مفاجآت ملكة جزماتي لضيوف مهرجان برلين السينمائي الدولي

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الثلاثاء، 13 فبراير 2018
مفاجآت ملكة جزماتي لضيوف مهرجان برلين السينمائي الدولي

بدءا من 15 ولغاية 25 من فبراير الجاري تجري فعاليات الدورة الثامنة والستين من "مهرجان برلين السينمائي الدولي" (برليناله). ويصنف المهرجان واحداً من بين أكثر المهرجانات من نوعها أهمية على المستوى الدولي، وذلك إلى جانب "مهرجان كان السينمائي" و"مهرجان البندقية السينمائي الدولي".

في دورته السادسة والستين فاز الفيلم الإيطالي الوثائقي "فوكو آماري" (نار فوق البحر)، الذي يسجل مأساة اللاجئين، بجائزة الدب الذهبي، أرفع جوائز المهرجان. ولم يغب اللاجئون عن أجندة المهرجان هذا العام أيضاً، وإن كان حضورهم قد أخذ شكلاً آخر؛ إذ أن إدارة المهرجان اختارت اللاجئة السورية، ملكة جزماتي (30 عاماً)، والتي وصلت إلى ألمانيا قبل حوالي سنتين ونصف، لتكون من بين من يعدون الأطباق لكبار ضيوفه.

ولإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع، زار موقع "مهاجر نيوز" ملكة جزماتي في بيتها في برلين وأجرى معها الحوار التالي:

مهاجر نيوز: ما الأطباق التي ستفاجئين بها كبار ضيوف "مهرجان برلين السينمائي الدولي" (برليناله)؟

ملكة جزماتي: سأقدم أكلات جديدة عليهم كأطباق ورق العنب واليالنجي النباتي والمحشي الحلبي والبستا الشامية (يعرف في سوريا بحراق أصبعو) والباميا والرز والحمص. وبشكل عام حاولت انتقاء أطباق تعكس غنى وتنوع المطبخ السوري والعربي بشكل عام.

ملكة جزماتي: من الحرب إلى سفيرة المطبخ السوري في ألمانيا

مهاجر نيوز: هل سيكون هناك مقابل مادي؟

ملكة جزماتي:بالطبع! لقد أسست أنا وزوجي شركة لإعداد وتقديم الأطباق السورية والشرقية للأعراس والفعاليات الخاصة والعامة. ومنذ فترة تناولت المستشارة أنغيلا ميركل شاورما من صنع يداي في إحدى المناسبات التي قدمنا فيها المأكولات للمدعوين

مهاجر نيوز: هل يعني أنّكما انطلقتما في خطوات عملية وبناءة في رحلة الألف ميل؟

ملكة جزماتي: منذ ما يقارب السنتين استغنينا عن المساعدات الاجتماعية ولم نعد نعتمد على راتب المعونة المقدم من دائرة العمل، وندفع ما يترتب علينا من ضرائب. (تبتسم) دق على الخشب!

مهاجر نيوز: قصتك هي قصة نجاح مثيرة للاجئة وصلت منذ فترة ليست بعيدة إلى ألمانيا. ما سرّ نجاحك؟

ملكة جزماتي: هناك بعض الأشخاص يمر الحظ بجانبهم وقد يقف لبرهة ثم يتابع مسيره دون أن يبادروا لاقتناص ذلك الحظ، وفي المقابل هناك أشخاص يعرفون تماما كيفية الاستفادة من أدنى ومضة حظ ويخلقون منها فرصة. بالتأكيد أنا إنسانة محظوظة وجاءتني فرصة، ولكن الحظ وحده لا يكفي.

مهاجر نيوز: على أي أساس تم اختيارك أنت بالذات وما هي معايير الانتقاء بشكل عام؟

ملكة جزماتي: لا أستطيع الإجابة على السؤال بالكامل. بيّد أن كتابي، الذي نشرته باللغة الألمانية عن المطبخ السوري، قد يكون ساهم إلى حد ما بذلك، إذ أنه لا يتناول الأطعمة السورية فقط، بل يتناول تاريخ تلك الأطعمة. ربما قد يكون ساهم بخلق شغف لدى القائمين على المهرجان وربما كوني امرأة عربية ومسلمة ومحجبة ولاجئة تعمل وترفض الاعتماد على المعونات الاجتماعية ساهم بذلك أيضاً. كل ذلك ربما كان دافعا لهم للتعرف على ما يناقض الصورة النمطية المرتسمة في أذهانهم.

مهاجر نيوز: كيف تصفين شعورك وأنت تقدمين المطبخ السوري في هذه التظاهرة السينمائية الدولية؟

ملكة جزماتي: بالتأكيد أنا مسرورة. ولكن وفي نفس الوقت لدي خوف من المبالغة بالفرح؛ إذ أن ذلك قد يحول دون السعي لتحقيق المزيد من النجاح. لا أريد أن ينتهي سقف طموحاتي عند حد الطبخ في برليناله.

مهاجر نيوز: لا يخفِ الألمان إعجابهم بالمطبخ السوري. هل يصح هنا المثل المُحرّف: أقصر طريق لقلب الألماني هو معدته؟

ملكة جزماتي: صحيح مليار بالمئة. بعد وصولي برلين، بحثت عن لغة مشتركة مع الآخر. ووجدت أن الطبخ هو لغة مشتركة بين كل الشعوب.

مهاجر نيوز: ألا تعتقدين أن التركيز على الطبخ كثيراً يقزّم من إمكانيات اللاجئين الأخرى: الثقافية والفنية والعلمية والمهنية؟

ملكة جزماتي: الطهي بالنسبة لي ليس فقط ملح ورز وفلفل؛ الطبخ يعكس ثقافة وتطور الشعوب. عندما كان الإنسان في العصر الحجري كان يتغذى على ورق الأشجار. ومن ثم شرع الإنسان بالطبخ مع البدء بارتداء الملابس. يعني هذا أن الطبخ مرتبط بتطور الحضارة والثقافة.

عندما أقدم للألمان أكلا لذيذا ومصنوعا بحرفية عالية، فانا أقدم صورة حضارية عن بلدي. خذ على سبيل المثال الدقة والحرفية المطلوبة عند إعداد محشي الكوسا: الحفر بعناية وتحضير الحشوة ومن ثم حشوها وطبخها.

مهاجر نيوز: دارت معركة ظريفة منذ أسابيع على الفيسبوك بين مشجعي المطبخ الحلبي ونظيره الشامي. مع أي فريق كنت وما رأيك فيها؟

ملكة جزماتي: لم أنحاز إلى أي طرف في تلك "المعركة" والتي سُميت أيضاً بـ"حرب المطابخ". أنا شخصياً أعتقد أنه لا يتعين علينا أنّ نطلق عليها معركة، بل عرس المطبخ السوري. الكل حاول تقديم أفضل وأشهى ما لديه.

يتميز كل مطبخ سوري بنواحي معينة: أهل حلب هم سادة المحاشي والكبب ويبرعون بالأكلات الدسمة التي تعكس الفخامة والأبهة ويضيفون الكثير من البهارات والفلفل الأحمر للأكل. في حين يحبذ أهل دمشق التنوع في الأطباق المقدمة أكثر ويفضلون الأكلات الخفيفة، التي تحوي الكثير من الخضار والمعمولة بالزيت.

مهاجر نيوز: أضحت قضية اندماج اللاجئين في المجتمع والمنظومة الألمانية موضوع الساعة. هل تعتقدين أنه يتوجب على اللاجئين وحدهم الاندماج في المجتمع الألماني؛ أي اندماج من طرف واحد؟ أم أنه يتعين على المجتمع الألماني التحرك باتجاه الآخر (اللاجئين هنا) والتعرف عليه؟

ملكة جزماتي: الاندماج كالزواج يتطلب تعارف الزوجين وتقارب من بعضهما البعض. ومن هنا أرى أن الاندماج يجب أن يتم من الطرفين، ولكن الخطوة الأكبر والأوسع يجب أن يقوم بها اللاجئون. وهذا ببساطة لأننا نحن أقلية عددية قدمت للعيش في مجتمع أكثرية جديد. ومن هنا يتوجب عليها تقبل عاداتهم وقوانينهم وتعلم لغتهم. ولكن مطلوب من الألمان في المقابل الكثير: عدم تكوين آراء مسبقة عنا وهم لم يتعرفوا علينا بعد، وعدم التدخل بعاداتنا وتقاليدنا التي لا تؤثر سلباً وتضر بحياتنا معهم، ومساعدتنا على الدخول إلى سوق العمل.

مهاجر نيوز: بدأت حياتك المهنية في سوريا بالعمل موظفة بشركة اتصال، ثم شرعت في الأردن بدراسة العلاقات الدولية وولجت باب الإعلام. ومنذ قدومك إلى ألمانيا تركتي كل شيء وركزت على الطبخ. هل انتهى المطاف بك كطباخة أم أنك ستطرقين أبواب أخرى وتدخلين فضاءات جديدة؟

ملكة جزماتي: لا ينتهي بالإنسان المطاف إلى مكان إلا إذا قرر هو أن يكون ذلك المكان هو نهايته. دون التقليل من مهنة الطبخ أرى فيها جسراً للعودة إلى الإعلام من جديد. لقد وجدت نفسي في الإعلام.

ألاحظ كم نحن سيئون بنظر الآخر. وإلى الإعلام يعود كل ذلك. أريد العودة للإعلام لأحاول تغير تلك الصورة النمطية السيئة عن العرب والمسلمين والمرأة العربية المسلمة على وجه الخصوص. أحقق بعض النجاح في عملي كطباخة في تقديم الصورة الصحيحة والحقيقية، إلا أن العمل الإعلامي يجعل المهمة أيسر وأسرع وأكثر فعالية وأوسع تأثيراً.

أجرى الحوار خالد سلامة ـ

مهاجر نيوز