صنع ليو الرابع عشر التاريخ كونه أول أمريكي يصبح بابا في تاريخ الفاتيكان، فقد برز اسمه على الساحة الكاثوليكية العالمية، واستطاع أن يحظى بثقة الكرادلة في روما، ليتم انتخابه بعد وفاة بابا الفاتيكان السابق البابا فرانسيس، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو ليو الرابع عشر؟
روبرت فرانسيس بريفوست، أو ليو الرابع عشر، هو رئيس الكنيسة الكاثوليكية وحاكم دولة الفاتيكان منذ مايو 2025، ولد في 14 سبتمبر عام 1955 في ولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولد ليو في عائلة كاثوليكية محافظة، ونشأ في بيئة متدينة تشكلت فيه ملامح شخصيته، والتحق بالمدارس الكاثوليكية، ثم درس اللاهوت والفلسفة في الجامعة، وبعدها انتقل إلى روما لإكمال دراسته الكنسية العليا.
بدأ ليو الرابع عشر مسيرته الكهنوتية ككاهن شاب في أبرشية بروكلين، وتميز بخطبه المؤثرة، ونشاطه الاجتماعي، وسرعان ما جذب أنظار القيادات الكنيسة، فترقى في المناصب سريعًا.
في عام 2015، تم تعيينه أسقفًا مساعدًا في نيويورك، وفي عام 2021، رقي إلى رتبة كاردينال، وبرز كمدافع قوي عن حقوق الإنسان. بعد إعلان البابا السابق استقالته بسبب حالته الصحية، برز اسمه كأحد المرشحين الأكثر تأثيرًا لقيادة الكنيسة الكاثوليكية، وبالفعل، تم انتخابه عام 2025، ليصبح أول أمريكي يتولى هذا المنصب.
نشأته وتعليمه
ولد ليو الرابع عشر في إلينوي بشيكاغو لعائلة من مسيحية متدينة، فقد حرصت عائلته منذ ولادته على تعليمه الدين، فتم اختياره كصبي مذبح. درس ليو في المدارس الكاثوليكية، حيث التحق بمدرسة سانت أوغسطين اللاهوتية الثانوية، وتخرج فيها عام 1973.
التحق بعدها بجامعة فيلانوفا، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم والرياضيات، إلا أنه قرر إكمال دراسته العليا في اللاهوت، فحصل على درجة الماجستير في اللاهوت من الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكية في شيكاغو عام 1982.
حصل بعدها على درجة الليسانس في القانون الكنسي، ثم درجة الدكتوراه في القانون الكنسي عام 1987 من الجامعة البابوية للقديس توما الأكويني في روما.
![ليو الرابع عشر.. أول أمريكي يصبح بابا للفاتيكان]()
مسيرته في الكنيسة
بدأ مسيرة ليو الرابع عشر في الكنيسة منذ عام 1979، حيث انضم إلى رهبنة القديس أوغسطين في كنيسة سانت لويس في ولاية ميزوري، وأقام فيه الكنيسة حتى الثمانينات.
في عام 1982، تم تعيينه كاهنًا من قبل رئيس الأساقفة جان جادوت في روما، وفي الوقت نفسه، كان يعمل مدرسًا للفيزياء والرياضيات في مدرسة القديسة ريتا في شيكاغو، وكان في الوقت نفسه يدرس في الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي.
عمله كمبشر في بيرو
بدأ ليو الرابع عشر محطة جديدة في مسيرته الكنسية بانضمامه إلى البعثة الأوغسطينية في بيرو عام 1985، حيث شغل منصب مستشار حبرية تولوكاناس الإقليمية، لتبدأ مسيرته الاستثنائية التي جمع فيها بين العمل الاجتماعي والرعوي والقيادة الدينية.
وفي بيرو، تولى رئاسة المعهد الأوغسطيني في تروخيو لمدة 10 سنوات بداية من عام 1988، وترك بصمة مهمة في تطوير الدراسات الكنسية، وتدريس القانون الكنسي في المعهد الأبرشي، بالإضافة إلى نشاطه في خدمة الرعية، وأصبح قريبًا من الفئات المهمشة والفقيرة.
وخلال التسعينات، شهدت بيرو واحدة من أكثر الفترات اضطرابا في تاريخها، حيث تصاعد موجة العنف والإرهاب، وهنا ظهر ليو الرابع عشر كأحد أبرز الأصوات الدينية التي انتقدت جرائم النظام العسكري، وطالب الرئيس فوجيموري، بعد اعتقاله، بالاعتذار إلى الشعب البيروفي.
![ليو الرابع عشر.. أول أمريكي يصبح بابا للفاتيكان]()
العودة إلى الولايات المتحدة وتحديات جديدة
عاد ليو الرابع عشر إلى الولايات المتحدة بعد سنوات من العمل في بيرو، وفورًا تم انتخابه رئيسًا إقليميًا لرهبنة القديس أوغسطين في شيكاغو. في عام 200، واجه أصعب التحديات في مسيرته عندما سمح للكاهن جيمس راي، الذي اتهم بالاعتداء الجنسي على القصر، بالعيش في دير القديس جون ستون، ومنعه من الإقامة بالقرب من إحدى المدارس الرعوية.
في عام 2002، وبعد تشديد الإجراءات ضد الانتهاكات داخل الكنيسة، نقل إلى موقع آخرين وتم تعيينه رئيسًا عامًا لرهبنة القديس أوغسطين، وذلك يشغل هذا المنصب حتى عام 2013.
خلال فترة ولايته، واجه تحديات عديدة تتعلق بمزاعم الانتهاكات الجنسية داخل الرهبنة، وهي القضايا التي أثارت ضغطًا كبيرًا عليه، وجعلته يتخذ خطوات أكثر حزمًا لتشديد الرقابة وتفعيل سياسات الحماية والوقاية.
بعد انتهاء فترة ولايته كرئيس عام للرهبنة عام 2013، عاد ليو الرابع عشر إلى شيكاغو، وواصل عمله كمدير للتدريب في دير القديس أوغسطين، وفي هذه المرحلة، ركز على تدريب الجيل الجديد من الكهنة، واستند إلى تجربته الطويلة في بيرو.
أصبح ليو الرابع عشر في ذلك الوقت نموذجًا لرجل الدين الذين جمع بين الالتزام الاجتماعي والرسالة الروحية، وركز على قضايا العدالة الاجتماعية.
العودة إلى بيرو والترقي في المناصب
في عام 2014، قرر البابا فرانسيس تعيين ليو الرابع عشر مديرًا رسوليًا لأبرشية تشكيلاو وأسقفًا فخريًا لصوفار في بيرو، ليصبح جزءًا أساسيًا ومهمًا ضمن الهيكل الكنسي في بيرو.
وفي عام 2015، عين أسقفًا لتشيكلايو، وذلك بعد حصوله على الجنسية البيروفية، وهو ما عزز ارتباطه بالبلاد. استمر ليو الرابع عشر الصعود ضمن هرم الكنيسة الكاثوليكية، ففي عام 2019، عين عضوًا في مجمع رجال الدين، وفي عام 2020، توسعت مسؤولياته وأصبح مديرًا رسوليًا لأبرشية كالاو.
في نوفمبر من العام نفسه، انضم إلى مجمع الأساقفة، وساهم في رسم سياسات الكنيسة وتعزيز التنسيق بين الأبرشيات في أمريكا اللاتينية، وقدم إسهامات كبيرة في دعم المنظمة الكنيسة كرايتسا بيرو المهتمة بالإغاثة والتنمية.
كان لليو الرابع عشر دور مهم في تهدئة الأوضاع في بيرو خلال فترة الاحتجاجات الشعبية من 2022 إلى 2033، وعبر عن قلقه من العنف الدموي ضد المتظاهرين، كما تمسك بمنصبه في بيرو رغم الاضطرابات لتقديم الدعم الروحي للمجتمع المحلي.
وخلال تواجده في بيرو، واجه لوي الرابع عشر تحديات أخرى بسبب الاعتداءات الجنسية من قبل الكهنة، حيث اتهم بأنه لم يتعامل بجدية مع شكوى المتضررين، وهو ما دفعهم إلى تصعيد القضية في وسائل الإعلام.
![ليو الرابع عشر.. أول أمريكي يصبح بابا للفاتيكان]()
زيادة النفوذ داخل الفاتيكان
في عام 2023، عيّن البابا فرانسيس بيرفوسترئيسًا لدائرة الأساقفة، وهو ما منحه دورًا مهمًا في اختيار المرشحين الأسقفيين في العالم، وازدادت نفوذه في الفاتيكان عندما تمت ترقيته إلى رتبة كاردينال شماس في كنيسة سانتا مونيكا ديكلي اغوستيناني في روما.
في فبراير عام 2025، نال ترقية جديدة عندما رفعه البابا فرانسيس إلى رتبة كاردينال أسقف، كما عين عُين أسقفًا فخريًا لأبرشية ألبانو الضواحي.
اختياره بابا الفاتيكان
في 8 مايو عام 2025، انتخب الكونكلاف الكاردينال روبرت فرانسيس بيرفوست ليكون الحبر الأعظم رقم 267 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وقد أعلن عن هذا الخبر في ساحة القديس بطرس، ليصبح البابا الجديد للفاتيكان.
بعد اختياره، اختار لنفسه اسمًا جديدًا، وهو "ليو الرابع عشر"، وهذا الإجراء يعد جزءًا من تقليد عريق في الفاتيكان، حيث يختار البابا الجديد اسمًا من أسماء أسلافهم، سواء مبشرين أو غيرهم، للإشارة إلى الإعجاب بهم أو الرغبة في السير على خطاهم.