كانتي البطل المتواضع

  • تاريخ النشر: الخميس، 06 مايو 2021
كانتي البطل المتواضع

ليس من السهل أبداً أن نجد في مجال كرة القدم لاعباً يجمع بين الموهبة والتواضع مثلما يجمعهما الفرنسي نغولو كانتي، ففي وقت أصبح التباهي بالممتلكات والإنجازات سمة ملازمة للاعبي كرة القدم بل ويُحبها بهم جماهيرهم نجد الجميع يُعلن عن حبه واحترامه لمتوسط ميدان نادي تشيلسي والمنتخب الفرنسي كانتي الشاب الأسمر صغير البنية كبير الأفعال والمقام في مركزه الذي يكاد يكون أفضل من يلعب فيه خلال الخمس سنوات الأخيرة.

كانتي من جامع قمامة إلى بطل إنجلترا 

ولد كانتي في فرنسا لعائلة مهاجرة من مالي وتربى في شقة صغيرة وبظروف مالية متواضعة تحدث عنها خلال المرات القليلة التي أجرى فيها لقاءات صحفية حيث يُعرف عن كانتي قلة كلامه فغالباً ما يرد بابتسامة خجلة مميزة للفتى الذهبي لتشيلسي والمنتخب الفرنسي حالياً.

تحمل نغولو كانتي المسؤولية منذ طفولته حيث اضطر للعمل في جمع القمامة ليُساعد عائلته التي كانت تُعاني من الظروف المادية الصعبة بعد وفاة والده، وفي الوقت نفسه كان يُثقل موهبته الكروية باللعب في مراكز الشباب المحلية في مدينته حيث كان يؤمن بأن كرة القدم ستؤمن له ولعائلته حياة كريمة لكنه لسنوات طويلة لم ينجح في جذب أعين كشافة الأندية الكبيرة في فرنسا إلى موهبته.

بدايته الكروية

بدأ كانتي مسيرته الاحترافية في عالم كرة القدم في سن مُتأخر نسبياً؛ حيث من الطبيعي للاعبي الكرة المحترفين خصوصاً المميزين منهم أن يُباشروا التدرب واللعب في أندية محترفة في الدوريات الرسمية منذ سن صغير أو على الأقل خلال بداية مرحلة المراهقة والتدرج في المراحل العمرية حسب موهبتهم، لكن نغولو كانتي إلتحق بأول نادي محترف في الدوري الفرنسي وهو بعمر العشرين عاماً وكان نادي بولون الذي كان يلعب حينها في دوري الدرجة الثانية الفرنسي ثم هبط في العام التالي لوصول كانتي إلى دوري الدرجة الثالثة، ولربما كان هذا الهبوط خير لكانتي حيث سمح له باللعب بشكلٍ أساسي أخيراً بعدما قضى عامه الأول مع بولون ولم يلعب به سوى مباراة واحدة، بينما لعب في العام التالي له 39 مباراة وسجل خلالهم 4 أهداف.

ثم عرف كانتي الأضواء للمرة الأولى عندما نجح في الصعود بفريقه الثاني خلال مرحلته الاحترافية كاين من دوري الدرجة الثانية إلى الدوري الفرنسي الأول في عام 2014 ولعب في الدوري الفرنسي الممتاز خلال موسم 2014/2015 37 مباراة سجل خلالهم هدفين ونجح في لفت الانظار إليه لينتقل إلى مرحلة جديدة في حياته يُسافر فيها إلى إنجلترا ليكون رسمياً لاعب بالدوري الإنجليزي عندما تعاقد مع نادي ليستر سيتي في عام 2015.

رجل دوري المعجزة

كان نغولو كانتي أحد رجال دوري المعجزة لفريقه السابق ليستر سيتي في أول موسم له مع الفريق الإنجليزي الذي نجى من الهبوط قبل قدومه في الجوالات الأخيرة بصعوبة كبيرة، حيث كانت مفاجأة للجميع تصدر ليستر سيتي بلاعبيه الشباب المجهولين ومدربه كلاوديو رانييري الدوري الإنجليزي وكان التشكيك لأخر الجولات في قدرتهم على الحصول على لقب الدوري في وجود كبار الدوري الأقوى في أوروبا والعالم، ولكن المعجزة حدثت بالفعل وتوج ليستر سيتي بطلاً للدوري الإنجليزي موسمو 2015/2016 وبرز كانتي كأحد أفضل لاعبي ليستر وصنفه البعض السبب الرئيسي في تتويج ليستر ستي بلقب البريميرليج.

لينتقل بعدها إلى أحد الكبار الخمس بإنجلترا نادي تشيلسي في عام 2016 لمدة خمس سنوات في صفقة بلغت قيمتها نحو 42 مليون دولار، في حين أن ثعالب ليستر ستي كانوا قد دفعوا في صفقة شرائه من كاين مقابل 9 مليون دولار فقط.

كانتي الخجول بطلاً للعالم

بعد سنوات من السعي وراء حلمه بأن يُصبح لاعب كرة قدم محترف يعمل خلالها بوظائف متواضعة ليتمكن من الإنفاق على نفسه ومساعدة أسرته وصل نغولو كانتي لأبعد مما كان يتوقعه له أي شخص عرفه قبل أن يُحقق دوري المعجزة مع ليستر ستي ويُصبح لاعب أساسي في المنتخب الفرنسي، ثم في عام 2018 يجد كانتي نفسه حديث الصحافة والجماهير بعد الأداء الرائع الذي قدمه في المباراة التي جمعت بين المنتخب الفرنسي والمنتخب الأرجنتيني بقيادة ميسي في دور الـ 16 من بطولة كأس العالم الماضية، حيث نجح كانتي في الحد من خطورة ميسي ومنعه من تقديم العون لزملائه كما اعتاد في مباراة وصفت بأنها نهائي مبكر، ثم استمر كانتي في تقديم العروض الرائعة في المباريات النهائية ليُكافئ على مجهوده الكبير بالتتويج بالبطولة ويُصبح بطل العالم لعام 2018 لكنه يظهر بعدها بملابسه وسيارته المتواضعة وخجل شديد أثناء الاحتفال باللقب مع زملائه الذين أطلقوا عليه كانتي الخجول.

كانتي وحلم دوري الأبطال

أصبح كانتي والبلوز على بُعد خطوة واحدة فقط من حلم كبير لصاحب الثلاثين عام وناديه الإنجليزي بعدما نجح مع رفاقه في تخطي ريال مدريد في نصف نهائي دوري الأبطال 2021 بمجموع ثلاثة أهداف لهدفين خلال المباراتين وحصل كانتي على أفضل لاعب في مباراة الذهاب والإياب وكان أبرز لاعبي الفريقين وقدم عرض متكامل دفاعياً وهجومياً، ولكن بعدها نجده يُغادر ملعب المباراة النهائية بسيارة لا تتعدى قيمتها 20 ألف يورو تقريباً، كذلك دون أن يظهر في أي لقطة محتفلاً بمبالغة فقط هي ابتسامة خجوله تظهر على وجهه.

والآن ينتظر المجد كانتي ليجمع بين لقبي بطل العالم وبطل أوروبا في حال استطاع مع تشيلسي تخطي مانشستر ستي بقيادة بيب جوراديولا وتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا لهذا العام، ليؤكد أحقيته بلقب أفضل متوسط ميدان في العالم.