولوجيا والآثار في جامعة ستوني بروك في نيويورك، إن معظم القطع الأثرية التي استعادها العراق كانت "جزءا من الآثار التي سُرقت من المتحف الوطني العراقي في بغداد أثناء الغزو الأمريكي".

وشاركت ستون في العديد من البعثات الأثرية التي زارت العراق بما في ذلك البعثة الأثرية الهامة عام 2012 حيث قامت وفريقها بأعمال تنقيب في مدينة أور الأثرية حيث يُعتقد أن النبي إبراهيم ولد فيها. ووفقا لعالمة الآثار ستون، فإن هذه القطع خرجت من العراق بطرق غير مشروعة عبر شبكات التهريب. وتقول "كان من الواضح للجميع أن هذه الآثار سُرقت من المتحف الوطني العراقي حيث كانت تحمل أرقاما تسلسلية ما يؤكد أنها لم تكن نتاج أعمال حفر غير قانونية".

وتشير ستون إلى أن سلطات الجمارك صادرت بعض القطع فيما تم شراء القطع الأخرى من قبل جامعة كورنيل الأمريكية وشركة هوبي لوبي لبيع الأعمال الفنية واليدوية بالتجزئة.

وتناولت وسائل الإعلام اسم الشركة ومقرها مدينة أوكلاهوما سيتي الأمريكية، بعد الكشف عن أنها قد حصلت على لوح نادر بخط مسماري مكتوب عليه جزء من "ملحمة جلجامش" السومرية. وتم شراء هذا اللوح لعرضه في متحف الكتاب المقدس وهو قيد الإنشاء في العاصمة واشنطن وتموله عائلة ديفيد غرين مؤسس شركة هوبي لوبي.

وفي السابع والعشرين من يوليو/ تموز الفائت، أمرت محكمة في نيويورك بمصادرة هذه القطعة الأثرية التي قالت وزارة العدل الأمريكية إن تاجر آثار أمريكي اشتراها من تاجر عملات معدنية في لندن. وجاء في البيان "قام تاجر آثار وخبير أمريكي في الكتابة المسمارية بشحن هذه القطعة الأثرية إلى الولايات المتحدة عن طريق خدمة بريدية دون التصريح بالمحتوى كما هو مطلوب. وعقب استيراد القطعة وتنظيفها، اكتشف خبراء في الكتابة المسمارية أنها تحمل جزءا من ملحمة جلجامش. ويبلغ قياس اللوح نحو 15 X 12 سم، وهو مكتوب باللغة الأكدية".

ملحمة جلجامش

يشكل اللوح المنقوش عليه جزء من ملحمة جلجامش، أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية، مع آلاف القطع الأثرية الأخرى واحدا من أكبر المجموعات الأثرية الهامة التي سرقت بعد حرب عام 2003.

ولا تزال أعمال التنقيب غير القانونية عن الآثار وأعمال التهريب والسرقة للقطع الأثرية التاريخية، تعد مشكلة في العراق وسوريا حيثيستغل تجار السوق السوداء والمهربون وعناصر تنظيم داعش حالة الفوضى في تلك المنطقة، إذ من السهل نسبيا العثور على قطع أثرية ومن ثم تهريبها وبيعها في الخارج.

وقبل وصول القطع الأثرية إلى العراق، أعرب علماء الآثار العراقيون ومن بينهم خورشيد قادر عن سعادتهم بأن جهود استعادة الآثار المنهوبة كُللت بالنجاح. وفي ذلك، يقول خورشيد قادر "أكدت الاتصالات العراقية مع الجانب الأمريكي أن القطع الأثرية المهربة في أيدي جهاز الأمن الداخلي الأمريكي". ويضيف بأن مسؤولي السفارة العراقية في واشنطن أجروا اتصالات على مدار الأعوام الماضية لاستعادة هذه القطع، وقد "أصبح هذا الأمر واقعا الآن".

ويأمل خورشيد في أن تساعد دول العالم العراق على استعادة آثاره المسروقة والمنهوبة. ويعمل خورشيد قادر وعلماء آثار على وضع حجر الأساس لإعادة بناء المؤسسات والمناطق الأثرية التي تم تدميرها خلال سنوات من الحروب والصراعات التي عصفت بالعراق. ويقوم بالتعاون مع منظمات أمريكية مثل معهد سميثسونيان وجامعة ديلاوير بتدريب شباب عراقيين مهتمين بالآثار، كما يشرح للمواطنين أهمية الحفاظ على الآثار وتعريفهم بتاريخ بلدهم. ويعمل على "استعادة الثقة في مجتمع المتحف العراقي والمهنيين الأثريين من خلال بناء وتعزيز برنامج وطني للحفاظ على التراث الثقافي" يقول خورشيد قادر مختتما حواره مع DW.

ماناسي غوبالاكريشنان / م ع

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة