لماذا ستتفوق الرياضات الإلكترونية على تلك الكبرى مثل NFL

  • تاريخ النشر: الجمعة، 06 أبريل 2018
لماذا ستتفوق الرياضات الإلكترونية على تلك الكبرى مثل NFL

يعتقد كثيرٌ من الناس بأن الرياضة تقتصر على تحريك العضلات واستعمال العقل، وأن الرياضات عموماً لا تمارس إلا بالهواء الطلق والمساحات المفتوحة أو داخل القاعات الرياضية الكبيرة.

إلا أن الجيل الجديد الذي رأى نور هذه الدنيا المتوجة بشبكة الانترنت يرى في هذا الاعتقاد حلقةً فارغة. فبالنسبة لهم، يمكن اعتبار اللعب أمام شاشة الحاسوب مع التسلح بلوحة مفاتيح وفأرة وسماعات أذنٍ رياضةً كاملة، كما لو كان الأمر رياضةً مثل كرة القاعدة وكرة القدم وغيرها من الرياضات الشعبية.

وإن السيّد Han Ki-Hoon، من كوريا الجنوبية، يندرج تحت خانة هذا الجيل الجديد، أو بالأحرى، جيل الرياضيون الجدد. حيث يمارس ذاك الأخيرة رياضته الخاصة في غرفته الصغيرة، خافتة الإنارة، متحكماً بشخصيته التي تواجه عدداً من الوحوش والأعداء.

كما أن لـHan اسماً مستعار يميزه في رياضته هذه، إذ يطلق على نفسه اسم viviD، وهو واحدٌ من بين ملايين اللاعبين الذين يقضون وقتهم في لعبة League of Legends أو المعروفة باسم LoL. لكن ما يميز vivid عن غيره من اللاعبين هي احترافيته العالية لهذه اللعبة، حيث تؤهله مهاراته الى اللعب في فريق DetonatioN Gaming الياباني.

هذا ويذكر بأن مهارة viviD مكّنته من الإنتقال الى اليابان قبل عامين، حيث يقول “كنت ألعب لصالح فريق كوريا الجنوبي، إلا أن عديدًا من الصعوبات وقفت في طريقنا” كما أردف قائلًا “إعتبرت نفسي متفرغًا، لذلك عرض علي فريق DetonatioN Gaming فرصةً للإلتحاق به.”

وتعتبر لعبة League of Legends لعبةً استراتيجية من فئة MOBA، حيث تتألف مبارياتها من فريقين بواقع ثلاثة أو خمسة لاعبين في الفريق الواحد. ويعتبر التواصل الجيد بين أعضاء الفريق وسيلةً ضرورية ومركزية في تحقيق الإنتصار. لكن الأهم من ذلك، هو أن مثل هذه اللعبة لا تعد مصدرًا للتسلية فقط. إذ أن Hann يكسب قوت عيشه ويتدرب مع رفاق فريقه في غرفة تدريب خاصة بهم في منزلهم الذي يطلقون عليه اسم “منزل اللعب” أو The Gaming House.

وقد يسهل على المرء تجاهل فكرة أن ألعاب الفيديو تشابه الى حدِ ما الرياضات البدنية. حيث يقول لاعبو الرياضات الإلكترونية أن رياضتهم هذه تتطلب كمية كبيرة من التفكير وردود الفعل السريعة والإنضباط الصارم، تماماً مثل أي رياضةٍ معروفة.

كما يجدر الذكر بأن لـHan عدداً من المعجبين والداعمين المهمين، ومن بينهم الحكومة اليابانية. حيث كان أول لاعبي الرياضات الإلكترونية الذين يتحصلون على التأشيرة الرياضية أو Athletic Visa من قِبل الحكومة اليابانية.

وتعتبر اليابان واحدةً من دولٍ عده تسعى الى مواكبة التطورات التي تجري في ساحة الرياضات الإلكترونية، فهنالك كوريا الجنوبية والصين وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية. حيث أن كل هذه المساعي تجسد أملاً في خلق مجال تجاري وترفيهي ورياضي جديد بوتيرة متسارعة. كما أعلنت حكومة هونغ كونغ عن استثمارِ لها بقيمة 12.7 مليون دولاراً من أجل تطوير سوق الرياضات الإلكترونية بصورة رسمية.

ومن المتوقع أن تصل قيمة مجال الرياضات الإلكترونية حاجز المليار دولار مع حلول عام 2021. كما ترى اليابان في دعم هذا المجال فرصةً كبيرة في دفع عجلة السياحة وتحسين شركات تطوير الألعاب، وعلى رأسها شركتي Nintendo و Capcom.

وقد قال Han، عندما أعتبر نفسه متفرغاً بعد ترك فريق بلاده، أنه لم يفكر حتى في الإنضمام لأي فريقِ في كوريا الجنوبية، وذلك لأنه أراد خوض تجارب مختلفة وجديدة في دولٍ أخرى حد تعبيره. وبذكر كوريا الجنوبية، فإن هذه الأخيرة تعتبر بمثابة الدوري الإنجليزي بالنسبة لعشاق كرة القدم. حيث تشتهر هذه الدولة بعقدها لعديد من البطولات الكبرى للرياضات الإلكترونية، حيث تصل الجوائز فيها لعشرات ملايين الدولارات الى جانب تخصيص عدد من الملاعب لإقامة الأحداث والبطولات المختلفة المتعلقة بمجال الرياضات الإلكترونية ومحبيها.

وقد صرح الأمين العام للإتحاد العالمي للرياضات الإلكترونية، السيد Leopold Chung، قائلاً “إن السبب وراء الإنتشار الواسع لهذا المجال في كوريا الجنوبية يتمثل في تحول هذا المجال الى ثقافة راسخة في أذهن الكوريين الجنوبيين، حيث أصبح اللعب نشاطاً روتينياً يمارس من قبل الأغلبية الساحقة في كوريا الجنوبية” حيث تشير احصائية الى أن حوالي مليون مواطن يقضون أوقاتهم في مقاهي الإنترنت للعب هذه الألعاب كل يوم. إلا أن طابع الرياضات الإلكترونية في كوريا الجنوبية يمتاز بالتحدي المبالغ فيه بين اللاعبين، حيث كان ذلك سبباً كافٍ في دفع بعض اللاعبين مثل Hen الى التطلع نحو تجارب جديدة في دولٍ ومجتمعات غير كوريا الجنوبية. حيث تشكلت عدد من الفرق الجديدة المكونة من اللاعبين الكوريين، وأفضل مثال على ذلك هو فريق London Spitfire، الذي شارك في بطولة Overwatch مؤخراً،

إنتصار للشركات الراعية:

حسب تقريرِ لشركة PwC، فإن ثروة مجال الرياضات الإلكترونية قد بلغ 327 مليون دولاراً عام 2016. حيث تعد الثروة أو قيمة السوق هذه أقل بكثرٍ من تلك التي تمتاز بها البطولات الكبرى لكرة القدم أو السلة. والسبب يعود الى الطبيعة المتنوعة التي تمتاز بها الرياضات الإلكترونية، حيث تتألف هذه الأخيرة من ألعاب عدة تختلف بالأسلوب والنوع وطرق التقديم وغيرها من المزايا، ما يعني أن هذا المجال لا يرتكز حالياً على لعبةٍ واحدةٍ دون غيرها.

لكن إلحاق الرياضات الإلكترونية بالأولومبياد الآسيوية لعام 2020 من شأنه أن يزيد من تضخم هذا المجال. حيث تقدر شركة PwC أن الرياضات الإلكترونية ستشهد نمواً كبيراً في المستقبل القريب بواقع 21.7% في السنة الواحدة، لتصل قيمتها في السوق 874 مليون دولاراً بحلول عام 2021. في حين تتوقع شركة Newzoo بأن تصل هذه القيمة الى 1.6 مليار دولاراً مع حلول 2021. وعلى مستوى الدول، فتتوقع شركة PwC بأن تكون الرياضات الإلكترونية الأسرع تطوراً في الصين مقارنة مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بمعدل 26.3%. لا سيما بعد موافقة شركة Tencent Holdings الصينية على تحويل مدينة Wuhu الى مجمعٍ مخصص للرياضات الإلكترونية، الى جانب تخصيص ملعبٍ وجامعة أيضاً لإستقبال الجيد الجديد من اللاعبين.

وفي حين تشهد الرياضات الإلكترونية تطوراً وتقدماً سريعا في مختلف دول العالم، فإننا نرى بطئًا لهذا المجال في اليابان. وذلك بسبب بعض القوانين التي تسعى للحد من ظاهرة المقامرة، الأمر الذي يحول دون قيام بطولات كبرى بجوائز نقدية كبيرة ومعقولة، الأمر الذي يبقي الأمور شبه راكدة في اليابان اذا ما تعلق الأمر في نمو الرياضات الإلكترونية فيها. وذلك على العكس تماماً من الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة. إلا أن هنالك ما يدعو للتفائل بالنسبة لليابان، حيث ظهرت بعض المؤسسات اليابانية المتعلقة بالرياضات الإلكترونية، حيث تطالب هذه الأخيرة بتسهيلات من الحكومة اليابانية الى جانب الترويج للرياضات الإلكترونية من أجل تنميتها في اليابان. حيث قامت هذه الشركات بتشكيل هئية موحدة تحت اسم JeSU التي تهدف الى تقديم رخص قانونية للاعبين التنافسيين في اليابان. ويمكن القول بأن اليابان قد أدركت الحقيقة، حيث بدأت باتخاذ خطوات فعلية لمواكبة المجال الصاعد للرياضات الإلكترونية.

ويجدر الذكر بأن لشركة Amazon الغنية عن التعريف دورًا ملحوظ في زيادة نمو هذا المجال، وذلك يعود الى تملك هذه الشركة لموقع Twitch الشهير في البث الحي للألعاب المختلفة. إذ قامت شركة Amazon بشراء Twitch مقابل 970 مليون دولار. كما شهد هذا المجال حالات مشابهة، مثل موافقة شبكة BAMTech على دفع مبلغ 300 مليون دولار لشركة Riot، المطورة للعبة League of Legends، على مدار ستة أعوام من أجل التحصل على حقوق البث الحي والإعلان لمختلف بطولات اللعبة. الأمر الذي يدعو الى تشجيع مختلف الشركات في تقديم الرعاية الرسمية والإستثمار في مجال الرياضات الإلكترونية، حيث يقول المحلل Christopher Merwin “نتوقع أن تجلب الرعايات الرسمية عائدًا كبيرًا، لا سيما وأن 80% من متابعي الرياضات الإلكترونية تتراوح أعمارهم من بين 10 الى 35 عاماً، ما يشكل بدوره جمهوراً قابلاً للإستقطاب من مختلف شركات الإستثمار والرعاية.

وعلى رغم ذلك كله، لا يخلو الطريق من بعض العقبات والتحديات. لا سيما تقبل المجتمعات لمثل هذا المجال أو هذه الرياضة بالأحرى. فمثلاً يرى نائب رئيس eGames السيد James Baker أن التحديات هذه تتمثل في بنية المجال نفسه. حيث يقول أن هنالك كثير من الشركات التي تتخذ الطابع الأفقي من حيث السوق (التركيز على قطاعات كبيرة دون غيرها) حيث أن هذه الشركات مملوكة من قبل كبار ناشري الألعاب. حيث يقترح Baker وجود مزيدِ من البطولات التي تركز على أكثر من لعبة وأكثر من ناشر، بدلاً من الإقتصار على لعبةٍ واحدة دون غيرها مثل Dota 2 وغيرها من العناوين الكبيرة.

كما يشير رئيس تحرير مجلة Game Star السيد Masumi Fukuda الى أن المشكلة الرئيسية تكمن في تقبل عامة الناس لمجال الرياضات الإلكترونية، حيث يرى أن المشكلة الرئيسية تكمن في جهل كثيرٍ من الناس تفاصيل ما يجري في في خضم الألعاب نفسها. حيث يقول “هنالك كثيرٌ من الجوانب في اللعبة لا يعيها سوى الذي يمارسها ويلعبها، حيث تشكل هذه مشكلة لمجال الرياضات الإلكترونية التي ترتكز بصورة أساسية على حشود متابعيها ومشاهديها، إذ يتطلب مزيدٌ من الجهود لتغيير هذه الجوانب وجعلها أكثر اهتماماً بالنسبة للمتابعين بصورة عامة.”

أما على مستوى اللاعبين، فإن الرياضات الإلكترونية تعد مربحة لكثيرٍ منهم. حيث كان أكثر اللاعبين ربحاً من هذا المجال اللاعب الألماني Kuro Takhasomi، الذي حصد مبلغ 2,436,667 مليون دولاراً خلال بطولةٍ للعبة Dota 2. وقد لا يحالف الحظ بعضهم، حيث خسر اللاعب Hajime Taniguchi، المعروف باسم Tokido، في منافسة للعبة Street Fighter، حيث تابعها ملايين من المشاهدين عبر الإنترنت. إذ انتهى الأمر بـTokido في المركز الرابع في هذه المنافسة.

وفي النهاية، يمكن الإتفاق على أن مجال الرياضات الإلكترونية يزداد حجماً يوماً بعد يوم، حيث يقول أحد متابعي المنافسة السابق ذكرها، المدعو Aaron “لقد كانت الألعاب بالنسبة لي أمراً صبيانياً، لكنها الآن تعد شيئاً كبيراً، وأنا أتوق لليوم الذي ستتفوق فيه الرياضات الإلكترونية على تلك الكبرى كـ NBA و NFL.”