جدل حول مشاركة دور نشر يمينية في معرض فرانكفورت للكتاب

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: السبت، 23 أكتوبر 2021
جدل حول مشاركة دور نشر يمينية في معرض فرانكفورت للكتاب

جدل لا يثار للمرة الأولى. مدير معرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس يدافع عن حضور دار النشر اليمينية بمدينة دريسدن "يونغه أوروبا" (أوروبا الفتية) في معرض الكتاب، مشيراً إلى "حرية التعبير". هذا الموقف يسبب الاستياء وقد أدى بالفعل إلى مقاطعة المعرض. فالكاتبة الألمانية ذات الأصول الإفريقية ياسمينا كونكه رفضت المشاركة في فعالية بالمعرض لتقديم روايتها الأولى "القلب الأسود". وعبرت كونكه عن غضبها من المعرض في تغريدة على تويتر.

لماذا يُسمح لدار النشر "يونغه أوروبا" بحضور المعرض؟
دار النشر "يونغه أوروبا"، التي تعرض كتبها في القاعة 3.1 بالمعرض، تدار من قبل يميني متطرف معروف. فصاحبها هو الناشط اليميني المتطرف فيليب شتاين الذي ينحدر من دريسدن ويبلغ من العمر 30 عاماً. قبل ذلك كان شتاين متحدثاً إعلامياً باسم منظمة "الأخوة الألمانية" اليمينية. كما ينظم اليوم مشروع التمويل الجماعي "واحد في المائة من أجل وطننا" والذي يروج للأفكار القومية والمناهضة للجوء في محيط "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي. وتم حظر صفحات المشروع المذكور على فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب. وفي أحدث تقرير لمكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، تم تصنيف مشروع "واحد بالمائة من أجل وكننا" كحالة مشتبه بها.

الكاتبة ياسمينا كونكه كتبت على موقع تويتر قبل بدء معرض الكتاب: "لا يوجد مكان بجواري للنازيين - ولهذا السبب لن أشارك في معرض هذا العام"، مشيرة إلى أن القناة الألمانية الأولى (ARD) دعتها إلى جلسة نقاش (في المعرض)، لكن مشاركتها لم تكن ممكنة إلا تحت تدابير حماية خاصة، على حد تعبيرها، بسبب "تهديد من قبل يمينيين"، ولذلك لم يتم الإعلان عن الجلسة مسبقاً، كما قالت. لكنها علمت فيما بعد أنه تم السماح لدار "يونغه أوروبا" بعرض كتبها في المعرض، في مكان غير بعيد عن مكان جلسة النقاش.
كونكه تخشى على سلامتها
وقالت كونكه، إن شتاين، بصفته رئيس المشروع اليميني المتطرف "واحد في المائة من أجل وطننا"، كتب بشكل معلن أنه يجب ترحيلها (كونكه)، وتضيف: "لذلك فمن المتوقع، بالإضافة إلى دار النشر والمؤلفين، أن يزور متطرفون يمينيون آخرون المعرض، ما يجعل الخطر بالنسبة لي شخصياً حاضراً بشكل لا لبس فيه".

وما عدا ذلك، فإن كونكه تجد أنه "من غير المقبول إعطاء النازيين مساحة لتقديم أنفسهم". وكتبت على تويتر: "لا أتحدث إلى النازيين. لا أستمع إلى النازيين. لا أقرأ كتب النازيين. لهذا السبب اتخذت قراري، على حساب حضور كتابي والإعلانات المرتبطة بذلك، بإلغاء مشاركتي في معرض فرانكفورت للكتاب 2021"، مضيفة أنه لم يبق أمامها سوى خيار "المقاطعة، لحماية نفسي كامرأة سوداء".

المعرض: لا مخالفة للقانون
في عدة مقابلات، دافع مدير المعرض يورغن بوس عن السماح بمشاركة دور نشر يمينية،وقال: "طالما أن الرأي لا ينتهك القانون، يجب أن يكون الجميع قادرين على المشاركة في تبادل الآراء في المعرض"، وأضاف لموقع "دويتشلاند فونك": "أنا آسف جداً لعدم مشاركة الكاتبة في هذا الحوار". وأكد بوس أن السلامة الشخصية للكتاب المشاركين مضمونة، وأن "الإجراءات الأمنية في معرض فرانكفورت للكتاب مشددة جداً". وأوضح بوس أن المعرض كان دائماً منبراً للحوار السياسي، مضيفا: "لدينا خلافات في كل مكان. وهذا جزء من الحمض النووي لمعرض الكتاب".

في غضون ذلك، أعربت مؤسسة "آن فرانك/ Anne Frank" التعليمية في فرانكفورت عن تضامنها مع الكاتبة ياسمينا كونكه. وأوضح مدير المؤسسة ميرون مندل: "إنها كارثة لثقافة النقاش المفتوح لدينا عندما ينسحب المتأثرون بالعنصرية ومعاداة السامية والكراهية من معرض فرانكفورت للكتاب، باعتباره أكبر معرض نقاش في البلاد، لأنهم لا يشعرون بالأمان هناك"، مشيراً إلى إن الهجمات مثل تلك التي وقعت في هاله وهاناو أو اغتيال العضو السابق في برلمان ولاية هيسن فالتر لوبكه قبل عامين أوضحت بشكل جلي أن الأيديولوجية السامة لليمين تمثل خطراً حقيقياً على حياة الإنسان. وقال: "من يقدم لهم منصة على منصات عامة بارزة مثل معرض الكتاب في فرانكفورت يساهم في تطبيع ونشر كراهية البشر".

أيديولوجية اليمينيين "خطر على حقوق الإنسان"
مايكل مولر، المتحدث الثقافي والسياسي للكتلة البرلمانية لحزب اليسار في بلدية رومر بفرانكفورت، أدلى بتصريح مماثل، وشدد على أنه "يجب ألا يوفر معرض الكتاب في فرانكفورت منصة لدور النشر هذه، ولا حتى في الزاوية الخلفية الأخيرة"، مضيفاً أن الحق الأساسي في حرية التعبير في ألمانيا "لا يتم تقييده بذلك بالتأكيد".

الجدل حول دور النشر اليمينية اندلع في معرض الكتاب في عام 2017. ففي إطار معرض فرانكفورت للكتاب في ذلك الوقت وفي معرض لايبزيغ للكتاب بعده، تمت مناقشة مسألة ما إذا كان يُسمح للناشرين اليمينيين بالمشاركة. فلطالما كان يُنظر إلى معارض الكتاب على أنها مكان للتبادل وحرية التعبير. ولكن أين هو بالضبط الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض؟
قبل أربع سنوات، أوضح يورغن بوس، أنه لا يوجد أساس قانوني لفرض حظر على مشاركة دور النشر اليمينية. وقال في مقابلة مع DW: "الفكرة لا تنتهي بمجرد حظرها". من جهته قال رئيس جمعية تجارة الكتب الألمانية في ذلك الوقت، هاينريش ريتمولر: "إذا أخذنا حرية التعبير على محمل الجد، فيجب علينا أيضاً منحها لمن لا نشاركهم قيمهم وآراءهم، والذين نعتبر بأن آراءهم خطيرة". دار نشر "يونغه أوروبا" أيضاً ردت على بيان كونكه في تغريدة على تويتر.

وكتبت الدار: "الضيفة المفاجئة ألغت حضورها في معرض الكتاب بسبب مشاركتنا (كما تدّعي). ما يتبقى: امرأة تعتقد حقاً على ما يبدو أن يمينياً سيعرفها أو يهتم بها. سخيف". في عام 2017، ومع اقتراب نهاية معرض فرانكفورت للكتاب، حصلت اضطرابات على منصة دار نشر يمينية، واضطرت الشرطة للتدخل. وهذا كان السبب في أن معرضي الكتاب في كل من فرانكفورت ولايبزيغ قاما بمراجعة خططهما الأمنية.

وفتح المعرض بابه للمتخصصين يوم الأربعاء (20 تشرين الأول/أكتوبر) واعتباراً من الجمعة (22 تشرين الأول/أكتوبر) سيكون بابه مفتوحاً للجميع. وينتهي المعرض يوم الأحد (24 تشرين الأول/أكتوبر) بمنح جائزة السلامالألمانية التي تمنحها الجمعيةالألمانية لتجارة الكتب، للكاتبة تسيتسي دانغاريمبغا من زيمبابوي.
شتيفان ديغه/م.ع.ح