اللاجئون القصر في إيطاليا ـ العيش في خوف دائم

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأربعاء، 12 يوليو 2017
اللاجئون القصر في إيطاليا ـ العيش في خوف دائم

نجح أمادو في تجاوز العقبات، إنه الآن في أمان. لكنه لا يمكن له بعد تصور ذلك. أمادو يجلس في غرفة الانتظار في مأوى الأطفال القاصرين في بلدة شيكلي بجنوب صقلية. إنه مضطرب، وعيناه تجوبان الغرفة. ويقول أمادو البالغ من العمر 17 عاما: "لا يمكن لكم أن تتصوروا ماذا يعني بالنسبة إلي أن أكون هنا وليس في ليبيا، إيطاليا هي بمثابة جنة بالنسبة إلي". وعند النطق بكلمة "الجنة" انطلقت ابتسامة من وجهه. وتابع أمادو "أنا أحمد الله على وجودي هنا". أمادو يلتقط أنفاسه بعض الشيء، ونظرته تتجه نحو الأرض ثم يقول:"لا أعرف كيف نجوت. نجوت بفضل الله".

اختطاف وتعذيب

أمادو يعيش منذ ثلاثة أسابيع في "دار الثقافات" في بلدة شيكلي السياحية. مأوى الأطفال التابع للكنيسة البروتستانتية فتح أبوابه قبل سنتين عندما قلَت الأماكن داخل المؤسسات الحكومية. وهو يبعد بعشرين كيلومترا عن ميناء بوزالو، حيث وطأت رجلا أمادو لأول مرة الأرض الإيطالية. هنا يقيم في المقام الأول بنات وأمهات شابات، لكن هناك استثناءات بالنسبة إلى الشباب المحتاجين للحماية.

ويقول أمادو:"كنت في حالة قلق عندما وصلت إلى إيطاليا". في معسكر الاستقبال في الميناء عاينه طبيب وحوله على طبيب نفساني. ويقول أمادو:"كان ينتابني خوف شديد للقاء هذا الطبيب النفساني، كنت أخشى التعرض مجددا للضرب، لم أكن أعرف ما ينتظرني". أمادو تعرض للخطف عدة مرات في ليبيا وسوء المعاملة. وظل هذا الشاب اليافع هناك طوال سنتين قبل أن ينجح في ركوب قارب باتجاه أوروبا.

ويتابع أمادو:"في كل مرة عندما ألتقي أناسا لهم بشرة بيضاء، أخشى أن أتعرض للضرب". وحتى التواصل في البداية مع المشرفين في دار الأطفال كان صعبا. أمادو كان في الرابعة عشرة من عمره عندما هاجر في أكتوبر 2014 من بلدته الأصلية باكاو في غامبيا، حيث كان والده هناك يدعم مخططه في السفر الذي دام لمدة ثلاث سنوات تقريبا.

وأمادو هو الابن الأكبر من بين أربعة إخوة. ويحكي الشاب الغامبي أن والده كان له عمل محترم، إلا أنه لا يحصل على راتب طوال أشهر. ووالدته تعتني في البيت بإخوة الصغار الآخرين. ويقول أمادو:"بصفتك الأخ الأكبر يجب عليك في غامبيا أن تكون ناجحا وتساعد إخوتك الصغار". وهو يعرف بعض الأشخاص الذين اختاروا درب أوروبا.

هجرة الأطفال القصر

85.000 مهاجر وصلوا هذا العام عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا ـ بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل. ويصل ثلثا مجموع المهاجرين إلى صقلية التي لا يبقى فيها من هؤلاء إلا عددا قليلا. ويقول ماركو روتونو من هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين: "عندما تصل سفينة محملة بأشخاص ناجين، فإن حافلات تكون في انتظارهم في الميناء لنقلهم إلى مراكز في اليابسة". ويؤكد روتونو بأن النظام الإيطالي جيد، إلا أنه يصل بسبب ارتفاع أعداد الوافدين من المهاجرين إلى حدوده الاستيعابية.

ويشير روتونو إلى أن "الأطفال يحميهم القانون في إيطاليا، فقط يكون من الصعب تحديد العمر". ولضبط الوضع الجسمي والنفسي للمهاجرين، فإن السلطات الإيطالية تتعاون مع هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين والمنظمات التي تنقذ الناس في أعالي البحار. ويقول الطبيب كريغ سبينسر من منظمة "أطباء بلا حدود" إن:"الإرادة من أجل البقاء تكون أقوى من الجسم". ويعمل سبينسر على متن سفن إغاثة في البحر المتوسط. ويشير الطبيب إلى أن بعض المهاجرين بهم آثار سوء المعاملة والتعذيب من قبل مهربين ليبيين. وتلك الآثار تكون عبارة عن جروح مفتوحة ومعفنة وأحيانا جروح من أعيرة نارية أو ضربات بالسكين. ويقول الطبيب الإيطالي: "ثمانون في المائة من النساء والبنات اللاتي ننقذهن يكن ضحايا العنف الجنسي".

الخوف من المستقبل

ويقول أمادو اليوم:"لو علمت مسبقا ما ينتظرني في ليبيا لما أقدمت على مغادرة بيتي". وغالبا ما تنتابه لحظات يندم فيها على مغادرة بلاده نحو أوروبا. وكان أمادو على اتصال مستمر مع والده عبر الهاتف النقال، وهذا ما ساعده على المثابرة. ومنذ قدومه إلى إيطاليا فهو على اتصال يومي بوالديه. ويقول أمادو:"لن أتحمل العيش بدون والدتي ووالدي، إنهما يساعداني على البقاء قيد الحياة".

وفي "جنة" إيطاليا يحاول أمادو العودة إلى الحياة. ففي الصباح الباكر قبل أن ترتفع درجة الحرارة في شيكلي يذهب للعدو ثم يشارك في دروس التدريب المهني وتعلم الإيطالية، وبين تلك الواجبات يزور الطبيب النفساني بانتظام. وغالبية الأطفال والشباب في "دار الثقافات" لا يبقون إلا أسابيع قليلة قبل نقلهم إلى مراكز أخرى على اليابسة.

لكن أمادو سيبقى هنا فترة أطول، ويقول:"عندما أفكر في مستقبلي، أشعر ببساطة بالخوف". فقد عاش في ليبيا أشياء لا تُطاق لا يرغب في مواجهتها مرة أخرى. أمادو يقول:"أريد التعلم، والذهاب مجددا إلى مدرسة عادية وبعدها دراسة تقنية المعلومات والعلاقات الدولية"، لكن قبل ذلك يجب عليه أن يتعلم السيطرة على الخوف الذي ينتابه.

بوندي دوريس/ م.أ.م

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة