جاليليو جاليلي

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 15 يونيو 2021
جاليليو جاليلي

يعتبر جاليليو جاليلي (1564 - 1642) أب العلوم الحديثة، وذلك لما قدمه من إسهامات مفيدة في عدد من العلوم مثل الفيزياء وعلم الفلك والرياضيات والفلسفة، تمكن جاليليو من تطوير تلسكوب سمح له بمراقبة ورصد الأقمار التي تدور حول كوكب المشتري، والحلقات المحيطة بكوكب زحل، كما تمكن من مراقبة كوكب الزهرة والبقع الشمسية وسطح القمر الوعر.

بفضل إنجازاته هذه، أصبح لدى جاليليو العديد من الأصدقاء من نخبه المجتمع الإيطالي والمقربين من السلطة الحاكمة، وبنفس الوقت، أصبح الكثير من المسئولين في الكنيسة الكاثوليكية أعداء له بعد أن تحدث عن مركزية الشمس، حيث تم استدعائه مرتين الى الكنيسة لاستجوابه في عامي 1616 و 1633. ثم تم إجباره على عدم الترويج لأفكاره حول مركزيه الشمس والاعتراف أن الأرض هي المركز الثابت للكون، وذلك على الرغم من وجود أدلة في ذلك الوقت تؤكد أن كوكب الأرض يتحرك في الفضاء وليس ثابتاً. وبعد إقراره بمركزية الأرض، وُضع جاليليو قيد الإقامة الجبرية حتى وفاته.

الحياة المبكرة والتعليم والتجارب

ولد جاليليو جاليلي عام 1564 بمدينة بيزا الإيطالية، وهو الابن الأكبر من بين ستة أبناء لوالده الموسيقي والباحث فينتشينزو جاليلي. في عمر الـ 16، ألتحقق بجامعة بيزا لدراسة الطب، لكنه أعجب بعلم الرياضيات فترك الجامعة دون أن يحصل على شهادته، وفي عام 1583، قدم اكتشافه الأول الذي يصف القوانين والقواعد التي تتحكم في الحركة.

تولى جاليليو جاليلي قسم الرياضيات في جامعه بيزا ثم في جامعة بادوا بين عامي 1589 - 1610، وفي هذه الفترة، قام بأجراء العديد من التجارب على سقوط الأجسام وقدم مساهمات عديده ومفيدة في علم الفيزياء.

لم يتزوج جاليليو جاليلي، لكنه كان على علاقة بامرأة اسمها "مارينا غامبا" وأنجب منها ثلاثة أطفال، ابنتان هما فيرجينيا جاليلي وليفيا جاليلي، وابن هو فينتشينزو غامبا. وبالرغم من أن علاقته مع الكنيسة الكاثوليكية كانت متوترة جداً، أصبحت ابنتاه راهبتين في دير يقع بالقرب من فلورنسا.

تطوير التلسكوب والرصد الفلكي

في عام 1609، قام جاليليو ببناء أول تلسكوب خاص به من خلال إجراء تحسينات على التلسكوبات الهولندية التي كانت متوفرة.

في شهر يناير عام 1610، اكتشف جاليليو أثناء مراقبة كوكب المشتري أربعه نجوم كبيرة على نفس الاستقامة بالقرب من الكوكب، وقام بنشر هذا الاكتشاف في أطروحة قصيرة (كتيب) بعنوان رسالة فلكية (بالإنكليزية: The Starry Messenger - باللاتينية: Siderius Nuncius). تضمنت هذه الأطروحة أيضاً ملاحظاته عن سطح قمر الأرض وتضاريسه، واستنتج أن المناطق المظلمة على سطح القمر هي منخفضات مسطحة والمناطق النيرة هي جبال قد يبلغ ارتفاع بعضها 4 أميال. كما وصف ما رآه وقال إن عدد النجوم التي يستطيع رؤيتها بالتلسكوب يفوق ما يمكن رؤيته بالعين المجردة بـ 10 مرات على الأقل.

وصف جاليليو أقمار المشتري في أطروحته بأنها 4 نجوم تقع على استقامة واحدة بالقرب من كوكب المشتري. وقال إنه أكتشف في البداية 3 منها، لكن في الليالي التالية، اختلف ترتيبها وظهر نجم أخر. وبعد الرصد والمراقبة لعدة ليالٍ، استنتج جاليليو أن هذه النجوم تدور حول كوكب المشتري تماماً كما يدور كوكبا الزهرة وعطارد حول الشمس.

بفضل هذه الأطروحة، أصبح جاليليو مشهورا في إيطاليا، وحاول كسب تأييد دوق إقليم توسكانا الأكبر "كوزيمو الثاني دي ميديشي"، فاقترح تسميه أقمار كوكب المشتري الأربعة باسم "نجوم كوزيمو" أو "النجوم الميديشية" في أشاره الي كوزيمو وأخوته الثلاثة، ثم عينه كوزيمو الثاني كعالم رياضيات في بلاط توكسانا، فأصبح قادراً على التحدث بحريه عن أفكاره ونظرياته وشرح أفكار ونظريات الأخرين خاصة نظريات نيكولاس كوبرنيكوس.

استمر غاليليو في استغلال إنجازاته واكتشافاته عن طريق التلسكوب للحصول على المزيد من الرعاية والدعم، وتم تعيينه فيما بعد عالم رياضيات وفيلسوف في بلاط فلورنسا.  ثم أصبح كبير علماء الفلسفة والرياضيات بجامعة بيزا.

على الرغم من محاولة جاليليو تسمية أقمار المشتري المكتشفة باسم "النجوم الميديشية"، لكنه لم ينجح في ذلك، وأصبح مجتمع العلماء يسمون هذه الأقمار "أقمار جاليليو". وما يزال هذا المصطلح مستخدماً حتى وقتنا هذا.

كانت الأفكار التي طرحها جاليليو في أطروحته تتعارض مع أفكار أرسطو عن الكون، فقد كانت الفكرة التي تتحدث عن تضاريس القمر الوعرة تتعارض على فكره كمال الأجرام السماوية التي طرحها بطليموس وأرسطو، والتي تقول إن الأجرام الموجودة في السماء ذات شكل مثالي، كما أن الحديث عن الأقمار التي تدور حول كوكب المشتري يتعارض مع مبدأ مركزية كوكب الأرض وأن كل الأجرام في الكون تدور حول كوكبنا.

لهذا السبب، عارضت الكنيسة الكاثوليكية أفكار جاليليو رغم أن العديد من علماء الفلك ورجال الدين والعامة قبلوها. وكان عالم الفلك الألماني يوهانس كبلر أول عالم دعم النتائج التي توصل إليها جاليليو.

محاكمه جاليليو جاليلي

قبل أن ينشر جاليليو أطروحته، كانت الكنيسة الكاثوليكية قد قبلت نظرية نيكولاس كوبرنيكوس التي تتحدث عن مركزية الشمس كإحدى النظريات المطروحة علمياً، لكنها بقيت مجرد نظرية حتى بدأ جاليليو يتحدث عن دلائل وإثباتات علمية تدعمها. اعتبرت الكنيسة ذلك تحدياً لما ورد في الكتاب المقدس، الذي يقول إن الأرض ثابتة ولا تتحرك وأن الشمس هي من تشرق عليها.

في عام 1616، قررت الكنيسة الكاثوليكية اعتبار كتاب كوبرنيكوس بعنوان "حول دوران الكواكب السماوية" الذي يشرح نظرية مركزية الشمس من الكتب المحظورة والممنوعة من التداول. وقام البابا بولس الخامس باستدعاء جاليليو إلى روما وأبلغه بأنه من غير المسموح دعم نظرية كوبرنيكوس حول مركزية الشمس علناً.

في عام 1632، نشره جاليليو كتاباً بعنوان "حوار حول النظامين الرئيسيين للكون" (بالإيطالية: Dialogo sopra i due massimi sistemi del mondo) في هذا الكتاب، شرح جاليليو الحجج العلمية وقارن بين نظام كوبرنيكوس ونظام بطليموس، كان نظام بطليموس يقول إن كل شيء في هذا الكون يدور حول كوكب الأرض، في حين أن نظام كوبرنيكوس يقول إن الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس.

حاول جاليليو في الكتاب أن يوضح بشكلٍ غير مباشر الدلائل العلمية التي تثبت صحة نظام كوبرنيكوس، لهذا السبب وفي عام 1633، تم استدعاء جاليليو للمثول أمام محاكم التفتيش الرومانية، وتم اتهامه بدعم نظرية كوبرنيكوس حول مركزية الشمس بشكلٍ علني.

في بدأيه المحاكمة، أنكر جاليليو التهم التي تقول إنه يدعم نظرية مركزية الشمس، لكن فيما بعد، قال إن دعمه لهذه النظرية بالحجج العلمية في كتابه حدث بشكلٍ غير مقصود.

في النهاية، تم الحكم على جاليليو بأنه "مشتبه به بالهرطقة"، وتم حظر كتابه، ومنعه من نشر أو تأليف أي كتاب أخر، ووضع تحت الإقامة الجبرية.

خلال محاكمته، تم إجباره على الاعتراف بأن الأرض هي المركز الثابت للكون، وخلال هذا الاعتراف، قال جاليليو ساخراً أن الأرض هي المركز الثابت للكون رغم أنها تتحرك.

عاش جاليليو سنواته الأخيرة التسعة تحت الإقامة الجبرية، وكتب ملخصاً عند دراساته المبكرة في الحركة، كان هذا الملخص أخر الأعمال العلمية التي قام بها، وتوفي في فلورنسا بإيطاليا في 8 يناير 1642 بعمر 77 سنة، وفي أخر أيامه، كان يعاني من خفقان في القلب وارتفاع درجة الحرارة.

ما الذي اشتهر به جاليليو؟

بفضل قوانين الحركة التي كتبها جاليليو، تمكن من أثبات أن كل الأجسام تتسارع بنفس المعدل بغض النظر عن كتلتها أو حجمها. مهدت هذه القوانين الطريق لقوانين الفيزياء الكلاسيكية التي وضعها إسحاق نيوتن.

جميع المعلومات التي قدمها جاليليو حول مركزية الشمس أصبحت فيما بعد حقيقة علمية مقبولة.

قام جاليليو بتحديث اختراعات عديدة من أهمها البوصلة والموازين بالإضافة الى التلسكوبات والمجاهر، والتي أحدثت ثورة في علم الفلك وعلم الأحياء.

من خلال الرصد بالتلسكوب، اكتشف جاليليو الجبال والمنخفضات على سطح القمر، كما تمكن من اكتشاف أقمار كوكب المشتري الكبيرة وعدد كبير من النجوم في مجرة درب التبانة.

بعد إثبات صحة أفكار جاليليو، استخدم المفكرون في عصر التنوير مثل فولتير قصه جاليليو ومحاكمته لتصويره كضحية للكنيسة وتسلط رجال الدين والمتدينين علي العلم والعلماء، ودعوا إلى حماية العلم من تأثير الدين عليه.

في عام 1777، قامت الكنيسة الكاثوليكية بإزالة كتب جاليليو من قائمة الكتب المحظورة، وسمحت بيعها ونشرها وتداولها وتعليمها.

في القرن العشرين، أعرب البابا بيوس الثاني عشر والبابا يوحنا بولس الثاني عن أسفهما لما تعرض له العالم جاليليو وطريقه تعامل الكنيسة معه في ذلك الوقت.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة