الشيخ الطبلاوي: آخر عنقود العصر الذهبي من جيل القراء العظام

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 02 فبراير 2022
الشيخ الطبلاوي: آخر عنقود العصر الذهبي من جيل القراء العظام

أَسِيْرُ الخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفُ *** بِهِ وَجَلٌ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ

يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْكَ غَيْبُهَا *** وَيَرْجُوْكَ فِيْهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ

حكايته مع الإذاعة

تقدم الشيخ الطبلاوي للإذاعة أكثر من تسع مرات، قبل اعتماده مقرئاً فيها، وكان سبب الرفض –من وجهة نظر اللجنة– أنه لم ينتقل من نغمة إلى أخرى، وكذلك لا بد من وجود طبقات موسيقية مختلفة في صوته.

حتى جاءته الصدفة بمقابلة الشيخ عبد الفتاح القاضي، وكان رجلاً مشهوراً بالعلم والثقافة ومن معلمي قراءات القرآن، فطلب منه أن يتقدم للإذاعة، فقال له: «أنا قفلت الموضوع ده خلاص»، فأصر بشدة؛ ما جعله يلبي رغبته محبة له.

وعندما وقف أمام اللجنة قال: «بسم الله الرحمن الرحيم.. يا بركة دعاء الوالدين»، وقبل أن يجلس ناداه رئيس اللجنة، وقال له: «تعال يا شيخ»، فذهب إليه مستفسراً بأنه لم يفعل شيئاً يغضبه: «إنتم بتتلككوا؟!»، فبادره بأنه مقبول بفضل دعاء الوالدين وشهرته الواسعة.

مولده ونشأته

ولد الشيخ محمد محمود الطبلاوي في الرابع عشر من نوفمبر عام ألف وتسعمئة وأربعة وثلاثين ميلادياً. ويروي الطبلاوي عن ميلاده أن جده بشر والدته بأن من في بطنها سيكون من حفظة القرآن الكريم.

ذهب الطبلاوي في صغره إلى الكتاب، وتتلمذ على يد الشيخ غنيم، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة، ووصفه الشيخ غنيم بالصوت الرخيم؛ حيث إنه كان عالما بالأصوات، وقادراً على اكتشاف المواهب المميزة.

وظل الطبلاوي يتعلم على يده، حتى إنه اختاره يتلو القرآن يوم الخميس من كل أسبوع، مانحاً له قرش صاغ عن كل أسبوع.. وبدأ الحاضرون يعجبون بصوته، ويأتون للاستماع إليه كل خميس، حتى تطور الأمر وذاعت شهرته، حتى وصلت إلى مساجد أخرى تدعوه للتلاوة فيها وفي المناسبات.

نافس كبار قراء القرآن

كان أول أجر للطبلاوي خمسة قروش حصل عليها من عمدة قريته، وكان عمره وقتها أحد عشر عاماً.

 وذاع صيته من وقتها حتى أصبح ينافس كبار قراء القرآن في عصره ولم يتجاوز عمره الخامسة عشرة.

رفض تعلم النغم والسلم الموسيقي

دعاه الموسيقار محمد عبد الوهاب ليعلمه النغم والسلم الموسيقي حتى يتمكن من الحصول على إجازة الإذاعة، لكنه رفض، فكان الشيخ الطبلاوي يحب أن يقرأ القرآن على سجيته، وكان يعتبر هذا الأمر يعبر عن شخصيته في القراءة.

سفره حول العالم وتكريمه

سافر الشيخ محمد محمود الطبلاوي إلى عدد كبير من دول العالم، قارئاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية لحفظة القرآن من كل دول العالم، وحصل على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر، تقديراً لجهوده في خدمة القرآن الكريم.

ابتهالات الطبلاوي

يروي الطبلاوي في أحد لقاءاته أنه كانت تربطه صداقة بأحد منتجي الكاسيت، وكان مسيحياً، وكان يهديه تسجيلات كثيرة للقراء والمبتهلين.

وفي إحدى المرات، وجده حزيناً لأن أحد المبتهلين اختلف معه بشأن تسجيل جديد، ليحاول الطبلاوي أن يحل تلك المشكلة، ويخبره بأنه على استعداد لأن يسجل تلك الابتهالات بصوته. وبالفعل سجلها على أحد عشر شريط كاسيت، أضاف بها تاريخاً جديداً بصوته.

تعرض لمحاولة اغتيال

وفي أحد اللقاءات، يحكي الشيخ الطبلاوي أنه تعرض في إحدى الحفلات التي تلا فيها القرآن الكريم لمحاولة اغتيال، عن طريق وضع السم في فنجان القهوة الذي وضع أمامه.

ويقول متابعاً إنه عندما كان يحاول شرب القهوة، يحدث شيء ما يمنعه من شربها.. حتى جاءه عامل فراشة الحفل، فطلب شرب القهوة لأنها بردت. يقول الطبلاوي: «قولت له: (اشربها).. فشربها ومات بعدها مباشرة».

ثروة إذاعية مهمة

ترك الطبلاوي ثروة إذاعية مهمة؛ حيث سجل القرآن الكريم بصوته مرتين، مجوداً ومرتلاً، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التسجيلات التي سجلها في نصف القرن الماضي، وخصوصاً في فترة السبعينيات؛ وذلك في المساجد الكبرى بمصر وبعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وهي تلاوات نادرة وحفلات خارجية.

أهم مناصبه

شغل الشيخ الطبلاوي منصب شيخ عموم المقارئ المصرية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو لجنة القرآن بوزارة الأوقاف، ومستشار ديني فيها، ونقيب القراء المصريين.

وفاته

رحل الشيخ الطبلاوي، آخر عنقود العصر الذهبي من جيل القراء العظام، في الخامس من شهر مايو عام ألفين وعشرين ميلادياً، تاركاً لنا إرثاً من تلاوته وابتهالاته.

والآن لنستمع إلى بعض أحلى تجليات الشيخ الطبلاوي.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة