تعد سيدة الأعمال و المليارديرة الهندية كيران مازومدار-شو واحدة من أبرز الشخصيات في عالم الأعمال والابتكار، فقد برزت في مجال التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية في الهند، فهي رئيسة مجلس إدارة شركة "بيوكون" التي نجحت في تحويلها من مصنع صغير لإنتاج الإنزيمات إلى واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية في العالم، لتضع بلدها على خارطة العالم في هذا القطاع، في هذا المقال، نلقي الضوء على إنجازاتها ومسيرتها والتحديات التي واجهتها.
من هي كيران مازومدار-شو؟
هي سيدة أعمال مليارديرة هندية عصامية، والرئيسة التنفيذية لشركة Biocon، التي تعد من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية في الهند. ولدت في 23 مارس عام 1953 في بنغالور.
عملت كيران في البداية في مجال التخمير، وهو المجال الذي كان والدها يعمل به، وكانت من أوائل النساء اللاتي يعملن في هذا المجال، وفي السبعينات، أسست شركتها "بيوكون" برأس مال صغير في بنغالور، وبدأت مغامرتها في عالم التكنولوجيا الحيوية لإنتاج الإنزيمات للصناعات المختلفة.
واجهت كيران في مسيرتها الكثير من التحديات التي تتعلق بالتمويل والثقة في قيادة امرأة شابة، فضلًا عن نقص الخبرات التقنية المتخصصة، لكنها نجحت في تحويل تلك التحديات إلى فرص.
بمرور الوقت، توسعت بيوكون إلى مجال الأدوية والعلاجات الحيوية، ونجحت في تطوير أدوية مبتكرة لعلاج السرطان وأمراض المناعة، لتصبح كيران مازومدار-شو أول سيدة في الهند تتولى قيادة شركة أدوية مدرجة في البورصة.
تم إدراج كيران في قوائم الشخصيات الأكثر تأثيرًا في العالم أكثر من مرة، وبالإضافة إلى إنجازاتها الاقتصادية، فهي نشطة في مجال البحث العلمي ودعم التعليم، وأسست مؤسسة للأبحاث الصحية لدعم العلاج منخفض التكلفة في البلاد، وهو ما جعلها رمزًا للريادة الاجتماعية والإنسانية.
من دراسة علوم الحيوان إلى صناعة الجعة
كيران مازومدار-شو في بنغالور بولاية كارناتاكا، وقد نشأت لوالد يعمل في صناعة الجعة في إحدى شركات التخمير. درست كيران في مدرسة بيشون كوتون الثانوية، وتخرجت عام 1986.
التحقت بعد ذلك بكلية ماونت كارمل في بنغالور، وهي كلية نسائية تقدم دورات ما قبل الجامعة. درست بعدها علم الأحياء وعلم الحيوان وتخرجت بدرجة بكالوريوس في علوم الحيوان من جامعة بنغالور عام 1973.
كانت كيران تسعى لدخول كلية الطب بعد التخرج، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب عدم حصولها على منحة دراستها، لذا اقترح عليها والدها أن تدخل مجال التخمير، وتصبح صانعة جعة مثله، وهو قرار لم يكن تقليديًا للنساء في ذلك الوقت.
وبالفعل، امتثلت كيران لنصيحة والدها، وسافرت إلى أستراليا، حيث درست التخمير في كلية بالارات في جامعة ملبورن، وكانت المرأة الوحيدة في صفها، ولكنها كانت الأكثر تفوقًا، وحصلت على شهادة في صناعة الخمر عام 1975.
بعد التخرج، بدأت عملت في صناعة وتخمير البيرة في عدة شركات أسترالية، كما عملت لفترة كمستشار فنية في شركات بيرة حتى عام 1977، لكنها كانت تطمح العودة إلى بلدها وتطوير مسيرتها المهنية هناك، على الرغم من أن مهنتها لم تكن شائعة للنساء في الهند.
![كيران مازومدار-شو.. واحدة من أغنى نساء الهند العصاميات]()
الاتجاه إلى التكنولوجيا الحيوية
خلال السبعينات، التقت كيران مازومدار-شو برجل الأعمال الأيرلندي بليزلي أوكينكلوس، مؤسس شركة بيوكون بيوكيميكال، وهي شركة تصنع الإنزيمات التي تستخدم في النسيج والتخمير وتغليف الأغذية.
كان هذا اللقاء سببًا في شراكتهما معًا، حيث كان يبحث حينها عن شريك في الهند لتأسيس فرع لشركته هناك وتزويج بإنزيم "بالباين"، فوافقت كيران على تولي الوظيفة.
عملت كيران كمتدربة لفترة في فرع الشركة في أيرلندا، ثم عادت إلى الهند، وهناك بدأت الشركة في مرآب منزل مستأجر في بنغالور برأس مال بسيط، وعلى الرغم من أن المشروع كان مشتركًا، إلا أن القوانين في الهند قيدت الملكية الأجنبية للشركات بنسبة 30%، وهذا يعني أنها تملك 70% من الشركة.
واجهت كيران صعوبات في البداية، حيث افتقرت للمصداقية بسبب صغر سنها وكونها امرأة، لذا لم تتمكن من توفير التمويل في البداية، إلا أنها حصلت على أول دعم مالي لها في إحدى المناسبات الاجتماعية.
وعلى الرغم من البداية الصعبة ونقص الإمكانيات والعمالة الماهرة، نجح المصنع في غضون سنة من تصنيع إنزيمات وتصديرها إلى الولايات المتحدة وأوروبا، وكانت أول شركة هندية تحقق هذا الإنجاز.
بعد تحقيق النجاح الكبير في العالم الأول، اشترت قطعة أرض لبناء مصنعها عليه، وبحلول الثمانينات، اشترت شركة يونيليفر الشركة، واستمرت كيران مازومدار-شو في أن تدير الوحدة في بنغالور حتى عام 1998، ثم عادت شركة حصة يونيليفر مقابل مليوني دولار، وكانت صفقة ناجحة، حيث باعت كيران أعمال صناعة الإنزيمات لشركة نوفوزايمر الدنماركية مقابل 115 مليون دولار في عام 2007
.
التوسع في تصنيع الأدوية
نجحت كيران مازومدار-شو، خلال قيادتها شركة بيوكون، على تطوير مجموعة متنوعة من المنتجات مع اهتمام خاص بالأبحاث المتعلقة بأمراض السكري وأمراض المناعة الذاتية، وأنشأت شركتين تابعتين لتعزيز قدرات الشركة والبحثية والإنتاجية في مجال الدواء.
شركتها الأولى "سينجين" التي تأسست عام 1994، وهي شركة متخصصة في تقديم خدمات الدعم والبحث والتطوير المبكرة على أساس تعاقدي مع شركات الأدوية. الشركة الثانية "كلينيجين" التي تأسست عام 200، وركزت على إجراء التجارب السريرية وتطوير الأدوية العامة.
لاحقًا، اندمجت كلينيجين مع سينجين لتعزيز قدراتها البحثية، وفي عام 2015، تم إدراج سينجين في بورصتي BSE وNSE، ويُقدّر رأس مالها السوقي حاليًا بحوالي 23,000 كرور روبية.
إلا أن رحلة الابتكار بدأت أبكر من ذلك، ففي عام 1984، أسست كيران فريقًا متخصصًا للبحث والتطوير لاكتشاف إنزيمات جديدة وتطوير تقنيات مبتكرة في مجال التخمير، وبعدها ب3 سنوات، شهدت الشركة أول توسع رئيسي لها، حيث حصلت على دعم مالي من ناريانان فاجول لدعم مشاريع شركتها البحثية.
وبحلول عام 1989، حققت بيوكون إنجازًا كبيرًا، وأصبحت أول شركة هندية للتكنولوجيا الحيوية تحصل على تمويل أمريكي لتطوير تقنيات ملكية.
وفي عام 1990، أسست كيران شركة Biocon Biopharmaceuticals Private Limited (BBLP) بالشراكة مع المركز الكوبي لعلم المناعة الجزيئية، لتصنيع وتسويق مجموعة من العلاجات الحيوية المتطورة، مما عزز من مكانة بيوكون في السوق العالمية كقوة رائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية.
ثروة كيران مازومدار-شو
تعد سيدة الأعمال الهندية كيران مازومدار-شو واحدة من المليارديرات العصاميات في الهند، حيث تبلغ ثروتها 3.1 مليار دولار.
جوائز وتكريمات
خلال مسيرته، حصلت سيدة الأعمال كيران مازومدار-شو على عشرات الجوائز والتكريمات المحلية والدولية والدكتوراه الفخرية من جامعات هندية وعالمية، بفضل إنجازاتها في مجال تصنيع الأدوية والبحث العلمي، وأعمالها الخيرية والإنسانية.
تم إدراج كيران في قوائم الأكثر تأثيرًا أكثر من مرة، منها مجلة تايم، ومجلة فايننشال تايمز، فوربس، وفارما ليدرز وغيرهم. حصلت كذلك على جوائز دولية بارزة، منها الميدالية الذهبية لمساهمتها في العلوم، وجائزة نيكي آسيا للنمو الإقليمي، وجائزة رائدة التكنولوجيا من المنتدى الاقتصادي العالمي.
حصلت كذلك على وسام الاستحقاق الأسترالي وهو أعلى وسام مدني في أستراليا. وفي الهند، حصلت على العديد من الجوائز، منها بادما شري وبادما بوشان، ورائدة الأعمال الديناميكية. حصلت أيضًا على دكتوراه فخرية من جامعات مرموقة، منها أبيرتاي، وجلاسكو، وكورك، وغيرها.
![كيران مازومدار-شو.. واحدة من أغنى نساء الهند العصاميات]()