يعد الفنان التشكيلي المصري عصمت داوستاشي من أبرز رموز الفن التشكيلي في مصر والوطن العربي، فقد تميز بإبداعه الفني في رسم لوحات تجمع بين التراث والحداثة، وكانت نشأته في الإسكندرية الساحلية سبب لإلهامه بأعمال فنية متعددة، وخلال مسيرته، قدم عشرات المعارض، ورسم مئات اللوحات التي جعلته شخصية بارزة في عالم الفن التشكيلي، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو عصمت داوستاشي؟
عصمت عبدالحليم إبراهيم، واسمه الفني عصمت داوستاشي، هو فنان تشكيلي مصري، ولد في 14 مارس عام 1943 في مدينة الإسكندرية، وهو واحد من أهم رموز الفن التشكيلي في مصر والوطن العربي.
بدأ عصمت مسيرته الفنية في سن مبكرة، حيث أظهر شغفًا بالرسم والتعبير البصري، وبعد دراسته في كلية الفنون الجميلة، تأثر بأساتذته الذين ساعدوه على تطوير تقنياته وأساليبه.
تميزت أعمال داوستاشي بالتنوع الفني من حيث الخامات والموضوعات التي جمعت بين الرمزية والواقعية والتراث والحداثة. خلال مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من 50 عامًا، أقام داوستاشي عشرات المعارض الفنية داخل مصر وخارجها.
ولم تقتصر مسيرة داوستاشي الفنية على الرسم فحسب، بل امتدت لكتابة الفنية والنقدية، وقد حصل خلال مسيرته على العديد من الجوائز تقديرًا لإسهاماته في إثراء المشهد الفني في مصر.
نشأته وتعليمه
ولد الفنان عصمت داوستاشي في مدينة الإسكندرية، وهو مصري من أصول يونانية، حيث نزحت عائلته المسلمة من جزيرة كريت إلى الإسكندرية، واستقرت في حي الأنفوشي، بجانب جامع المرسي أبو العباس، حيث ولد عصمت ونشأ.
برز اهتمام عصمت بالفنون منذ سن مبكرة، وقد كانت للمدينة الساحلية وطبيعتها المميزة دور مهم في أسلوبه الفني فيما بعد. التحق عصمت بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، وتخصص في النحت، وتخرج عام 1967.
![عصمت داوستاشي.. أيقونة الفن التشكيلي في مصر]()
مسيرته المهنية
بدأ الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي مسيرته المهنية بعد التخرج مباشرة، حيث عمل عام 1968 مخرج مساعد في البرامج الثقافية بالتلفزيون المصري، في العام التالي، تم انتدابه إلى ليبيا حيث عمل في الإخراج والرسم الصحفي في التلفزيون الليبي في بنغازي، واستقر في ليبيا مع زوجته وأبنائه حتى عام 1973.
عاد بعدها إلى مصر، واستأنف مسيرته الفنية هناك، وفي عام 1993، تم انتدابه من وزارة الثقافة مديرًا لمتحف الفنون الجميلة والمركز الثقافي في حي محرم بك في الإسكندرية، وخلال شغله هذا المنصب، تم تكليفه بتجديد وتطوير المتحف.
في العام التالي، شغل منصب مدير متحف الفنون الجميلة والمركز الثقافي بالإسكندرية، وفي عام 1996، حصل على التفرغ للإنتاج الفني في وزارة الثقافة. في عام 2011، شغل منصب رئيس مجلس إدارة مركز الإسكندرية للإبداع.
وبجانب المناصب التي شغلها، شغل الفنان عصمت داوستاشي عضوية عدد من الجمعيات الفنية في مصر، منها نقابة الفنانين التشكيليين، والجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي، والجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية، وجماعة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعي بالإسكندرية، والجمعية المصرية للتصوير الضوئي وغيرها.
![عصمت داوستاشي.. أيقونة الفن التشكيلي في مصر]()
مسيرته الفنية
تميز الفنان التشكيلي الراحل عصمت داوستاشي بتنوع فنه وشموليته، فقد مارس الرسم والنحت والتصوير والأعمال الفنية المركبة، وتميز بحبه لاستلهام الرموز الشعبية في أعماله، ويضيف عليها طابعه الخاص وشخصيته.
وخلال مسيرته الفنية، أقام داوستاشي عشرات المعارض الجماعية والخاصة، كما شارك في معارض دولية عدة في دول حول العالم، وتم اقتناء لوحاته من أشخاص من كل دول العالم بداية من السبعينات.
في الفترة من عام 1962 وحتى عام 2002، أقام الراحل 58 معرضًا خاصًا في مصر، وتحديدًا في الإسكندرية والقاهرة وعدة مدن من الأقاليم، ودول أخرى منها ألمانيا وإيطاليا والكويت، وكانت آخر معارضه في جاليري بيكاسو إيست في التجمع الخامس في فبراير عام 2025.
وقد شارك داوستاشي في أكثر من 100 معرض محلي جماعي، ومعظمها معارض أقيمت في الإسكندرية والقاهرة، شارك في هذه المعارض فنانون مصريون بارون، وآخر معارضه الجماعية كانت في منطقة الزمالك في جاليري ضي للفنون والثقافة.
ولم تقتصر مشاركات الفنان عصمت داوستاشي مع المعارض الخاصة والجماعية داخل مصر فحسب، بل شارك في معارض فنية ومهرجانات دولية، منها مشاركته في مهرجان الفيلم للهواة في تونس في منتصف السبعينات، وشارك في معرض فناني الإسكندرية في إسبانيا.
وكان للراحل حضور بارز في معارض الفن المصري المعاصر في عدد من دول العالم، منها سوريا، ولبنان، واليونان، والمكسيك، وألمانيا، وتونس، وفرنسا، وإسبانيا وغيرها.
شارك كذلك في معارض دولية في السودان، والإمارات، وطوكيو، والعراق، والصين، والهند، والسعودية، ودول أخرى. ومن أبرز محطاته خارج مصر اختياره مرشحًا باسم الدولة لإنجاز بوابة باسم مصر في مدينة باري الإيطالية في نهاية السبعينات.
![عصمت داوستاشي.. أيقونة الفن التشكيلي في مصر]()
أنشطته الثقافية
تنوعت إسهامات عصمت داوستاشي الفنية بين الرسم والتصوير والكتابة والنحت، وخلال مسيرته، أصدر العديد من الكتب التي تنوعت بين القصص القصيرة والشعر، بجانب الدراسات الفنية والنقدية والتوثيقية كذلك.
ومن بين مؤلفاته "الأشياء"، و"كلاميات"، و"عالم داوستاشي"، و"بينالي الإسكندرية"، و"عفت ناجي"، و"المجلد الكبير الوثائقي عن محمود سعيد"، و"حلاوة الروح". ومن بين أبرز مؤلفاتها كتاب "معرض في كتاب" الذي أنجزه في7 سنوات، وكتاب "الرملة البيضاء" وهو كتاب شبه سيرة ذاتية. في عام 2017، أصدر الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان "كناسة المرسم".
شارك الراحل كذلك في إصدار عددًا من المجلات الثقافية والفنية، كما أخرج عددًا من الأفلام القصيرة التي شاركت في بعض المهرجانات الفنية، ومنها فيلم الريشة والقلم الذي عرض مع افتتاح مكتبة الإسكندرية عام 2001.
جوائز وتكريمات
حصل الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي على العديد من الجوائز المحلية والدولية تقديرًا لإسهاماته الفنية، ومنها الجائزة الأولى في التصوير الزيتي عندما كان طالبًا في كلية الفنون الجميلة عام 1962. حصل أيضًا على جائزة التفوق والفني والاجتماعي من وزارة التربية في العام نفسه.
حصل فيما بعد على جوائز محلية من الدولة والمراكز الفنية، ومنها جائزة مختار، وجائزة مسابقة النيل، وجائزة بيكاسو وميرو من المركز الثقافي الإسباني خلال الثمانينات. حصل كذلك على جائزة اللوحة الصغيرة، وجائزة كوداك في التصوير الضوئي.
ومن جوائزه الدولية جائزة راديو فرنسا في تصميم إعلان عن أفريقيا، وجائزة لجنة التحكيم عن بينالي الإسكندرية الثامن عشر، وجائزة عن رسوم الأطفال باليابان في التصوير الضوئي من اليابان، كما تم تكريمه في السعودية من معرض "من النيل إلى الحرمين".
وفاة عصمت داوستاشي
رحل الفنان عصمت داوستاشي عن عالمنا في 13 مايو عام 2025 عن عمر 82 عامًا تاركًا خلفه إرثًا فنيًا كبيرًا، وقد شكلت وفاته صدمة لمحبيه وزملائه. بعد وفاته، نعاه وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، وقال عن رحيله: "برحيل الفنان الكبير عصمت داوستاشي، فقدت الساحة الثقافية قامة فنية رفيعة، ومبدعاً استثنائياً نقش الجمال في ذاكرة الوطن وكان أحد أعمدة الحركة التشكيلية في مصر".