آينشتاين ونظرية النسبية الخاصة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الأربعاء، 24 نوفمبر 2021
مقالات ذات صلة
ماذا تعرف عن آلبرت آينشتاين
تعديل تشريعي سعودي يقصر نسبة الوافدين في القطاع الخاص على 25%
أينشتاين تخلى عن الجنسية الألمانية بسبب الخدمة العسكرية

ألبرت أينشتاين، لعله أحد أكبر وأهم فيزيائي العصر الحديث، وأكثرهم شهرة، فمن منا لم يسمع باسمه فيما مضى.. سنتكلم في هذا المقال عن نظريته الأولى التي ألهمت العديد من الأفلام الهوليوودية، ذلك لأنها ستبدو ضرباً من الخيال أكثر مما هي حقيقة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

بداية الفكرة وتجربة مايكلسون-موريلي لها

بدايةً كانت الفكرة الشائعة عن الكون، أن الأرض هي مركزه وكافة النجوم والكواكب تدور حولها، فيما بعد أثبت أن الأرض هي أحد الكواكب التي تدور حول النجم الهائل الذي نسميه الشمس، والتي بدورها تدور حول مركز المجرة؛ لكن الفكرة السائدة أيضاً أن المجرات تبقى على مسافات ثابتة عن بعضها، وبداخلها تتحرك النجوم والكواكب. لتعود فيما بعد هذه الفكرة لتُصحح عند اكتشاف توسّع الكون، حيث أن كل شيء يتحرك ببطء بعيداً عن بعضهم.

انطلاقاً من هذه الفكرة قام مايكلسون وموريلي بتصميم تجربة ذكية لحساب سرعة حركة الأرض ضمن ما يعرف بالأثير.

والأثير: هو المنطقة في الفضاء، كل الفضاء، التي تتحرك في داخلها كافة الأشياء، النجوم والكواكب والمجرات وغيرها. بذلك يمكن اعتبارها مرجعاً للحركات المطلقة، بمعنىً آخر: الأثير هو الثابت الوحيد في الكون، وكل شيء بتحرك داخله.

تجربة مايكلسون-موريلي

تعمل التجربة عن طريق عدد من المرايا وشعاع ليزر ضوئي، اعتماداً على هذه الأدوات البسيطة بالإضافة لبعض الحساسات الدقيقة، قام العالمان بالقيام بالتجربة التي يوضحها الرسم المتحرك الآتي:

الدراسة النظرية للتجربة توقعت حدوث تأخر بين الشعاعين الضوئيين (الكرتين الأزرق والأحمر في الرسم على اليمين) وذلك بسبب حركة الأرض، لكن كانت المفاجأة أن الشعاعين وصلا في اللحظة ذاتها (الرسم على اليسار)، ذلك كأن الأرض ثابتة ولا تتحرك على الإطلاق رغم إعادة التجربة عدة مرات وبأدوات قياس ذات دقّة أكبر.

جرت عدّة محاولات لتفسير التجربة، كان أفضلها تفسير "لورنتز" التي تقتضي أن القياسات تختلف في حالة الحركة عن حالة السكون، بمعنى آخر تختلف قياسات الأطوال والزمن أثناء الحركة، بالطبع هذا الفرض كان مدعماً بالمعادلات الرياضية المطلوبة إلا أن ذلك بقي شيئاً نظرياً فحسب.

فرضيات النسبية الخاصة

  1. الفرضية الأولى: "لا يمكن تمييز الحركة المستقيمة المنتظمة (ذات السرعة الثابتة) عن السكون". أي أنه في حال وجود جسمين يتحركان الحركة المستقيمة ذاتها وبالسرعة نفسها، فلا يمكن تمييزهما عن بعض، وأفضل مثال عن ذلك هو في حال جلوسك في الطائرة، فرغم أن الطائرة تتحرك بسرعة كبيرة، إلا أن جميع الأشخاص الموجودين على متنها -بالتالي يتحركون معها- يرصدون بعضهم كما لو أنهم في غرفة ثابتة على الأرض؛ فلا يمكن تمييز الحركة عن السكون في هذ الحالة.
  2. الفرضية الثانية: "سرعة الضوء هي أكبر سرعة يمكن الوصول إليها، وهي مستقلة عن أي حركة"، لتوضيح ذلك سنفترض وجود شخص ما على قارب سريع، وسيقوم بإطلاق سهم، مرة باتجاه حركة القارب (حيث سيتم جمع سرعة القارب وسرعة إطلاق السهم لنحصل على السرعة الكلية للسهم)، والمرة الأخرى سيتم إطلاق السهم بعكس حركة القارب (وبالتالي ستكون سرعة السهم هي حاصل طرح سرعة القارب من سرعة السهم).

عند التكلم عن الضوء سيختلف الأمر كلياً، فسرعة الضوء ستكون ثابتة (300 ألف كيلومتر في الثانية) بغض النظر عن اتجاه الحركة، وحركة المراقب للضوء.

ومن هاتين الفرضيتين يأتي اسم النظرية النسبية أي أن القياسات تختلف من حالة لأخرى بحسب الحركة، أي أن القياسات التي أقيسها ستكون صحيحة بالنسبة لي، ولكن قد تكون خاطئة بالنسبة لمراقب آخر وفق شروط أخرى.

القنبلة النووية: الكتلة تتحول إلى طاقة والطاقة تتحول إلى كتلة

عند إلقاء نظرة أدق في المعادلات التي طرحها آينشتاين وبعد القيام بتعديلات رياضية طفيفة عليها، سنجد العلاقة الأشهر في الفيزياء.

"الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء" (E=mc2)

والمعنى الفيزيائي لهذه المعادلة (بما أن سرعة الضوء ثابتة) هو أن الطاقة والكتلة وجهان لعملة واحدة، بمعنىً أبسط: الكتلة تتحول لطاقة، والطاقة تتحول لكتلة.

سمحت هذه العلاقة بصناعة القنبلة النووية، حيث تعتمد على المبدأ البسيط القاضي بأن الكتلة تتحول لطاقة؛ فالقنبلة النووية تحتوي على كمية من اليورانيوم، ووفق آلية معينة تنشطر نوى ذرات اليورانيوم إلى ذرات أصغر، ولكن إن قمنا بجمع كتل النوى الناتجة سنجد أنها أقل من كتلة اليورانيوم، هذه الكتلة المفقودة تحولت لطاقة وفق علاقة أينشتاين السابقة، محررة طاقة هائلة من كمية قليلة من اليورانيوم.

أوضح مثال على ذلك مدينتي "هيروشيما" و"ناكازاكي" اليابانيتين حيث رميت عليهما قنبلتين نوويتين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، كانت كل قنبلة كفيلة بأن تقوم بمسح المدينتين عن وجه الأرض.

الحدّ الكوني للسرعة

كما ذكرنا سابقاً فالضوء يتحرك بسرعة ثابتة، هي أكبر سرعة يمكن الوصول إليها، وذلك بسبب أن تحويلات لورتنز تقتضي أنه لا يمكن لكتلة ما أن تتحرك أسرع من الضوء، حيث ستصبح الطاقة -وبالتالي الكتلة- لا نهائية في القيمة، وهذا أمر مستحيل، كما أن وجود قيم لانهائية في الفيزياء يعني وجود خطأ في أساس النظرية.

الزمن نسبي ومتغير بحسب حركتك وقابل للتمدد والتقلص وفقاً لسرعتك

قبل طرح أينشتاين لنظريته النسبية الخاصة، كان مفهوم الزمن وكأنما هناك ساعة كونيّة تقيس الزمن في كافة أرجاء الكون بتزامن، فلا يهم ما تقوم به أو طبيعة الحركة فالزمن ذاته، لكن النسبية الخاصة ألغت هذا المفهوم تماماً فالزمن أيضاً نسبيّ وهو متغير بحسب حركتك، وقابل للتمدد أو للتقلص وفقاً لسرعتك.

فعندما تزداد سرعتك بشكل كبير، أي تقترب من سرعة الضوء، فالزمن سوف يبدأ بالتباطؤ، لا يعني هذا أنك ستشعر بتأخر الزمن، وإنما أحد ما يراقبك سيشعر بهذا الأمر.. بتبسيط أكثر، إن تحركت بسرعة قريبة من سرعة الضوء في الفضاء لمدة ساعة فعند عودتك للكرة الأرضية ستكون سنوات عديدة قد مرّت على ذهابك، رغم أنك لم تقس سوى ساعة من الزمن فقط.

بالتالي لا يمكن الفصل بين المكان (الطول والعرض والارتفاع) والزمان، فهما مرتبطان بشكل مباشر، أي أننا نعيش في كون رباعيّ الأبعاد مكوّن من المكان والزمان، أو اختصاراً (الزمكان) وهو نسيج سمح فيما بعد بوجود النسبية العامة والتي تعدّ توصيفاً جديداً للجاذبية والتي سنتحدث عنها في مقال مفصل.