تأثير بيئة العمل على الانتاجية

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 05 يوليو 2022

لكل حرفة، مهنة، أو اختصاص طبيعة عمل تختلف عن غيرها من الأعمال، ولكل منها سياسة خاصة تفرضها طبيعة الاختصاص الذي يُنجز العمل على أساسه، وحسب الظروف المتوفرة التي تشكل العامل الرئيسي للإنتاج.

لذلك لا شك أن بعض الشركات أو المؤسسات خسرت ما تملك من إمكانيات أو عقول تبعاً للظروف التي هيأتها والتي شكلت الأساس لنهج العمل.

 

ظروف العمل السيئة تعمل على تخفيض الإنتاجية

بيئة العمل هي المحدد الرئيسي لجودة ومستوى الإنتاجية، فمكان العمل يؤثر على رغبة العمال في تعلم مهارات جديدة وزيادة دافعيتهم للإنتاج.

وتعمل العديد من الشركات على تعزيز إنتاجية الموظفين لزيادة الإنتاج، ومع ذلك الكثير من المشاكل الإنتاجية تسببها بيئة العمل كونها ذات تأثير كبير على أداء العاملين.

كذلك نوع بيئة العمل يحدد للموظف الطريق الذي يسلكه لتزدهر من خلاله المشاريع الإنتاجية.

وبناءً على هذا الموضوع أُجريت دراسة من قبل كلية إدارة الأعمال في جامعة العهد في اوتا بنيجيريا في 4 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2009.

كان الهدف منها تحليل أثر بيئة العمل والعوامل الداخلية والخارجية وسياسات التوظيف على انتاجية العمل المستقبلي.

جمعت البيانات الأولية للدراسة من خلال استبيانات البحث بعد اختيار عينات عشوائية من أربع مصانع للنفط والغاز في لاغوس بنيجيريا.

حيث بينت الدراسة أن مشاكل العمل تسببها ظروف العمل داخل الشركات، وأن توفير ظروف جيدة مواتية للإنتاج يساهم في تحسين الإنتاج، والظروف السيئة تعمل على تخفيض الانتاجية.

أتت فكرة الدراسة من أهمية وحساسية الموارد النفطية في نيجيريا والتي تعد أهم قوى الاقتصاد النيجيري، حيث تشكل 80% من إيرادات الحكومة وتساهم في تطوير البنى التحتية لكثير من الصناعات.

بالإضافة إلى طبيعة العمل ذات التقنية العالية في التنقيب باستخدام المعدات المستوردة، مما يجعل هذا الأمر غاية في الأهمية لإنتاجها كميات كبيرة.

(حيث تعد نيجيريا المنتج الأول للغاز في أفريقيا والسابعة عالمياً، لذلك تضع الدول خططاً لزيادة الإنتاج وزيادة احتياطي النفط، وتعتزم رفع إنتاجها إلى 40 مليون برميل بدلاً من 30 مليون برميل يومياً).

العوامل المؤثرة في انتاجية فرق العمل

في ذات السياق بينت الدراسة أن الانتاجية في المؤسسة تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل والمتغيرات ومنها:

  1. العوامل العامة: التي تشمل المناخ، الجغرافية، السياسات الائتمانية والمالية، كفاية المرافق العامة، ومرافق البنى التحتية.
  2. العوامل التنظيمية والفنية: أي استقرار الإنتاج والتكامل.
  3. العوامل البشرية: والتي تشمل إدارة اليد العاملة، العلاقات الاجتماعية، الظروف النفسية للعمل، حوافز الإيجار،  والتعب الجسدي.

شروط تحقيق الإنتاجية

وكشفت الدراسة أن الموظفين التنفيذين في المؤسسات لا يعززون بيئة العمل المادي لزيادة الابتكار والتعاون وتحسين فعالية العمل، وإذا كانت ظروف العمل غير مواتية.

فإن الرضا والقبول وإنتاجية العمل ستتدنى، ومن خلال تحسين المرافق الصحية وحماية العامل ستزيد انتاجيته حتماً، وخصوصاً بعد تخليصه من المخاوف المرتبطة بالعمل.

كما أن الإنتاجية تنطوي على الوصول إلى أعلى مستوى من الأداء بأقل النفقات من الموارد، وهذا يرتبط بالعلاقة بين المدخلات.

(كالعمال ورأس المال ووسائل الإنتاج) والمخرجات (المواد الإنتاجية)، وهناك بعض الأمور التي يجب مراعاتها لتحقيق ذلك:

  1. يجب أن تكون بيئة العمل آمنة وصحيحة خالية من المخاطر التي ترهق العاملين.
  2. استثمار مواهب العمال بشكل فعال أكثر من أي وقت مضى، للوصول إلى المهارات والمعارف الجديدة والنهوض بالعمل.
  3. حل مشكلات الموظفين والتخطيط للحلول على كافة المستويات لتطوير قدراتهم.
  4. تحسين المناخ الاجتماعي من خلال إيجاد مؤسسة خالية من التحيز والتقسيمات والتصنيفات الجامدة.
  5. توفير عمل لا يستغرق طاقة ووقت أكبر في جوانب حياة الإنسان خارج العمل.

الكثير من الشركات لا تراعي بيئة العمل، مما يشكل موقفاً سلبياً للعمال نتيجة المردود المالي القليل، غياب المزايا الإضافية، أسلوب القيادة والإدارة غير المناسب.

والتغييرات الإدارية غير المواتية، ولن تكون إمكانية تعزيز إنتاجية العمال إلا من خلال القضاء على الضغوط النفسية للعمال والإجهاد وسوء صحة العامل.

وخصوصاً وأن في فترة من الفترات كان للتطور والتقدم التكنولوجي دور كبير في التأثير على الإنتاجية من خلال تشريعات العمل والضرائب مثلاً.

العوامل النفسية المؤثرة في انتاجية العاملين

1. البيئة التقنية

أي المعدات والتقنيات والتكنولوجيا التي تشكل البنية التحتية، وغيرها من العناصر المادية أو التقنية، بحيث تخلق هذه البيئة العناصر اللازمة التي تمكن الموظفين من أداء المسؤوليات الموكلة إليهم.

2. البيئة البشرية

وتشمل علاقة العامل أو الموظف مع أقرانه في فريق العمل، حيث توفر هذه البيئة الطريقة المثلى للتفاعل غير الرسمي، وتبادل وتعزيز الأفكار والمعرفة لزيادة الإنتاجية.

فالعمل الجماعي من الأمور التي تساعد على زيادة فعالية الإنتاج للمؤسسات والارتياح في التعامل والتبادل الحرّ للأفكار.

3. البيئة التنظيمية

وتشمل الأنظمة، الإجراءات، الممارسات، القيم، والفلسفات وثقافة الشركة، والإدارة هي التي تسيطر على هذه البيئة.

فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يعملون على زيادة الإنتاج، من المُفترض تشجيعهم ومساعدتهم من أجل بقاءهم على المستوى المطلوب الذي يعمل على تحسين الجودة.

خلصت الدراسة في النهاية إلى أن 43% من المشاركين وجد أن ظروف العمل هي التي تؤثر على الإنتاجية، كما أن نسبة 71% منهم وجد الأجور والرواتب السبب في ذلك.

و64% هي نسبة العمال الذين يعانون من التعب والإجهاد والتعاسة والضجر، وعملت الجهود بعد هذه الدراسة على تخفيف حدة العمل والضغوط وحل مشاكل العمل وإنشاء بيئة تحفز الإبداع.

وكانت النتيجة تحسناً وارتفاعاً في إنتاجية العمل.

 

ظروف العمل وقرار الاستقالة

من ناحية أخرى، لبيئة العمل تأثير كبير ليس على الموظفين وإنتاجهم فحسب، بل على قراراتهم في الاستقالة من العمل، فإن لم تكن الظروف على المستوى المطلوب، سيؤدي ذلك إلى استقالة العديد من العمال.

لذلك ربطت مجموعة كبيرة من الأبحاث؛ الإنتاجية بالرضا الوظيفي ونوايا الموظفين في ترك العمل.

وضمن السياق ذاته، نشرت كلية إدارة الأعمال والقانون في جامعة بريستول (Bristol) غرب انكلترا (The University Of The Western Of England) دراسة عام 2011 قام بها كل من راي ماركي (Ray Markey) من قسم التسويق والإدارة بجامعة (Macquarie University).

وكاترين رافينسويد (Katherine Ravenswood) من جامعة اوكلاند للتكنولوجيا (Auckland University)، بالإضافة إلى دون ويبر (Don J. Webber) من قسم الاقتصاد والمحاسبة والمالية بجامعة بريستول.

حاولت هذه الدراسة تحليل الموضوع على المستوى الفردي بدلاً من المستوى التنظيمي، ووجدت أن قرار الموظفين في ترك أعمالهم سيؤثر بطبيعة الحال على المدير.

مما يدفعه للقيام بالإجراءات اللازمة لدفع موظفيه إلى التراجع عن قراراتهم، واستخدمت هذه الدراسة المنهج المسحي من خلال عينات من أربع مهن مختلفة.

وكشفت الدراسة أن "موضوع الإقلاع عن العمل يرتبط بالبيئة السيئة للعمل، فبيئة العمل الجيد تتسم بانخفاض مستويات الإجهاد، وشعور الموظفين بالراحة والتقدير من قبل الإدارة".

العلاقة بين ظروف العمل وقرار الاستقالة

من أهم الأمور التي تؤثر على العامل وقراره في الاستقالة -التي هي انعكاس للظروف الخارجية- جودة بيئة العمل، حيث تعتبر رفاهية الموظفين من الأمور الهامة التي تؤثر على العامل.

ويشمل هذا المفهوم الجوانب المادية والنفسية والاجتماعية المحيطة بالبيئة التنظيمية للعمل، والصحة والسلامة المهنية المتعلقة بالمخاطر المرتبطة بالعمل.

بالإضافة إلى بيئة العمل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الصحة النفسية للعامل، وكذلك المرونة والسيطرة على العمل والتنفيذ والمشاركة.

ومن ضمن العناصر الاجتماعية والنفسية أيضاً، الصراعات، العنف، التهديد في مكان العمل، عبء العمل، ومستويات الإجهاد.

ومن خلال معرفة أسباب استقالة الأشخاص الذين سبقوا أن خرجوا من العمل، يمكن التنبؤ بأي موظف يمكن أن ينهي الخدمة.

لأن ذلك يرتبط بمفهوم الرضا الوظيفي وقوة وهشاشة العلاقات داخل الشركة وخارجها، وثمة أشياء تدفع الموظف إلى ترك عمله مثل:

  1. أولاً: عدم الرضا الوظيفي والرغبة في مغادرة البلاد.
  2. ثانياً: عدم القدرة على تحقيق التوازن بين الحياة والعمل، أو بمعنى آخر، الصراع بين العمل والحياة الشخصية للعامل.
  3. ثالثاً: العمل لفترة طويلة، والرغبة في إيجاد بدائل بعد الحصول على الكثير من الخبرات المهنية.

في حين أن الأمور التي تساعد على البقاء في العمل تتمثل بالتقدير من قبل أرباب العمل والشعور بالرضا الوظيفي، من خلال التشجيع وتقدير العمل والاعتراف بالإنجاز.

واستخدام الموارد البشرية من خلال مناقشة الموظف وتبادل الخبرات معه، مما يجعله يشعر بالتقدير والموثوقية من قبل المدير الذي يستطيع أن يحد من أسباب الاستقالة عن العمل.

وأكثر الأشياء التي تدعو إلى الاستقالة هو العبء الزائد، فالأشخاص الذين يمتلكون كفاءة عالية في الإنتاج توكل إليهم أكثر الموضوعات تعقيداً، مما يزيد عبء العمل عليهم.

وتزيد لديهم الرغبة في الاستقالة وترك العمل، بالإضافة إلى ذلك يعتبر التمييز والاضطراب العاطفي إحدى الظروف التي تساهم في اتخاذ هذا القرار.

أهم أسباب استقالة الموظفين

خلال هذا البحث وصلت الدراسة إلى ثلاثة أمور مهمة تؤدي إلى هذا القرار:

  1. أولاً: بيئة العمل، لها تأثير كبير على هذا القرار، وغالبية الأشخاص الذين قدموا استقالتهم أدركوا أن بيئة العمل غير جيدة، والبيئة الجيدة كما ذكرنا تكون من خلال انخفاض التوتر، والتقدير من الإدارة، وعدم الشعور بالتهديد والضغط.
  2. ثانياً: شعور الموظف بعدم أدائه لدوره الكامل كأب أو أم، وعدم تقديم ما يكفي لأسرته، وعدم حصوله على ما يريد في العمل الوظيفي بالوقت المناسب.
  3. ثالثاً: اختلاف الأمر على أرض الواقع، بمعنى أن الكثير من الأشخاص يعمل في مؤسسة ما بناءً على سمعتها وما تتناقله الناس حولها، وعند العمل يجد الموظف الأمر مختلفاً، والسياسة مختلفة عما سمع.
 

عوامل تساعد على زيادة الانتاجية وتحسين بيئة العمل

  • تحديد الأهداف: المشاركة في تحديد الأهداف بشكل غير رسمي بين الموظف والمشرف، كجزء من إدارة العمل للمؤسسة.
  • ردود الفعل حول الأداء: من خلال إبراز ردود فعل إيجابية حول عمل الموظف وتقديم النصائح للأفضل بشكل موضوعي، مع توزيع المهمات بين الأشخاص.
  • التحكم بأعباء العمل: فالإرهاق والمسؤولية الكبيرة تسبب ضعف العمل وتهدد الإمكانيات، لذلك من الأفضل تقاسم المهام والإنتاج من قبل الإدارة، بحيث يكون لكل شخص عمله المحدد بتوزيع العمل بين الموظفين على أساس منظم، لتجنب العشوائية والمساعدة في تحقيق الأهداف.
  • نظام الحوافز: تعمل الحوافز المادية أو المعنوية على زيادة إنتاجية العامل وثقته بإمكانياته.
  • دعم المشرفين: على المشرفين دفع العمال من خلال تعزيز ثقتهم بأنفسهم والإثابة على عملهم وتشجيعهم وتوفير الدعم الإيجابي وإشراكهم في المسؤوليات.
  • التوجيه والتدريب: توجيه الموظفين من خلال خبراتهم وتنبيههم إلى الأخطاء والهفوات في العمل، وتزويدهم بالخبرة الكافية.
  • فرصة التطبيق: منح العمال المتطلبات اللازمة والموارد الضرورية لتمكينهم من تطبيق المهارات واكتساب المعارف.
  • سلامة العمال: من خلال تأمين أماكن عمل خالية من المخاطر، ووضع رجال أمن في كل شركة، والقيام بالتفتيش المستمر لمعرفة التزام العمال بالقوانين في حال كان هناك لباس محدد لحماية العمال، بالإضافة إلى تدريب العمال لحمايتهم أثناء أداء المهن الخطيرة.

ظروف العمل الجيدة

  • الصيانة: التأكد من أن أماكن العمل والمعدات والأجهزة والنظم في حالة جيدة.
  • التهوية: توفير التهوية في أماكن العمل المغلقة وتوفير الهواء النقي أو تنقيته بما فيه الكفاية، والتأكد من أن نظام التكييف يعمل بشكل جيد.
  • درجة الحرارة: الحفاظ على درجة حرارة معقولة داخل المبنى خلال ساعات العمل.
  • الإضاءة: يجب أن تكون مناسبة وفعالة وطبيعية، ويجب توفير الإضاءة في حالات الطوارئ، فإذا كانت الإضاءة ضعيفة من شأن ذلك أن يسبب المضار الصحية للعمال.
  • تحقيق مساحة واسعة: عند تصميم المكاتب يجب الحرص على تحقيق مساحة واسعة، على الرغم من أن أغلب الشركات تقوم بتقسيم الشركة إلى مكاتب صغيرة، إلا أن المساحات الواسعة المفتوحة؛ تسمح بالمناقشة وروح العمل الجماعي وتعطي راحة أكبر للعمال، مما يعمل على تعزيز المشاريع الكبيرة والمكالمات الجماعية.
  • النظافة: الحفاظ على أماكن العمل والمفروشات نظيفة، ووضع النفايات في عبوات مناسبة.

واجبات أرباب العمل

تتأثر ظروف العمل بكثير من العوامل، بما في ذلك الصحة والسلامة والأمن وساعات العمل، وظروف العمل السيئة يمكن أن تلحق الضرر بصحتك، وأصحاب العمل هم المسؤولون قانونياً عن ضمان ظروف عمل جيدة، لذلك من أهم واجباته:

  1. تحديد ما يمكن أن يسبب لك الأذى في عملك واتخاذ الاحتياطات اللازمة لإيقافه.
  2. شرح كيفية السيطرة على المخاطر ومن هو المسؤول في حالة الطوارئ.
  3. التدريب ومنح المعلومات التي تحتاجها للقيام بعملك بأمان.
  4. تزويدك بمعدات وملابس واقية قد تحتاج إليها حسب طبيعة عملك.
  5. توفير مرافق الإسعافات الأولية والتأمين الصحي لحماية العمال في حالات الإصابات والضرر.

يمكن القول في النهاية.. إن بيئة العمل هي المحرك الأساسي للعمل الناجح، لكن من الضروري لفت الانتباه إلى أن أصحاب العمل ممن يتواصلون باستمرار مع الموظفين.

سيحصلون على نتائج أداء أفضل من أولئك اللذين يتجاهلون هذا المفهوم، ومثال على ذلك الأمر، صاحب مصنع الزجاج في ولاية هندية.

الذي أصيب بعجز في الميزانية، لذلك قرر زيادة الإنتاج، فعمل على التفاوض وإجراء النقاشات مع العمال حول الأمر، فما كان من العمال إلا أن زادوا ساعات العمل إلى 12 ساعة مستمرة بقرار منهم.