أبيات وقصائد شعر عن الحظ

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 31 يوليو 2022

أغلبنا مرَّ بلحظة شَعر عندها أنَّ الحظَّ قد تخلَّى عنه، بل أنَّ كلَّ ما يجري حوله يجري بعكس ما يرغب وضدَّ ما يريد، فبين الحظِّ السيء والحظِّ الجيد يبقى الشَّخص نفسه هو الحكم.

في هذه المادة جمعنا لكم أجمل ما قيل عن الحظ من أبيات وقصائد في الشعر العربي، حيث تناول الشُّعراء الحظَّ وعلاقته بالمقدرات والمؤهلات، كما تناولوا حظوظهم من أمور شتَّى... لنبدأ.

 

لكل من الشُّعراء رأيه وتجربته مع الحظِّ

في الواقع تتحكم نظرتنا إلى الحظ وحقيقته بمسار حياتنا وتلعب دوراً كبيراً في قراراتنا، فمنا اليائس من حظه الذي لا يرغب في تجربة أي شيء جديد.

ومنَّا الواثق من حظه فتراه يتهور أحياناً، ومنا الذي يتوسط الاثنين فلا يدري هل هو حظٌ أم غير ذلك؛ كذلك هم الشُّعراء منقسمون.

يقول شَّاعرٌ مجهول يعتقد أن الحظَّ السيء من شأنه تشويه الأعمال الجيدة:

إذا لَم يُرزَق الإنسانُ بختاً فما حَسناتُهُ إلا ذُنوبُ

أمَّا الشَّاعر مسعود سماحة فيرى أنَّ الحياة تعتمد على القسمة وليس على الحظ، يقول:

لكُلِّ امرئٍ في الوَرى قِسمةٌ فليستْ تزيدُ ولا تَنقُصُ

ولذَّةُ مَن يقتَفِي المَكرُماتِ جَوَّاداً كلذَّةِ مَن يَحْرِصُ

ويعبر شاعر آخر عن وجهة النظر هذه بقوله:

إن المقاسمَ أرزاقٌ مقدَّرةٌ بَينَ العِبادِ فَحَرْومٌ ومُدَّخِرُ

فما رُزقتَ فإِنَّ الله جَالبُهُ، وما حُرِمْتَ فما يَجْري بهِ القدرُ

فاصبِرْ على حَدَثانِ الدَّهرِ مُنْقِبضا عن الدَّناءةِ إِن الحُرَّ يصطبرُ

أمَّا ابن الرومي فيعيدنا إلى قدرة الحظِّ ودوره؛ يقول:

إنَّ للحظِّ كيمياء إذا مَا مسَّ كَلبًا أصارَهُ إنسَانَا!

وهذا ما يؤكده الإمام الشَّافعي بقوله:

فإذا سَمِعْتَ بأنَّ مَجْدُوداً حَوَى عودًا فأثمرَ في يديهِ؛ فصدِّقِ

(مجدود: محظوظ)

وإذا سَمِعْتَ بأنَّ مَحرُومًا أَتَى مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَغَاضَ؛ فَحَقِّقِ!

لَوْ كانَ بِالحِيَلِ الغِنى لوجدتَنِي بنجومِ أقطارِ السَّماءِ تعلُّقي

وهذا أيضاً ما ترمي إليه الأبيات التالية مجهولة القائل:

إنْ جَدُّ المرءِ في الشَّيء مُقبل تأتَّتْ لهُ الأشياءُ مِن كلِّ جَانبِ

وإذا أدبرَت دُنياهُ يوماً توعَرَت عَليه فأعيتهُ وجوهُ المطالِبِ

 

اهتم الشعراء بتسليط الضوء على علاقة الحظ بالعلم والعمل

إن أكثر ما يجعلنا نؤمن بالحظِّ ما نعايشه من أشخاص يتعبون بلا فائدة وآخرين يستفيدون بلا تعب، وهو ما يفسره قول الشَّاعر ابن الحداد المصري:

والجِدُّ دونَ الجَدَّ ليسَ بنافعٍ، والرُّمحُ لا يمضي بغيرِ سِنانِهِ

(الجِد الأولى بكسر الجيم: الاجتهاد التعب في الطلب، والجَد الثانية بفتح الجيم تعني الحظ)

ويؤكد ابن بشران أنَّ الحظ من شأنه أن يسمو بصاحبه دون علم أو أدب أو تعب، إذ يقول:

إِنْ قَدَّمَ الحظُ قوماً مالهم قَدَمٌ في فَضْلِ عِلْمٍ ولا حَزْمٍ ولا جَلَدِ

فهكذا الفَلكُ العُلويُّ أنجمُه تُقدَّمُ الثَّورُ فيها رتبةَ الأسدِ

أمّا أبو العلاء المعري فيصوِّر عجلة الحظ التي قد تدور لصالح من لم يسعَ ويتعب:

يُجالِدُ مَحْرومٌ على الأمرِ فاتهُ، وأحرزَهُ بالحظِّ مَن لمْ يُجالدِ

سَمَّيتَ نَجلكَ مَسعوداً وصادفَهُ رَيْبُ الزَّمانِ فأمسى غيرَ مَسْعودِ

كما يقول المعري:

ولا تطلُبنَّ بغيرِ الحَظِّ رُتبةً؛ قلمُ الأديبِ بغيرِ حَظٍّ مِغزلُ

أمَّا مسعود سماحة فيصور الحالات التي ينتصر فيه الحظُّ لمن ليس أهلاً:

ومِن مُعجزاتِ الحَظِّ رؤيةُ مبصرٍ يُسابقُهُ في السَّيرِ مَن لَيسَ يُبصِرُ

وصَوتُ أديبٍ أغرقتْ نبراتِهِ بلجتها أصواتُ غِرٍ يثرْثِرُ!

كما يرى المتنبي أن جمع الماء والنَّار أسهل من جمع الحظ والفهم!

وما الجَمعُ بينَ الماءِ والنَّارِ في يَدي بأصعَبَ مِن أن أجمعَ الجَدَّ والفَهْما!

ويقول المعري:

وقد بانَ أنَّ النَّحسَ ليس بغافلٍ، له عملٌ في أنجمِ الفُهَماءِ

لنتأمل معاً الصورة البديعة التي ينقلها لنا أسامة بن منقذ عن الحظِّ، فهو يرى أنَّ الحظوظ تقع في من لا يستحق؛ لذلك يعلو الشرَّرُ الجمرَ:

تنظرُ العَاجزَ الحُظوظُ فيستعلي، وتَعمَى عَن حَازمٍ مَحدودِ!

في اعتلاءِ الشّرارِ عَن رَاكدِ الجَمرِ دَليلٌ أنَّ العُلا بالجُدودِ

(الجدود: الحظوظ)

ويبدو أن أسامة بن منقذ متمسكٌ بوجهة النظر هذه فيقول:

رَفْعُ الحُظوظِ لمن أصبْنَ وحَطُّ مَن أخطأتَهُ فيه يَحارُ العَاقِلُ

يُعْطى الغَبيُّ ويُحرَمُ النّدبُ الفَتى، كالديكِ تُوِّجَ والبزاةُ عواطلُ!

وهذا ما تؤكده أيضاً الأبيات المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهي تجمع بين الحظِّ والقسمة أيضاً:

فلو كانتِ الدُّنيا تُنالُ بفطنَةٍ وفضلٍ وعَقلٍ.. نِلْتُ أعلى المراتبِ

ولكنَّما الأرزاقُ حَظٌّ وقِسْمَةٌ بفضلِ مَليكٍ لا بحيلةِ طَالبِ

 

أبيات شعر عن الحظِّ السيء والحظِّ الجيد

لنتفق أنَّ الحُظوظ ليست مستقرة دائماً، فهي يوماً جيدة وآخر سيئة، ومن يعتقد منَّا أنَّه ذو حظٍّ سيئ لا بد أنْ يشكر حظَّه يوماً ما، وكذلك من يعتقد أنَّه جيد الحظ لا بد أن يخونه حظه السَّعيد...

لنبدأ بأصحاب الحظ السيء

تأملوا قول الشَّاعر السُّوداني إدريس جمَّاع:

إنَّ حَظّي كدَقيقٍ فَوقَ شَوكٍ نَثروه

ثُمَّ قالوا لحُفاةٍ يَوم ريحٍ اجمعوه

صَعُبَ الأمرُ عَليهم ثُمَّ قالوا اتركُوه

إنَّ مَن أشقاهُ ربِّي كيفَ أنتم تُسعِدوه!

ويقول عباس محمود العقاد في وصف الحظ السيئ:

إِنْ كانَ حَظُّ النَّاسِ أعمى فإِنَّ لي عَلى الغيبِ حَظ لا يزالُ بصيرا

يظلُّ يُحاشي كلَّ خيرٍ كأنَّه يُحاذرُ فخاً أو يَردُّ مُغيرا!

كذلك يندب إيليا أبو ماضي حظَّه العاثر وحظوظ البؤساء السيئة، فيقول:

يا ليلُ حَسبِيَ ما لَقيتُ مِن الشَقا رُحماكَ لَستُ بِصَخرةٍ صمَّاءِ

بِنْ يَا ظَلامُ عَن العُيونِ فرُبَّما طَلعَ الصَّباحُ وكانَ فيهِ عَزائي

وا رَحمَتا لِلبائِسينَ فَإِنَّهُم مَوتى وتَحسَبُهم مِنَ الأحياءِ

إِني وجَدتُ حُظوظَهُم مُسوَدَّةً فكأَنَّما قُدَّت مِنَ الظَّلماءِ

أبداً يُسَرُّ بَنو الزَّمانِ وما لهم حَظٌّ كَغيرِهِم مِنَ السَّرّاءِ

ما في أَكفِّهِم مِنَ الدُّنيا سِوى أنْ يُكثِروا الأَحلامَ بِالنَعماءِ

تَدنو بِهِم آمالُهُم نَحوَ الهَنا هَيهاتَ يَدنو بِالخَيالِ النَّائي

كذلك يصفُ مسعود سماحة سوء حظِّه:

ولي حَظٌ دَهاهُ ما دَهاني وأصبحَ ما عَراه ما عَراني

أيَمِّمُ حيثُ هو فلا أَراه ويقصِدُ حيثُ كنتُ فلا يَراني

وربما في أبيات مضرس بن ربيعي مواساة لأصحاب الحظوظ السيئة:

فلا تهلكنَّ النفسَ لوماً وحسرةً على الشيءِ أسداهُ لغيرِكَ قادُرهْ

ولا تيأسَنْ من صالحٍ لأن تنالَه وإِن كان بؤساً بين أيدٍ تبادرُهْ

وما فاتَ فاتركْه إِذا عزَّ واصْطَبِرْ من الدهرِ إِن دارتْ عليكَ دوائرهْ

فإِنكَ لا تعطي امرأً حظَّ غَيْرِه ولا تعرفُ الشِّقَّ الذي الغَيْثُ ماطُرهْ

ويشكو ابن النَّقيب في هذه الأبيات تبدُّل الحظِّ متمنياً أن يعود حظُّه الجيد:

غادَرَتْني الأيَّام مِن بعدِ صَفوِ العَيشِ بالظَّنِّ أقرَعُ الآمالا

فعسى أَنْ يُراشَ مِني جَناحُ الحَظِّ يَوماً ويُصْلحُ الدَّهرُ حَالا

كما يصف موسى بن سحيم انقلاب عجلة الحظِّ على المحظوظ، حيث يقول:

بينما الجَدُّ سَعيدٌ مُقْبِلٌ إِذا تمادى في عِثارٍ وزَلَلْ

وإِذا المرءُ تَوَلىَّ جَدُّه ذاقَ ذُلَّ العَيشِ ذو الجَدِّ المولْ

حُرِمَ الخيرَ إِذا ما رامَهُ، وإِذا ما حَاذرَ الشَّرَّ نزَلْ!

ويقول الشَّاعر في وصف تأرجح الحظ:

إنْ أقبَلتْ باضَ الحَمامُ على الوَتَدْ، وإنْ أدبَرتْ بَالَ الحِمارُ على الأسدْ!

ويقول آخر:

إذا أقبلت كادَتْ تُقاد بشعرةٍ، وإذا أدبَرتْ كادَتْ تَقدُّ السَّلاسِلا

فيما يرى الشَّاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي أن الشكوى من الحظ السيئ تحطُّ الهمم، فيقول:

شكا الجَدَّ الذي عَثَرا وذمَّ الدَّهرَ مُبتدرا

(الجَدُّ: بفتح الجيم تعني الحظ)

وقَصَّرَ في مساعيهِ فباتَ يعاتبُ القَدَرا

 

أبيات متنوعة عن الحظِّ وأحواله

وصلنا إلى الفقرة الأخيرة، فبعد أن عرضنا أبرز اتجاهات الشُّعراء في تناول موضوع الحظ جمعنا لكم طائفة من الأبيات التي تحدثت عن الحظِّ وأحواله وعبَّرت عن آراء وتوجهات مختلفة، أو وصفت حالات مختلفة من الحظِّ.

يقول أبو عبادة التنوخي المعروف باسم البحتري:

إِذا شئتَ حازَ الحظَّ دونَكَ واهنٌ ونازعَكَ الأقسامَ عبدٌ مجدَّعُ

ويقول أحمد شوقي عن توزيع الحظوظ بين النَّاس:

فسبحان المفرِّق حظَّ قومٍ قناطِيرا، وأقوامٍ أواقي

وقومٍ يرتَقونَ إلى المَعالي، وقومٍ ما لَهم فيها مَراقِي

يقول ابن قلاقس:

إلى الحظّ الجليلِ تتوقُ نفسي فقد شرُفَتْ عن الحظِ الخسيسِ

سأُلزِمُها مجانبةَ الدَنايا ولا أرضى لها غيرَ الرؤوسِ

وخير من حدا المرؤوسِ عندي فلا يَلْمُمْ بهِ منعُ الرئيسِ

أما لو كان بالآدابِ حظٌّ يُنالُ لثُرْتُ منها في خميسِ

ولو أن الزمانَ أراد سِلْمي لقرّبني من القاضي الجَليسِ

يقول عدي بن زيد:

قد يدركُ المبطئُ من حظِّهِ والخيرُ قد يَسْبِقُ جُهُدَ الحريصْ

يسعدُ ذو الجَدِّ ويشقى الحريصْ ليس لخلقٍ عن قضاءٍ محيصْ

وفي الحظ يقول الإمام الشافعي:

والجَدُّ يُدْني كلَّ أمرٍ شاسعٍ والجَدُّ يفتحُ كلَّ بابٍ مغلقِ

وليحيى بن زياد في الحظِّ قوله:

إِذا المرُ يَسْعَدْ على الدهرِ جدُّهُ وإِن كانَ ذا عقلٍ يقالُ مفندُ

يا رُبَّ محظورٍ عليه رأيهُ تناولَ ما أعيا الذي هو أوجدُ

الحسن بن عبد الله الأصفهاني:

الجّدُّ أنهضُ بالفَتَى مِن عَقلِهِ فانهضْ بجَدٍّ في الحَوادِثِ أو ذَرِ

ما أقربَ الأشياءَ حينَ يَسوقها قَدرٌ، وأبعَدَها إذا لَم تُقدَّرِ

وفي فضل الحظ على العلم والأدب يقول إبراهيم بن محمد الأزدي "الملقب نفطويه":

الجدُّ أنفعُ مِن عَقْلٍ وتأديبِ إِنَّ الزَّمانَ ليأتي بالأعاجيبِ

كم مِن أديبٍ يزالُ الدَّهرُ يقصدُه بالنَّائباتِ ذواتِ الكُرهِ والحوبِ

وامرئٍ غيرِ ذي دينٍ ولا أدَبٍ مُعمرٍ بين تأهيلٍ وترحيبِ!

ما الرزقُ من حيلةٍ يحتالُها فطنٌ لكنه من عَطاءٍ غير محسوبِ

أحمد شوقي:

وما اعتراضُ الحظِّ دونَ المنى ... من هَفْوةِ المُحْسنِ أو ذنبِه

عبد العزيز بن زرارة الكلابي:

وما لبُّ اللبيبِ بغيرِ حَظٍّ ... بأغنى في المعيشةِ من فتيلِ

رأيتُ الحظَّ يسترُ كلَّ عَيْبٍ ... وهَيْهاتَ الحظوظُ من العقولِ

ابن زيدون:

كَم قاعِدٍ يَحظى فَتعجِبُ حالُهُ مِن جاهِدٍ يَصِلُ الدَّؤُوبَ فَيُحرَمِ!

وأَرى المساعِيَ كالسُيوفِ تَبادَرَت شَأوَ المَضاءِ فَمُنثَنٍ وَمُصَمِّمُ

وشَفوفُ حَظٍّ لَيسَ يَفتَأُ يُجتَلى غَضَّ الشَّبابِ وَكُلُّ حَظٍّ يَهرَمُ

ختاماً... لا نملك ما نؤكد به وجود حظٍ سيء وآخر جيد لكننا جميعاً نشعر بذلك، فنتمنى لو أن تفصيلاً صغيراً لم يحدث أو لو أن آخر قد حدث... في النهاية هذه هي الحياة.