لماذا معدل سرقة السيارات في أمريكا أعلى 25 مرة من اليابان؟

لماذا معدل سرقة السيارات في أمريكا أعلى 25 مرة من اليابان؟

تُعد سرقة السيارات من أكثر الجرائم شيوعًا حول العالم، لكن موقعك الجغرافي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تحديد فرص تعرضك للسرقة. الولايات المتحدة، بشبكاتها الحضرية الواسعة ونظام الشرطة اللامركزي، تسجل باستمرار معدلات سرقة سيارات مرتفعة بين الدول المتقدمة. وعلى النقيض تمامًا، تُسجل اليابان واحدًا من أدنى معدلات سرقة السيارات في العالم.

الفارق مذهل. فوفقًا لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تم الإبلاغ عن أكثر من مليون سيارة مسروقة في أمريكا عام 2023، بينما لم تتجاوز الحالات في اليابان 15,000 حالة فقط، رغم أنها ثالث أكبر سوق للسيارات في العالم.

هذا يعني أن احتمال سرقة السيارة في أمريكا أعلى 25 مرة مقارنة باليابان، حتى بعد تعديل النسبة حسب عدد السكان. فما السبب؟ إليك العوامل الأساسية.

1. فعالية تطبيق القانون والنظام القضائي

تتميز الشرطة اليابانية بالتنظيم العالي والارتباط القوي بالمجتمع المحلي. تعتمد اليابان على نظام "كوبان"، حيث تنتشر مراكز شرطة صغيرة في الأحياء السكنية، ما يعزز الشعور بالأمان ويردع الجريمة.

في المقابل، رغم أن الشرطة الأمريكية مجهزة تقنيًا، إلا أن التغطية الأمنية قد تكون ضعيفة في بعض المناطق، مما يمنح السارقين فرصًا أكبر للفرار.

كما أن النظام القضائي في اليابان أكثر صرامة، حيث تتجاوز نسبة الإدانة 99%، وهو عامل رادع قوي.

2. القيم الثقافية والمعايير الاجتماعية

تُقدّر الثقافة اليابانية النظام والانضباط الاجتماعي، والجرائم تُعد عارًا اجتماعيًا لا يمحى بسهولة، ما يشكل ضغطًا نفسيًا هائلًا على الأفراد لعدم الخروج عن القانون.

في أمريكا، الثقافة الفردية أقوى، وعلى الرغم من وجود وصمة مرتبطة بالجريمة، إلا أن العواقب الاجتماعية أقل تأثيرًا، وقد يُنظر إلى بعض الجرائم مثل سرقة السيارات كوسيلة للبقاء في بعض المجتمعات الفقيرة.

3. تصميم السيارات وتقنيات الحماية

تولي شركات السيارات اليابانية اهتمامًا كبيرًا بأمن المركبات، حيث تأتي العديد من السيارات مجهزة بـ أنظمة منع التشغيل، ومفاتيح مشفرة، وأجهزة تتبع GPS حتى في الطرازات الاقتصادية.

في المقابل، تختلف مستويات الأمان في السيارات الأمريكية بشكل كبير، خاصة في الطرازات القديمة. فعلى سبيل المثال، أكثر سيارة سُرقت في أمريكا عام 2023 كانت فورد F-150 موديل 2006، وهي سيارة تفتقر للأنظمة الحديثة المضادة للسرقة.

4. التخطيط الحضري وسلوك الركن

في اليابان، يُشترط على المالكين إثبات وجود موقف آمن قبل تسجيل السيارة. كما أن العديد من السيارات تُركن في مواقف مغلقة أو خاضعة للمراقبة، مما يقلل من فرص السرقة.

أما في أمريكا، فكثير من السيارات تُركن في الشوارع أو الممرات المفتوحة لفترات طويلة، مما يجعلها عرضة للسرقة.

5. المراقبة والتكنولوجيا

المدن اليابانية مزودة بكاميرات مراقبة CCTV في الأماكن العامة والسكنية، مما يجعل عمليات السرقة أكثر خطورة بالنسبة للمجرمين.

بينما في الولايات المتحدة، رغم وجود كاميرات في المدن الكبرى، إلا أن التغطية ليست شاملة، ويفتقر العديد من الأحياء إلى هذه البنية التحتية.

6. الأنظمة التأمينية ودقة التبليغ

تمتلك اليابان نظامًا مركزيًا يجمع بيانات التأمين والتقارير الشرطية، مما يعزز دقة الإحصاءات. أما في أمريكا، فقد يؤدي اختلاف التعاريف أو عدم الإبلاغ بسبب نقص التأمين إلى بعض التفاوت، إلا أن الأرقام تبقى أعلى بكثير في كل الأحوال.

حقائق مثيرة:

• أكثر السيارات المسروقة في أمريكا هي من طراز هوندا سيفيك وأكورد، خاصة موديلات أوائل الألفينات.

• في اليابان، تتركز السرقة على تويوتا SUV أو سيارات فاخرة أوروبية، لكن المعدلات لا تزال ضئيلة.

• حتى الدراجات الهوائية في اليابان تُغلق بأقفال مزدوجة.

• تُستخدم أجهزة GPS بشكل واسع في السيارات الخاصة والتجارية، وبعضها مزود بإمكانية تعطيل المحرك عن بُعد.

ما الذي يمكن لأمريكا أن تتعلمه من اليابان؟

الولايات المتحدة لا تحتاج إلى حلول معقدة لتقليل سرقة السيارات. تحسين البنية التحتية للمواقف، تحديث أنظمة الأمان، وزيادة الوعي المجتمعي يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا.

كما يمكن لتطبيق مفهوم "الشرطة المجتمعية" وتحفيز قيم الانضباط الاجتماعي أن يقلص فرص الجريمة بشكل كبير.

الخلاصة

الفارق الكبير في سرقة السيارات بين أمريكا واليابان ليس مجرد أرقام، بل يعكس اختلافًا في البنية الاجتماعية، الثقافية، والقانونية. وبالرغم من أن الوصول لمستوى الأمان في اليابان قد يبدو بعيدًا، إلا أن البدء بخطوات بسيطة ومستوحاة من التجربة اليابانية قد يكون نقطة تحول في الحد من هذه الظاهرة.

وفي النهاية، لا تنسَ القاعدة الذهبية: اركن في مكان آمن، قفل سيارتك، وكن دائمًا متقدمًا بخطوة على اللصوص.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على تيربو العرب. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا