من بورشه إلى فيراري… الفخامة الأوروبية تتراجع في السوق الصيني
تراجع مبيعات السيارات الفاخرة في الصين يضغط على كبرى الشركات الأوروبية
تشهد سوق السيارات الفاخرة في الصين مرحلة تراجع لافتة، في ظل تباطؤ الاقتصاد المحلي وتغير سلوك المستهلكين، ما ألقى بظلاله على أداء علامات أوروبية كبرى كانت لسنوات في صدارة هذا القطاع داخل أكبر سوق سيارات في العالم.
وبحسب بيانات وتقارير حديثة، بات الطلب على السيارات الفاخرة الأجنبية يتراجع لصالح الطرازات الصينية الأقل سعرًا، والتي تجمع بين التكنولوجيا المتقدمة ومستويات الراحة المرتفعة، مع تقديم خصومات كبيرة تجذب شريحة أوسع من المشترين.
تباطؤ الاقتصاد يقلص شهية الإنفاق على السيارات الفاخرة
أدى استمرار الركود في قطاع العقارات الصيني إلى تراجع الإقبال على المشتريات مرتفعة التكلفة، في وقت أصبح فيه المستهلكون الأثرياء أكثر تحفظًا في إظهار مظاهر الرفاهية.
ويرى محللون أن تباطؤ النمو الاقتصادي يمثل أحد العوامل الرئيسية وراء ضعف الطلب على السيارات الفاخرة، التي تضم علامات مثل مرسيدس-بنز وBMW وبورشه، خاصة مع تصاعد حالة عدم اليقين بشأن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.
وساهم برنامج الدعم الحكومي، الذي يمنح نحو 20 ألف يوان عند استبدال السيارات القديمة وشراء سيارات كهربائية أو هجينة قابلة للشحن، في توجيه المستهلكين نحو السيارات الأرخص، حيث يكون تأثير الخصم أكثر وضوحًا.
وأدى ذلك إلى زيادة الإقبال على الطرازات الصينية، خاصة في الفئات الأساسية والمتوسطة، ما قلص فرص السيارات الفاخرة الأجنبية في الحفاظ على حصتها السوقية.
انحسار الحصة السوقية للسيارات الفاخرة
وأظهرت بيانات مؤسسات تصنيف دولية أن حصة السيارات الفاخرة في الصين، والتي يزيد سعرها على 300 ألف يوان، سجلت تراجعًا تدريجيًا بعد سنوات من النمو.
فبعد أن ارتفعت هذه الحصة إلى نحو 15% من إجمالي المبيعات بحلول عام 2023، تراجعت إلى 14% في عام 2024، ثم إلى 13% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، في مؤشر واضح على تغير اتجاهات السوق.
الشركات الصينية تعزز نفوذها في قطاع السيارات
في المقابل، واصلت شركات السيارات الصينية توسيع حضورها، مستفيدة من الابتكار السريع في مجال السيارات الكهربائية والهجينة، وإطلاق طرازات جديدة بأسعار تنافسية حتى ضمن فئة السيارات الفاخرة.
وتبرز شركة BYD بوصفها أحد أبرز المستفيدين من هذا التحول، بعد أن عززت موقعها كأكبر بائع للسيارات في الصين، لا سيما في فئة سيارات الطاقة الجديدة، التي تشمل السيارات الكهربائية والهجينة.
ودفعت المنافسة الشديدة الشركات الصينية إلى خفض أسعار طرازاتها بنسب كبيرة، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 30%، ما وضع ضغطًا متزايدًا على شركات عالمية مثل مرسيدس وBMW وفولكسفاغن، إضافة إلى شركات صينية أخرى.
ويرى محللون أن هذه الحرب السعرية تعيد تشكيل خريطة سوق السيارات في الصين، مع انتقال ثقل المبيعات بشكل متزايد إلى العلامات المحلية.
تراجع مبيعات الشركات الأوروبية في الصين
وعكست نتائج أعمال الشركات الأوروبية حجم التحديات في السوق الصينية، حيث سجلت مرسيدس-بنز انخفاضًا حادًا في مبيعاتها خلال الربع الثالث من العام، بينما تراجعت مبيعات BMW وعلامتها الفرعية «ميني» خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025.
كما أقرت شركات مثل بورشه وأستون مارتن بتعرضها لضغوط نتيجة ضعف الطلب في الصين، في حين أعلنت فيراري عن تراجع شحناتها إلى الصين الكبرى، لتكون هذه السوق الوحيدة التي سجلت انخفاضًا في مبيعات الشركة عالميًا.
وامتد التباطؤ ليشمل سوق السيارات الفاخرة المستعملة، حيث تواجه صالات العرض تحديات كبيرة نتيجة تراجع الأسعار وضعف الطلب.
وأفاد تجار سيارات في بكين بأن أسعار السيارات الفاخرة المستعملة انخفضت بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، مع زيادة حذر المستهلكين قبل الإقدام على الشراء، في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية.
ويجمع خبراء على أن المنافسة الحادة في سوق السيارات الصينية، خاصة في الفئة الفاخرة، مرشحة للاستمرار، في ظل التوسع السريع للشركات المحلية وتغير أولويات المستهلكين.
ومع استمرار التباطؤ الاقتصادي وحرب الأسعار، تبدو الشركات الأوروبية أمام تحدٍ متزايد للحفاظ على وجودها في سوق يشهد تحولًا جذريًا في موازين القوى.