ما الذي يعرقل الاستثمار في رواد أعمال المنطقة؟‎

  • بواسطة: ومضة تاريخ النشر: الإثنين، 17 نوفمبر 2014 | آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
رواد الأعمال الأكثر نفوذاً
رواد الأعمال الأكثر إبداعـاً في الإمارات
5 عادات يتبعها رواد الأعمال الناجحين

تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكلٍ ملحٍّ إلى تعزيز نموّ ريادة الأعمال وزيادة الفرص. والبلدان التي تحتاج لخلق ملايين فرص العمل والكثير من الشركات التي لا تبدأ بسهولةٍ ولكنّها تنمو، يمكن أن تلعب دوراً فعّالاً في عملية التوظيف في المنطقة، بالإضافة إلى دعم أهدافٍ اقليمية أخرى مثل التنوّع الاقتصادي. ولكنّ تقريراً من مختبر "ومضة" للأبحاث يبرز التحدّيات الجوهرية التي تمنع الشركات من تلقي التمويل اللازم للنموّ. وفي تقريرنا الأخير، تعزيز طرق الوصول إلى التمويل: تقييم مشهد التمويل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تمّت دراسة عيّنة من 254 شركة حازت على استثمارٍ في الأسهم، و65 مؤسّسة تؤمّن التمويل لروّاد الأعمال في المنطقة. وذلك لفهم التوجّهات والتحدّيات التي تتميّز بها عملية التمويل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

يُعتبر الوصول إلى التمويل عاملاً حاسماً لنموّ الشركات الناشئة في المنطقة. وبالتالي تحتاج الشركات، لتنتقل من المرحلة التأسيسية إلى مراحل النموّ، إلى دفقٍ مستمرٍّ من رأس المال. وبما أنّ الحصول على رأس المال هو جزء لا يتجزّأ من مسيرة ريادة الأعمال، يندفع صنّاع القرار للتركيز على تعزيز الوصول إلى رأس المال، كأولويةٍ في عملية دعم روّاد الأعمال. ولكن إذا أراد أصحاب المصلحة، في البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في المنطقة، أن يصنعوا تأثيراً ملموساً من خلال الاستثمار في روّاد الأعمال، يجب أن يقرّروا ذلك اعتماداً على أنواع التمويل ووتيرته والكمّيات المطلوبة منه.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

حدّد مختبر ومضة للأبحاث نحو 200 مؤسّسةٍ وبرنامجٍ مخوّلٍ لدعم روّاد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما عدا منظمّات التمويل الأصغر. وذلك في وقتٍ يُعتبر هذا الرقم تقدماً جوهرياً في عدد المؤسسات، التي قُدّر عددها عام 2008 بنحو 30 مؤسّسة عاملة. وبالنسبة للكيانات المالية على وجه الخصوص، وجد مختبر ومضة للأبحاث 50 مصدرَ تمويلٍ في العام 2013، مقارنةً بأقل من 20 منها عام 2008. وفي بحثنا، تمكّنا أيضاً من تحديد نحو 28 استثماراً مقابل أسهمٍ عام 2009، تزايدت لأكثر من ثلاثة أضعاف عام 2012 فأصبح عددها نحو 99 استثماراً. 

وتُعتبر هذه التطوّرات واعدةً بالفعل، ليس فقط لتوافر المزيد من الموارد المالية لدعم الشركات الناشئة، بل لأنّها موزّعةٌ ومتنوّعةٌ أيضاً. فالوصول إلى التمويل، يمكن أن يؤدي دوراً مباشراً في التأكّد من أنّ الشركات تنمو وتقوم بخلق فرص العمل خلال هذه العملية.

ومع ذلك، تمكّن بحثنا من العثور على فجوةٍ، يمكن أن تشكّل عائقاً أمام الشركات الناشئة. وفيما حدّدنا 220 استثماراً في مشاريع الشركات الناشئة بين عامَي 2009 و2012، فإنّ 76% من هذه الاستثمارات كانت أقلّ من 200 ألف دولارٍ أميركي. كما أنّه في معظم البلدان التي نظرنا إليها، بلغ متوسّط التمويل أيضاً نحو 200 ألف دولار أو أقلّ. إنّ التمويل بهذا الحجم مهمٌّ جداً للشركة عندما تكون في مراحلها الأولى، ولكنّها سوف تحتاج إلى تمويلٍ أكبر بكثير إذا ما أرادت أن تتوسّع. والوصول إلى مبلغٍ أكبر من رأس المال، يمكنه أن يحدّد ما إذا كان رائد الأعمال سيقوم بافتتاح مكتبٍ جديد أو بتطوير منتجٍ جديد، أو حتّى توظيف أشخاص جدد.

في طريقها للنموّ، تحتاج الشركات إلى عدّة جولاتٍ تمويلية، سواء كانت استثمارات مقابل أسهم أو حتى قروضاً. غير أنّنا وجدنا أنّ معظم الشركات في العيّنة التي درسناها، أي نحو 68% منها، لم تحصل سوى على جولةٍ تمويلية واحدة، وأنّ 12 % منها فقط تمكّنت من الحصول على قروضٍ مصرفية.

بطبيعة الحال، يمكن تفسير هذه الفجوات في التمويل بسبب حداثة نشأة الشركات التي قمنا بدراستها. وفيما يبلغ معدّل أعمار معظمها بين سنتَين وثلاث سنوات، يمكن لأحدهم أن يقول إنّ معظم الشركات في العيّنة التي نقوم بدراستها ليست في عمرٍ يسمح لها بالحصول على تمويلٍ أكبر. من جهة أخرى، فإنّ مجرّد عدم حصول الشركة على تمويل ٍ لا يعني أنّ هناك مشكلةٌ أو فجوةٌ تمويلية. فنماذج الأعمال السيئة وقلّة المعرفة في السوق وعدم استقرار فرق العمل، كلّها عوامل يمكن أن تمنع الشركات أيضاً من الحصول على رأس المال، حتّى لو كان متوفّراًً بكثرة.

وفي محاولةٍ لفهم هذه الاتجاهات بشكلٍ أفضل، قمنا بالحديث إلى عددٍ من المستثمرين وروّاد الأعمال بالإضافة إلى خبراء آخرين من مختلف أنحاء المنطقة. فوجدنا إجماعاً على أنّ التمويل الإضافي متوفّر، لكنّ عدداً قليلاً من الشركات يستطيع أن يصل إلى التمويل الأكبر حجماً الذي يساعدها على التوسّع.

في الواقع، عندما قمنا بسؤال عيّنةٍ من 65 مؤسّسةً تمويل لروّاد أعمالٍ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال 66% منهم إنّ التوسّع بالنسبة لروّاد الأعمال هو المرحلة الأصعب في عملية النموّ. بالإضافة إلى ذلك، قال نصف المموِّلين الذين شملهم الاستطلاع، إنّ العروض الصغيرة لتمويل المشاريع هي التحدّي الأبرز لروّاد الأعمال في المنطقة في سبيل حصولهم على استثمار. وشدّد نحو 60% من المموِّلين على أنّ روّاد الأعمال يحتاجون إلى تحسين مهاراتهم في التخطيط الاستراتيجيّ واتّخاذ القرارات، ممّا يشير إلى أنّ هناك أموراً غير مالية يمكن أن تعرقل عملية الحصول على التمويل.

تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موجةً غير مسبوقةٍ لدعم ريادة الأعمال، حيث انتشرت بشكلٍ غير مسبوق صناديق التمويل الجديدة وحاضنات الأعمال والفعاليات وشبكات التواصل، من شمال إفريقيا حتى الخليج العربي في نصف عقدٍ من الزمن. وفي الوقت نفسه، تقوم هذه البيئة الحاضنة للأعمال بتطوير أفضل الممارسات التي تنتقل بدورها إلى خارج المنطقة.

وفي سبيل الاستفادة من مجتمع الشركات الناشئة المزدهرة في المنطقة، لا تحتاج البيئة الحاضنة للأعمال إلى تسهيل الوصول للتمويل ببساطةٍ، بل إلى فهم التمويل الذي تحتاجه شركاتها الواعدة من حيث أحجامه المناسبة وأنواعه ومدى تكراره. وبالتالي، يجب أن تكون هذه الاعتباراتُ عناصرَ أساسيةً في أيّ جدولٍ لريادة الأعمال.