كاديلاك CT6 ... عودة إلى الأصالة

مع كاديلاك CT6 يُعيد الصانع الأميركي إحياء أسطورة سيارات العم سام الفارهة بحلة عصرية مميزة.

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 20 فبراير 2018 آخر تحديث: الإثنين، 09 نوفمبر 2020
كاديلاك CT6 الجديدة

كثيرة هي المهن التي تُحيط بالعاملين فيها هالة من النبل والسمو. فرجل الأمن الذي يتحوّل إلى بطل عندما ينجح في مهماته، يتحوّل إلى شهيد في حال سقط على أيدي المجرمين، أي أنه في كلا الحالتين ينال تقدير الجميع. ولكن مهنة تصميم السيارات على أهميتها لا تتمتع بنفس المستوى من النبل أو السمو إلا عندما يتعلق الأمر بإعادة إحياء علامات تجارية عرفت في الماضي من المجد ما حوّل إنتاجها من مجرد وسائل نقل عملية إلى أحلام تستريح على أربع عجلات في عالم الواقع، على غرار ألفا روميو مع طراز جوليا وكاديلاك التي عادت مع CT6 إلى رشدها عبر سيارة فاخرة وفية لتاريخها العريق.

ولعل نبل المهمة التي أُلقيت على عاتق فريق تصميم CT6 يتضاعف بشكلٍ أكبر مما قد يناله القيمون على ألفا روميو لسبب بسيط، وهو أنّ السيارة الرياضية الإيطالية الفائقة الأداء ليست مفتقدة ولا بأي شكل من الأشكال. ففي القطاع السوبر رياضي، باتت طرازات فيراري أفضل من أي وقتٍ مضى على صعيد السرعة، التماسك والأحاسيس الرياضية. أما لامبورغيني، فهي تتمتع دوماً بصبغتها الخاصة المفعمة بالعنفوان، فيما توفر مازيراتي مع غيبلي وكواترو بورتيه في فئة السيدان النكهة الإيطالية المميزة التي نحبها جميعاً، وهذا يعني أنّ ما سيضيفه طراز جوليا على الساحة العالمية لا يتجاوز حدود العلامة التجارية العريقة التي منها وُلدت أسطورة الحصان الجامح. أما في المقابل، فإنّ ما تقوم به كاديلاك مع CT6 ليس سوى إعادة إحياء أسطورة السيارة الأمريكية الفاخرة التي نفتقدها هذه الأيام كما يفتقد النور في ليلة حالكة الظلام، لذا فإنّ القيمون عليها يجب أن ينالوا التقدير سواء نجحوا أم فشلوا، تماماً كما يجب علينا أن نغفر لـ CT6 أي عيب قد يتواجد فيها لأنها بكل بساطة تمثل اليوم السيارة الأقرب للمفهوم الذي قامت عليه طرازات خالدة كـ دوفيل فليتود وبروغهام.

وكونها كذلك، فهي برأيي "من بيت فرفور، ذنبها مغفور" كما يقول المثل العربي الشهير، إذ ربما قد تكون محركاتها غير قادرة تماماً على توفير ما يحتاجه الجسم من قوة كي يندفع إلى الأمام، أو ربما فرضت عليها متطلبات العصر الحديث أن ينحاز جهاز تعليقها بعض الشيء لمستويات التماسك على حساب مستويات الراحة، إلا أنه يكفيها فخراً بأنها تتمتع بتلك الشخصية الأمريكية الفريدة التي لم تكن سوى رمزاً من رموز الفخامة وانعكاساً ميكانيكياً لحالة ثقافية معيّنة يتمتع بها مالكي سيارات العم سام.

وقد يقول أحدهم بأنّ كاديلاك لا تحتاج اليوم للعودة إلى الساحة العالمية، كونها عادت قبل أكثر من عقد من الزمن مع طرازات نالت شعبية كبيرة كـ CTS V بأجيالها الثلاثة المتعاقبة، وATS V الذي أبصر النور مؤخراً، إلا أنّ الأخيرة وإن كانت تتمتع بمميزات مكّنتها من جذب الكثير من العملاء، إلا أنها شكّلت حالة من الابتعاد الشبه كلي عن المفهوم الذي جعل من سيارات كاديلاك وسائل نقل مميزة. فعندما وقع كل من ألفيس برسلي وجيمي هندركس بغرام العلامة الأمريكية الشهيرة، لم يكن ذلك بسبب قدرتها على الدوران سريعاً حول حلبة نوربورغرينغ كما حصل مع الجيل الثاني من CTS V، أو لأن أجهزة التوجيه فيها تعمل بدقة عالية كما في ATS V، بل لأنها كانت كما وصفناها غير مرة في هذا التقرير أمريكية فاخرة ذات صبغة أرستقراطية، أي تماماً كما توحي به CT6 التي تشاهدون صورها هنا.

وبفضل هيكل متطوّر تمّ فيه الاعتماد على مادة الألومنيوم بشكلٍ مكثّف، تتمتع CT6 بوزن منخفض تتفوق فيه على شقيقتها الأصغر حجماً CTS، إلا أنّ الخيارات الميكانيكية المطروحة في السيارة والتي تتألف من محركين يتألفان من ست أسطوانات مثبّتة على شكل الحرف V الأول بسحب عادي سعة 3.6 ليتراً يولد قوة 335 حصاناً على سرعة 6,800 دورة في الدقيقة والثاني مع شاحن هواء توربو سعة 3.0 ليتر بقوة 404 أحصنة على سرعة دوران تبلغ 5,700 دورة في الدقيقة لا يؤمنان للسيارة تلك الاندفاعة التي تتوقعها من سيارة عصرية فاخرة كبيرة الحجم. وهنا لا أقول بأنّ هذا الأمر مزعج بنسبة كبيرة، أو أنه يُشعرك بالعجز عن اللحاق بحركة السير السريعة على الطريق، بل على العكس فإنّ القوة التي تتوفر للسائق تُعتبر أكثر من كافية، إلا أنّ المزعج صراحةً هو عدم وجود خيار الأسطوانات الثماني ضمن لائحة التجهيزات الميكانيكية.

فمع سيارة يُفترض بها أن تُعيدنا إلى أمجاد ماضي السيارات الأمريكية، كنا نتمنى لو كان الخيار الكبير ميكانيكياً الذي لطالما عُرفت به الأخيرة متوفراً. فرغم أنّ العصر الحالي بمتطلباته يفرض نهج المحركات الصغيرة المعزّزة بأجهزة توربو، ورغم أننا كررنا غير مرة بأنّ الأداء الميكانيكي هو دائماً أهم من مجرد عدد أسطوانات أكبر، إلا أنّ السيارة الأمريكية الفارهة برأيي يجب أن تكون آخر من يستغني عن النوع الكبير من المحركات.

من الداخل، تتمتع CT6 بمقصورة قيادة فاخرة ابتعدت معها كاديلاك كل البعد عن النوعية المساومة التي يمكنك أن تجدها على متن فئات ATS وCTS، فنوعية الجلد الذي يكسو المقاعد هو من أفضل ما يكون، أما نظيره الذي يكسو لوحة القيادة وحشية الأبواب الداخلية فإن كان بجودة أقل، إلا أنه يبقى أكثر من ممتاز، وربما أفضل مما يتوفر لدى بعض المنافسات الأوروبيات.

ورغم أنني من الأشخاص الذين يعتبرون أنّ أفضل مكان للتواجد داخل أي سيارة هو المقعد الأمامي الأيسر، إلا أنّ مقاعد CT6 الخلفية القابلة للتعديل كهربائياً وتوفير مستويات راحة عالية تساعدها في تحقيق ذلك مساحة رحبة.

ومن التجهيزات التي بالتأكيد لم تكن تتوفر لأي سيارة أمريكية فاخرة في الماضي إلا أنها في صلب نمط الحياة الأمريكية هو نظام الاستماع الموسيقي المتطوّر من نوع "بوز باناراي" الذي يبث نغماته الرخيمة من خلال 34 مكبر صوت مثبتين ضمن توزيع مدروس لتأمين نقاوة صوت استثنائية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ما لفت نظري بشكلٍ كبير داخل المقصورة هي كاميرا الرؤية الخلفية على المرآة الداخلية، التي تعد أول استخدام لتقنية الرؤية الكاملة في السيارات، خاصةً أنها تمزج ما بين تقنية الكاميرا ومرآة الرؤية الخلفية داخل السيارة لعرض رؤية واضحة للجهة الخلفية من السيارة بدون أي عائق، علماً أنّ السيارة تأتي مجهزة بالعديد من التجهيزات المتطورة الأخرى، لعل أبرزها نظام الرؤية الليلية.

وفي الختام، هل يمكننا القول بأنّ كاديلاك CT6 هي أفضل ما يتوفر في الأسواق بين سيارات السيدان الفاخرة الكبيرة؟ في الحقيقة قد يكون طرح هذا السؤال غير ضروري، إذ أنّ الضروري برأيي هو أن نسعد بعودة هذا النوع من السيارات.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على تيربو العرب. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا