أجمل ما قيل من شعر الحب والرومانسية

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 29 مارس 2022

عرف العرب الكثير من الشُّعراء المتيَّمين الذين جعلوا من القصيدة طريقاً مقدَساً لقلوب أحبَّتهم، فكانت قصيدة الحبِّ العربية الأكثر تميزاً منذ بداية الشِّعر المعلومة لدينا، فلا تكاد تخلو قصيدةٌ من الشَّوق والحبِّ والوقوف على الأطلال.

في هذه المادة؛ سنتعرف معاً على أبرز أشعار الحبِّ والغزل والقصائد الرومانسية التي كتبها الشُّعراء العرب خلال فترات مختلفة، كما سنتعرف على شعراء لُقِّبوا بأسماء حبيباتهم.

يُعرف قيس بن الملوَّح بمجنون ليلى نسبة إلى حبيبته

هو قيسٌ بن الملوَّح شاعرٌ متيمٌ من نجد عُرف بمجنون ليلى نسبة إلى حبيبته ليلى، حيث عاش قيسٌ في القرن الأول الهجري السابع الميلادي، وكانت قصَّة حبِّه لليلى العامرية أبرز موضوعات شعره، ومن أبياته في حبِّ ليلى قوله:

أليسَ اللَّيلُ يَجمَعُني وليلى، كَفاكَ بذاكَ فيهِ لنا تَدانِي

ترَى وَضَحَ النَّهارِ كمَا أراهُ ويعلوها النَّهارُ كمَا عَلانِي

وقال مجنون ليلى عن تمسكه بمحبوبته أبياته هذه:

وقالوا لَو تَشاءُ سَلوتَ عَنها فقُلتُ لَهمْ فإنِّي لا أشَاءُ

وكَيفَ وحبُّها عَلِقٌ بقَلْبي كَمَا عَلِقَتْ بِأرْشِيَةٍ دِلاءُ (الأرشية: حبل يتم ربطه بالدلاء)

لَها حُبٌّ تنشَّأ في فُؤادي فلَيسَ لَهُ وإنْ زُجِرَ انتِهاءُ

أمَّا غزلاً فيقول المجنون بليلاهُ:

أنِيري مكانَ البَدرِ إنْ أفَلَ البَدرُ، وقومِي مَقامَ الشَّمسِ مَا اسْتأخرَ الفَجرُ

ففِيكِ مِن الشَّمسِ المُنيرَةِ ضَوؤها وليسَ لها مِنكِ التَّبسُّمُ والثَّغرُ

بلى لَكِ نُورُ الشَّمْسِ والبدرُ كُلُّهُ لا حملتْ عَينيكِ شَمس ولا بدرُ

لكِ الشَّرْقَةُ الَّلأْلاءُ والبَدرُ طَالِعٌ وليسَ لَها مِنْكِ التَّرَائِب والنَّحرُ

ومِن أينَ للشَّمسِ المُنِيرةِ بالضُّحى بِمكحُولَةِ العَينَين في طرفِهَا فَتْرُ

ومن أبيات قيسٍ بن الملوَّح الصبِّ المستهام:

شُغِفَ الفُؤادُ بِجارةِ الجَنبِ؛ فَظللْتُ ذَا أسَفٍ وذَا كَرْبِ

يا جَارَتي أمسيتِ مَالكةً رُوحِي وغَالبةً عَلى لُبِي

وقد ذاب قيسٌ بحبِّ ليلى فأبى التوبة عن هواه وإن قتله:

عَفا اللهُ عَن لَيلَى وإنْ سَفكتْ دَمِي فإنِّي وإنْ لَمْ تُجزني غَير عائبِ

عَليها ولا مُبْدٍ للَيلَى شِكايَةً وقَدْ يَشتَكِي المُشكى إلى كُلِّ صاحبِ

يَقولون تُبْ عَن ذِكرِ لَيلَى وحُبِّها ومَا خَلدِي عَنْ حُبِّ لَيلَى بِتائِبِ

وفي الأبيات التالية لمجنون ليلى لا نعرف هل هو يشكو الحبَّ أم يصفه وحسب:

وجدتُ الحُبَّ نِيراناً تَلظَّى، قُلوبُ العاشِقينَ لها وقودُ

فلَو كَانت إذا احتَرَقت تفانَتْ؛ ولكن كُلَّما احترَقَتْ تَعودُ

كأهلِ النَّارِ إذ نَضجَتْ جلودٌ أعِيدَتْ للشَّقاءِ لهم جُلودُ

أجمل أبيات الحبِّ والغزل لمجنون لبنى

هو قيس بن ذريح الكِناني، شاعرٌ متيَّمٌ من القرن الأول الهجري السَّابع الميلادي، تزوج محبوبته لبنى الكعبية ثمَّ طلَّقها مكرهاً لأنَّه لم ينجب منها؛ فتزوجت بعده، لكنه لم يستطع أن يطرد هواها من قلبه فظلَّ متيَّماً بها، ولما قررت لبنى العودة إلى قيسٍ طلَّقها زوجها الثاني لكنها ماتت قبل أن تعودَ إلى مجنونها قيسٍ بن ذريح.

ومما قاله مجنون لبنى في محبوبته:

أمَسُّ تُرابَ أرضِكِ يا لُبَيْنَى ولَولاَ أنتِ لمْ أَمسسْ تُرَابَا

وقيسٌ بن ذراحٍ هو القائل أيضاً:

فكُلُّ الذي قالُوا بلوتُ فلمْ أجِد لذِي الشَّجْوِ أشْفَى مِن هوى حِينَ يَقربُ

عَليها سَلامُ اللهِ ما هبَّتِ الصَّبَا وما لاحَ وَهناً في دُجَى اللَّيلِ كَوكَبُ

فلسْتُ بمبتاعِ وصِالٍ بِوصلهَا ولستُ بمفشٍ سِرَّها حِينَ أغضبُ

وقبل أن يتزوج قيسٌ لبنى كان أهله رافضين لهذا الزواج، فأرسلت أمَّه فتيات الحيَّ ليخبرنه ما يعيب لبنى، فكان ردُّه شِعراً:

يَقرُّ بعِينِي قُرْبُها ويَزيدُني بها كَلفاً مَن كَانَ عِندِي يَعيبُها

وكمْ قَائلٍ قدْ قَالَ تُبْ فعصيتُهُ، وتِلكَ لَعمرِي توبَةٌ لا أتُوبُها

فيَا نَفسُ صَبراً لَستِ واللهِ فاعلَمِي بأوَّلِ نَفسٍ غابَ عَنها حَبِيبُها

ومن قصص مجنون لبنى أيضاً أنَّه مرض فأرسل والده بعض الفتيات ليخففن عنه، وجاءه الطبيب لمَّا كانت الفتيات عنده، فقال مجنون لبنى:

عِيدَ قيسٌ مِن حُبِّ لُبنَى ولُبنَى داءُ قَيسٍ، والحُبُّ داءٌ شَدِيدُ

وإِذا عادَنِي العَوائِدُ يوماً قالتِ العَينُ: لا أرَى مَن أريدُ

ليتَ لُبنَى تعودُنِي ثُمَّ أقضِي إنَّها لا تَعودُ فِي مَنْ يَعُودُ

فسأله الطبيب عن علته وزمانها، فأجابه شِعراً:

تعلَّقَ رُوحِي روحَها قبلَ خَلقِنا ومن بَعدِما كُنَّا نِطافاً وفي المهدِ

فزادَ كَمَا زِدنا فأصبحَ نَامِياً فليسَ وإنْ متنَا بِمُنفصمِ العَهدِ

ولكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حَادِثٍ وزائِرنا في ظُلْمَةِ القَبرِ واللَّحدِ

يَكادُ حَبابُ الماءِ يَخدِشُ جِلدَها إذا اغتَسَلتْ بالماءِ مِن رِقَّةِ الجِلدِ

وإنِّي أشتاقُ إلى ريحِ جَيبِها كَمَا اشتاقَ إدريسٌ إلى جَنَّةِ الخُلدِ

ولو لبِستْ ثوباً مِن الوَردِ خَالصاً لخدَّشَ منها جِلدَها وَرقُ الوَردِ

يُثقِلُها لُبسُ الحَريرِ للينِها وتَشكُو إلى جَاراتِها ثِقلَ العِقدِ

وأرحمُ خَدَّيها إذ مَا لَحَظتُها حَذاراً للحظِي أنْ يؤثِّرَ في الخَدِّ

شعر ولَّادة بنت المستكفي في الحبِّ

هي الأميرة الأندلسية ولَّادة بنت الخليفة الأموي المستكفي، ولدت في نهاية القرن العاشر وتوفيت في العقد الأخير من القرن الحادي عشر الميلادي، وكانت ولَّادة شاعرةً معروفة بقوة قولها ورجاحة عقلها، وأشهر ما يتعلق بها هو صراع الوزير ابن عبدوس والشَّاعر ابن زيدون على استمالتها، وقيل أنَّها كانت تميل إلى ابن زيدون.

وولَّادة بنت المستكفي هي القائلة:

ألا هَلْ لَنا مِن بَعدِ هَذا التَّفرُّقِ سَبيلٌ فيَشْكو كلُّ صبٍّ بِما لَقي

وقَدْ كُنتُ أوقاتَ التَّزاورِ في الشِتا أبيتُ عَلى جَمرٍ مِن الشَّوقِ مُحرِقِ

فكيفَ وقدْ أمسيتُ في حَالِ قطيعةٍ لَقدْ عَجَّلَ المَقدورُ مَا كُنتُ أتَّقي

تَمرُّ الليالي لا أرى البَينَ ينقضي وَلا الصَّبرُ مِن رِقِّ التَشوِّقِ مُعتِقي

سَقى الله أرضاً قدْ غدتْ لكَ مَنزِلاً بكُلِّ سكوبِ هاطلِ الوَبلِ مُغدقِ

ومن أبيات ولَّادة في الحبِّ وأموره قولها:

لِحاظُكُم تَجرَحُنا في الحَشا ولَحظُنا يَجرَحُكم في الخُدودِ

جرحٌ بجرحٍ فاِجعَلوا ذَا بذَا؛ فَما الذي أوجَبَ جُرحَ الصُّدودِ

أشعار الحبِّ عند ابن نباتة المصري

هو أبو بكر جمال الدين محمد بن محمد الجذامي الفارقي المصري المعروف بابن نباتة المصري، شاعر وله مؤلفات أخرى أبرزها سرح العيون في رسالة ابن زيدون، وله الكثير من الأشعار في الحبِّ والغرام، منها قوله:

كَأنَّ الحُبَّ دَائرةٌ بقَلبي فحَيثُ الانتِهاءُ الابتِداءُ

برُوحِي جِيرةٌ رَحَلوا بقلبٍ أحبَّ وأحسَنوا فيمَا أسَاءوا

بِهم أيَّامُ عَيشِي واللَّيالِي هي الغلمَانُ كَانتْ والإمَاءُ

تولَّى مِن جَمالِهم رَبيعٌ فَجاءَ بنوءِ أجفَانِي الشِّتاءُ

وبثَّ صَبابَتي إنسانُ عَينِي فيا عَجباً وفي الفَمِ مِنهُ مَاءُ

عَلى خَدي حَميمٌ مِن دُموعِي صَديقٌ إن دَنوا ونأوا سَواءُ

فأبْكِي حَسرةً حَيث التَّنائي وأبْكِي فَرحةً حَيث اللِّقاءُ

كأنَّ بُكايَ لي عَبدٌ مُجيبٌ فَما فَرجِي إذاً إلاَّ البكاءُ

وفي موضعٍ آخر يقول ابن نباتة المصري مغازلاً:

بروحيَ هيفاء المعاطِفِ حلوة تكاد بألحاظِ المحبِّينَ تشربُ

لقد عذَّبتْ ألفاظُها وصِفاتُها عَلى أنَّ قَلبي في هَواهَا مُعذبُ

تَجاسَرَ عُودُ اللَّهوِ يشبهُ صَوتَها فمِن أجلِ هَذا أصبحَ العُودُ يُطرِبُ

وأجرَتْ دموعَ العَاشقينَ بلعبِها فقالَ الأسَى دَعها تَخوضُ وتلعَبُ

شعر الحب والرومانسية الحديث

استمر النشاط الشِّعري في قصيدة الحبِّ والغزل لأنَّ الحبَّ فعلٌ مستمر مقارنة بأبواب الشعر القديمة الأخرى، فالمديح أصبح من الماضي بالنسبة للقصيدة العربية التي نعرفها اليوم، كذلك أصبح الهجاءُ أمراً غير ذي قيمة لدى محبي الشعر، لكنَّ الحبَّ احتفظ بقيمته مع تطور الشعر العربي.

أبيات عن الحبِّ من ديوان محمد مهدي الجواهري:

عاطفاتُ الحُبِّ ما أبْدَعَها هذَّبَتْ طَبعِي وصفَّتْ خُلُقي

حُرَقٌ تملأ روحي رقَّة، أنا لا أُنكِرُ فضلِ الحُرَقِ

أنا باهَيْتُ بموتِي في الهَوى لا بشوقِي أينَ مَن لَم يَشْتَقِ

ثقْ بأنَّ القَلبَ لا تَشغَلُهُ ذِكرَياتٌ غيرُ ذِكراكَ ثقِ

لستَ تَدرِي بالذي قَاسيتُهُ كيفَ تَدرِي طَعمَ ما لَمْ تَذُق

لم تدعْ مِنّيَ إلا رَمَقاً وفداءٌ لكَ حتَّى رَمَقِي

مُصبَحي في الحِزنِ لا أكرهُهُ إنَّما أطيبُ منهُ مَغْبَقي

إن هذا الشِّعر يُشجِي نَقلُهُ كيف لو تَسمعُه من مَنطِقِي

ربَّ بَيتٍ كَسرَتْ نبرتهُ زفراتٌ أخذتْ في مَخنقِي

أنا مَا عِشتُ على دِينِ الهَوى فهواكُم بَيْعةٌ في عُنقِي

حبٌّ قصير في موسم الورد من مذكرات الشاعر عمر أبو ريشة:

هنا في موسم الوردِ تلاقَيْنا بلا وَعْدِ

وسِرْنا في جلال الصمتِ فوق مناكبِ الخُلْدِ

وفي ألحاظنا جوعٌ على الحرمان يستجدي

وأهوى جيدكِ الريَّان مُتكئاً على زِندي

فكُنا غفوةً خرساء بين الخَدِّ والخَدِّ

مُنى قلبي أرى قلبكِ لا يبقى عـلى عَهْـدِ

أسائلُ عنكِ أحلامي وأُسكتُها عن الرَّدِّ

أردتِ فنلتِ ما أمَّلتِ مَن عِزّي ومن مجدي

فأنتِ اليوم ألحانِي وألحانُ الدُّنى بَعْدي

فما أقصرَه حُبَّـاً تلاشى وهو في المَهْدِ

ولم أبرحْ هنئ في ظلِّ هذا المّلتقى وحدي

الحبُّ عند محمود درويش:

كما ينبتُ العُشبُ بينَ مفاصِل صخرة

وجِدنا غريبين يوماً

وكانت سماء الربيع تؤلِّف نجماً ونجما

وكنتُ أؤلِّفُ فقرةَ حبٍّ.... لعينيكِ غنيتها

أتعلم عيناكِ أنيَّ انتظرتُ طويلا؟!

كما انتظرَ الصَّيفُ طائر، ونمتُ كنومِ المُهاجر

فعينٌ تنامُ لتصحو عين طويلا

وتبكي على أختها

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

ونعلم أن العناق، وأن القبل، طعام ليالي الغزل

وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوماً جديداً

صديقان نحن، فسيري بقربي كفاً بكف

معاً نصنع الخبز والأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق لأي مصيرٍ يسيرُ بنا؟

ومن أين لملم أقدامنا؟

فحسبي وحسبك أنا نسير معاً للأبد

لماذا نفتش عن أغنيات البكاءِ بديوان شِعرٍ قديم؟

و نسألُ يا حبَّنا هل تدوم؟!

أحبُّكِ حبَّ القوافلِ لواحة عشبٍ وماء

وحب الفقير للرغيف

كما ينبتُ العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوما... ونبقى رفيقين دوما

أبيات عن الحبُّ للشاعر نزار قباني:

حبيبتي، لديَّ شيءٌ كثيرْ أقولُهُ، لديَّ شيءٌ كثيرْ

من أينَ يا غاليتي أبتدي وكلُّ ما فيكِ أميرٌ أميرْ

يا أنتِ يا جاعلةً أحرُفي مِمّا بها شرانِقاً للحريرْ

هذي أغانيَّ و هَذا أنا يَضُمُّنا هذا الكِتابُ الصَّغيرْ

غداً إذا قَلَّبْتِ أوراقَهُ واشتاقَ مِصباحٌ و غنَّى سَريرْ

واخضوضرَتْ من شوقها أحرفٌ وأوشكتْ فواصلٌ أن تطيرْ

فلا تقولي: يا لهذا الفتى أخْبرَ عني المنحنَى والغَديرْ

واللَّوزَ و التوليبَ، حتَّى أنا تسيرُ بِيَ الدُّنيا إذا ما أسيرْ

وقالَ ما قالَ فلا نَجمةٌ إلا عليها مِنْ عَبيري عَبيرْ

غداً يراني النَّاسُ في شِعرِهِ فماً نَبيذِيَّاً وشَعراً قَصيرْ

دعي حَكايا الناسِ... لَنْ تُصْبِحِي كَبيرَةً إلا بحُبِّي الكبيرْ

ماذا تصيرُ الأرضُ لو لم نكنْ؟، لو لَمْ تكنْ عَيناكِ ماذا تصيرْ؟

ختاماً... لا تكاد قصائد الحبِّ والغزل تحصى في ديوان الشِّعر العربي، لكن موقع بابونج يحاول دائماً أن يقدم لكم نماذج من فتراتٍ مختلفة ولشعراء مختلفين، ننصحكم بزيارة قسم الشعر والأدب في موقع بابونج لقراءة المزيد من الشعر العربي.