رغم مواجهة الموت.. ترحيل المهاجرين من الجزائر إلى النيجر

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأحد، 28 أبريل 2019
رغم مواجهة الموت.. ترحيل المهاجرين من الجزائر إلى النيجر

كانت عائلة سانغاري محظوظة لأن هناك من عثر عليها وقدم لها المساعدة، فقد تم ترحيل سعيد سانغاري وزوجته فاتوماتا وابنهما محمد إلى الصحراء عبر المنطقة الحدودية بين الجزائر والنيجر، مثل الكثير من المهاجرين الآخرين. تركت الأسرة الغينية دون طعام أو ماء وسط الصحراء وعاشت ظروفاً غاية في القسوة ودرجة حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية. الشيء الوحيد الذي أنقذ حياة الأسرة هو عثور موظفي منظمة الهجرة الدولية(IOM) عليها. أخذ فريق المنظمة الأسرة إلى مركز عبور في أغاديز، أكبر مدن النيجر. كان هذا قبل ثلاث سنوات، لكن هناك الكثيرين الذين لم يحالفهم الحظ ومنهم من تاهوا وماتوا في الصحراء.

"أخذوا كل ما كنا نملكه"

لا يزال سعيد سانغاري (32 عاما) يتذكر التجربة القاسية التي تعرض لها هو وعائلته، ويقول إنه في أحد الأيام أثناء عمله في موقع بناء في الجزائر العاصمة، جاءت الشرطة إلى منزلهم دون سابق إنذار واعتقلت زوجته مع ابنه البالغ من العمر سبعة أشهر. يتذكر سعيد ذلك ويقول إن "الشرطة حطمت الباب، وداهمت المكان وسرقت كل ما كنا نملكه في ذلك الوقت". وتضيف زوجته فاتوماتا سانغاري (26 عاما) بأن كل ما تبقى لهم هي الملابس التي كانوا يرتدونها في ذلك اليوم.

وتقول لم يُسمح لها حتى بجمع أي متعلقات لاصطحابها معها. وتتابع وهي تروي قصتها "لم يكن محمد ابني يرتدي أي شيء سوى قميص وحفاضات"، شارحة ظروف إجبارها على مغادرة منزلها. بعد ذلك بوقت قصير، جاءت السلطات للقبض على زوجها سعيد سانغاري في موقع البناء الذي كان يعمل فيه.

ويقول سعيد إن رجال الأمن الجزائريين "أخذوا كل ما نملكه"، بما في ذلك الأموال التي وفرها خلال السنوات الثلاث التي عاشها هو وعائلته في الجزائر، والتي بلغ مجموعها حوالي 5 آلاف يورو، ويضيف بأن خطته كانت "بدء حياة جديدة مع هذه الأموال في وطني (غينيا)".

تُركوا للموت في الصحراء

تم نقل عائلة سانغاري إلى مدينة تمنراست جنوب الجزائر مع مهاجرين آخرين، لتقوم سلطات الأمن بسرقتهم مرة أخرى بحسب ما قال سعيد، الذي أضاف أن بعض المهاجرين الذين كانوا يسافرون معهم تعرضوا لضرب وحشي على أيدي قوات الدرك الجزائرية المحلية.

بعدها - يتابع سعيد - تُرك الجميع عند ما يسمى "النقطة صفر" - وهي مركز حدودي على الحدود النيجيرية، دون أي طعام أو ماء يبقيهم على قيد الحياة. ومن هناك، طُلب من المهاجرين أن يسيروا إلى النيجر على الأقدام. وأقرب مكان مأهول من هناك هو قرية أساماكا على بعد 15 كم إلى الجنوب من المكان الذي تركوا فيه. وفي ظل حرارة الصحراء الحارقة، لا يتمكن الكثير من المهاجرين من إكمال الرحلة إلى تلك القرية.

وفي هذا السياق تقول المهاجرة الليبيرية جانيت كامارا، التي تم ترحيلها أيضا من الجزائر، إن "النساء كن ممدات على الأرض وقد فقدن أرواحهن. الكثير من الرجال والنساء اختفوا في الصحراء لأنهم لم يعرفوا الطريق. وأنا فقدت طفلي". ويؤكد كلامكها المهاجر السنغالي الشاب ألو كاندي (18 عاما) "كان هناك أشخاص لم يستطيعوا تحمل مشقة السفر. جلسوا أرضاً وتركناهم لقدرهم. كانوا يعانون كثيرا".

من جهته، انتقد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق المهاجرين، فيليب غونزاليس موراليس، في بيان صحفي ممارسات الترحيل الجزائرية، قائلاً إن عمليات "الطرد الجماعي للمهاجرين من الجزائر إلى النيجر تشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي، بما في ذلك المبدأ الأساسي لعدم الإعادة القسرية في ظل غياب ضمانات اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وهذا ما يجب أن يتوقف على الفور".

عنصرية

نتيجة لطريقة تعامل السلطات الجزائرية مع المهاجرين الأفارقة، أقامت المنظمة الدولية للهجرة مركزا لها في أساماكا؛ ولم يعد مستغرباً أن تستقبل منشآت المنظمة أكثر من ألف مهاجر في وقت واحد أثناء رحلتهم لعبور عبر الصحراء.

تقول هيئة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إنها كانت على علم بممارسات السلطات الجزائرية تجاه المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى الذين يتم ترحيلهم إلى الصحراء النيجيرية منذ سبتمبر 2017، مضيفة أن هناك نوع من العنصرية التي تمارس ضد هؤلاء.

وعندما تبنت الجزائر سياسة ترحيل المهاجرين، قال وزير الخارجية الجزائري السبق عبد القادر مساهل إن المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في بلده يمثلون "تهديداً للأمن الداخلي" ووصفهم بــ"الطاعون". وبرر الوزير سياسة بلاده بالقول إن ترحيل المهاجرين يتم في العديد من البلدان الأخرى "بما في ذلك الدول الأوروبية".

ويؤكد المهاجري الغيني سعيد سنغاري أن هناك الكثير من العنصرية في التعامل مع اللاجئين والمهاجرين في الجزائر ويقول "الأطفال اعتادوا إلقاء الحجارة علينا في شوارع العاصمة ونحن في طريقنا إلى العمل أو منه، وهذا جعلني أكره فكرة الذهاب إلى العمل في أي مكان مرة أخرى".

أعباء إضافية لمنظمة الهجرة الدولية

منذ أن بدأت الجزائر عام 2017 في انتهاج هذه السياسة مع المهاجرين، تم ترحيل 25 ألف شخص إلى النيجر عام 2018 فقط - بمن فيهم العمال الأفارقة المهاجرين الذين يحملون تأشيرات عمل صالحة وحتى اللاجئين الذين مُنحوا الحماية من قبل السلطات الجزائرية. واليوم لكثير من هؤلاء عالقون في النيجر يعتمدون بشكل كامل على مساعدة المنظمة الدولية للهجرة للعودة إلى بلدانهم الأصلية.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إنه في عام 2018 وحده، كان هناك 15 ألف ممن تم ترحيلهم بحاجة إلى مساعدة المنظمة للعودة إلى بلدانهم الأصلية. وفي عام 2015، كان هذا العدد أصغر بعشر مرات. ووفقا لوكالة أسوشيتد برس، فإن غالبية المهاجرين الذين تم ترحيلهم إلى النيجر جاؤوا من مالي وغامبيا وغينيا وساحل العاج.

وبالإضافة إلى التعامل مع حالات المرحلين من الجزائر، تعين على المنظمة الدولية للهجرة في النيجر أيضا تلبية احتياجات المهاجرين المرحلين من ليبيا، والذين تحدث الكثيرون منهم عن معاناتهم من ظروف غير إنسانية أثناء وجودهم في معسكرات المهاجرين في ليبيا.

ويقول مارتن ويس، رئيس المنظمة الدولية للهجرة في النيجر لوكالة أنباء EPD: "يمكنك القول إن الاتحاد الأوروبي نجح في خططه للحد من تدفق المهاجرين إلى شمال إفريقيا ... لكن هذا الأمر تسبب في زيادة أعباء المنظمة الدولية للهجرة، حيث أن الكثير من الأشخاص الذين يرغبون الآن في العودة إلى ديارهم من هذه الأماكن في شمال إفريقيا يعتمدون على مساعدتنا في هذا الأمر".

سيرتان ساندرسون/ عماد حسن

المصدر:

مهاجر نيوز 2019

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة