سيدي ولد التاه.. رائد التنمية الاقتصادية في أفريقيا

برز الاقتصادي الموريتاني سيدي ولد التاه  كاقتصادي ناجح، تمكن من قيادة مؤسسات التنمية الأفريقية نحو مستقبل أفضل، وقد تم اختياره رئيسًا لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، وذلك نتيجة مسيرته الحافلة بالخبرات السياسية والاقتصادية، وهو ما جعله شخصية رائدة تملك رؤية واضحة لمستقبل التنمية في القارة السوداء، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.

من هو سيدي ولد التاه؟

هو اقتصادي موريتاني، يشغل منصب رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، ولدت في 31 ديسمبر عام 1964 في مدينة المذرذرة في مقاطعة ولاية الترارزة جنوب موريتانيا، ويعد من أبرز الشخصيات الاقتصادية في أفريقيا.

ولد ولد التاه في بيئة بسيطة ومتواضعة تهتم بتعليم أبنائها، وقد درس الاقتصاد في فرنسا، وحصل على شهادات جامعية أخرى من جامعات مختلفة. بدأ ولد التاه مسيرته في البنك الموريتاني للتنمية والتجارة كخبير اقتصادي، ثم عمل كمحلل مالي.

خلال مسيرته المهنية، شغل سيدي ولد التاه العديد من المناصب المختلفة في مؤسسات مالية مرموقة في موريتانيا وأفريقيا، ولعل أبرزها شغله منصب وزير الاقتصاد والمالية في موريتانيا، ومنصب رئيس البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا عام 2015، وهو المنصب الذي أثبت فيه كفائته وقدراته.

في عام 2025، تم انختاب سيد يولد التاه في منصب رئيس البنك الأفريقي للتنمية، ليصبح الرئيس التاسع للمؤسسة، ليقود المؤسسة نحو تحقيق العديد من الأهداف، وحل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه القارة السوداء.

نشأته وتعليمه

ولد سيدي ولد التاه في بيئة محافظة تهتم بالتعليم والأخلاق، ونشأ في العاصمة نواكشوط، وفيها تلقى تعليمه حتى المرحلة الثانوية، وكان من بين الطلاب المتفوقين، خاصة في المواد العلمية واللغات.

كانت نشأة ولد التاه المتواضعة والبسيطة، فضلًا عن اقتصاد بلاده الضعيف سببًا في اهتمامه بالتنمية والاقتصاد، ورغبته في تحقيق تغيير ملموس في الاقتصاد والسياسة العامة في البداية، وانعكست تلك الأهداف على اختياارته العلمية.

بعد إنهاء المرحلة الثانوية، حصل ولد التاه على منحة دراسة للدراسة في فرنسا، حيث التحق بجامعة نيس صوفيا أنتيوبليس، ودرس فيها حتى حصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، وركز في دراسته على الاقتصاد الكلي والسياسات التنموية.

حصل ولد التاه على شهادات علمية أخرى في مجال الاقتصاد الكلي والتنمية، منها شهادة الدراسات المعمقة من جامعة باريس 7، وشهادة الأستاذية في الاقتصاد من جامعة نواكشوط.

شارك ولد التاه كذلك في دورات في مجالات الهندسة المالية والقيادة وإدارة الأصول في مؤسسات مرموقة، مثل معهد هارفارد للتنمية الدولية، ومدرسة لندن للأعمال، ومعهد سويسرا للمالية.

مسيرته المهنية

بدأ الدكتور سيدي ولد التاه مسيرته المهنية بشغله مناصب اقتصادية مهمة في بلده موريتانيا، حيث عمل في البنك الموريتاني للتنمية والتجارة، وشغل بعدها مناصب مختلفة في مؤسسات مختلفة، منها ميناء نواكشوط، وبلدية نواكشوط، ومفوضية الأمن الغذائي، وغيرها.

عمل ولد التاه فيما بعد في مؤسسات مالية دولية، كما محل محللًا ماليًا في الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، ثم التحق بمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وشغل وظيفة مكلف بتشجيع الاستثمار، ثم مساعد فني للمجموعة.

في عام 2006، شغل منصب مستشار رئاسة الجمهورية الموريتانية مكلفًا بالاستثمار، وفي العام التالي، أصبح مستشارًا اقتصاديًا للوزير الأول مكلفًا بالبنية التحتية.

في عام 2008، شغل سيدي ولد التاه منصب وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية، وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 2015، وقد أتاح له هذا المنصب الإشراف على سياسات بلاده الاقتصادية، وبرامج التعاون الدولي، كام لعب دورًا مهمًا في التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، ووضع استراتيجية تنموية شاملة لنمو الاقتصاد في بلاده.

انتقل ولد التاه بعدها للعمل في عدة مؤسسات إقليمية، فقد شغل منصب المدير العام لإدارة الاقتصاد الريفي والزراعة في الاتحاد الإفريقي عمل بعدها المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا عام 2015، ومن أهم إنجازاته في هذه الفترة إعادة هيكلة سياسات الإقراض والتعاون الفني، كما عمل على توسيع نطاق الشراكات بين الدول الأفريقية.

رئيس البنك الإفريقي للتنمية

في 29 مايو 2025، تم اختيار الدكتور سيدي ولد التاه في منصب رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، ليصبح الرئيس التاسع بعد انتهاء ولاية الرئيس أكينوميي أديسينا. تنافس ولد التاه مع 4 مرشحين من السنغال وجنوب أفريقيا وزامبيا، وحصل على أكثر من 72% من أصوات الدول الأفريقية.

تولى ولد التاه هذا المنصب، في فترة يتطلع فيها البنك إلى تعزيز التحول الرقمي، وتجاوز تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمي، وتسريع وتيرة التنمية الصناعية.

وبعد انتخابه لهذا المنصب، وضع ولد التاه 5 أولويات محورية على رأس جدول أعماله، وأولها تحقيق الأمن الغذائي الشامل، من خلال دعم الزراعة المستدامة، والانتقال من الحلول المؤقتة لى بناء أنظم إنتاج غذائي قادرة على مواجهة التحديات.

يأمل ولد التاه أيضًا إلى تحفيز التكامل الإقليمي، عبر تحسين سلاسل القيمة الأفريقية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، ما من شأنه خلق أسواق أكبر وزيادة تنافسية المنتجات الأفريقية.

من بين أهدافه أيضًا تعزيز التمويل المناخي، وتطوير البنية التحتية المستدامة التي تتحمل تداعيات التغير المناخي، في وقت تتفاقم فيه التحديات البيئية على مستوى القارة.

يضع سيدي ولد التاه تمكين الشباب والمرأة اقتصادياً، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، من بين أولوياته، وذلك من خلال توفير فرص التدريب والتمويل والدعم لتعزيز مشاركتهم في الاقتصاد.

يهدف كذلك خلال شغله هذا المنصب إلى  توسيع الشراكات مع القطاع الخاص، وتشجيع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كرافعة أساسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

يعمل في صمت

عرف الدكتور سيدي ولد التاه بهدوئه اللافت، ولكن خلق هذا الصمت العديد من الإنجازات، فهو يملك قدرة على التحليل العميق، ويملك الكثير من التحديات التي تنتظره خلال شغله هذا المنصب.

يدرك ولد التاه جيداً أن التنمية ليست مجرد مشاريع أو قروض، بل مشروع حضاري شامل، لا يتحقق إلا عبر الاستثمار في رأس المال البشري، وتمكين المجتمعات المحلية، ودعم الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية. ومن هذا المنطلق، دعا إلى تعزيز دور المؤسسات الإقليمية.