المهاجرون في جزر الكناري ورحلة البحث عن نهاية سعيدة!

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: السبت، 21 نوفمبر 2020
المهاجرون في جزر الكناري ورحلة البحث عن نهاية سعيدة!

أثناء التواجد أمام ميناء أرغينيغين، لا يمكن للمرء إلا أن ينتبه إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي تطبقها الشرطة هناك. على مدخل المنطقة التي تحولت إلى مخيم، يقف عناصر شرطة بعتادهم الكامل، "ممنوع الدخول" قال لنا أحدهم قبل أن يعلم بأننا صحفيون. سمح لنا لاحقا بتخطي الحاجز الأمني الأول لمسافة 10 أمتار، "هنا" قال لنا شرطي آخر بلهجة حاسمة. ما من مجال للنقاش، فقط سيارات وعناصر الصليب الأحمر الإسباني متاح لهم الدخول والخروج بحرية "نسبية".

إلى جانب الحاجز الثاني، وقفت مجموعة من المحامين تنتظر السماح لها بالدخول. المجموعة تنتمي لنقابة المحامين على الجزيرة، التي قامت مؤخرا بالضغط من أجل السماح لأعضائها بلقاء المهاجرين والاستماع لهم ومساعدتهم على طلب اللجوء.

إحدى المحاميات قالت بلهجة ساخرة "نعم، نحن أيضا ننتظر إذن الشرطة، وصلت إلى هنا قبل ساعة ونصف الساعة ولا زلت أنتظر دوري. الوضع هنا سيء للغاية ولا أعلم لما تتصرف السلطات بهذا الشكل".

يُفترض أن يلتقي كل محامي بستة مهاجرين حصرا، وهذا إجراء جديد نسبيا تم تطبيقه بعد ضغط متواصل من الجهاز القضائي ونقابة المحامين، وذلك لتلافي المشاكل التي كانت تسود في وقت سابق، خاصة وأن معظم المهاجرين لا يتكلمون لغات أخرى غير لغاتهم الوطنية، وبالتالي سيكون من المستحيل عليهم أن يتمكنوا من تسوية أوضاعهم القانونية وحدهم، كما أنهم كانوا يلاقون صعوبات جمة للعثور على محامين لمساعدتهم.

غير بعيد عن مدخل المخيم، يصطف الصحفيون مع كاميراتهم محاولينالتقاط صورة أو مشهد لعملية إنقاذ جديدة أو لمهاجرين وافدين حديثا. كل ما هو ظاهر عبارة عن سيارات الشرطة والصليب الأحمر والخيمة التي تُجرى فيها فحوصات فيروس كورونا للمهاجرين.

"كان شعورا رائعا، مجرد أن اكتشفنا أنهما على قيد الحياة"

إلى جانب الصحفيين، رصدنا تجمعا لبعض الأشخاص أنظارهم شاخصة ناحية المخيم. هؤلاء هم أقرباء وأهل بعض المهاجرين هناك. عبد الله، مغربي إسباني ينتظر قبالة المخيم آملا لقاء أخيه وابن أخيه، "أخي عمره 25 عاما وابن أخي عمره 22. قبل خروجه من ساحل الداخلة من المغرب، قال لي اخي إنه قادم، لكنه لم يخبرني عن ابن أخي الآخر، فوضعه الصحي حرج، أجرى عملية جراحية في رئتيه قبل بضعة أسابيع وهو يحتاج لرعاية خاصة".

عائلة الشابين لم تسمع منهما منذ 10 أيام، الأمر الذي أدخل القلق إلى قلوبهم. "لا يمكن تخيل الشعور عندما تنقطع أخبار أحد أفراد عائلتك عنك. كل ما كنا نريده هو معرفة ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا".

بعد طول انتظار، ومحاولات متعددة للحصول على أخبار، حتى أنه ذهب إلى موقع المخيم الجديد الذي بناه الجيش لاستقبال المهاجرين، لم يحصل عبد الله على أي معلومة. وبعد معاناة طويلة وقلق ويأس، قيل له إن شقيقه وابن شقيقه متواجدان داخل المخيم في ميناء أرغينيغين، "كان شعورا رائعا، مجرد أن اكتشفنا أنهما على قيد الحياة".

"لم يسمحوا لي برؤيته أو الاطمئنان عليه، لا أعلم لماذا يتعاملون معهم ومعنا بهذه الطريقة"، يقول عبد الله "الظروف المعيشية في الداخل سيئة للغاية، الشروط الصحية غير متوفرة. ما الذي يتوقعونه من المهاجرين إن عاملوهم هكذا؟ إنه جنون".

آثار ضرب وتعنيف!

أثناء حديثنا مع عبد الله، ورده اتصال من أخيه داخل المخيم على واتساب، قال له إن الحمامات غير كافية وإنه لم يستحم منذ مجيئه يوم الجمعة الماضي. دار حديث بين الأخوين بمعظمه كان محاولة من عبد الله لمعرفة كيف تتم معاملة أخيه في الداخل، "أعطوكم ماء؟ هل لديكم طعام؟ هل هناك حمامات؟ هل أعطوكم كمامات للوقاية من كورونا..."، إلى ما هنالك من أسئلة عامة للاستدلال على الوضع في المخيم. وطوال المكالمة كان الأخ الأصغر يحاول الإجابة لكن الزحمة داخل المخيم ولهفة شقيقه لمعرفة التفاصيل لم تسمح له بالتعبير، فقام بتحويل المكالمة إلى الفيديو.

أثناء التواصل مع الشاب، تحلقت حوله مجموعة من الشبان المغاربة في المخيم وبدأوا بإظهار آثار ضرب على أنحاء مختلفة من أجسادهم. أكدوا أن الشرطة استقبلتهم بالضرب لحظة وصولهم هنا. لم يتسن لنا الوصول إلى ناطق باسم الشرطة الإسبانية أو أي من المسؤولين لتأكيد أو نفي تلك المعلومة.

"اتصال غير مجرى حياتي نهائيا"

بجانب عبد الله تقف سارة، المغربية الإيطالية والتي تسكن في فرنساعلى الحدود مع سويسرا. سارة أيضا جاءت لرؤية شقيقها، ويدعى محمد. تتحدث بصوت مرتجف خائف "أخي لم يقل لنا إنه سيهاجر، لم يبُح لأحد بخطته، فاجأني عندما قال لي إنه هنا يوم السبت الماضي، لم أصدق، ركبت أول طائرة متجهة إلى هنا مباشرة بعد اتصاله".

تبلغ سارة من العمر 27 عاما، وكانت قد غادرت المغرب وعمرها 17 عاما إلى فرنسا. الاتصال الذي تلقته من شقيقها السبت الماضي ليقول لها إنه وصل إلى غران كناريا غير مجرى حياتها نهائيا. "في البداية اعتقدت أنه يمزح معي، فقبل ذلك كنت قد تحدثت معه عن فرص قدومه إلى أوروبا وأبديت له استعدادي لمساعدته على ذلك، ولكن ليس بتلك الطريقة. ولكن الصور التي أرسلها لي والأوراق التي حصل عليها من الشرطة دفعتني لإيقاف حياتي تماما وترك ابنتي التي تبلغ من العمر عاما واحدا في فرنسا والمجيء إلى هنا بحثا عن شقيقي".

وتضيف "لم يخطر ببال أحد من العائلة أنه سيقدم على تلك الخطوة. أن يسافر من الرباط إلى الداخلة، مسافة تتجاوز الـ 1600 كلم، ليستقل أحد القوارب آتيا إلى هنا. كان صعبا علينا استيعاب ذلك".

وأوردت سارة "بمساعدة من إحدى المتطوعات في الصليب الأحمر، تمكنت من العثور على أخي داخل المخيم وعادت إليّ بصورة له من الداخل. هكذا تأكدت أنه بخير وعلى قيد الحياة".

طوال الوقت تبدي الشابة المغربية-الفرنسية خوفها على شقيقها الأصغر، على الرغم من معرفتها بأنه بخير، "كل ما أريده هو أن أحضنه وأتأكد أنه بخير. البارحة تمكنت من التواصل معه عن بعد، كان داخل المخيم وأنا على المدخل. صراخنا ملأ المرفأ، كنت محاطة بجمع من الناس لم أعرف من هم، حاولوا إقناع الشرطة بالسماح له بالاقتراب نحوي لكن دون جدوى".

ومساء الثلاثاء، ورد اتصال لسارة ولعبد الله مفاده أن السلطات أطلقت سراح 200 مغربي من المخيم. توجها مباشرة إلى الميناء ليتفاجآ بأن أقاربهما كانوا من ضمن من تم إطلاق سراحهم. "الآن حان الوقت للبدء بمغامرة جديدة"، تقول سارة لمهاجر نيوز خلال اتصال هاتفي. "الآن كل ما أريده هو أن أحضن أخي وأبقيه بجانبي. سآخذه للفندق ليتسنى له أخذ قسط من الراحة، وسنذهب لاحقا لشراء بعض الحاجيات له قبل أن أصحبه إلى برشلونة".

شريفي بيبي

المصدر: مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة