ثورة غوارديولا التكتيكية: من التموضع إلى "كرة قدم حديثة"
بعد موسم انتهى بخسارة، يبدو أن مانشستر سيتي بقيادة الإسباني جوزيب غوارديولا يتّجه نحو ثورة تكتيكية غير مسبوقة في مسيرته التدريبية مع الفريق، عنوانها: التخلي عن "التموضع" وتبني "كرة القدم الحديثة".
ورغم أن غوارديولا لطالما عُرف كأحد أبرز من رسّخوا فلسفة اللعب التموقعي (positional play)، إلا أن تصريحًا له قبل أشهر قليلة لمّح إلى تغيّر في قناعاته. قال حينها: "الكرة الحديثة ليست تلك التي تُلعب بالتموضع، بل تلك التي تعتمد على رفع الإيقاع، كما يفعل بورنموث، نيوكاسل، برايتون وليفربول."
ذلك التصريح، وإن بدا صادمًا في حينه، بات الآن واضح المعالم في ظل التعاقدات الأخيرة التي أبرمها النادي، وآخرها ضم المدرب الهولندي بيب ليندرس كمساعد أول لغوارديولا، بعد سنوات قضاها ضمن الطاقم الفني ليورغن كلوب في ليفربول.
ساني يودع البايرن دون أن يترك بصمة واضحة أو حباً جماهيرياً
تحول في الهوية التكتيكية
بدأت ملامح التحول تظهر فعليًا في النصف الثاني من الموسم الماضي، حيث تراجع متوسط الاستحواذ من 65.5% إلى 61.3%، وفقًا لتقرير صادر عن "بي بي سي"، بالتوازي مع ارتفاع ملحوظ في عدد الهجمات المرتدة والكرات الطويلة من الحارس البرازيلي إيدرسون، ما يشير إلى رغبة واضحة في تفادي الضغط العالي.
التحول بدأ بضم المصري عمر مرموش في الانتقالات الشتوية، وهو مهاجم يتمتع بقدرة على المراوغة والانطلاق بالكرة، ثم تلته صفقات الصيف، وأبرزها التعاقد مع الهولندي تيجاني رايندرس والفرنسي ريان شرقي، وهما لاعبان يتمتعان بخاصية التقدم بالكرة بين الخطوط واللعب السريع.
لغة الأرقام تدعم التوجّه الجديد
بحسب بيانات "بي بي سي"، فإن الثلاثي الجديد (مرموش، رايندرس، شرقي) سجل أرقامًا تفوق تلك التي حققها أبرز لاعبي خط وسط سيتي في الموسم الماضي على صعيد حمل الكرة والمراوغة.
في معدل التقدم بالكرة لمسافة لا تقل عن 5 أمتار، سجل مرموش 4.53، شرقي 4.67، ورايندرس 3.19، مقارنة بـ 2.7 لكيفن دي بروين، و2.59 لغوندوغان.
أما في معدل المراوغات، فقد حقق مرموش 6.87 مراوغة ناجحة في المباراة، مقابل 1.8 لدي بروين، و1.66 لغوندوغان.
ظهير هجومي وفكر جديد
التعاقد مع الجزائري ريان آيت نوري يعزز هذا التحول كذلك، إذ يُعد من أكثر الأظهرة هجومًا في البريميرليغ. احتل المركز الثاني في عدد المراوغات الناجحة (63)، والسادس في التقدم بالكرة، وكان من بين أفضل ثلاثة مدافعين مساهمة هجومية.
آيت نوري ليس ظهيرًا تقليديًا كما اعتاد غوارديولا أن يستخدم في منظومته المعقدة، بل يمنح هامشًا أكبر من الحرية والابتكار، في انسجام مع "الوجه الجديد" لسيتي.
ليندرس: رفيق المرحلة الجديدة
يعوّل غوارديولا على ليندرس، الرجل الذي يُنسب إليه جزء كبير من التحول الهجومي في ليفربول كلوب، ليكون شريكًا أساسيًا في إرساء فلسفة اللعب الجديد. فمع العودة المحتملة إلى "كرة عمودية سريعة وضغط عكسي"، يبدو سيتي عازمًا على استعادة الهيمنة... لكن هذه المرة بطابع هجومي أكثر حداثة وجرأة.