ألمانيا.. تشديد سياسة الهجرة مقابل عجز الاستثمار في الكفاءات الأجنبية

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ ساعة
مقالات ذات صلة
روسيا تعتمد سياسية جديدة في قوانين الهجرة لها
تعرف على حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية 2022
السعودية: الاستثمار الأجنبي المباشر يتجاوز 2.5 مليار دولار

في وقت تعاني فيه ألمانيا من أزمة نقص حادة في اليد العاملة، تثير الدعوة لسياسات هجرة متشددة تساؤلات حول مدى توافقها مع حاجات الاقتصاد الألماني، وخاصة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.

قال ميرتس في تصريحات سبقت وصول حزبه لتحقيق المركز الأول في آخر انتخابات في البلاد، إن "جواز السفر الألماني هو نهاية الاندماج وليس بدايته"، في إشارة إلى أن الجنسية يجب أن تُمنح فقط لمن أثبت اندماجه الكامل، وذلك في حوار له مع صحيفة فيلت آم زونتاغ الألمانية.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

بعد ما يناهز 6 أسابيع على الإدلاء بهذه التصريحات، أعلن ميرتس أنه بعد تسلم الحكومة الجديدة لمهامها رسميا، ستتم إعادة تفعيل الرقابة الصارمة على الحدود الألمانية، والقيام بعمليات إعادة للاجئين والمهاجرين "بأعداد كبيرة".

وزير الداخلية الاتحادي الجديد، ألكسندر دوبريندت، السياسي عن الحزب المسيحي الاجتماعي CSU، يظهر أيضا حزما غير مسبوق، مؤكدا أن "كل من يحاول الوصول إلى ألمانيا بطريقة غير شرعية بعد السادس من مايو/أيار، يجب أن يعرف أن الأمر سينتهي على الحدود".

وقد وعد دوبريندت بـ"إعادة تنظيم سياسة الهجرة بشكل جذري"، متعهدا بتكثيف عمليات الترحيل ومراقبة الحدود، مستفيدا من دعم حزبه والتحالف الحاكم، في مقابل ما كان يواجهه سلفه هورست زيهوفر من معارضة داخلية في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.

خطاب شعبوي متصاعد

في السياق نفسه، كما هو الحال منذ تأسيسه سنة 2013، لا يفوت حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، أي فرصة لاستثمار موضوع الهجرة في خطابه السياسي، إذ يروج لأن الهجرة تعد المشكل الذي تدور حوله رحى المشاكل الاقتصادية والأمنية في البلد.

إلا أن هذه الخطابات صارت نبرتها أكثر وضوحا وعنفا في الفترة الأخيرة، وهذا الخطاب الشعبوي المتهم للمهاجرين، هو ما ساعد الحزب على تحقيق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات الأخيرة.

وكونها كانت المرشحة الرئيسية للحزب في الانتخابات الأخيرة، جعلت أليس فايدل موضوع الهجرة أساس خطابها.

وقد دعت فايدل حينها إلى تغيير جذري في سياسة اللجوء والهجرة الألمانية، عبر إغلاق الحدود بشكل تام، وبهذا تتفق خطابات الحكومة والمعارضة حول موضوع واحد.

لكن هذه السياسات والخطابات تتجاهل الواقع المعقّد الذي تعيشه البلاد، وخاصة التحديات الديموغرافية والاقتصادية التي تجعل من اليد العاملة الأجنبية عنصرا حيويا لسد فجوات سوق العمل.

ففي الوقت الذي ترتفع فيه حدة الخطاب السياسي المعادي للهجرة من مختلف الأحزاب سواء المشكلة للحكومة أو المعارضة، تعاني مؤسسات ألمانية عديدة من عجز في الموارد البشرية، وتطلق الحكومة نفسها بين الحين والآخر حملات لاستقطاب كفاءات من الخارج.

متاهة فقدان الأمل

قصة محمود، شاب أردني في الـ38 من عمره، تعكس هذا التناقض بشكل صارخ، فقد قدم محمود إلى ألمانيا من الإمارات قبل سبع سنوات، حالما بتطوير مسيرته المهنية في الإعلام، بعد تجربة ناجحة مع قنوات شهيرة في الخليج.

رغم إتقانه اللغة الألمانية بمستوى C1، واستكماله لدراسة جامعية في المجال الإداري، لم يجد إلى اليوم فرصة عمل مستقرة. يقول في حوار مع مهاجر نيوز: "لا أتلقى سوى الرفض على كل طلبات العمل التي أتقدم بها، في مجال الإعلام فقدت الأمل، وفي مجالي الأكاديمي يطلبون خبرة ولا يمنحونني فرصة لاكتسابها".

محمود اشتكى أيضا من العراقيل التي واجهها في معادلة شهاداته، مما اضطره للعمل في مهن بسيطة لا تكفيه للعيش دون مساعدات الدولة، رغم مؤهلاته المهنية وشهاداته.

اليوم، وبعد سبع سنوات من الانتظار، يفكر الشاب الأردني جديا في العودة إلى الإمارات بحثا عن بداية جديدة، بعدما ضاعت سنوات من عمره في بلد "ينادي باستقدام اليد العاملة ولا يحسن تدبيرها أو إدماجها"، على حد تعبيره.

قصة محمود ليست استثناء، فمهاجر نيوز سبق له أن وثق حالات مشابهة، منها قصة وزير أفغاني سابق لم يتمكن من العمل بسبب بيروقراطية معادلة الشهادات، وأطباء سوريين ظلوا معلقين لسنوات في انتظار اعتراف المؤسسات الألمانية بمؤهلاتهم.

جميع هؤلاء، يمثلون كفاءات فقدت بريقها بسبب سياسات لا تنجح في الاستفادة من طاقاتهم، بل تدفعهم إما إلى البطالة أو إلى مغادرة البلاد.

ألمانيا.. حلم لا يفنى

على ضفاف أخرى عديدة، هناك طاقات شابة تحلم بفرصة عمل في ألمانيا رغم كل التحديات.

فاطمة الزهراء، شابة مغربية في العشرينات من عمرها تواظب على حضور دروس اللغة الألمانية في مدرسة خاصة، ممرضة مارست المهنة لسنتين في القطاع الخاص في بلدها، أكدت في حديثها لـمهاجر نيوز أن "لا الخطابات السياسية السلبية، ولا الأخبار التي تحذر من صعوبات سوق العمل الألماني"، ستثنيها عن قرارها بالهجرة.

وتضيف "ألمانيا في حاجة لليد العاملة، خاصة في مجال تخصصي، لا أفكر في الهجرة دون عودة، لكن يهمني أن أخوض التجربة في بلد آخر، وأكتسب الخبرة وأكتشف بيئة جديدة".

تدرك فاطمة الزهراء أن ألمانيا تمر بتحولات سياسية، وأن اليمين يتقدم بخطاب رافض للأجانب، لكنها تعتقد أن الواقع أقوى من السياسة. تقول: "أعرف أن تصريحات السياسيين سلبية، لكن لا يؤثر الأمر على قراري. بلدهم يحتاجنا، وهم يعرفون ذلك" تقول فاطمة.