يعد الشيخ صالح الراجحي واحد من أبرز التجار ورجال الأعمال في السعودية، فقد بدأ حياته في بيع الخردة ثم انتقل للعمل في الصرافة في الرياض، وهناك بدأ تجارة ناجحة استمرت لسنوات، ونمت أعماله في عالم التجارة المصرفية مع أشقائه، تعرف على مسيرته وقصة نجاحه في السطور التالية.
حياة صالح الراجحي ونشأته
صالح بن عبد العزيز الراجحي هو تاجر ورجل أعمال سعودي ولد في عام 1923 في مدينة القصيم وتحديدًا في محافظة البكيرية في المملكة العربية السعودية، وبدأ حياته ببيع الخردة ليعيل أسرته.
نشأ صالح مع أشقائه في أسرة فقيرة، وذات يوم دخل على أمه فوجدها تبكي لعدم تمكنهم من سداد الإيجار وتعرضهم لخطر الطرد من المنزل، فخرج إلى السوق ورهن لعبته واشترى الزنابيل، وذهب إلى السوق ليعمل حمالًا مقابل ريال واحد، وكان وقتها في الثالثة عشر من عمره.
لم يعد صالح إلى منزله إلا ومعه إيجار البيت، كما عمل كذلك في المقيبرة بجوار سوق الملابس ببيع الأقفال والمفاتيح والخردوات البسيطة من الصباح حتى المساء، وكان يتحصل في نهاية يومه على سبعة قروش أو ستة.
عمل صالح مع إخوته أيضًا في جمع ما يتساقط من الجمال المحملة بالحطب ويبيعونه بربع ريال أو نصف ريال، وكلما تجمع لديهم قدر مناسب من الحطب باعوه، كما كانوا يجمعون روث الإبل ويبيعونه وقودًا.
لم يكن صالح وإخوته يتأففون من أي عمل ما لم يكن حرامًا، فقد كانوا يعملون حتى لا يمدوا أيديهم إلى الناس، رافضين الخضوع والانقياد إلى أي أحد بسبب الحاجة.
سافر صالح بعد ذلك إلى الرياض حينما كان يبلغ من العمر 16 عامًا وتدرب عند أقرباء له على أعمال الصرافة.
قرر بعدها أن يبدأ بعمله بشكل مستقل، فبسط بسطته أمام الجامع الكبير في الرياض، وبدأ العمل بالصرافة، فنجخ عمله وقرر إشراك إخوته في العمل، وعندما كبرت تجارته اشترى صندوقًا لوضع العملات فيه بدل البسطة.
بمرور الوقت وبتوفيق من الله وبذكاء منه تحول الصندوق إلى دكان، وعلى الرغم من تعرضه للعديد من الكبوات خلال رحلته في عالم التجارة والصرافة إلى أنه تمكن من تأسيس شركة الراجحي المصرفية التي تعد من أكبر الشركات في المملكة.
تزوج الراجحي عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا عندما انتقل إلى الرياض، وأنجب 61 ابنًا وبنتًا، وأشهر أبنائه هم يوسف، وعبد الوهاب وعبد السلام.
وفاته
توفي صالح الراجحي يوم السبت الموافق 21 فبراير عام 2011 عن عمر ناهز الـ88 عامًا في مشفى الحبيب في الرياض إثر تعرضه لسكتة قلبية.
صلي عليه يوم الأحد في جامع الراجحي في الرياض، وأم الصلاة سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
بعد وفاته بدأت المزادات على عقاراته التي وصلت إلى مليارات الدولارات، وتوجه ابنه عبد الرحمن إلى العمل في المصارف.
أما ابنه محمد اتجه إلى العمل الصناعي، وأسهم في تطور اقتصاد المملكة، حيث تصنف شركة الراجحي للصناعات الحديدية بأنها من الشركات الوطنية الكبرى، ويساعد على إدارتها نجله عبد الكريم، ونجله بدر.
أسهم ابنه محمد أيضًا في دعم السياحة الداخلية عن طريق منظومة الفنادق المتميزة، وكان له حضور جيد في النشاط الاجتماعي والخيري والاقتصادي.
أسهم محمد بشكل كبير في مساعدة جهود الدولة التنومية بإشرافه على مشاريع خيرية متنوعة ذات بعد إستراتيجي، فضلًا عن إسهاماته في سعودة الوظائف والحد من البطالة بتوظيف 5 آلاف موظف سعودي في مختلف القطاعات والشركات التي أسسها.
دعم ابنه محمد الدولة في تحقيق الأمن الغذائي فأنشأ مجموعة من المزارع الخاصة، ومنها مزارع النخيل التي تجاوز عددها 200 ألف نخلة.
شخصية الشيخ صالح الراجحي
وفقًا للمقربين من الشيخ صالح رحمه الله فإن من صفاته العزم والإصرار والصبر حتى يحقق مراده، كما أنه شديد التواضع والرحمة مع الآخرين خاصة من هم أقل منه شأنًا أو مالًا.
وعلى الرغم من إدارته للمشروعات الضخمة التي تقدر بمليارات الريالات إلا أنه لا يعاتب أحدًا عندما يخطئ مهما كان حجم الخطأ، كما كان قليل الكلام، ولا يتدخل فيما لا يعنيه.
اتبع الشيخ صالح رحمه الله منهج المخاطرة في العمل التجاري، فمن وجهة نظره أنه قدر الرحب من قدر المخاطرة.
كما كان يساعد العديد من التجار البارزين في مسيرتهم التجارية، ويحرص على أداء فريضة الحج كل سنة مع مزاولة مهنة الصرافة. وكانت نشأته دينية، لذا كانت كل تجاراته مبنية على الشريعة الإسلامية.
إنجازاته
قدم الشيخ صالح الراجحي العديد من الإنجازات، فمع النهضة العمرانية والزراعية والاقتصادية قرر الشيخ صالح أن ينوع من مصادر الدخل، فعمل في الكثير من التجارات، وعمل في عدة مجالات ساهمت في التطور الذي شهدته المملكة العربية السعودية.
كان الشيخ صالح من أوائل من تاجر في الذهب بين المملكة والكويت، فضلًا عن العمل في العقارات والزراعة، فضلًا عن أعمال الصرافة، كما تعامل مع الشيخ محمد السبيعي في مكة وغيرهم من الصيارفة إلى أن أصبح من أكبر صيارفة الوطن العربية، وأنشأ أول بنك إسلامي في الوطن العربي.
تصل عدد الشركات التي يمتلكها الشيخ صالح إلى 22 شركة، وفي عام 2006 تم تقدير المحفظة الاستثمارية التي تستثمر بها شركاته في السوق بحوالي 26 مليار ريال سعودي.
إدارة ممتلكاته
أسس الشيخ صالح مجلس الولاية بهدف الإدارة والإشراف على أمواله المنقولة والثابتة وضبطها وتنظيم حساباتها وتحصيل أرباحها وحفظها في الحسابات في البنوك، وتوقيع الشيكات أيضًا.
يتكون المجلس من 11 عضوًا منهم 6 أعضاء من أبناء الشيخ صالح بالإضافة إلى 5 أعضاء من أهل العدل والثقة تم اختيارهم من قبل المحكمة الشرعية، وبإشراف القاضي الشيخ عبد العزيز بن حمد آل الشيخ.
ينتهج المجلس الأسلوب العلمي في تنمية وتطوير الممتلكات العقارية للشيخ صالح، حيث يستعن بالجهات المتخصصة والمكاتب الاستشارية الهندسية، منها معهد الملك عبد الله للبحوث التابع لجامعة الملك سعود.
أشرف المجلس على مشروع البرج الذي يتكون من سوق تجاري وبرج مكتبي فضلًا عن مكاتب للشخصيات المميزة. استطا المجلس أيضًا إنهاء الشراكة بين الشيخ صال وإخوانه في مجال العقارات.
استمر المجلس أيضًا في نهج الشيخ صالح في الأعمال الخيرية، حيث قام ببناء مسجد حي القدس، وقد قام بالعديد من الأعمال الخيرية وتقديم المساعدات للمحتاجين.
وللشيخ صالح رحمه الله وقف من أكبر الأوقاف في المملكة، حيث خصص بعض ممتلكاته وقفًا خيريًا يتم صرفه على المصارف المحددة بصك الوقفية، وفي 12 مصرفًا، كما أسس إدارة أوقاف صالح بن عبد العزيز الراجحي.
وتعد مزرعة الراجحي أكبر وقف خيري في العالم، حيث يبلغ عدد النخيل فيها إلى 200 ألف نخلة وفقًا لموسوعة غينيس للأرقام العالمية.
