"ازدهار"تهريب المهاجرين والمخدرات وغسيل الأموال غرب البلقان

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأربعاء، 19 مايو 2021
"ازدهار"تهريب المهاجرين والمخدرات وغسيل الأموال غرب البلقان

كانت منطقة غرب البلقان بؤرة ساخنة لأنشطة تجارية غير شرعية منذ السبعينيات، إذ اعتبرت منذ ذلك الحين طريقا تنشط فيه تجارة العديد من السلع غير المشروعة، حسب ما جاء في تقرير جديد صادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة. ويذكر التقرير أن تجارة تهريب المهاجرين في المنطقة وحدها تقدر بأكثر من 50 مليون يورو سنويا.

تدفق الأشخاص والمخدرات والأموال

نشرت المبادرة العالمية، وهي منظمة دولية غير حكومية مقرها الرئيسي في سويسرا، معلومات في تقريرها الصادر يوم الاثنين (10 مايو/ أيار 2021)، تتعلق بعام 2020 بأكمله. خلال السنة المذكورة، وبسبب جائحة فيروس كورونا، أكد التقرير أن أعداد أولئك الذين تم تهريبهم زاد بالفعل في عام 2020.

وجاء في التقرير أن "إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الحدود تسببت في حالات إنسانية وقيّدت حرية الحركة داخل البلدان وفيما بينها، كما زادت محفزات التهريب"، مما جعل أرباح المهربين في جميع أنحاء أوروبا تتضاعف.

وتم التطرق إلى هذه النقطة أيضا في تحقيق أجرته صحيفة الغارديان البريطانية مؤخرا بشأن تهريب المهاجرين. رجل يدعى سعد، قال لصحيفة الغارديان إنه يعمل مع "مافيات سودانية وكردية في كاليه"، شهد هو وآخرون على أنه كلما زادت الصعوبات والعقبات التي وضعتها السلطات في طريق الهجرة، تحركت العصابات الإجرامية الأكثر تنظيماً للتغلب على النظام وفرض أسعار أعلى على المعابر.

كما قال مهرب كردي سابق آخر يدعى زوران (اسم مستعار)، لصحيفة الغارديان، إنه عندما بدأ العمل في عام 2014، كان رؤساؤه يتقاضون "بضع مئات اليوروهات فقط" عن كل مهاجر، لكن عندما ترك العمل كان المبلغ أربعة أو خمسة آلاف يورو". وشرح زوران أنه غادر "لأن الأمور أصبحت معقدة أكثر من اللازم"، بالنسبة إليه "عنف المافيا وقوتها قد ازداد بشكل تدريجي".

نفس القصة تحدث في غرب البلقان، فنظرا لإغلاق أحد الطرق الرئيسية، فتحت طرق أخرى. ركز الباحثون على نقاط الدخول والخروج الرئيسية في المنطقة. وحددوا مدينة سالونيكي اليونانية كنقطة انطلاق للمهاجرين ومهربيهم.

ممرات المهاجرين

وأشار تقرير المنظمة إلى أن المهاجرين يميلون إلى اتخاذ "ترتيبات التهريب في محطة القطار، حيث يمكن العثور على سائق للمرور إلى غرب البلقان". ووفقا للتقرير، يحبذ المهاجرون النزول قبل الحدود اليونانية مع مقدونيا الشمالية مباشرة، والعبور سيرا على الأقدام عبر الغابة ثم يتم الالتقاء بهم على الجانب الآخر، حيث يتجهون شمالا "على طول الممر 10 الذي يمتد من جيفجيليا عبر فيليس إلى سكوبي".

المهاجرون الذين يسافرون عبر ألبانيا، التي أصبحت طريقا أكثر شيوعا في عام 2020 ، إما يحاولون التوجه شمالًا نحو حدود كوسوفو، أو إذا كان لديهم ما يكفي من المال، يحاولون ركوب قارب متجه إلى إيطاليا من دوريس أو فلورا على الساحل.

بمجرد وصول المهاجرين إلى كوسوفو، يستقلون سيارة أجرة باتجاه مدينة ميتروفيتشا ثم إلى صربيا. وجهتهم تكون نحو الحدود مع المجر في سوبوتيكا، وفقًا للتقرير. في عام 2018، انضم الجبل الأسود إلى ما يسمى بطريق المهاجرين في البلقان، على الرغم من أن الباحثين لاحظوا أن هناك انخفاضا طفيفا في أعداد الذين يحاولون عبور البلاد في عام 2020.

ولاحظ معدو التقرير أن الحدود الجنوبية البوسنية "مليئة بالثغرات". أحد "طرق التهريب غير القانونية الراسخة" يقع على طول نهر درينا الذي يمتد لمسافة 261 كيلومترا على طول الحدود بين صربيا والبوسنة والهرسك.

الاختيار بين أربع دول

بمجرد وصولهم إلى صربيا، للمهاجرين ومهربيهم الاختيار بين أربع دول من دول الاتحاد الأوروبي عبر الحدود. كرواتيا والمجر ورومانيا وبلغاريا. ربما هذا هو السبب في أن المفوضية أشارت إلى أن عدد المهاجرين الذين يدخلون صربيا زاد بشكل كبير في عام 2019. وقال وزير الداخلية الصربي للمبادرة العالمية التي أصدرت التقرير إنه "تم إيقاف أكثر من 8500 شخص أثناء محاولتهم عبور الحدود الصربية بشكل غير قانوني" في عام 2020.

منذ عام 2016 ، جعلت الأسوار الحدودية وعمليات الصد المتكررة دخول المجر من صربيا أمرا أكثر صعوبة. ووجد التقرير أن بعض المهاجرين يتجهون الآن شرقا نحو رومانيا من أجل دخول الاتحاد الأوروبي. لكن يبقى الطريق عبر المجر مباشرة وأسرع بكثير.

عثرت الشرطة الصربية على "عدة أنفاق بعمق يتراوح بين 3 و 7 أمتار وطولها من 15 إلى 30 متراً تحت السياج السلكي على طول الحدود الصربية المجرية". حسب مدى "سلامة النفق واحتمال النجاح"، تراوحت أسعار التهريب لاستخدام هذا الطريق إلى المجر من 500 يورو إلى 5000 يورو.

"وسطاء وحراس وتجار طرود"

حدد التقرير ثلاثة أنواع من المهربين: "وسطاء وحراس بوابات وتجار طرود". يُعرف الوسيط باسم المهرب، وقد تشمل هذه الفئة سائقي سيارات الأجرة أو المواطنين العاديين أو سائقي الشاحنات، الذين ينقلون المهاجرين من الريف إلى المدن الكبرى أو العكس بمقابل. وأشار التقرير إلى أن هؤلاء الأشخاص "نادرا ما يعبرون الحدود".

قد لا يقوم الوسطاء بتولي المهمة كلها بأنفسهم، لكنهم يربطون المهاجر بشخص يمكنه فعل ذلك، يحذرهم من مكان دوريات الشرطة ويقترحون طريقا أو منزلا آمنا حيث يمكن للمهاجرين التوقف في الطريق. قد يكونون بمثابة "مرصد أو كشافة"، مهمتهم الانتظار في محطات الحافلات أو محطات القطار عند وصول المهاجرين.

في بعض الأحيان وليس دائما، قد يكون الوسطاء من نفس العرق أو البلد مثل مجموعات المهاجرين التي يستهدفونها بشكل أساسي. في بعض الحالات، يُزعم أيضا أن رجال الشرطة الفاسدين أو حرس الحدود يعملون كوسطاء.

موظفون فاسدون

قال محام في ألبانيا، يساعد المهاجرين في طلب اللجوء، إن هذه الممارسة يجب أن تكون واسعة الانتشار. وأخبر معدي التقرير أنه "من المستحيل نقل المهاجرين من دولة إلى أخرى، أو ضمان نقلهم داخل البلاد دون دعم الشرطة المحلية".

وأشار المحامي إلى أنه كانت هناك عمليات تفتيش للشرطة على جميع الطرق السريعة الرئيسية وأنه غالبا ما كان من السهل التعرف على المهاجرين "ليس فقط من خلال لغتهم، ولكن أيضا من خلال مظهرهم الخارجي"، كيف يمكن ألا يتم إيقافهم على طول الطريق؟ يتسائل المحامي.

وبحسب التقرير، فقد تم في وقت سابق "فصل مسؤولي مديرية تيرانا الإقليمية للحدود والهجرة، واعتقل أربعة من ضباط الشرطة للاشتباه في تورطهم في تهريب المهاجرين غير الشرعيين بالتعاون مع وكالات السفر".

حراس المعبر الحدودي الذين يساعدون المهاجرين على عبور الحدود، هؤلاء الأشخاص في مرتبة أعلى في سلسلة الجريمة المنظمة، وهم يميلون إلى التجمع بالقرب من الحدود التي "يصعب عبورها". حراس البوابة يكونون "مزيجا من السكان المحليين الذين لديهم معرفة بالتضاريس وتحركات الشرطة، فضلاً عن رعايا البلدان التي ينحدر منها طالبو اللجوء والمهاجرون".

يمكن لحراس المعبرالعمل كمرشدين وتكون لديهم شبكة من جهات الاتصال الإجرامية. كما يذكر التقرير أنه في بعض الحالات، يتسلل المهربون إلى المخيمات مثلما في البوسنة والهرسك ويتظاهرون بأنهم مهاجرون، ثم يوجهون مجموعة صغيرة عبر الحدود. وقد يوفر الحراس قوارب لعبور حدود النهر والتحكم في الوصول إلى الأنفاق. تمتلك بعض العصابات أساطيل سيارات مسروقة أو مستعملة تحمل لوحات أرقام من دول مختلفة.

يمكن أن تتراوح الأسعار المدفوعة هنا من 150 يورو لعبور بلد ما داخليا، إلى 3500 يورو أو 5 آلاف يورو لعبور الحدود اليونانية الألبانية. ويشير التقرير إلى أن هذا السعر "يشمل رشاوى لمسؤولي الحدود".

لكن أكبر اللاعبين في تهريب المهاجرين، كما يشير التقرير، هم "تجار الطرود". يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى شبكات إجرامية متطورة للغاية من أجل العمل، بما في ذلك الاتصالات الوطنية والوثائق والوصول إلى المركبات.

غالبا ما يُعرض على المهاجرين الذين يملكون المال رحلة كاملة إلى أوروبا الغربية. الرحلة بأكملها يمكن أن تكلف ما بين 600 يورو إلى 20 ألف يورو لكل شخص حسب نقطة البداية والوجهة".

على سبيل المثال، السعر المدفوع للسفر من إيران أو أفغانستان إلى أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي "يتراوح من 3000 يورو إلى 3500 يورو للفرد". أفاد الباكستانيون الذين كانوا يريدون الوصول إلى كرواتيا أنهم دفعوا حوالي 6 ألاف يورو للشخص الواحد.

في بعض الأحيان، قد يتضمن العرض شراء مستندات مزورة ولكنها غالبًا ما تكون فقط للنقل والمنازل الآمنة عبر الحدود المختلفة. وقالت وزارة الداخلية الألبانية لوكالة المخابرات العامة إن "الشبكات المنظمة للمهربين، المكونة من مواطنين يونانيين وألبان، تشارك بشكل متكرر في تنظيم مرورهم إلى إيطاليا أو إلى الحدود مع ألبانيا، مقابل الدفع".

"في البلقان.. كل شيء يتعلق بالمال"

يذكر التقرير أن النساء خاصة اللواتي يسافرن بمفردهن، يتعرضن لخطر الاغتصاب أو "إجبارهن على دفع تكاليف رحلتهن بخدمات جنسية". بقيت امرأة مع طفلها في شقة لعدة أشهر، وأجبرت على تنظيف وإعداد الطعام للمهاجرين الذين بقوا هناك في طريقهم إلى وجهتهم النهائية.

والتقدير الدقيق لحجم وقيمة سوق تهريب المهاجرين في غرب البلقان أمر صعب، كما يشير القائمون على التقرير، لأن هناك العديد من الطرق المختلفة وينتهي الأمر ببعض المهاجرين إلى محاولة عبور بعض الحدود عدة مرات.

بعد محاولة مراعاة أكبر عدد من المتغيرات المعروفة وغير المعروفة المتعلقة بنجاح أو فشل كل محاولة عبور للحدود، يقدر الباحثون أن دخول غرب البلقان قد ولّد سوقا يقدر بما يتراوح بين 19,5 مليون يورو و29 مليون يورو. على الحدود بين البوسنة والهرسك والاتحاد الأوروبي، تبلغ قيمة السوق ما بين 7 ملايين يورو و10,5 مليون يورو. عند الحدود النهائية، بين صربيا والمجر أو رومانيا، وتدر تجارة التهريب ما بين 8,5 مليون يورو و10 ملايين يورو.

حلقة مفرغة

يقول التقرير، إنه ونظرا لأن الأشخاص المعنيين يضطرون غالبا إلى الدفع للمهربين قبل وصولهم وبعد مغادرتهم غرب البلقان، يمكن اعتبار المنطقة نفسها "طريقًا قليل الأرباح". ومع ذلك، إلى جانب الأنشطة الأخرى، لا يزال الطريق مدراً للمليارات. ويشير التقرير إلى أن العصابات الإجرامية تكسب "مليارات اليورو" من تهريب المخدرات عبر غرب البلقان.

ويخلص التقرير إلى أن نسبة كبيرة من تلك الأموال التي يتم جنيها من التهريب والأعمال غير الشرعية يتم غسلها الآن في المنطقة. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ، يقدر حجم الأموال التي يتم غسلها على مستوى العالم، بمبلغ يتراوح بين 1,8 مليار يورو و 4,6 مليار يورو عبر غرب البلقان. يتم تحويل الأموال إلى الاقتصاد المشروع من خلال المطاعم والبناء والعقارات وشراء السلع، وبعضها ينتهي بها المطاف في أوروبا الغربية.

إيما واليس/ ترجمة: م.ب

المصدر: مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة