كيف تكون قائدا ناجحا؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 22 أغسطس 2021
كيف تكون قائدا ناجحا؟

نحن نعلم مع تطور علوم السلوكيات والعلوم العصبية؛ أن أدمغتنا تعاني من التدفق الزائد للمعلومات والبيانات إليها، فوفقاً للبروفيسور تيموثي ويلسون (Timothy Wilson) المختص بعلم النفس، فدماغنا يتلقى حوالي 11 مليون معطى في الثانية (هذه المعطيات تتضمن جميع الإشارات القادمة من حواسنا المختلفة كالبصر والسمع والشم واللمس وسواها) بينما لا نتمكن من معالجة أكثر من 40 معطى في الجزء الواعي من تفكيرنا (والعدد ينخفض عندما نقوم بأداء مهام متعددة معاً بنفس الوقت).

وفقاً لعالم الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل: دانييل كانيمان (Daniel Kahneman) فأدمغتنا قد تطورت عبر العصور بحيث تكون عمليات اتخاذ القرار أوتوماتيكية وتلقائية، حيث تخضع لمخزوننا السابق من التجارب والمواقف، وبالتالي تكون متحيزة للغاية في العادة.؛ هذا الأمر فعّال للغاية عندما نكون في البرية، حيث نتخذ القرارات السريعة التي تحدد حياتنا من موتنا على يد المفترسات مثلاً، لكنه غير مفيد حقاً في مجالات العمل الحديثة، حيث لا يمكن الاعتماد على الحدس والغريزة، هذا الأمر يجعل الإدارة الناجحة.. أمراً أكثر تعقيداً من اتخاذ القرارات المعتادة ببساطة، فيما يلي، نقدم 11 نصيحة مهمة للإدارة الفعالة الناجحة؛ مقدمة من المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum).

 

قلل من المقاطعة في النقاشات

وفقاً للدراسات فالنساء يتعرضن للمقاطعة أكثر ب 2.8 مرات من نظرائهم الرجال خلال الاجتماعات، هذا الأمر يؤدي في الكثير من الأحيان إلى نسب الأفكار الجديدة إلى غير أصحابها مثلاً، كما أنه يؤدي إلى تكون تجمعات نفوذ تغطي على غيرها وتدفع البعض لعدم المشاركة الفعالة من النقاشات لمنع الإحراج الممكن أو مقاطعتهم من قبل الزملاء الآخرين.

إذاً.. ولاتخاذ القرارات بشكل أكثر فعالية، يجب على المدير أو القائد الاستماع إلى جميع وجهات النظر المحيطة به، فالأفكار المهمة قد تأتي من أي شخص من الفريق والمقاطعة الدائمة، التي عادة ما تحدث في الاجتماعات تشكل عائقاً كبيراً أمام هذا الهدف.

 

المحافظة على الفردية في التعبير عن الآراء ووجهات النظر

وجد عالم النفس سولومون آش (Solomon Asch) بتجاربه أن حوالي 74% من الأشخاص في المجموعات يوافقون على آراء الغالبية وآراء من يمثلون السلطة (كالمدراء والمسؤولين) عند مشاركتها تحت ما يعرف بضغط الأقران، ويعود ذلك إلى حاجتنا الغريزية للانتماء للجماعة مما يؤدي أحياناً إلى موافقتنا على وجهات نظر لا تمثلنا بالضرورة لكنها تشعرنا بالقرب من الجماعة المحيطة.

الطريقة الأفضل لتخطي هذه العقبة هي كتابة الآراء والانتقادات بشكل فردي من كل أفراد الفريق بدلاً من قولها بصوت مرتفع، هذا الأمر يساعد بشكل كبير في الحفاظ على الآراء الفردية من التضاؤل والإلغاء مقابل الآراء الشائعة الخاصة بالمجموعة.

 

تقسيم العمل على مجموعات مستقلة عن بعضها البعض

عند حدوث كارثة انفجار مكوك الفضاء الأمريكي تشالنجر (Challenger) عام 1986 أظهرت التحقيقات اللاحقة للحادثة أن المشكلة ناتجة عن سوء تنظيم العمل الجماعي، مما أدى لانتقاء بيانات دون غيرها عند إجراء الحسابات، هذا الانتقاء للبيانات التي تصب في صالح المشروع المنشود فقط قد يتسبب بكارثة، وبالتأكيد فالقائد لا يرغب بكارثة تحت إشرافه.

أفضل حل لتجنب تكرار هذا النوع من المشاكل؛ هو تقسيم عمل المشاريع الجماعية إلى مجموعات أصغر تعمل باستقلال نسبي عن بعضها البعض، ومقارنة النتائج التي تحصل عليها المجموعات المتعددة لاحقاً، وهذا من شأنه أن يأخذ البيانات بعين الاعتبار بشكل أكثر شمولية وبالتالي يقلل احتمالية الكثير من الأخطار الممكنة الحدوث.

 

الإحاطة بكل احتمالات فشل أو نجاح المشروع من قبل فرق العمل

أحد أفضل الطرق لتحسين العمل الجماعي هي أن يتم صياغة المعطيات بطرق مختلفة عند تقديمها للمجموعات الفرعية المتعددة،. فيمكن مثلاً القول أن نسبة نجاح المشروع 90% لمجموعة ما، بينما يصاغ الأمر بشكل أن احتمال الفشل للمشروع 10% لمجموعة أخرى.

الصياغة المختلفة للمعطيات تجعل المجموعات تركز على تفاصيل متعددة ومختلفة عن المجموعات الأخرى، مما يزيد من احتمالية الإحاطة بالمشروع فكرياُ وتغطية الجهود لجميع الجوانب مما يجعل اتخاذ القرار أمراً أكثر دقة ونجاحاً.

 

تأخر في طرح رأيك حتى النهاية

لتجنب دفع المجموعة باتجاه تفكير واحد فقط، من الأفضل أن يحتفظ القادة والخبراء بآرائهم حتى النهاية لقولها، فالقوة التي يحظى بها القادة والثقة المعطاة للخبراء من الممكن أن تجعل الأفكار تنحاز بشدة باتجاه أفكار القائد أو الخبير. لذلك يكون من المفضل ترك النقاش يجري بشكله الطبيعي قبل إدلاء ذوي السلطة والخبرة بآرائهم، فالأفكار الجيدة تأتي في الكثير من الأحيان من الموظفين العاديين وليس بالضرورة من القادة والخبراء.

 

أعد قولبة الخلافات

تعد الخلافات واحدة من الأشياء غير المفضلة في مكان العمل وخصوصاً في العمل الجماعي، ومع أن معظم الخلافات والنزاعات تكون محط تجنب أو حتى عقاب في الكثير من الأحيان، ففي بعض الأحيان تكون تبادلاً مفيداً لوجهات نظر مختلفة حول موضوع معين.

الحل الأمثل للتعامل مع الخلافات (على الأقل البناءة منها) هو إعادة قولبتها وتسميتها بأسماء أخرى مثل "نقاش بناء" أو "اختلاف إيجابي"، ففي الكثير من الأوقات تكون هذه الخلافات السرّ الكامن خلف إيجاد أفكار مبتكرة أو التخلص من أفكار قديمة وضعيفة.

 

قم بتخصيص أشخاص للنقد

يعد تعيين "محامي الشيطان" واحداً من أفضل الأساليب المتبعة للحصول على أعلى جودة للأفكار، فـ"محامي الشيطان" هو شخص يلعب دور الناقد للأفكار المطروحة والمستكشف لنقاط ضعفها، حيث تتضمن الاستراتيجية الأفضل تعيين اثنين على الأقل كمحاميي شيطان، يقومان بكشف الثغرات ونقاط الضعف في الأفكار والقرارات والاستراتيجيات المتبعة مما يفتح الباب لإصلاح هذه الهفوات والحصول على نتائج أفضل.

 

خذ المواضيع من وجهات نظر متعددة

عند اتخاذ القرارات وخصوصاً الهامة منها، يعد التفكير وفق وجهات نظر عديدة حلاً جيداً. فهنا لا يكفي أن ترى الموضوع من وجهة نظرك الشخصية فقط، بل يجب محاولة توقع آراء الآخرين به ومحاكاة طريقة تفكيرهم للتوصل لإحاطة أكبر بالموضوع، وتوليد قرارات أفضل وأكثر جودة.

 

قم بخلق مساحة كافية للاستيعاب والتحليل

غالباً ما يقود التعجل والتهور في اتخاذ القرارات إلى الاعتماد على التحيزات والنظرات النمطية المعتادة، وبالطبع فهذه ليست بيئة ملائمة للحصول على أفضل القرارات.

بدلاً من التعجل في اتخاذ القرار، حاول تقسيم العملية إلى عدة مراحل بحيث يكون القرار في كل مرة جزئياً ويتم مراجعته من قبل شخص أو فريق مخصص لهذه الغاية.. هكذا يمكن تجنب القرارات الخاطئة، التي تنتج عن التهور والتعجل المعتاد خصوصاً في حالات ضغط العمل.

 

قم بتصميم الاجتماعات لتكون "أكثر حيوية"

الظروف المحيطة بالاجتماعات تلعب دوراً كبيراً في التأثير على القرارات المتخذة خلالها، فالإضاءة والديكور وحتى درجة الحرارة وتعب الموظفين تعد عوامل أساسية قد تغير القرارات المتخذة بشكل كبير، أكثر الحالات التي قد يؤثر فيها الجو العام للاجتماع على القرارات هو الحالات التي يتم فيها إجراء اجتماعات مطولة كما في المؤتمرات مع اتخاذ عدد كبير من القرارات على التوالي.

الحل الأمثل: هو محاولة خلق بيئة مريحة للاجتماعات مع استراحات دورية كل ساعتين مثلاً على ألا تتضمن هذه الاستراحات ممارسة الأعمال أو تفقد البريد الإلكتروني لمنع الإجهاد الزائد للمجتمعين.

 

حرر المزيد من الوقت للعمل

عندما نكون تحت ضغوطات كبيرة، غالباً ما يعمل دماغنا عن الطريق التفكير اللا واعي والقيام بقرارات أوتوماتيكية غالباً ما تكون غير جيدة تماماً، وكوننا لا نستطيع تقليص حجم العمل المطلوب، فالحل الأمثل لهذا هو تقنين النشاطات الخارجية كتفقد إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الفورية والبريد الإلكتروني وسواها في وقت العمل.

فالتشتيت المستمر الذي يأتي من العمل المتقطع يعني أن العمل المنجز سيكون بجودة أدنى، فالأفضل هو اختصار هذه النشاطات في أوقات محددة مثل: استراحة الغداء مثلاً مما يترك مجالاً للعمل بتركيز كامل في وقت العمل وتوفير الكثير من الوقت بذلك.

في النهاية.. على الرغم من ظن العديدين بأن القيادة هي ميزة خاصة لأشخاص معينين وتأتي بالفطرة، فمعظم الميزات التي تجعل القائد ناجحاً هي صفات مكتسبة بالكامل وقابلة للتعلم تماماً، كما أن التغير الدائم في مجالات العمل يلغي فكرة وجود معايير محددة ودائمة للقائد، وعلى القادة أن يتكيفوا بشكل مستمر مع المتغيرات، وذلك ع طريق تعلم مستمر وابتكار أساليب جديدة لتحقيق اتخاذ أفضل للقرار.