مصطلح تعويم العملة (Floating Exchange Rate)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الجمعة، 21 يناير 2022
مقالات ذات صلة
اللقطات الأولى للسفينة الجانحة في قناة السويس بعد نجاح عملية تعويمها
مصر ترفع الفائدة 6 % قبل تعويم الجنيه
رئيس البنك المركزي المصري: الأسعار لن ترتفع بعد التعويم

يعد مفهوم تعويم العملة من المصطلحات الاقتصادية الشائعة والتي مجرد أن تسمع اسمها أو تسمع بأن بلدك سيطبقها تشعر بالقلق، فما هو هذا المصطلح؟ متى تم اعتماده؟ ما عيوبه؟ وما مزاياه؟ وما الفرق بينه وبين سعر الصرف الثابت؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه المقالة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

ما هو مفهوم سعر الصرف؟

قبل الخوض في تعويم العملة ومعناه، عيوبه ومزاياه، لابد من معرفة ما المقصود بسعر الصرف، سعر الصرف هو سعر صرف عملة واحدة مقابل عملة أخرى (بعبارة أخرى قيمة عملة بلد آخر مقارنة بعملة بلدك)، فإذا كنت مسافراً إلى بلد آخر تحتاج إلى "شراء" العملة المحلية لذلك البلد، تماماً مثل سعر أي أصل (سلعة أو عقار).

سعر الصرف هو السعر الذي بموجبه تشتري تلك العملة، إذا كنت مسافراً إلى مصر - على سبيل المثال - وسعر الصرف للدولار الأمريكي هو: 5.5 جنيه مصري، هذا يعني أنه مقابل كل دولار أمريكي يمكنك شراء خمسة ونصف جنيه مصري، ومن الناحية النظرية، ينبغي أن تبيع الأصول المتطابقة بنفس السعر في بلدان مختلفة، لأن سعر الصرف يجب أن يحافظ على القيمة المتأصلة لعملة واحدة مقابل العملة الأخرى.

أنواع سعر الصرف

هناك نوعان لسعر الصرف، أو طريقتان يمكن من خلالهما تحديد سعر صرف هذه العملة أو تلك أمام العملات الأجنبية الأخرى، هذان النوعان هما، سعر الصرف الثابت، وسعر الصرف العائم أو تعويم العملة (موضوع مقالتنا).

1- أسعار الصرف الثابتة

يقصد بسعر الصرف الثابت السعر الذي تحدده حكومة هذا البلد أو ذاك لعملتها أمام العملات الأخرى وغالباً ما يكون التحديد مقابل الدولار الأمريكي باعتباره عملة عالمية، ومن أجل الحفاظ على سعر الصرف المحلي يشتري البنك المركزي ويبيع عملته الخاصة في سوق الصرف الأجنبي مقابل العملة التي يرتبط بها، فإذا تبين مثلاً أن قيمة وحدة واحدة بالعملة المحلية تساوي 3 دولارات أمريكية يتعين على البنك المركزي أن يضمن إمكانية تزويد السوق بتلك الدولارات من أجل الحفاظ على هذا المعدل.

ويجب على البنك المركزي الحفاظ على مستوى عالٍ من الاحتياطيات الأجنبية (الاحتياطي من العملات الأجنبية)، وهذا يضمن توفير المال المناسب، التحكم بالتقلبات المناسبة في السوق (التضخم / الانكماش)، وفي نهاية المطاف سعر الصرف، كما يمكن للبنك المركزي أيضاً تعديل سعر الصرف الرسمي عند الضرورة.

مزايا وعيوب سعر الصرف الثابت

لسعر الصرف الثابت العديد من المزايا، منها:

  1. اليقين، فمع وجود سعر صرف ثابت، تعرف الشركات دائماً أن سعر الصرف ثابت لن يتغير؛ مما يجعل التجارة والاستثمار أقل خطورة.
  2. غياب المضاربة، فمع سعر صرف ثابت لن يكون هناك تكهنات إذا كان الناس يعتقدون أن سعر الفائدة سوف يبقى ثابتاً دون إعادة تقييم أو انخفاض قيمة العملة.
  3. القيود على سياسة الحكومة، إذا كان سعر الصرف ثابتاً، فإن الحكومة قد تكون غير قادرة على اتباع سياسات اقتصادية كلية متطرفة أو غير مسؤولة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تشغيل احتياطيات النقد الأجنبي، وهذا لن يكون مستداماً على المدى المتوسط، فعلى سبيل المثال: إذا قررت رفع سعر عملتها فستضطر لاستخدام احتياطاتها من القطع الأجنبي، أو إذا قررت إدخال صناعة جديدة إلى السوق كصناعة السيارات فإنها ستضطر للإنفاق من احتياطاتها من القطع الأجنبي لتأمين المواد الأولية.

عيوب ومخاطر سعر الصرف الثابت

قد يكون الاقتصاد غير قادر على الاستجابة للصدمات، فسعر الصرف الثابت قد لا ترافقه آلية تمكن الحكومة من الاستجابة بسرعة لأزمات ميزان المدفوعات (يقصد بميزان المدفوعات جميع المعاملات بين سكان البلد وغير المقيمين فيه التي تشمل السلع والخدمات والدخل؛ ويصنف ميزان المدفوعات هذه المعاملات في حسابين - الحساب الجاري وحساب رأس المال. ويشمل الحساب الجاري المعاملات في السلع والخدمات وإيرادات الاستثمار والتحويلات الجارية، في حين أن حساب رأس المال يشمل أساساً المعاملات المتعلقة بالأموال).

  1. المشاكل المتعلقة بالاحتياطيات، حيث تتطلب أنظمة أسعار الصرف الثابتة أن يكون لدى البنوك المركزية للدولة التي تعتمدها احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي، عدم توفر هذه الاحتياطات الكبيرة من النقد الأجنبي قد يخلق مشاكل سيولة دولية تتمثل في عجز الدولة عن دفع ثمن المستوردات بالقطع الأجنبي، فتضطر للاستدانة من الدول الأخرى أو من البنوك الدولية.
  2. التكهنات، فإذا كانت أسواق الصرف الأجنبي تعتقد أنه قد يكون هناك إعادة تقييم أو تخفيض قيمة العملة، فقد يكون هناك مضاربات، وقد يضر هذا الأمر الحكومة بشكل كبير من حيث احتياطها من النقد الأجنبي، فعلى سبيل المثال عندما يتوقع المضاربون أن قيمة العملة المحلية ستنخفض، يقومون بتجميع النقد الأجنبي وحجبه عن مواطني البلد، وعندما تنخفض قيمة العملة يقومون ببيع النقد الأجنبي للمواطنين بأسعار كبيرة فيحققون عوائد كبيرة، الأمر الذي يدفع الحكومة لضخ المزيد من القطع الأجنبي مما يؤدي إلى انخفاض احتياطاتها.
  3. الانكماش، فإذا قامت البلدان التي تعاني عجزاً في ميزان المدفوعات بتخفيض اقتصاداتها (أي تخفيض الصادرات والواردات والاستثمارات في محاولة لتصحيح العجز؛ فإن ذلك سيحد من فوائض البلدان الأخرى من القطع الأجنبي، فضلاً عن تخفيض اقتصاداتها لاستعادة فوائضها. وهذا قد يعطي النظام انحيازاً انكماشياً.
  4. صراعات السياسات، قد لا يكون سعر الصرف الثابت متوافقاً مع الأهداف الاقتصادية الأخرى للدولة كزيادة النمو والحد من التضخم ومكافحة البطالة؛ مما يتسبب في تضارب السياسات، ينطبق ذلك بصفة خاصة إذا كان سعر الصرف ثابتاً عند مستوى مرتفع جداً أو منخفض جداً.
 

تعريف تعويم العملة

تعرفنا في الفقرة السابقة على أسعار الصرف الثابتة، وفي هذه الفقرة سنتعرف على سعر الصرف العائم أو تعويم العملة؛ هو عبارة عن نظام اقتصادي يقوم على إخضاع العملة في تحديد سعرها لقوانين العرض والطلب (سعر السوق)، غالباً ما يطلق على السعر العائم "تصحيح ذاتي"، حيث يتم تلقائياً تصحيح أي اختلافات في العرض والطلب في السوق.

فعلى سبيل المثال: إذا كان الطلب على العملة منخفضاً، فإن قيمتها سوف تنخفض؛ مما يجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة الأمر الذي يُحفِّز الطلب على السلع والخدمات المحلية، وهذا بدوره يُولد المزيد من فرص العمل؛ مما يسبب في التصحيح التلقائي في السوق، لذلك فإن سعر الصرف العائم يتغير باستمرار.

الفرق بين تعويم العملة وسعر الصرف الثابت

سعر الصرف العائم هو نظام يتم فيه تحديد سعر العملة من قبل السوق على أساس العرض والطلب مقارنة مع العملات الأخرى، ويتناقض تعويم العملة مع سعر الصرف الثابت الذي تحدد فيه الحكومة سعر صرف العملة، وقد سُمح لعملات معظم الاقتصادات الرئيسية في العالم بالتعويم بحرية عقب انهيار نظام بريتون وودز في عام 1971 الذي سنتعرف عليه في الفقرة التالية.

 

أسباب اللجوء لتعويم العملة

مع اقتراب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عقد مؤتمر بريتون وودز في منتجع بريتون وودز (الذي حمل المؤتمر اسمه) بمدينة نيو هامبشاير البريطانية في شهر تموز/ يوليو عام 1944؛ حيث اجتمع ممثلون عن أربع وأربعين دولة وهم دول الحلفاء الذي حاربوا مع بعضهم في الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور (ألمانيا، إيطاليا، اليابان)، تم خلال هذا المؤتمر:

  • إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وإذا ما احتاج بلد ما إلى إعادة ضبط قيمة عملته، فإنه يمكن أن يلجأ إلى صندوق النقد الدولي لتعديل القيمة المربوطة لعملته.
  • وضع مبادئ توجيهية لنظام سعر الصرف الثابت.
  • حدد النظام سعر الذهب بخمسة وثلاثين دولاراً للأونصة، وربطت البلدان المشاركة عملتها بالدولار الأمريكي، أي على سبيل المثال: إذا كنت بحاجة لشراء الين الياباني، سيتم التعبير عن قيمة الين بالدولار الأمريكي الذي تم تحديد قيمته بدوره مقابل قيمة الذهب، كما تم السماح بموجب مقررات مؤتمر بريتون وودز بتعديلات زائد أو ناقص واحد بالمئة عن سعر الصرف المحدد، وأصبح الدولار العملة الاحتياطية التي قامت المصارف المركزية من خلالها بتدخلات لتعديل أو تثبيت الأسعار.

إلغاء مقررات مؤتمر بريتون وودز

ظهر أول شرخ كبير في نظام بريتون وودز في عام 1967 في بريطانيا، حيث تم استخدام الذهب للحصول على الجنيه البريطاني؛ مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة بنسبة (14,3%) نتيجة ازدياد الطلب عليها وثبات مخزون الدولة من الذهب، وبحلول عام 1971 أعلن الرئيس الأمريكي نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب، وفي عام 1973 انهار نظام بريتون وودز؛ الأمر الذي سمح للعملات المشاركة بالتعويم بحرية.

لماذا كانت الدول تلجأ لاستخدام سعر الصرف الثابت؟

كانت الدول تلجأ لاستخدام سعر الصرف الثابت بهدف تحقيق الاستقرار في سعر الصرف، فقد يقرر بلد ما في الدول النامية ربط عملته بتهيئة مناخ مستقر للاستثمار الأجنبي، مما يعطي ثقة للمستثمر أنه لا داعي للقلق حول التقلبات اليومية، كما يمكن أن تساعد العملة ذات السعر الثابت على خفض معدلات التضخم وتوليد الطلب على القطع الأجنبي.

لكن هذه النظم الثابتة يمكن أن تؤدي في كثير من الأحيان إلى أزمات مالية حادة نظراً لصعوبة المحافظة على سعر ثابت للعملة في الأجل الطويل، وقد لوحظ ذلك في الأزمات المالية المكسيكية (التي حصلت في عام 1995)، الآسيوية (التي حصلت في عام 1997)، الروسية (التي حصلت في عام1997)، فقد أدت محاولة الحفاظ على قيمة عالية للعملة المحلية إلى زيادة قيمة العملات في نهاية المطاف.

هذا يعني أن الحكومات لم تعد قادرة على تلبية المطالب المتزايدة المتعلقة بتحويل العملة المحلية إلى العملة الأجنبية (يطلب المواطنون النقد الأجنبي للسفر من أجل الدراسة أو البحث عن عمل أو السياحة وذلك لأن العملة المحلية غير متداولة في الخارج) ما أدى إلى المضاربة، فسارع المستثمرون للحصول على أموالهم وتحويلها إلى عملات أجنبية قبل أن يتم تخفيض قيمة العملة المحلية للمحافظة على استقرار سعر الصرف؛ مما أدى إلى استنزاف إمدادات الاحتياطي الأجنبي.

ففي حالة المكسيك؛ اضطرت الحكومة إلى خفض قيمة البيزو بنسبة ثلاثين في المئة، وفي تايلند؛ اضطرت الحكومة في نهاية المطاف إلى تعويم العملة، وبحلول نهاية عام 1997 فقدت العملة التايلاندية (بات)50% من قيمتها حيث أن الطلب والعرض في السوق أعاد تعديل قيمة العملة المحلية من خلال بيعها وشرائها في السوق.

متى يتدخل البنك المركزي في تحديد سعر العملة؟

تقوم المصارف المركزية عند تطبيق نظم أسعار الصرف العائمة بشراء أو بيع عملاتها المحلية في السوق (تبيعها للحصول على القطع الأجنبي، وتشتري العملة بالقطع الأجنبي إذا كانت تريد زيادة أموالها من العملة المحلية) بهدف تعديل سعر الصرف؛ هذا يمكن أن يهدف إلى استقرار السوق المتقلبة أو تحقيق تغيير كبير في معدل سعر الصرف:

  • حيث كثيراً ما تعمل مجموعات البنوك المركزية معاً، مثل مجموعة البنوك المركزية في دول مجموعة السبع (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية)، وذلك من خلال تدخلات متزامنة للتأثير في سعر الصرف.

وعادة ما يكون التدخل قصير الأجل ولا ينجح دائماً، إذ لدينا مثال بارز على التدخل الفاشل في عام 1992 عندما قاد الممول جورج سوروس بطلب كميات كبيرة من الجنيه الإسترليني.

وقد دخلت العملة الآلية الأوروبية لأسعار الصرف في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1990؛ (فقد صممت إدارة المخاطر المؤسسية وهي مؤسسة مهمتها الحد من تقلب أسعار العملة، يعتقد سوروس أن الجنيه دخل بمعدل مرتفع بشكل مفرط، وقال إنه "شنَّ هجوماً على العملة"، واضطر بنك انجلترا إلى تخفيض قيمة العملة والانسحاب من إدارة المخاطر المؤسسية، كما تسبب هذا التدخل الفاشل في تكبد خزانة المملكة المتحدة ثلاثة مليارات وثلاثمئة مليون جنيه إسترليني).

  • كما يمكن للمصارف المركزية أن تتدخل بشكل غير مباشر في أسواق العملات من خلال رفع أو خفض أسعار الفائدة على الودائع للتأثير على تدفق أموال المستثمرين إلى البلاد.
 

الدول التي تخضع عملاتها للتعويم

هناك عدة دول أخضعت عملاتها لمبدأ التعويم (أي ترك تحديد سعر العملة لقوانين العرض والطلب)، من هذه الدول:

  • الولايات المتحدة الأمريكية (الدولار)، في عام 1973، وذلك عندما طالب الرئيس الفرنسي شارل ديغول استبدال الدولار الأمريكي الموجود في البنك المركزي الفرنسي بالذهب.
  • البرازيل (الريال)، في عام 1999، بعد معاناتها من أزمة اقتصادية، وقد تحسن سعر صرف العملة في عام 2004 نتيجة الإصلاحات الاقتصادية في البلاد.
  • الأرجنتين (البيزو)، في عام 2015، للحفاظ على احتياطات الدولة من القطع الأجنبي.
  • المملكة المتحدة (الجنيه الإسترليني)، في عام 1971 بسبب تحسن سعر صرف العملة أمام الدولار الأمريكي.
 

أسباب الخوف من تعويم العملة

عندما تخضع الدول عملاتها للتعويم، فهذا يعني أن سعر العملة سيخضع لتقلبات كبيرة أمام العملات الأجنبية وهذا قد يسبب مشاكلاً اقتصادية، من بينها وفق ما ورد في كتاب (الخوف من العملة) للخبيرين الاقتصاديين البريطانيين جييرمو كالفو وكارمن راينهارت:

  1. انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
  2. الهشاشة المالية، أي يصبح الاقتصاد هشاً وغير مستقر نتيجة كثرة تقلبات سعر العملة المحلية.
  3. تحكم الخصوم بالعملة المحلية، فعندما تكون الدولة صاحبة العملة المُعوَّمة على خلاف مع دول أخرى تقوم تلك الدول بمحاربة هذه الدولة بعملتها، ذلك من خلال ضخ كميات كبيرة من عملة تلك الدولة في السوق؛ مما يؤدي إلى انخفاض سعرها وخسارة قيمتها مقابل العملات الأجنبية الأمر الذي ينعكس سلباً على اقتصاد تلك الدولة.

لهذه الأسباب يبدو أن البلدان النامية تواجه خوفاً أكبر من تعويم عملتها.

 

فوائد اقتصادية ومزايا لتعويم العملة

لتعويم العملة عدة مزايا تسعى الدولة من خلال تعويم عملتها لتحقيقها، هذه المزايا هي:

  1. الاستقرار التلقائي، أي عدم الحاجة للإدارة الدولية لأسعار الصرف، على عكس أسعار الصرف الثابتة القائمة على معيار معدني فإن أسعار الصرف العائمة لا تتطلب من المدير الدولي مثل صندوق النقد الدولي النظر في اختلالات الحساب الجاري، وفي ظل النظام العائم، إذا كان هناك عجز كبير في الحساب الجاري في بلد ما تنخفض قيمته، ومن شأن ذلك أن يجعل صادرات البلد أقل تكلفة؛ مما يؤدي إلى زيادة الطلب وفي نفس الوقت جعل الواردات باهظة الثمن فيتناقص الطلب عليها، ولذلك سيعاد التوازن في ميزان المدفوعات.
  2. تحرير الاقتصاد الداخلي، بموجب نظام سعر الصرف العائم يمكن تصحيح العجز في ميزان المدفوعات في بلد ما عن طريق تغيير السعر الخارجي للعملة، ففي حال اعتماد سياسة سعر الصرف الثابت فإن تخفيض العجز قد ينتج عنه سياسة انكماشية عامة بالنسبة للاقتصاد برمته؛ مما يؤدي إلى عواقب غير سارة مثل البطالة، بالتالي فإن سعر الصرف العائم يسمح للحكومة بمتابعة أهداف السياسة الداخلية مثل تحقيق العمالة الكاملة.
  3. غياب الأزمة، كثيراً ما اتسمت فترات أسعار الصرف الثابتة بالأزمات حيث فُرض قدر كبير من الضغط على البنك المركزي لتخفيض قيمة العملة في البلد أو إعادة تقييمها، ومع ذلك فإن البنك المركزي الذي خفض قيمة العملة إما سيتوقف عن تخفيض العملة أو سينتهي القطع الأجنبي عنده، بالمثل فإن المصارف المركزية التي أعادت تقييم العملة بإعطاء القليل جداً منها مقابل عملات أخرى ستغمرها هذه العملة قريباً لأنها ستحصل على مبالغ كبيرة نسبياً من العملات الأخرى، أما في ظل نظام سعر الصرف العائم تحدث مثل هذه التغييرات تلقائياً، وبالتالي تنتفي إمكانية حدوث أزمة نقدية بسبب تغيرات أسعار الصرف، لذلك فالبنك المركزي غير مضطر للتدخل في سعر صرف العملة.
  4. الإدارة، ففي ظل نظام أسعار الصرف العائمة تتمتع الحكومات الوطنية بقدر كبير من السلطة التقديرية. وهي حرة في التلاعب بالقيمة الخارجية لعملتها لمصلحتها الخاصة.
  5. المرونة، فعلى سبيل المثال أحدثت التغيرات في التجارة العالمية منذ أزمة النفط الأولى في عام 1973 تغييرات كبيرة في قيم العملات، ولم يتضح بعد كيف كان يمكن التعامل معها في ظل نظام سعر الصرف الثابت، أما في نظام السعر العائم فإن قيمة العملة تتغير وفقاً للعرض والطلب عليها، ومن ثم تستقر.
  6. عدم الحاجة إلى قيود تفصيلية على تدفق رأس المال، ففي الوقت الذي يصعب فيه الحفاظ على المساواة في نظام سعر الصرف الثابت نتيجة تدفقات الأموال من وإلى داخل البلاد في سعر الصرف الثابت، فإنه في نظام سعر الصرف العائم تؤثر أساسيات الاقتصاد الكلي للبلدان على سعر الصرف في الأسواق الدولية، مما يؤثر بدوره على تدفق الأموال بين البلدان؛ لذلك فإن نظم أسعار الصرف العائمة تعزز كفاءة السوق.
  7. زيادة العزل عن المشاكل الاقتصادية للبلدان الأخرى، ففي ظل نظام سعر الصرف الثابت، تقوم البلدان بتصدير مشاكلها الاقتصادية الكلية إلى بلدان أخرى، فلنفترض على سبيل المثال: أن معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية آخذ في الارتفاع مقارنة مع منطقة اليورو، فبموجب نظام سعر الصرف الثابت يؤدي هذا السيناريو إلى زيادة الطلب الأمريكي على السلع الأوروبية، الأمر الذي يزيد من مستوى سعر منطقة اليورو، بيد أنه في ظل نظام سعر الصرف العائم، تكون البلدان أكثر عزلة عن مشاكل الاقتصاد الكلي للبلدان الأخرى؛ ويؤدي ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بدلاً من ذلك إلى انخفاض قيمة الدولار، مما يحد من الطلب الأمريكي على السلع الأوروبية.
  8. عدم الحاجة لاحتياطات ضخمة من القطع الأجنبي، فتعويم العملة يجعل البنك المركزي لهذه الدولة أو تلك غير محتاج إلى الاحتفاظ باحتياطيات كبيرة لتطوير الاقتصاد، ومن ثم يمكن استخدام هذه الاحتياطيات استخداماً مثمراً لاستيراد السلع من آلات ومواد أولية (أدوات الإنتاج) من أجل تعزيز النمو الاقتصادي بشكل أسرع.
 

ما هي العيوب والمشاكل في تعويم العملة؟

كما أن لأسعار الصرف العائمة أو تعويم العملة مزايا كما ذكرنا في الفقرة السابقة، أيضاً لها عدة عيوب، منها:

  1. عدم التيقن (عدم القدرة على الثقة بالعملة المحلية)، نتيجة التقلب الكبير في أسعار الصرف، فأسعار الصرف العائمة شديدة التقلب، وبالإضافة إلى ذلك لا يمكن لأساسيات الاقتصاد الكلي أن تفسر على وجه الخصوص التقلب القصير الأجل في أسعار الصرف العائمة، وحقيقة أن العملات تتغير من حيث القيمة من يوم لآخر تقدم عنصراً كبيراً من عدم اليقين في التجارة، فقد لا يكون البائع متأكداً تماماً من حجم المال الذي سيحصل عليه عندما يبيع البضائع في الخارج، وقد يتم تخفيض بعض هذه الشكوك من قبل الشركات التي تشتري العملة من خلال عقود الصرف الآجلة (حيث يحدد فيها سعر معين للعملة وتصرف هذه العقود بالقيمة المحددة مهما كان سعر صرف العملة في السوق).
  2. الافتقار إلى الاستثمار، قد يؤدي عدم اليقين الذي تفرضه أسعار الصرف المتغيرة إلى تثبيط الاستثمار الأجنبي المباشر (أي يُحرم البلد ذي العملة العائمة من استثمارات الشركات متعددة الجنسيات والشركات الأجنبية).
  3. المضاربة، قد تؤدي التقلبات اليومية في أسعار الصرف إلى تشجيع تحركات المضاربة على "الأموال" من بلد إلى آخر، مما يؤدي إلى مزيد من التقلبات في أسعار الصرف.
  4. الميل إلى تفاقم المشاكل القائمة، قد يؤدي ارتفاع أسعار الصرف إلى تفاقم المشاكل القائمة في الاقتصاد، وإذا كان البلد يعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية مثل ارتفاع معدلات التضخم أو البطالة، فقد تؤدي أسعار الصرف المتغيرة إلى تدهور الحالة، فعلى سبيل المثال، إذا كان البلد يعاني من ارتفاع التضخم، فإن انخفاض قيمة عملته قد يدفع معدل التضخم إلى الارتفاع بسبب زيادة الطلب على سلعه، غير أن الحساب الجاري (المعاملات في السلع والخدمات وإيرادات الاستثمار والتحويلات الجارية) للبلد قد يزداد سوءاً بسبب ارتفاع الواردات.

في الختام.. شكّل سعر الصرف هاجساً للدول سواء اعتمدت سعر الصرف الثابت أو تعويم العملة، إذن أنه لكلا الشكلين مزاياه وعيوبه، لكن يبقى تعويم العملة أو سعر الصرف العائم المُفضّل عند عدد كبير من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا، على اعتبار أن هذه الدول لديها اقتصادات قوية قادرة على تصحيح أي اختلال أو تقلب في سعر العملة.