قضية تصدم المغاربة .. أطفال يُرمى بهم في القمامة

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
قضية تصدم المغاربة .. أطفال يُرمى بهم في القمامة

عادت قضية الأطفال المُتخلى عنهم للواجهة في المغرب وأثارت جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحات عائشة الشنا، رئيسة "جمعية التضامن النسوي"، قبل أسبوع في مقابلة لها مع صحيفة "mujerhoy” الإسبانية، التي نقلتها يومية "أخبار اليوم"، والتي قالت فيها الشنا أن "المغرب يعيش حالة فصام غير مسبوقة"، مشيرة في هذا الصدد إلى أن "المغرب يُريد كل شيء وهذه أبرز أسباب العيش في هذا الفصام”.

وقالت الشنا إنه يتم التخلي بشكل سنوي عن 50 ألف طفل، وأنه يوجد في المتوسط ​​24 طفلاً يُرمى بهم كل يوم في القمامة، ولا يوجد عدد رسمي عن الأمهات العازبات بالمغرب.

هذه الأرقام "المخيفة" كما وُصفت من قبل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت صدمة المغاربة وتباينت ردود الفعل بين مصدق ومكذب لها. حيث رأى البعض أن هذه "الأرقام مبالغ فيها" وشكك في مصداقيتها، خاصة أن عائشة الشنا لم تفصح خلال تصريحاتها هذه عن مصدر هذه الأرقام.

لكنْ من جهة أخرى، رأى آخرون أن هذه الأرقام، إن كانت صحيحة، فإنها قد "تحمل معها كارثة للبلاد و تعكس الحقيقة التي لا يجب غض الطرف عنها".

أرقام تعكس الواقع؟

عائشة الشنا، ناشطة اجتماعية مغربية، وتعتبر من رائدات الدفاع والعناية بالأطفال المتخلى عنهم والأمهات العازبات، اللاتي تعانين من ويلات الانجاب خارج إطار الزواج. أسست الشنا جمعية التضامن النسوى عام 1985، وهى مؤسسة خيرية تقع في الدار البيضاء تهدف لمساعدة النساء العازبات وضحايا الاغتصاب.

وبسبب دعمها للنساء المحتاجات للرعاية، تحولت الشنا إلى أبرز الوجوه النسائية الفاعلة في مجال الدفاع عن المرأة في المغرب وحازت على عدة جوائز دولية.

وعن تصريحاتها والأرقام التي أثارت صدمة للمغاربة، قالت عائشة الشنا في حوارها مع DW عربية إن الأرقام مهولة وصحيحة وتعود إلى مصدر موثوق وهو جريدة ليكونوميست المغربية. وأضافت رئيسة جمعية التضامن النسوي: "هذه الأرقام ليست من عندي وإنما قرأتها في جريدة ليكونوميست والتي تعد من أكثر الجرائد الموثوق بها في المغرب"، في إشارة منها إلى الجريدة المغربية، التي تصدر باللغة الفرنسية .

من جهة أخرى كشفت دراسة كانت قد أنجزتها "العصبة المغربية لحماية الطفولة المغربية" مع "اليونيسف"، وبالتعاون مع منظمات نسائية، أن الأرقام اليوم تشير إلى أن 11.43% من الأطفال يولدون خارج إطار الزواج، أي ما يمثل 153 طفلاً يولدون يومياً خارج إطار الزواج، ويتم التخلي عن 24 طفلاً منهم في الشارع.

"مسؤولية موزعة"

الصدمة والغضب اللذان خلفتهما الأرقام، التي كشفت عنها رئيسة جمعية التضامن النسوي، وسط المغاربة، تزامن مع اليوم العالمي للطفل، الذي يُصادف الـ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام. كما يشهد المغرب حاليا فعاليات الدورة 16 من المؤتمر الوطني لحقوق الطفل، بمشاركة مجموعة من المسؤولين السياسيين وممثلي المجتمع المدني، مغاربة وعرب، والعديد من الأطفال المتفوقين في مجالات عدة، وأعضاء برلمان الطفل المغربي، ما يطرح تساؤلات حول وضعية وواقع الطفولة في المغرب، في ظل الأرقام المذكورة للأطفال خارج إطار الزواج والأطفال المتخلى عنهم في الشارع.

أبرز هذه التساؤلات هو على من تقع مسؤولية ما يحدث لهؤلاء الأطفال؟ اختلفت ردود الفعل بين من يحمَل مسؤولية هذه الظاهرة للدولة، ومن يحمَل الجمعيات التي تُعنى بالأمهات العازبات وأطفالهن، جزءاً من هذه المسؤولية، وبين من يرى أنها مسؤولية فردية بالدرجة الأولى.

وترى الشنا أن المسؤولية لا تقع على عاتق الدولة فقط، وإنما المسؤولية موزعة بين المجتمع، الأسرة و المجتمع المدني وقالت لـDW عربية: "على المجتمع تغيير نمط تفكيره. الدولة مسؤولة عن تعليم الأطفال وفتح المدارس أمامهم، والأسر مسؤولة عن تربية أبنائها". وأضافت الشنا أن المجتمع المغربي أمام مشكلة وعي وأن التربية الجنسية مهمة في تربية الأطفال، "كما أنها موجودة حتى داخل القرآن، لكن لا يتم التطرق لها بالمساجد، وهذا الأمر لا يحدث بالمغرب فقط وإنما في جميع الدول العربية". وتابعت رئيسة جمعية التضامن النسوي: "حتى لو حملت الفتاة خارج إطار الزواج، عندما تكون لديها ثقافة جنسية، فهي ستلجأ إلى الطبيب، و أقل شيء أننا لن نرى المزيد من إلى الأطفال يُلقى بهم في القمامة".

"الإجهاض ليس هو الحل"

بين الغضب، الصدمة والتساؤل حول مسؤولية الدولة والمجتمع تجاه رمي الأطفال والتخلي عنهم، تساءل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول الحل لهذه المشكلة، كما كتب سعيد ناشيد في تغريدة له على حسابه الشخصي على موقع "تويتر" والتي تساءل فيها قائلاَ: "(...) وفرة الفتاوى الدينية لم تحل المشكل، وفرة موانع الحمل لم تحل المشكل، صرامة القانون الجنائي لم تحل المشكل. ما الحل؟ (...)".

ويرى البعض أن إجازة الإجهاض قانونيا مسألة كفيلة بالتغلب على مشكلة رمي الرضع والتخلي عنهم. لكن عائشة الشنا، التي لا تنتمي إلى تيار أو توجه سياسي معين في المغرب، وتصف توجهها بـ "الإنساني"، تقول إن الإجهاض ليس هو الحل، وإنه يمكن اللجوء إليه في بعض الحالات الخاصة مثل زنا المحارم بسبب ما يترتب عنه من معاناة للأم والطفل.

وتوضح النشا: "لا يُمكن تصور المعاناة النفسية والجسدية للأمهات اللاتي لجأن إلى الإجهاض .. لا يُعقل أن تقتطع المرأة من جسدها بسبب رجل قضى شهوته وتخلى عنها. لدي حالات أمهات عازبات لم يلجأن للإجهاض، وأنا لست مع الإجهاض بل مع التربية الجنسية".

الكاتبة: إيمان ملوك