قصة الزير سالم.. الفارس الذي أقام حربًا ثأرًا لأخيه

  • تاريخ النشر: الأحد، 27 مارس 2022
مقالات ذات صلة
عاطف سالم.. مخرج الواقعية الذي اهتم بالمجتمع في أفلامه
المغردون السعوديون يشنون حرباً على لوبيز عبر تويتر
بالفيديو..جوجل تشن حرباً على آبل قبل مؤتمرها العالمي بساعات

رُبما سمعت عنه من قبل، ولكن هل تعرف قصته الحقيقية، واسمه الحقيقي؟ يُعد عُدي بن ربيعة أو الزير سالم أو المهلهل علمًا من أعلام الجاهلية واسمًا بارزًا في التاريخ العربي القديم ويرتبط اسمه دائمًا بحرب البسوس، فمن هو؟ وما  علاقته بحرب البسوس؟ ولما لُقب بهذه الألقاب؟

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

من هو الزير سالم؟

عُدي بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم التغلبي ويعود أصله إلى عدنان. مُلقب بالزير سالم أبو ليلى ولقبه أيضًا المهلهل بن ربيعة، هو من قبيلة بني جشم من تغلب، من ربيعة ويُكنى بأبي ليلى وهو شاعر واسم بارز من أسماء العرب في الجاهلية.

ولد عُدي في سنة 443 ميلاديًا في نجد في شبه الجزيرة  العربية، وكان من أفصح العرب لسانًا وعُرف عنه اللهو والتغزل بالنساء وحبه لشرب الخمر؛ وهو فارس وشاعر بدوي قوي.

ألقابه

لُقب بالمهلهل لأسباب كثيرة، إحداها أنه "هلهل نظم الشعر" أي رققه ولا يحكمه، وآخرون يرون لأنه هلهل الشعر أي سلسل بنائه، أيضًا يُقال إنه لُقب بالمهلهل لأنه كان يلبس ثيابًا مهلهلة أي فضفاضة، وقيل إن سبب لقبه المهلهل بيت له قال فيه:

لما توعر في الكراع هجينهم        هلهلت آثار مالكا أو سنبلا

لقبه الثاني هو الزير سالم، وهو لقب أطلقه عليه أخوه وائل ابن ربيعة أو كُليب لأن عُدي كان زير نساء أو جليس النساء.

وكنيته أبا ليلى وذلك لأنه لم يرزق بالذكور، فتلقب بأكبر بناته "ليلى" التي تزوجت كلثوم بن مالك التغلبي وولدت له عمرو بن كلثوم بن مالك صاحب المعلقة.

وله ابنة أخرى يُقال لها "عُبيدة" وتزوجت معاوية بن عمرو بن معاوية الجنبي المذحجي وأنجبت له بني عبيدة.

واختلفت الروايات على عدد بناته، ولكن اتفق الكثيرون على أنه لم يكن له من الذرية إلا ابنتان، وهما ليلى وعبيدة، وقالوا إن له هند، وسلمى.

حرب البسوس ودور الزير سالم فيها

أخو عُدي بن ربيعة هو وائل بن ربيعة المُلقب بكُليب وهو سيد القوم بعد والده، وقتله "جساس بن مرة" من قبيلة بكر بسبب قتله لناقة اسمها "سراب" تعود لخالته البسوس بنت منقذ.

ولما قتل كليب الناقة حزنت البسوس كثيرًا على الناقة وقالت شعرًا أثار جساس بن مرة:

لعمري لو أصبحت في دار منقذٍ                لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي

ولكنني أصبحت في دار غربةٍ                    متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي

فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل                  فإنك في قومٍ عن الجار أموات

ودونك أذوادي فخذها وإنني                      لراحلة لا تغدروا ببنياتي

ولما سمع جساس الشعر قتل كليبًا، ولم قُتل ثار المهلهل وقرر الانتقام، وبعدها قامت حرب البسوس بين بكر وتغلب ويُقال إن الحرب استمرت أربعين عامًا ويذكر المقللون أنها استمر بضعة وعشرين عامًا.

وقرر المهلهل بعد مقتل أخيه أن ينقطع عن الشراب واللهو ويعتزل النساء حتى يثأر لأخيه، وكان المهلهل هو القائم على حرب البسوس وسيد تغلب بعد مقتل أخيه.

وبعدما قتل المهلهل جُبيل ابن الحارث بن عباد من قبيلة بكر ثار الحارث ونادى بالحرب بعدما كان رافضًا المشاركة فيها، وقال قصيدته الشهيرة: قرّبا مربطَ النعامةِ مني، والنعامة هي فرسه فجاوءوه بها فجز ناصيتها وقطع ذَنَبها، وهو أول ما فعل ذلك من العرب واتخذت سُنة عند الأخذ بالثأر.

وسُمي هذا اليوم بيوم "القضة" وأسر الحارث بن عبادة المهلهل في الحرب، وكان نظره ضعيفًا ولا يعرفه، فقال له الحارث: أتدلني على عُدي بن ربيعة وأنت آمن؟، قال له المهلهل: إن دللتك عليه فأنا آمن ولي دمي؟ قال الحارث: نعم.

حينها رد عليه عُدي وقال: أنا عُدي، فجز ناصيته وتركه الحارث، وخرج المهلهل هاربًا إلى اليمن وبقي في قبيلة جنب، وهناك رواية أخرى أنه بعدما جز الحارث ناصية المهلهل استمر المهلهل يحرض قومه على الأخذ بالثأر، ولكن لم يعد الفارس المغوار الذي يقود الجيش.

وكانت القبائل حينها قد أنهكتها الحرب فقام الصلح بين القبيلتين ولكن نقضه المهلهل حينما أغار على قيس بن ثعلبة وأسره.

مقتله

هناك روايتان لمقتل عُدي بن ربيعة أو المهلهل، الأولى هي أنه حينما أطلق الحارث بن عبادة سراح المهلهل ظل يحرض قومه على الأخذ بالثأر، حتى حصل صلح بين القبيلتين، ولكن نقض المهلهل هذا الصلح وأثر قيس بن ثعلبة.

وحينما علم بذلك عوف سيد قيس بن ثعلبة اغتاظ وأقسم ألا يذوق المهلهل قطرة ماء، وبالفعل مات المهلهل عطشًا، وهذه الرواية الأوثق لموته.

أما الرواية الثانية أنه لما كبر المهلهل في السن وخرف اشترى عبدين يخدمانه، وخرج بهما إلى سفر، وسئم العبدان منه وعزما على قتله، فلما عرف بذلك كتب على ناقته:

من مبلغ الحيين أن مهلهلًا          لله دركما ودر أبوكما

وقتلاها وعادا إلى القبيلة وقالا إن مهلهلًا قد مات، ولكن قرأت ابنته ما على الناقة فقالت مهلهلًا لا يقول هذا الشعر، وإنما أراد أن يقول:

من مبلغ الحيين أن مهلهلًا        أمسى قتيلا في الفلاة مجندلا

لله دركما ودر أبوكما             لا يبرح العبدان حتى يقتلا

فضربوا العبدين حتى أقرا أنها قتلا المهلهل فقُتلا، وكانت هذه نهاية عُدي بن ربيعة الذي أقام حربًا استمرت لأربعين عامًا قتُل فيها من قُتل ثأرًا لأخيه كليب.

أشعار المهلهل عدي بن ربيعة

كانت أشعار المهلهل وسيلة لإثارة قومه وتشجيعهم على الأخذ بثأر سيدهم، فكان يستخدم شعره لكي تبقى الفجيعة حية ونابضة في أفراد قبيلته كما يشعر هو بها، ونظم القصائد التي رثى بها أخوه ووصف حزنه على أخيه، ويذكر مآثره وكرمه وشجاعته، ومن أبياته:

خليلي لما الكل للدهر مني عواذل              ألأنني كنت أنا لو كان ثمة كامل

نعى النعاة كليبًا لي فقلت لهم                   مادت بِنا الأرض أم مادت رواسيها

كليب لا خير في الدنيا ومن فيها             إن أنت خليتها في من يخليها