راشد الخلاوي... الشاعر الذي برع في علم الفلك

تميز شعره بالرصانة وقدم جمع بين الشعر الفصيح والشعبي

  • تاريخ النشر: السبت، 18 يونيو 2022
راشد الخلاوي... الشاعر الذي برع في علم الفلك

يعد راشد الخلاوي من أقدم شعراء البدو، وقد  حصل على لقبه "الخلاوي" بسبب أنه كان يجوب الفيافي خلاويًا أي وحيد، وامتاز شعره بالرصانة وبعض الآراء الفلسفية البسيطة، تعرف أكثر على حياة هذا الشاعر وشعره في هذا المقال.

حياة راشد الخلاوي ونشأته

يعد الخلاوي من أقدم شعراء العرب، ولكن لا يُعرف بالضبط مولده أو وفاته، ولكن ما يُعرف عنه أنه ولد في القرن الحادي عشر الهجري؛ وذلك بسبب أن كان ملازمًا للشيخ منيع بن سالم بن عريعر وهو أحد شيوخ الإحساء في عهد الإمارة الحميدية وهي الإمارة التي بدأ تاريخها سنة 1080 هـ.

من المعروف أنه وطنه في نجد، وقد عاش متنقلًا فيها هنا وهنالك، وورد في شعره كذلك أنه قد عاش قريبًا من أرض الشام أو أعالي العراق، كما قيل إن له في العراق رابطة يركن إليها.

أصله ونسبه

ينتمي الخلاوي إلى قبيلة صليب، ويستدلون بذلك على ما جاء في شعره، كشعره حينما أوصاه ممدوحه منيع بن سالم إذا وقعت في شراكه ظبية تشبه محبوبته ميثاء فلا يقتلها، فوقع في شراكه ما يشبهها فأعتقها وقال شعره:

وذكرت وصاة من منيع بن سالم      وغيري إلى من جاع ينسى الودايع

شبيهة ميثا يا الصليبي خلّها           ولو كان يأيام الصفاري وجايع

ومن الأدلة الأخرى على أصوله أنه كان يعرف طرق الصحراء، وكان يعيش متنقلًا فيها وعالمًا بالمسالك والطرق، وكل هذا معروف أنه من نهج الصلبي وأسلوب حياته.

ولكن هناك اتجاهاً آخر يقول أنه قبلي، وأنه يرجع إلى أرومة النسب، ولكن لا يوجد أي أدلة مرجحة على هذا القول.

منهم كذلك من يقول إنه خالدي، وإنه يجتمع مع ممدوحه سالم في الخالدية، بدليل قوله في شعره:

منيع المسمى وأنت أدرى بما جرى     وجدي وجده في معاليك صالبه

ولكن هذا ليس بدليل على أنه خالدي لأن هذا البيت يخاطب النبي عليه السلام، ويطلب من الله أن يشفعه في منيع.

أيضًا هناك من يلحقه ببني هاجر من قحطان، ويستدلون بذلك على بعض أبياته، كما يستدلون أيضًا بما حكاه عن نفسه في شعره عن سبب تسميته لنفسه بالخلاوي، فقد اختار هذه الحياة فرارًا من غرائمه الذين يطلبون دمه لأنه قتل أخاهم حينما اعتدى على جاره.

وبجانب شهرته في الشعر فقد كان عالمًا في الفلك، ولديه القدرة على التعرف على مواسم الأمطار وأماكن نزولها، كما كان ملمًا بعلم البروج والفصول الأربعة وهبوب الرياح.

حصل راشد على لقب "الخلاوي" بسبب شهرته وقتها بحب للتجول في الصحاري خلاويًا والتي تعني وحيدًا بدون مرافق، يجوب الصحراء وحيدًا يقول الشعر.

شعره

عاش راشد الخلاوي في عصر حالك الظلمة، وذلك بسبب أنه لا يُعرف عنه الكثير من المعلومات، وتميز شعره بالرصانة ولهذا السبب كان شعره مرغوبًا عند الناس، ولو لم يقل في مطالع قصائده "يقول الخلاوي" لتعذر علينا نسبة هذه القصائد له أو لغيره.

عاش الخلاوي في زمن يسود فيه الشعر الشعبي، وهو الشعر الذي انتشر فيه العامية وابتعد شيئًا فشيئًا عن لغته الفصيحة، فكان العصر الذي عاشه الخلاوي برزخًا بين عصر الفصحى وشعرها السليم، وبين عصر العامية الذي لم يبق منه إلا سمات الوزن وملامح الفصاحة فقط.

تميز شعره كذلك بالجمع بين التاريخ والجغرافيا، وتميز برصانة المعنى وبلاغة الوصف، وهذا ما أعطى زخمًا لشعره انفرد به عن غيره من الشعراء في عصره.

اعتمد الخلاوي كذلك على البحر الهلالي في شعره، وكان كذلك من أصحاب المطولات، حيث تصل بعض قصائده إلى ألف بيت.

وتعتبر قصديته "الدالية" أو "دالية الخلاوي" من أشهر قصاده، ويقول في مطلعها:

يقول الخلاوي الذي ما يكودة

جديد البنا من غاليات القصايد

وقد اهتم الأديب السعودي عبد الله بن محمد بن خميس بحياة الخلاوي، وقد أورد في كتابه عدد كبير من أشعار الخلاوي، ومنها عدة أبيات لقصيدة الدالية، ومنها:

يا طول ما وسدت رأسي كتادة

من خوفتي يعتاد لين الوسايد

فمن عوّد العين الرقاد تعودت

ومن عوّد العين المساري تعاود

ومن وألف المشراق والكنّ والذرا

يموت ما حاشت يديه الفوايد

الأيام ما باق بها كثر ما مضى

والأعمار ما اللي فات منها بعايد

نعدّ الليالي، والليالي تعدنا

والأعمار تفنى، والليالي بزايد

إلى دقّت الوسطى، الإبهام، تذكرت

زمان مضى ما هو لمثلي بعايد

وبجانب شعره بالعامية، فقد ذكرنا أن راشد الخلاوي قد قرأ العديد من الشعر باللغة الفصيحة، ومن هذه الأشعار قصيدة مدحه للرسول، حيث كان له العديد من القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك قصائد مدح معتدلة، وقصائد أخرى فيها غلو، ومن أبيات المدح المعتدلة في الرسول صلى الله عليه وسلم:

وأصلي صلاة تملأ الأرض والسما            صلاة وتسليم من الله واجبة

على المصطفى سر الوجود الذي               إلى حضرة ما نالها كود جانبه

سرى به إلى أهل السموات ربنا                وأدناه رؤيا العين حق وخاطب

وأبدى له المكنون من سر ما خفي           والعرش والكرسي والأكوان داج به

ونورد لكم نموذج آخر من شعره بالفصحى في قوله:

ولا يد إلا يد الله فوقها     ولا غال إلى له الله غالبه

وقوله كذلك:

ولي من قديم العمر نفس عزيزة     أعض على عصيانها بالنواجد

وكذلك قوله:

فلا بالتمني تبلغ النفس حظها      ولا بالتأني فاز بالصيد طالبه

وقوله:

حياة لا عز محا الله حظها              حياة الفتى ما فاتها العز خائبة

مقام الفتى في منصب العز ساعة     ولا ألف عام يصحب الذل صاحبه

وهكذا له عشرات الشواهد التي تؤكد أن للخلاوي شعراً مستقيماً في اللغة والوزن والقافية، ويحمل كذلك الجودة والأصالة والجرس.

اهتمامه بالفلك والحساب

اكتسب راشد الخلاوي كذلك اهتمامًا بعلوم الفلك وحساب الطوالع، حيث كان له رؤية فلكية حسابية يمكن من خلالها معرفة مواسم العام الهجري، وله تقويم في علوم النجوم ومواعد ظهورها.

ويعتبر تقويمه مرجعًا لأهل الجزيرة العربية، وحتى الآن يعتمد تقويم أم القرى وهو التقويم الرسمي للملكة العربية السعودية على التقويم الذي كتبه الخلاوي.

يعتب رالخلاوي كذلك أقدم من ألّم بحساب الطوالع في الجزيرة العربية، وقد كتب ذلك في شعره، وظهر ذلك بشكل واضح في قصيدته الدالية.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة