يعتبر رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي صاحب أطول فترة في رئاسة الوزارة باليابان، ورغم النجاحات التي حققها خلال ولايته الثانية التي استمرت من عام 2012 وحتى عام 2020 إلا أنه تم اغتياله اليوم بعد إطلاق نار في تجمع انتخابي غرب اليابان.
نشأة شينزو آبي وحياته
ولد "شينزو آبي" في يوم 21 سبتمبر من عام 1954 في حي شينجوكو بالعاصمة اليابانية طوكيو، لعائلة سياسية تمتلك نفوذاً اقتصادياً كبيراً، وقالوا عن جده أنه كان ملكا اقتصاديا للصين المحتلة وكوريا، ووالدته هي ابنة نوبوسوكه كيشي رئيس وزراء اليابان من عام 1957 إلى 1960.
التحق آبي بمدرسة سيكي حتى انتهى من الدراسة في المرحلة الثانوية وبعدها درس الإدارة العامة وحصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة سيكي في عام 1977، وسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة في كلية السياسة العامة بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، وفي عام 1979 بدأ العمل لدى شركة كوبي ستيل حتى عام 1982 ثم تولى عددا من المناصب الحكومية منها المساعد التنفيذي لوزير الخارجية والسكرتير الخاص لرئيس المجلس العام للحزب الديمقراطي الليبرالي والسكرتير الخاص للأمين العام للحزب الديمقراطي الليبرالي.
مسيرته السياسية
تم انتخاب شينزو آبي لعضوية مجلس النواب في الدائرة الأولى لمحافظة ياماغوتشي عام 1993 بعد وفاة والده في عام 1991 وحصل على أكبر عدد من أصوات النواب الأربعة المنتخبين في المنطقة وفي عام 1999 أصبح مدير قسم الشؤون الاجتماعية، كما تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومتي يوشيرو موري وجونيشيرو كويزومي من عام 2000 إلى عام 2003 وبعدها أصبح أمينا عاما للحزب الليبرالي الديمقراطي.
وانضم آبي لفصيل موري في الحزب الديمقراطي الليبرالي، والذي كان يرأسه رئيس الوزراء السابق يوشيرو موري، ويضم الفصيل 60 عضوا في مجلس النواب و26 عضوا في مجلس المستشارين، وكان آبي هو كبير المفاوضين للحكومة اليابانية نيابة عن عائلات المختطفين اليابانيين الذين تم نقلهم إلى كوريا الشمالية، وحصل على شعبية كبيرة بعدما طالب ببقاء المختطفين اليابانيين الذين كانوا يزورون اليابان في تحد لكوريا الشمالية.
رئاسة الحزب الديمقراطي
في أبريل من عام 2006 انتخب شينزو آبي رئيسا للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، وتولى رئاسة وزراء اليابان للمرة الأولى في عام 2006، بعمر 52 عاما وكان أصغر رئيس وزراء لليابان منذ عهد فوميمارو كونويه في عام 1941.
وتضمنت سياسات آبي إصلاحات اقتصادية تتعلق بموازنة الميزانية اليابانية وخفض الإنفاق بجانب إصلاحات التعليم كما اقترح مشروع قانون لتشجيع القومية بين الشباب الياباني، وعلى صعيد السياسة الخارجية اتخذ موقفا متشددا ضد كوريا الشمالية كما طالب بتحسين العلاقات مع الصين، كما نال احتراما بين السياسيين في تايوان.
كما عمل آبي على تعزيز العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية داخل منطقة جنوب شرق آسيا، وبحث عن حلفاء في حملته الدولية لمواجهة التهديد النووي لكوريا الشمالية، كما سعى لرفع مستوى العلاقات الاستراتيجية بين اليابان والهند، وبدأ الحوار الأمني الرباعي بين اليابان والولايات المتحدة وأستراليا والهند في عام 2007، وزار الهند لمدة 3 أيام وحققت الزيارة نجاحا كبيرا.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها خلال فترة ولايته الأولى إلا أن الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم تلقي خسائر فادحة في انتخابات مجلس الشيوخ وفقد السيطرة على المجلس للمرة الأولى منذ 52 عاما، وأعلن آبي تشكيل حكومة جديدة في أغسطس 2007، وفي 12 سبتمبر 2007 أعلن آبي نيته الاستقالة من رئاسة وزراء اليابان واستقال رسميا في 26 سبتمبر 2007.
قال آبي إن مرض التهاب القولون أدى إلى استقالته من رئاسة وزراء اليابان، وفي 26 سبتمبر 2012 تم إعادة انتخاب آبي رئيسا للحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض، وفقد الحزب الديمقراطي الياباني الحاكم أغلبيته في مجلس النواب، وتم إجراء انتخابات عامة مبكرة وأطلق آبي حملة انتخابية تحت شعار "استرد اليابان"، وفي ديسمبر 2012 فاز حزبه بـ294 مقعدا من إجمالي 480 مقعدا في مجلس النواب وشكل آبي حكومة ائتلافية وتم انتخابه رئيسا لوزراء اليابان في ولاية ثانية يوم 26 ديسمبر 2012.
وقال آبي إنه سينفذ سياسة نقدية جريئة وسياسة مالية مرنة تشجع الاستثمار الخاص، وقال في فبراير 2013 إنه عاد إلى رئاسة الوزراء لمنع تحول اليابان إلى "أمة درجة ثانية"، وأطلق استراتيجية اقتصادية باسم أبينوميكس أو الأسهم الثلاثة تتضمن التوسع النقدي وسياسة مالية مرنة وإصلاح هيكلي.
كما تبني آبي حملة لزيادة النمو السكاني وخصص ملايين الدولارات للبرامج التي تساعد الأفراد العزاب في العثور على رفقاء بعنوان "برامج دعم الزواج" لزيادة معدل المواليد المتناقص، كما نفذ خطة تغيير جذرية للسياسة الخارجية لليابان، وقام بزيارات إلى 49 دولة منذ ديسمبر 2012 وحتى سبتمبر 2014.
وقام آبي بتعديل وزاري في سبتمبر من عام 2014، كما دعي إلى انتخابات مبكرة في ديسمبر من نفس العام، وفاز الحزب الليبرالي الديمقراطي بـ291 مقعدا، وحافظ الائتلاف الحاكم على أغلبية الثلثين في مجلس النواب، وفي 24 ديسمبر 2014 تم إعادة انتخاب آبي في منصب رئيس الوزراء من قبل مجلس النواب لولاية ثالثة.
وفي شهر سبتمبر من عام 2015 تم إعادة انتخاب آبي لرئاسة الحزب الديمقراطي الليبرالي، وأجرى تعديلا وزاريا حافظ فيه على الوزراء الرئيسيين للمالية والاقتصاد والشؤون الخارجية، وأعلن أنه سيركز على حل أزمات انخفاض الخصوبة وشيخوخة السكان وزيادة الأجور والاستهلاك وتوفير خدمات رعاية الأطفال والضمان الاجتماعي.
وفي أكتوبر 2017 تم إجراء الانتخابات العامة في اليابان وحصل الائتلاف الحاكم بزعامة آبي على أغلبية الأصوات، وفي سبتمبر 2018 تم إعادة انتخاب آبي لزعامة الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، وفي نوفمبر 2019 أصبح آبي أطول رئيس وزراء في اليابان في الخدمة، وفي عام 2020 عانى Shinzo Abe
من مضاعفات مرض التهاب القولون وفي أغسطس من نفس العام أعلن استقالته من منصبه.
جوائز وتكريمات شينزو آبي
حصل Shinzo Abe على عدد من الأوسمة منها وسام الصليب الكبير من وسام الشرف في اليونان، ووسام صليب العاج الكبير من ساحل العاج، وصليب الفارس الكبير من وسام أورانج ناسو في هولندا، كما انضم لقائمة أفضل 100 مفكر عالمي في السياسة الخارجية عام 2013 في الولايات المتحدة، وجائزة هيرمان كان في سبتمبر 2013 من الولايات المتحدة، وقائمة 100 شخص الأكثر تأثيرا في العالم عام 2014 من الولايات المتحدة، وجائزة العالم الرائد في مجال الأمن السيبراني لمنتدى بوسطن العالمي في 2015.
كما حصل Shinzo Abe على الدكتوراه الفخرية من جامعة رانجسيت في تايلاند في مارس 2013، ودكتوراه أخرى من جامعة جواهر لال نهرو في الهند في عام 2015، ومن جامعة ولاية تركمان في تركمانستان.
زوجة شينزو آبي
تزوج Shinzo Abe من السيدة آكي ماتسوزاكي في عام 1987 وهي ابنة رئيس شركة موريناغا لصناعة الشوكولاتة، ويعرف عنها أنها تمتلك آراء معارضة لتوجهات زوجها، ولم يرزق الزوجين بأطفال.
اغتيال شينزو آبي
قتل آبي اليوم 8 يوليو 2022 عن عمر يناهز 67 عاما متأثرا بإصابته برصاصتين أطلقهما عليه رجل يدعى "تيتسويا ياماجامي" خلال تجمع انتخابي بمدينة نارا غرب اليابان، وقالت الشرطة اليابانية إن المسلح الذي ألقي القبض عليه قال إنه قتل آبي بسبب "عدم رضاه عنه".
وبعد مقتله خرجت إدانات دولية للحادث حيث قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه شعر بالحزن الشديد بعد الهجوم الخسيس على رئيس وزراء اليابان السابق.
وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إنه حزين لمقل آبي الذي وصفه بالصديق العزيز، وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه يشعر بحزن شديد، وقال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إن قتل آبي جريمة غير مقبولة، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن اغتيال آبي صادم ومريع.
