كيم جونغ أون.. رئيس كوريا الشمالية الغامض الذي تحدى العالم

تولى الزعيم الأعلى لكوريا الشمالية الرئيس كيم جونغ  أون الحكم في عام 2011 بعد وفاة والده كيم جونغ إيل، ليصبح حينها أصغر قائد في العالم، ومنذ توليه السلطة، عمل على تعزيز القدرات العسكرية والنووية للبلاد، وحافظ على نظام حكم صارم ومعزول كما فعل والده، ليصبح من أكثر قادة العالم إثارة للجدل وغموضًا، في السطور التالية تعرف على مسيرته وقصة حياته.

من هو كيم جونغ أون

هو الزعيم الأعلى الثالث لكوريا الشمالية، والأمين العام لحزب العمال منذ عام 2012، والابن الثالث للزعيم الكوري الثاني كيم جونج إيل، وحفيد المؤسس وأول زعيم للبلاد كيم إيل سونغ.

ولد جونغ أون في عائلة سياسية، ومنذ توليه السلطة في عام 2011 حكم البلاد بقبضة من حديد مثل والده وجده، واتبع السياسة الصارمة و دكتاتورية شمولية، إلا أنه على عكس والده وجده، أظهر المزيد من الاهتمام برفاهية شعبه.

اهتك كيم جونغ منذ توليه الحكم بتوسيع برامج الأسلحة النووية للبلاد، كما نجح في تذويب الجليد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بعد سنوات من التوتر. حاول جونغ كذلك تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية في بلاده، وركز على تطوير البنية التحتية في العاصمة بيونغ يانغ.

اشتهر كيم جونغ أون خلال قيادته للبلاد بتعزيز القبضة السياسية من خلال تطهير واغتيال عددًا من المسؤولين العسكريين والحزبيين البارزين، وبلغ الأمر بتنفيذ عمليات إعدام بحق مقربين له، بما فيه عمه، وأخيه غير الشقيق.

وعلى الرغم من حكمه الديكتاتوري، صنفت العديد من الصحف العالمية بأنه من بين أقوى الشخصيات في العالم، وأكثر الشخصيات الحاكمة غموضًا وإثارة للجدل.

عمر كيم جونغ أون

ذكرت السلطات الكورية الشمالية أن الزعيم الكوري كيم جونغ أون ولد في 8 يناير عام 1982، وفقًا للتاريخ الكوري الشمالي، يبلغ كيم جونغ أون من العمر 43 عامًا.

 إلا أن السلطات الكورية الجنوبية والحكومة الأمريكية اختلفت في تاريخ ميلاد، فالأولى ذكرت أنه ولد عام 1983، أما أمريكا ذكرت أنه ولد عام 1984، وذلك بناء على جواز سفره الذي استخدمه للدراسة في الخارج.

ما هو دين رئيس كوريا الشمالية؟

ينتمي كيم جونغ أون والحزب الحاكم والشعب الكوري الشمالي إلى طائفة دينية تصنف الأكبر على وجه الأرض، وهي طائفة أسسها الزعيم المؤسس كيم إيل سونغ، والتي تستند على "عبادة الشخصية" حيث يتم اعتبار الحاكم بمثابة إله يجب طاعته، وجزاء عصيانه الموت.

فور تولي كيم جونغ أون الحكم عام 2011، تم طباعة صوره على طوابع البريد ووزعت في البلاد 24 مليون شارة عليها صورته، كما أنه صنع لنفسه تمثالًا على قمة جبل باكتو المقدس، ورسمت جداريات له في كل محافظات البلاد.

العقيدة التي تقوم عليها طائفة جونغ أون الدينية تعتمد على الاستبداد والرموز الدينية المزيفة، وذكرت صحف غربية بأن هذه الطائفة يزيد عدد أتباعها عن 19 مليون مريد، وتصنف الديانة العاشرة في العالم من حيث عدد الأتباع.

وللترويج لهذه الطائفة، عملت عائلة كيم الحاكمة على نسب لنفسها معجزات، ومنها ظهور نجم ساطع وقوس قزح مزدوج بعد ولادة كيم جونغ إيل، وأنه تعلم المشي وعمره 3 أسابيع، وألف 1500 كتاب.

وقد ذكرت صحيفة التايمز، بأن أتباع كيم جونغ أون يعتقدون أنهم إذا ماتوا خلال محاولة إنقاذ صوره من الحريق أو الفيضان سيصبحون قديسين بعد الموت.

كم يبلغ طول كيم جونغ أون؟

أصبح طول كيم جونغ أون محل جدل واسع في الصحف الكورية الجنوبية والغربية كذلك، فخلال ظهور كيم جونغ أون في قمة مع الرئيس الكوري الجنوبي، ظهر أقصر ب2.54 سم من الطول المعلن عنه في كوريا الشمالية، وهو 173.7 سم.

ووفقًا لصحيفة ديلي ميل البريطانية، فإن الطول يعد مسألة حساسة في كوريا الشمالية، فوالد كيم جونغ أون كان طوله 152.40 سم، وكان يرتدي حذاء بكعب ليبدو أطول قليلًا.

عائلة كيم جونغ أون

كيم جونغ أون هو الابن الثاني بين 3 أطفال للوالد كيم جونج إيل، ووالدته كو يونغ هوي. شقيقه الأكبر كيم جونغ تشول ولد عام 1981، وشقيقته الصغرى كيم يوم جونج، ولدت عام 1987، والتي لها دور كبير في الترويج لسياساته.

كيم جونغ أون هو حفيد المؤسس كيم إيل سونج. لدى كيم جونغ أون أخ غير شقيق اسمه كيم جونغ نام، والذي تم اغتياله عام 2017 بأمر من جونغ أون.

نشأته وتعليمه

عاش كيم جونغ أون حياته في سويسرا، حيث التحق بالمدرسة الدولية الخاصة في برن تحت اسم تشول باك أو باك تشول، ووصف بأنه خجول ومتفوق ومحب لكرة السلة، وكان يرافقه دائمًا طالب أكبر سنًا، يعتقد أنه حارسه الشخصي.

درس بعدها في مدرسة حكومية تحت اسم باك أون من عام 1998 حتى عام 2000 باعتباره ابنًا لموظف في سفارة كوريا الشمالية في برن، ووصف بأنه طالب متكامل وطموح.

عاد جونغ أون بعدها إلى كوريا الشمالية، والتحق بجامعة كيم إيل سونج من عام 2002 إلى 2007، وحصل على درجتين في الفيزياء والأخرى كضابط في الجيش.

كم عدد زوجات رئيس كوريا الشمالية؟

تزوج الرئيس كيم جونغ أون مرة واحدة من ري سول جو عام 2009، والتي أنجبت له 3 أبناء، الابن الأول ولد عام 2010، وابنته الثانية جو أي ولدت عام 2013، وابنة ثالثة ولدت عام 2017.

ظهرت ابنة كيم جونغ أون، جوي أي، معه في مناسبات مختلفة، منها خلال حضوره لمراجعة ترسانات عسكرية، ومرة أخرى في تجمع مع علماء الصواريخ، وبعدها بدأت ترافقه بشكل روتيني في مناسبات رسمية مختلفة.

رئيس كوريا الشمالية

في 17 ديسمبر عام 2011، وبعد وفاة كيم جونغ إيل، تم الإعلان عن كيم جونغ أون زعيمًا لكوريًا الشمالية في 24 من نفس الشهر، وتم تعيينه رسميًا في المنصب في 30 ديسمبر.

في مارس 2012، انتخب كيم لعضوية المؤتمر الرابع لحزب العمال الكوري، كما تولى منصب رئيس اللجنة العسكرية المركزية، ومنصب رئيس هيئة المكتب السياسي، ورئيسًا أول للجنة الدفاع الوطني، وأصبح بعدها رئيسًا لحزب العمال الكوري.

ألقى جونغ أون أول خطاب متلفز له أمام الشعب الكوري في أبريل 2012، ودعا فيها إلى ما أسماه "حملة من أجل النصر النهائي"، وبعدها تم إصدار أغنية تحمل شعار "النصر النهائي".

سياساته الداخلية

أظهر كيم جونغ أون انفتاحًا ثقافيًا في حكم البلاد على عكس والده وجده، فقد وافق على ظهور عناصر من الثقافة الغربية في حفلات يحضرها بنفسه، كما قدم زوجته علنًا في خطوة في مسبوقة في كوريا الشمالية.

استغل كيم تشابهه مع جده كيم إيل سونغ لتعزيز شعبيته، متبنيًا أسلوبه في التواصل وإلقاء الخطابات، وهو ما يخالف نهج والده الراحل الذي امتنع عن القيام بخطابات متلفزة. ظهر كيم كذلك بمظهر أكثر نشاطًا وتفاعل مع العامة من خلال أنشطة مختلفة.

وعلى المستوى الاقتصادي، اعتمد كيم على سياسة "بيونغجين" والتي تجمع بين التنمية الاقتصادية وتعزيز القدرات النووية، وفي عام 2013، أطلق نظام إدارة الشركات الاشتراكية لتعزيز استقلاليتها وزيادة الإنتاج، وخاصة في القطاع الزراعي.

تبنى "تدابير 30 مايو" التي ركزت على تحديث الإدارة الاقتصادية وزيادة الإنتاج المحلي وتحفيز التجارة الدولية، بهدف تحسين مستويات المعيشة.

في عهده، شهدت العاصمة بيونغ يانع طمرة عمرانية، وركز على بناء المعالم الأثرية، كما شيدت حكومته مدن ملاهي وحدائق مائية، وحلبات تزلج، وعزز بنشاط ثقافة الاستهلاك، بما في ذلك الترفيه ومستحضرات التجميل، وأشرف بنفسه على بناء معالم سياحية في بلاده.

وفي عهده، واصل تطوير الأسلحة النووية، التي سببت مشكلات مع الولايات المتحدة وجارتها كوريا الجنوبية، وقد أكد جونغ أون أن بلاده "لن تسيء استخدام الطاقة النووية" إلا في حالة اللجوء إلى القوة العسكرية ضد بلاده.

سياساته الخارجية

بعد تولي كيم جونغ أون الحكم، ساءت علاقة كوريا الشمالية مع الصين، الشريك الأكبر للبلاد، وذلك بسبب التجارب النووية التي قامت بها حكومة جونغ أون في المياه الدولية في أعوام 2013 و2016 و2017.

ومع ذلك، بدأت العلاقة بين البلدين في التحسن بداية من عام 2018، حينما زار كيم بكين في أولى زياراته الخارجية بعد توليه السلطة، ثم قام بزيارة ثانية في مايو من نفس العام، ثم اجتماع ثالث في الشهر التالي، ومرة رابعة في يناير 2019 ويونيو من نفس العام.

أما علاقة كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة، فقد التقى كيم جونغ أون بالرئيس دونالد ترامب في عام 2018، وهو أول اجتماع على الإطلاق بين قادة البلدين، ثم عقد مع ترامب قمة أخرى في 2019، طالب فيها كيم تخفيف العقوبات.

اتجه كيم جونغ أون كذلك إلى زيادة العلاقات مع كوريا الجنوبية، فقد أجرى قمة مع رئيس كوريا الجنوبية عام 2018، وفي عام 2023، إلا أن الموقف تحول في عام 2023، حينما وصف كوريا الجنوبية بالـ"عدو".

سياسة الإعدامات

منذ تولي كيم جونغ أون الحكم، اشتهر عالميًا بسياسة الإعدادات والتطهير التي اتبعها بشكل متكرر لمعارضيه والمنشقين بتهم الخيانة والتي يتم تنفيذها بطرق صادمة وغريبة.

في عام 2013، انتشرت شائعات بإعدام المغنية هيون سونغ وول، الصديقة السابقة لكيم جونغ أون، لكن تبين لاحقًا أنها غير صحيحة. في عام 2016، ظهرت شائعات عن إعدام الجنرال ري يونغ جيل، لكنه ظهر لاحقًا على قيد الحياة.

وكانت من أبرز الإعدامات التي نفذها كيم إعدامه لعمه جانغ سونغ ثايك بتهمة الخيانة، وأٌفادت تقارير بأن كيم أمر بتصفية أفراد عائلة عمه بالكامل، بما في ذلك شقيقته وزوجها وسفيرها في كوبا وابن شقيقه سفير كوريا الشمالية في ماليزيا.

في عام 2014، ذكرت تقارير بإعدام وزير الأمن أوه سانغ هون باستخدام قاذف لهب بسبب دعمه لعمه، وذلك في حملة تطهير واسعة قادة كيم لتثبيت سلطته.

في عام 2017، أمر كيم باغتيال أخيه غير الشقيق كيم  جونغ نام، الذي كان منفيًا خارج البلاد، وتم الاغتيال باستخدام غاز الأعصاب أثناء سيره في مبنى رقم 2 في مطار كوالالمبور الدولي.

التقارب مع روسيا

في عام 2019، تقرب الرئيس كيم جونغ أون مع رئيس روسيا فلاديمير بوتين، وفي عام 2022، دعم كيم روسيا في حربها على أوكرانيا، وصدرت لروسيا ملايين القذائف المدفعية والصواريخ بسبب العقوبات على روسيا من الغرب.

ولم تنتعش العلاقات بين البلدين عسكريًا فحسب، بل انتعشت التجارة بينهما، وأجرى زعيما البلدين زيارات متكررة، وواصلت في تصدير الأسلحة والقذائف إلى روسيا. في عام 2025، أعلن كيم جونغ أون إرسال نحو 15 ألف جندي كوري شمالي للمشاركة في حرب روسيا على أوكرانيا.

شخصية كيم جونغ أون

وصف الزعيم كيم جونغ أون بأنه شخصية خجولة محبة لكرة السلة، كما وصفه طباخه الخاص بأنه نسخة طبق الأصل من والده في الشكل والشخصية. في عام 2018، وبعد حضور كيم القمة مع كوريا الجنوبية، وصفه الجنوبيون بأنه "فكاهي وصريح ومنتبه". وصف دونالد ترامب كيم بأن رجل موهوب يحب بلاده ويتمتع بشخصية قوية وذكي.

ثروة كيم جونغ أون

لا يوجد معلومات مؤكدة حول ثروة كيم جونغ أون، ولكن ذكرت صحف أجنبية عدة القصور والسيارات التي يملكها. ذكرت صحيفة إنترناشونال بيزنس تايمز بأنه يمتلك 17 قصرًا في أنحاء كوريا الجنوبية، كما يمتلك أسطولًا من السيارات الفاخرة تصل إلى 100 سيارة معظمها أوروبية.

يملك كذلك طائرة خاصة ويختًا بطول 30 متر، ويملك جزيرة خاصة زارها لاعب كرة السلة الأمريكية السابق رودمان، الذي يعد أول أمريكي يقابل الرئيس كيم على الإطلاق.