لودفيغ فان بيتهوفن

  • تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 01 أكتوبر 2023

ملحن وعازف بيانو ألماني، لم يمنعه فقدانه لقدرته على السمع من الإبداع، بل كان ذلك حافزا لإبداعه، ألّف الألحان الموسيقية الأصيلة، التي ما تزال حية إلى اليوم في قلوب وعقول الأجيال، قلّده الملحنون، وكرر معزوفاته الهواة، فكان بحق أفضل منتج للموسيقى في عصره، وأفضل مرجع تراثي للأجيال التي أتت بعده، إنه لودفيغ فان بيتهوفن.

ولادة بيتهوفن ودراسته

ولد لودفيغ فان بيتهوفن (Ludwig van Beethoven) ابن ليوهان فان بيتهوفن في مدينة بون التي كانت تتبع للإمبراطورية الرومانية، وهي حالياً جزءٌ من ألمانيا الاتحادية، ليس هناك تاريخ موثق لولادته، لكنه سجل في الكنيسة في السابع عشر من شهر كانون الأول /ديسمبر من عام 1770، حيث اعتبر عيد ميلاده يوم السادس عشر من كانون الأول/ ديسمبر من عام 1770 أي قبل يوم واحد على تسجيله في الكنيسة، هو أخ لسبعة أطفال، منهم كاسبار أنطون كارل ولد في الثامن من نيسان/أبريل لعام 1774، ونيكولاس يوهان الأخ الأصغر ولد في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر لعام 1776.

ينحدر بيتهوفن من عائلة موسيقية، فجده الذي حمل اسمه، كان موسيقياً، ومغني في ملعب الناخب في مدينة بون، ثم أصبح مديراً للموسيقى في تلك المدينة عام 1761، حيث كان بيتهوفن الحفيد يحتفظ بصورة جده في غرفته، كما اعتبره مثله الأعلى في الفن والموسيقى على وجه التحديد.

أما والد بيتهوفن ليوهان فان بيتهوفن فقد كان أستاذاً للموسيقى علّمها لابنه منذ كان في الخامسة من عمره، كما تعلّم بيتهوفن الموسيقى من صديق العائلة توبياس فريديش فايفر الذي كان يتقن العزف على آلتي الكمان والفيولا، وصل ولع بيتهوفن بالموسيقى درجة جعلته يستيقظ في وقت متأخر ليذهب ليعزف على البيانو، كما كان لديه مواهب موسيقية مميزة حتى أطلق عليه والده ومعلموه لقب "الطفل المعجزة"، حيث عزف أول معزوفة على الملأ في آذار /مارس من عام 1778.

في العام التالي، أي في عام 1779، استكمل دراسة الموسيقى مع الأستاذ جوتلوب، وفي آذار /مارس من عام 1783 نشر بيتهوفن الاختلاف في لوحة المفاتيح للبيانو، حيث بدأ العمل مع الموسيقي نيف في أول عمل غير مدفوع الأجر عام 1784، حيث عزف ثلاث سوناتات للبيانو في فندق الناخب "Kurfürst"، لصاحبه مكسمليان فريدريك الذي لاحظ موهبة بيتهوفن، وشجعه على متابعة دراسته الموسيقية؛ (السوناتا تعني قطعة موسيقية مكتوبة لآلة (سوناتا للبيانو المنفرد) أو آلتين (سوناتا للكمان والبيانو، سوناتا للفلوت والبيانو، سوناتا للكمان والجيتار...إلخ)، وتتكون من عدة حركات بالترتيب (سريع ،بطيء، متوسط السرعة، سريع).

سافر بيتهوفن عام 1787 إلى فيينا للمرة الأولى، ليدرس مع موزارت، لكنه عاد بسرعة إلى بون بعد مرض والدته، التي توفيت بعد ذلك بوقتٍ قصير، فأدمن والده على الكحول، فأصبح بيتهوفن هو المسؤول عن رعاية أخويه الأصغرين، حيث أمضى خمس سنوات في بون.

تعلّم بيتهوفن العزف على البيانو على يد الكونتيسة المجرية آنا بريزفيك في أيار/مايو من عام 1799، بعد ذلك أحب بيتهوفن فتاة اسمها جوزفين وتزوجها. اشتهر بيتهوفن في عام 1793 في فيينا باعتباره عازف موسيقي بارع، حيث أحيى من رداً حفلة في فيينا في آذار /مارس من عام 1795.

كيف فقد بيتهوفن سمعه؟

بدأ بيتهوفن يفقد السمع شيئاً فشيئاً عام 1798، فكان يعاني من طنين حادٍّ في أذنيه مما صعّب عليه سماع الموسيقى بشكلٍ جيّد، تطور هذا الضعف في السمع نتيجة التخلف في مجال الطب، كما عجز الأطباء عن تحديد أسباب ما يعانيه، بالتالي إيجاد العلاج المناسب، إلا أنه بعد وفاته ونتيجة تشريح الجثة تبين أن الأذن الداخلية لبيتهوفن كانت منتفخة، حيث كان لديه عادة وضع رأسه في الماء البارد لإجبار نفسه على البقاء مستيقظاً، إضافةً لإصابته باضطرابات المناعة الذاتية.

في عام 1801 كتب بيتهوفن لأصدقائه يخبرهم بقصة تراجع سمعه، فنصحه طبيبه المعالج بالانتقال للعيش في بلدة هيلن ستات قرب مدينة فيينا، حيث أرسل رسائل لإخوته يظهر خلالها نيته الانتحار، لأنه لا يستطيع العيش من دون الاستماع للموسيقى التي يؤلفها، قبل أن يرسل رسائل أخرى يظهر فيها تعايشه مع حالته الصحية، حيث فقد سمعه نهائياً في عام 1814، ورغم ذلك لم يتوقف بيتهوفن عن التأليف الموسيقي، لكنه توقف عن إحياء الحفلات الموسيقية، وأصبح يخاطب الناس من خلال الرسائل، التي جمعت في كتاب واحد وضع في متحف بيتهوفن في مدينة بون، إلى جانب مجموعة كبيرة من أجهزة السمع التي كان يستخدمها.

ألّف في عام 1824 سيمفونيته التاسعة، وخلال عزفه لها لم يستطع أن يسمع منها شيئاً، حتى تحيات الجمهور، والتصفيق الحاد لخمس مرات متتالية لم تستطع لفت انتباهه، لقد كانت المرة الأولى التي يعزف بها أمام الجمهور بعد غياب دام اثني عشر عاماً، , كما تم إنتاج فيلم سينمائي عن المرحلة الأخيرة من حياة بيتهوفن عام 2006 بعنوان (Copying Beethoven), يمثل علاقة بتهوفن بمساعدته (Anna Holtz) التي ساعدته بنسخ مقطوعته الأخيرة وقيادة الأوركسترا أثناء العرض.

إنجازاته الموسيقية

حوّل بيتهوفن معاناته من السمع إلى طاقة للإبداع الفني، حيث قال: "يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك"، ومن أهم أعماله:

أولاً: سيمفونيات بيتهوفن

  • السيمفونية الأولى في سلم دو الكبير عام 1800.
  • السيمفونية الثانية في سلم ري الكبير، عرضها عام 1803.
  • السيمفونية الثالثة (البطولية eroica) في سلم مي بيمول الكبير، عرضها عام 1805.
  • السيمفونية الرابعة في سلم سي بيمول الكبير، عرضها عام 1807.
  • السيمفونية الخامسة في سلم دو الصغير ،عرضها عام 1808.
  • السيمفونية السادسة (الرعوية pastoral) في سلم فا الكبير، عرضها عام 1808.
  • السيمفونية السابعة في سلم لا الكبير، عرضها عام 1813.
  • السيمفونية الثامنة في سلم فا الكبير، عرضها عام 1814.
  • السيمفونية التاسعة (الكورالية) في سلم ري الصغير، عرضها عام 1824.

ثانياً: الكونشرتو

  • كونشرتو للبيانو والأوركسترا في سلم دو الكبير، عرضه عام 1797.
  • كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 2 في سلم سى بيمول الكبير، عرضه عام 1798.
  • كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 3 في سلم دو الصغير، عرضه عام 1803.
  • كونشرتو ثلاثي للبيانو و الفيولينه و التشيلو و الأوركسترا في سلم دو الكبير ، عرضه عام 1805.
  • كونشيرتو للبيانو والأوركسترا رقم 4 في سلم صول الكبير، عرضه عام 1806.
  • كونشيرتو للفيولا والأوركسترا في سلم ري الكبير، عرضه عام 1806.
  • كونشيرتو للبيانو والأوركسترا رقم 5 اسمها "الإمبراطور" في سلم بيمول الكبير ، عرضه عام 1809.

ثالثاً: الافتتاحيات ومنها

  • افتتاحية "مخلوقات برموقيوس"، عرضها عام 1801.
  • افتتاحية "ليونور الثانية" في سلم دو الكبير، عرضه عام 1806.
  • افتتاحية "ليونور الثالثة" في سلم دو الكبير، عرضه عام 1806.
  • افتتاحية "ليونور الأولى" في سلم دو الكبير ، ألّفها عام 1807، وعرضت بعد وفاته عام 1828.
  • افتتاحية "كوريليان"، عرضها عام 1807.
  • افتتاحية "إجمونت "، عرضها عام 1810.
  • افتتاحية "حطام أثينا"، عرضها عام 1811.
  • افتتاحية ولنجتون" ، وافتتاحية "فيديلو" عرضتا عام 1814.
  • افتتاحية "البيت المكرس"، عرضها عام 1822.
  • كذلك ألّف بيتهوفن لأوبرا "فيديلو" أربع افتتاحيات، وثلاث افتتاحيات ليونور (أحد الشخصيات الرئيسية في الأوبرا)، وافتتاحية "فيديلو".

رابعاً: موسيقى البيانو

وشملت نتاجات بيتهوفن اثنان وثلاثون سوناتا، أشهرها السوناتا الرابعة عشرة والمعروفة لاحقاً ب"ضوء القمر"، سوناتا سوناتا Appassionato و سوناتا العاصفة (The Tempest) وال Hammerklavier.

ولبيتهوفن أعمال أخرى على البيانو ليست بضخامة السوناتا إلا أنها قد تكون أكثر شهرة وقد سميت بالألمانية (Bagatelle) و(وهي كلمة ألمانية تعني السخيف)، وسميت بذلك لقصرها، وعدم احتوائها على رسالة فلسفية أو إنسانية من نوع ما، فغرضها الاستعراض، أو تقدم كهدية لشخص ما، هذا هو الحال مع الBagatelle رقم 21 على سلم "لا" الصغير وتسمى Für Elise. وسميت كذلك لأن بيتهوفن أهداها لفتاة يافعة شفيت من مرض تعرضت له .

  • موسيقى الحجرة، تضم ست عشرة رباعية وترية ، فوجة ، عشر سوناتا للكمان و البيانو ، خمس سوناتات للتشيلو والبيانو
  • موسيقى الأوبرا،أوبرا فيديليو.
  • موسيقى الكورال،قداس ميسا سولمنيس بب.

وفاة الموسيقي بيتهوفن

توفي بيتهوفن في 26 آذار/ مارس من عام 1827، عن عمر يناهز السادسة والخمسين عاماً، وهو يعزف آخر ألحانه، توفي بعد انتهائها، حيث كشف تشريح الجثة، أن السبب المباشر للوفاة كان تليف الكبد، الذي ترافق مع إسهال مزمن وتصلب في الشرايين، وفي السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، شرّح العلماء الجزء المتبقي من جمجمة بيتهوفن، حيث لاحظوا مستويات مرتفعة من الرصاص، فافترضوا تسممه بالرصاص هو سبب الوفاة، لكن هذه النظرية بقيت من دون مصداقية.

خلاصة

لطالما كان الإبداع موهبة، تحتاج لرعاية واهتمام كالنبتة الصغيرة في الأرض، وهذا ما حصل مع بيتهوفن، تعلّم العزف منذ الطفولة، فتحوّل ملحّناً مهماً عندما كبر، لتكون سنوات بيتهوفن التي أمضاها في هذه الدنيا، مليئة بالإنجازات الموسيقية، التي لم تقف عند حدود، آلة واحدة أو نوع واحد، إنجازات عجز ربما من يمتلكون القدرة على السمع تحقيق نظيرها، فهو بذلك كان مثالاً للشخص الذي يصنع من المستحيل ممكناً.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة