انتخابات نيويورك - زهران ممداني مسلم يساري يربك حسابات ترامب!

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 9 ساعات زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
آدم ماسينا يربك حسابات المنتخب المغربي قبل مونديال 2022
60% حصة غير المسلمين في حسابات البنوك الإسلامية
قبل الانتخابات الرئاسية.. ميتا تخفف القيود على حسابات ترامب

توجه الناخبون في نيويورك الثلاثاء (الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، لاختيار رئيس جديد لبلدية المدينة، وسط ترجيحات بفوز زهران ممداني، المرشح الذي ينتمي للجناح اليساري بالحزب الديمقراطي. وقد يصبح ممداني أول مسلم وأول أمريكي من أصل هندي يتولى هذا المنصب المهم.

وفي عشية الانتخابات، أطلق الرئيس دونالد ترامب تحذيرا، بدا أقرب إلى صرخة سياسية منه إلى تصريح انتخابي وقال: "أوقفوا زهران ممداني... أو استعدوا لدفع الثمن".

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

لم يكن التحذير عنيفا في لغته فحسب، بل كاشفا في مضمونه، فالرئيس الأمريكي لا يخشى مرشحا عاديا، بل يخشى فكرة أن يتربع مسلم اشتراكي على عرش المدينة، التي طالما كانت رمزا للرأسمالية الأمريكية.

زهران ممداني، ابن الرابعة والثلاثين، النموذج غير التقليدي للسياسي الذي يثير قلق وول ستريت والبيت الأبيض. فهو ابن مهاجرين من أصل أوغندي–هندي، هادئ الطبع، متحدث متزن، وأقرب إلى الباحث الأكاديمي منه إلى رجل السلطة. غير أن أفكاره مثل تجميد الإيجارات، والنقل العام المجاني، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولارًا، وإنشاء بنوك طعام بلدية، تُعد تحديًا صريحًا لبنية الاقتصاد النيوليبرالي، الذي يحكم نيويورك منذ عقود.

وبينما يرى أنصاره في برنامجه نهوضا متأخرا لعدالة اجتماعية مفقودة، يعتبره خصومه مشروعا خطيرا لتحويل مركز المال الأمريكي إلى مختبر اشتراكي جامح.

سياسي يدفع الإيجار

حين بنى ترامب مجده فوق أبراج مانهاتن الزجاجية، كان ممداني يدفع إيجار شقته المتواضعة في أستوريا. تلك المفارقة ليست تفصيلا عابرا، بل هي جوهر رسالته السياسية: العيش مثل الناس الذين يريد تمثيلهم.

حملته تدور حول فكرة واحدة، هي أن نيويورك، رغم ثروتها الهائلة، لم تعد صالحة للعيش بالنسبة لمن يصنعون ثروتها.

ويدعو ممداني إلى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء لتمويل الإسكان الاجتماعي ورعاية الأطفال والمتاجر البلدية، في وقت تتراجع فيه المساعدات الفدرالية ويزداد العبء على الطبقات العاملة.

بالنسبة لكثيرين، تبدو رؤيته مثالية وربما حالمة؛ لكنها بالنسبة لآخرين، تعبير عن لحظة واقعية من الإرهاق الاقتصادي الجمعي الذي تعيشه المدينة.

الجدل والجرأة

لم يخل صعود زهران ممداني من الصدامات، حتى داخل الحزب الديمقراطي نفسه. فزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، امتنع عن تأييده. أما داخل الأوساط اليهودية في نيويورك، فانقسمت الآراء حوله بشدة.

فقد أثارت مواقفه المنتقدة لإسرائيل واستخدامه كلمة "إبادة جماعية" لوصف ما كان يجري في غزة، عاصفة من الاعتراض، قبل أن يؤكد لاحقا أنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود ويرفض معاداة السامية.

ومع ذلك، وجد ممداني دعما من مثقفين يهود يساريين، مثل بيرني ساندرز، رأوا في صراحته استمرارا لروح التقدميين الأوائل في الحزب الديمقراطي.

ما الذي يخشاه ترامب حقا؟

الخطر الذي يراه ترامب في ممداني ليس خطرًا أيديولوجيًا فقط، بل خطر العدوى السياسية. فقد نجح هذا المرشح الشاب في استمالة شرائح من الناخبين الديمقراطيين، بل وبعض ممن صوّتوا لترامب نفسه، وذلك من خلال خطاب بسيط وواضح يدور حول تكلفة الحياة اليومية من سكن وطعام ومواصلات وتعليم. إنها اللغة التي يفهمها الناس أكثر من شعارات "عظمة أمريكا" أو "استعادة المجد".

يرى مراقبون أن ما يقلق ترامب هو أن نجاح ممداني في نيويورك قد يُلهِم مرشحين مشابهين في مدن أخرى، تجربة يسارية تتغذى على الإحباط الاقتصادي وتحوّله إلى طاقة سياسية جديدة.

"أنا كابوس ترامب"

حين سئل عن هجمات ترامب، أجاب ممداني بهدوء لافت: "إنه يحاول صرف الأنظار عما أناضل من أجله، أي الطبقة العاملة، التي زعم أنه سيمكّنها، ثم تخلّى عنها" بعد نجاحه.

يصف نفسه بأنه "اشتراكي ديمقراطي"، لكنه يتحدث بلغة غير دوغماتية. فبالنسبة له، السياسة ليست نظرية في العدالة، بل تجربة في العيش الكريم.

إنه يريد أن يجعل المدينة قابلة للحياة مرة أخرى، حتى لو تطلّب ذلك إعادة صياغة مفهوم الثروة نفسه.

إذا ما فاز ممداني بالمنصب، فلن يكون مجرد انتصار شخصي، بل إعلانا عن تحول عميق في المزاج السياسي الأمريكي، من شعار "أمريكا أولا" إلى شعار جديد، أكثر إنسانية: "الناس أولا". ولعل ذلك، تحديدا، هو ما يجعل زهران ممداني أسوأ كوابيس دونالد ترامب.