أصبحت الكاتبة الألمانية مارجوت فريدلاندر رمزًا للسلام والتسامح في العالم الغربي كونها ناجية من الهولوكوست وشاهدة على جرائم النازية، حيث استطاعت أن تبقى على قيد الحياة رغم الصعاب لتروي قصتها عبر كتاباتها ومحاضراتها، في السطور التالية تعرف على مسيرتها وقصة حياتها.
من هي مارجوت فريدلاندر؟
آني مارغوت فريدلاندر هي كاتبة ألمانية وناجية من الهولوكوست، ولدت في 5 نوفمبر عام 1921 في برلين، وحققت شهرة كبيرة بسبب كتاباتها التي حكت فيها قصتها مع الهروب واللجوء خلال الحكم النازي في ألمانيا.
ولدت مارجوت في عائلة يهودية في برلين، ومع صعود النازية، بدأت حياة عائلتها في الانهيار، حيث ألقى القبض على عدد من أفراد أسرتها، لتبدأ رحلة الهروب والاختباء من السلطات النازية.
بعد فترة من الاختباء، ألقي القبض على مارجوت فريدلاندر، وعاشت في معسكر لليهود لفترة تحت ظروف قاسية، لكنها تمكنت من تحرير المعسكر على يد القوات السوفيتية في منتصف الأربعينات.
بعد الحرب، انتقلت إلى الولايات المتحدة، ومن هناك بدأت في كتابة قصتها، وأصدرت عددًا من الكتب وألقت محاضرات تروي فيها معاناتها ونضالها من أجل البقاء، وهو ما جعلها رمزًا الأمل والتسامح والسلام.
نشأتها وتعليمها
ولدت مارجوت فريدلاندر في برلين في عام 1921، ونشأت في عائلة يهودية ثرية، حيث كانت عائلتها تمتلك مصنعًا لتصنيع الأزرار، ويزود استوديوهات الأزياء المحلية في الحي اليهودي للنسيج.
في سن 11 عامًا، وصل النازيون إلى السلطة، لتبدأ مرحلة من التضييق على اليهود. في تلك الفترة، التحقت مارجوت بمدرسة للفنون والحرف اليدوية في برلين عام 1936، وتدربت لتصبح رسامة أزياء، كما عملت خياطة في تلك الفترة في أحد المصانع في منطقة أورانيتشتراسه.
وبحلول عام 1938، تزايد الاضطهاد ضد اليهود، وهو ما أجبر الكثيرون على الفرار والاختباء، وفي العام نفسه، وحينما كانت تبلغ من العمر 17 عامًا، شهدت المذبحة التي كانت ضد المتاجر والمعابد اليهودية.
أرادت والدة مارجوت في تلك الفترة الهجرة من البلاد، إلا أن والدها رفض وأصر على البقاء، فيما ذكرت مصادر أخرى بأن والدها هاجر إلى بلجيكا بعد انفصاله عن والدتها.
![مارجوت فريدلاندر.. آخر الناجيات من الهولوكوست]()
بداية اضطهاد عائلتها من قبل النازيين
انتقلت مارجوت فريدلاندر للعيش مع والدتها وشقيقها رالف بعد انفصال والديها، وخلال تلك الفترة، حاولت والدتها الهجرة أكثر من مرة، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل.
بدأت معاناة العائلة مع النازيين عام 1943، حيث تم اعتقال شقيقها رالف، البالغ من العمر 17 عامًا من قبل النازيين، فاضطرت مارجوت للهرب وعاشت لفترة مع زوجين يهوديين، وعلمت فيما بعد اعتقال والدتها أيضًا، لكن لم تستطع تحري الأخبار حولهما إلا بعد عقود من الزمن، حيث اكتشفت مقتلهما في معسكر أوشفيتز فيما بعد.
حاولت مارجوت في تلك الفترة الاختباء في برلين بالتنقل من مكان إلى آخر محاولة طلب المساعدة من شبكات سرية من الألمان المجهولين، وتنكرت بصبغ شعرها والسير بهوية مزيفة وإزالة نجمتها اليهودية من معطفها وبدلتها بارتداء سلسلة عليها صليب.
في عام 1944، وبعد سنة من محاولات الهروب، تعرضت مارجوت للخيانة من اليهود أنفسهم، الذين أبلغوا عن مكان اليهود المختبئين للنازيين، حيث تم اعتقالها، ونقلت إلى معسكر تيريزينشتات في جمهورية التشيك.
الحياة في معسكر الاعتقال
نقلت مارجوت فريدلاندر إلى معسكر معسكر تيريزينشتات، وعاشت وسط ظروف قاسية، وشهدت وصول المزيد من السجناء من معسكرات أخرى. في المعسكر، روت مارجوت أنه كان من الصعب التفريق بين الأحياء والأموات بسبب الأوضاع الصحية المزرية.
في الخامس من مايو عام 1945، أي بعد أقل من 4 أشهر من اعتقالها، وصلت مركبات الصليب الأحمر إلى المعسكر، وتولى الجيش السوفيتي قيادته، وتمكنت من الخروج من المعتقل.
من هو زوج مارجوت فريدلاندر؟
تعرفت مارجوت فريدلاندر على زوجها أدولف فريدلاندر في المعسكر النازي، وقد سبق أن التقت به في الجمعية الثقافية اليهودية في برلين قبل الاعتقال، لكن علاقتهما تطورت داخل المعسكر.
بعد التحرير مباشرة، تقدم أدولف لخطبتها، تزوجا في يونيو عام 1945، أي بعد 6 أسابيع فقط من خروجهما من المعتقل، وعاشا معًا لمدة عام في مخيم للنازحين قبل الهجرة إلى الولايات المتحدة.
![مارجوت فريدلاندر.. آخر الناجيات من الهولوكوست]()
الحياة في الهجرة وكتابة مذكراتها
انتقلت مارجوت فريدلاندر إلى الولايات المتحدة بصحبة زوجها أدولف، وفي المهجر أقسما ألا يعودا إلى ألمانيا مطلقًا. عملت مارجوت كخياطة لسنوات.
في عام 1997، وبعد وفاة زوجها، عاشت مارجوت وحيدة، وعادت الكثير من الذكريات التي تناستها عبر السنين، لذا، التحقت بدورة لكتابة المذكرات، وبدأت بكتابة مذكراتها في ألمانيا النازية.
وصلت تلك المذكرات إلى يد المخرج الألماني توماس هالاتشسنسكي، والذي أراد توثيق حياتها في فيلم وثائقي، فعادت مارجوت إلى برلين لأول مرة منذ سنين عام 2003، ووافقت على تقديم الفيلم الوثائقي.
عرض الفيلم الوثائقي، الذي حمل "لا تسميه هيمويه" لأول مرة في مهرجان وودستوك السينمائي عام 2004، وحقق الفيلم صدى واسعًا. بعد الشهرة الكبيرة، قررت مارجوت كتابة سيرتها الذاتية ونشرتها عام 2008 في نيويورك.
العودة والاستقرار في برلين
في عام 2010، وبعد سنوات من الهجرة، قررت مارجوت فريدلاندر العودة إلى ألمانيا والاستقرار في برلين بشكل دائم، وكانت تبلغ من العمر وقتها 88 عامًا. وفي ألمانيا، واصلت مارجوت جهودها لرواية قصتها خلال الحكم النازي، وألقت محاضرات في المدارس والجامعات، واستعادت جنسيتها الألمانية.
في الخامس من شهر نوفمبر عام 2021، احتفلت مارجوت بعيد ميلادها المئة، وهنأها بنفسه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير. في العام التالي، شاركت مارجوت في جلسة للبرلمان الأوروبي لإحياء ذكرى الهولوكوست.
وفاة مارجوت فريدلاندر
توفيت فريدلاندر في 9 مايو عام 2025 عن عمر يناهز 103 سنة، وقد توفيت في نفس اليوم الذي كان من المقرر فيه أن تحصل على وسام الاستحقاق، وهو أعلى وسام في ألمانيا.
![مارجوت فريدلاندر.. آخر الناجيات من الهولوكوست]()
جوائز وتكريمات
حصلت مارجوت فريدلاندر على العديد من الأوسمة خلال حياتها. في عام 2011، حصلت على وسام الصليب الاتحادي للاستحقاق من الرئيس كريستيان وولف. في عام 2018، حصلت على جائزة التاريخ اليهودي الألماني من مؤسسة أوبرماير.
في عام 2018، حصلت على لقب المواطنة الفخرية في برلين، وفي العام التالي، حصلت على جائزة تاليسمان. في عام 2021، حصلت على ميدالية جانيت وولف، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين عام 2022.
في يوليو من العام نفسه، حصلت على جائزة فالتر راثيناو بسبب جهودها في السياسة الخارجية، وفي يناير 2023، حصلت على وسام الصليب الضابط من وسام الاستحقاق لجمهورية ألمانيا الاتحاديه.